هجوم إسطنبول وتفاقم التأزم الأمني... ما أبرز الدلالات والتداعيات؟

هجوم إسطنبول وتفاقم التأزم الأمني... ما أبرز الدلالات والتداعيات؟

هجوم إسطنبول وتفاقم التأزم الأمني... ما أبرز الدلالات والتداعيات؟


16/11/2022

خلّف تفجير ميدان تقسيم بالعاصمة التركية إسطنبول، الذي وقع الأحد الماضي، جملة من التداعيات حول الحالة الأمنية في البلاد وكذلك الوضع السياسي على المستوى الداخلي وعلى مستوى العلاقات الخارجية أيضاً، ففي حين اعتبرت عدة تقارير أنّ الهجوم مؤشر جديد على تفاقم حالة التأزم الأمني في البلاد، وتراجع قدرة السلطات على وضع حدٍّ للعمليات التي باتت تستهدف قلب العاصمة، توقعت تقارير أخرى ومراقبون أن تحاول أنقرة توظيف الحادث لتمرير سياسات أكثر قمعاً ضد الأكراد.

وأعلنت السلطات التركية مساء الإثنين توقيف (46) شخصاً يشتبه بصلتهم بالهجوم الذي وقع في شارع الاستقلال وسط العاصمة موقعاً (6) قتلى وعشرات الجرحى، واتهمت حزب العمال الكردستاني بالمسؤولية عن الحادث.

وبحسب الشرطة التركية، نفذت الهجوم فتاة تحمل الجنسية السورية، تدعى أحلام البشير، تلقت تدريباتها في سوريا من قبل حزب العمال، ودخلت تركيا بطريق غير قانوني من المنطقة بين عفرين وأدلب.

ومن جانبه، نفى حزب العمال الكردستاني الإثنين أن يكون لديه أيّ دور في الانفجار، وقال في بيان: "شعبنا والأشخاص الديمقراطيون يعلمون عن كثب أنّنا لسنا على صلة بهذا الحادث، وأنّنا لن نستهدف مدنيين بشكل مباشر، وأنّنا لا نقبل أعمالاً تستهدف مدنيين"، بحسب ما أوردته العربية.

ما أهم الدلالات التي يحملها "تفجير تقسيم"؟

الباحث المصري المختص بقضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي يرى أنّ العملية التي جرت في ميدان تقسيم لها دلالات مهمة مرتبطة بتوجه بعض الفاعلين المسلحين دون الدول نحو التصعيد المسلح في العمق التركي، وكذلك وجود حالة من الهشاشة الأمنية في الداخل التركي، بناءً على الموقع الإستراتيجي المهم الذي تمّت فيه العملية.

أعلنت السلطات التركية مساء الإثنين توقيف (46) شخصاً يشتبه بصلتهم بالهجوم

ويقول فوزي في تصريح لـ "حفريات": إنّ العملية تمّت في ميدان تقسيم، الذي يوصف بقلب إسطنبول النابض؛ إذ إنّه منطقة سياحية مهمة بالنسبة إلى تركيا، فضلاً عن كونه من المناطق المكتظة بالسكان طوال الوقت، واحتوائه على مقار بعض البعثات الدبلوماسية، لكنّ اللافت أنّ هذا التفجير حمل متغيراً مهماً على المستوى العملياتي؛ حيث كانت التفجيرات السابقة التي تحدث في تركيا على الأرجح عبارة عن عمليات انتحارية وليست عبوات ناسفة، كما حدث.

باحث مختص بقضايا الأمن الإقليمي: العملية التي استهدفت ميدان تقسيم لها دلالات مهمة مرتبطة بتوجه بعض الفاعلين المسلحين دون الدول نحو التصعيد المسلح في العمق التركي

كما أنّ المتهمين الرئيسيين بالوقوف خلف الحادث، وفق فوزي، هما حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش، وتعزز التوجهات القمعية التركية تجاه الأكراد، وكذا تصعيدها العسكري ضدهم في سوريا والعراق والحديث عن استخدامها أسلحة كيميائية في كردستان العراق، من فرضية سعي الحزب لاستهداف العمق التركي، أمّا "داعش"، فإنّه يسعى من جهته للردّ على الاستهداف التركي الأخير لمجموعة من قادته وقواعده التنظيمية.

توظيف سياسي يستهدف قمع الأكراد

وبحسب فوزي، هناك تشكيكات كبيرة ومزاعم بتوظيف سياسي تركي للعملية من أجل الاستمرار في سياسة التنكيل بالأكراد، واتخاذ العملية ذريعة لممارسة المزيد من الضغط عليهم، ومع هذا الاعتبار يقع الاتهام التركي الرسمي لحزب العمال الكردستاني تحت دائرة التشكيك، خصوصاً في ظل غياب موقف واضح حتى اللحظة من تنظيم داعش تجاه العملية، ولو تبنّى التنظيم العملية، فسوف يضع النظام التركي في حرج شديد.

فوزي: هناك تشكيكات كبيرة ومزاعم بتوظيف سياسي تركي للعملية من أجل الاستمرار في سياسة التنكيل بالأكراد، واتخاذ العملية ذريعة لممارسة المزيد من الضغط عليهم

وتربط بعض التقديرات بين هذا التفجير وبين التوجهات التركية الجديدة في الشمال السوري، والتوجه نحو إعادة هيكلة فصائل الجيش الوطني السوري، ودمج الفصائل المكونة له في كيان واحد، وهو توجه يضر بمصالح بعض الفصائل، وبناءً عليه ذهبت هذه الفرضيات إلى احتمالية تورط بعض الفصائل السورية في العملية، بحسب فوزي.

ما أهم التداعيات؟

يعتقد الباحث المختص بقضايا الأمن الإقليمي أنّ العملية الأخيرة سوف تحمل بعض التداعيات التي ستكون بالأساس مرتبطة بالداخل التركي؛ إذ ستشدد السلطات الأمنية التركية من قبضتها الأمنية، خصوصاً أنّ العملية تُنذر بعمليات أخرى في القريب العاجل، لا سيّما مع استمرار تركيا في نهجها الخارجي الصدامي مع العديد من الأطراف في المحيط الإقليمي.

 المتهمان الرئيسيان بالوقوف خلف الحادث هما حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش

كما أنّ حزب العدالة والتنمية سيوظف العملية ذريعة لاستهداف المعارضين، خصوصاً المحسوبين على الأكراد، وخارجياً سيحاول الحزب الحاكم التركي توظيف العملية لإظهار البلاد على أنّها مستهدفة من "التنظيمات الإرهابية" خصوصاً الكردية، وجعل هذه السردية ذريعة للاستمرار في التحركات التوسعية في سوريا والعراق، وفق فوزي.

ذريعة لقمع الأكراد واستهداف السوريين

ويخشى مراقبون من توظيف الحادث من جانب الحكومة التركية لتنفيذ عمليات جديدة ضد الأكراد، أو توسيع العمليات العسكرية في منطقة الشمال السوري التي تحتلها أنقرة منذ عدة أعوام.

وقد حذّر خبراء تحدثوا لموقع "دويتشه فيله" الألماني من مغبة التوظيف السياسي للهجوم من جانب الحكومة لخدمة مصالح تتعلق بأجندة الرئيس، خاصة أنّه وقع قبل نحو (7) أشهر من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في البلاد في حزيران (يونيو) المقبل.

تقرير: في حين يشعر المواطنون الأتراك بالقلق على سلامتهم، فإنّ الهجوم قد يمنع أيضاً السياح الأجانب من السفر إلى تركيا لقضاء إجازاتهم ممّا يعزز من احتمالات تدهور الوضع الاقتصادي داخل البلاد

ووفق التقرير، يشهد الرأي العام التركي أيضاً نقاشاً حول ما إن كان هذا التفجير في شارع الاستقلال سيتم استغلاله "ذريعة" للعملية العسكرية التركية في سوريا التي طال الحديث عنها، فقبل بضعة أشهر كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ تركيا "قد تأتي فجأة في ليلة" إلى سوريا، وشدد على أنّ حكومته تريد "معالجة" مخاوف بلاده الأمنية عبر "عمليات جديدة"، بينما تسيطر الآن ميليشيات مدعومة من تركيا على أجزاء من شمال سوريا.

تداعيات أخرى على الاقتصاد

التقرير ألقى الضوء أيضاً على التأثيرات المحتملة للهجوم على الاقتصاد التركي، ففي حين يشعر المواطنون الأتراك بالقلق على سلامتهم، فإنّ الهجوم قد يمنع أيضاً السياح الأجانب من السفر إلى تركيا لقضاء إجازاتهم، تماماً كما حدث قبل عدة أعوام، ممّا يعزز من احتمالات تدهور الوضع الاقتصادي داخل البلاد، ناهيك عن أنّ تركيا تمر حالياً بأزمة اقتصادية.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإنّ معدل التضخم السنوي يتجاوز الـ (85%)، ووفق مجموعة أبحاث التضخم المستقلة (ENAG)، فإنّ معدل التضخم يتجاوز الـ (185%) في الواقع.

مواضيع ذات صلة:

تفجير إسطنبول: تضامن عربي ودولي واسع.. والداخلية التركية تكشف عن تفاصيل جديدة

القصة الكاملة لتفريخ الإخوان للتنظيمات الإرهابية في آسيا

منتديات داعش: أكاديمية ضخمة لتعليم الإرهاب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية