نازحون سوريون في لبنان طموحهم البقاء على قيد الحياة

نازحون سوريون في لبنان طموحهم البقاء على قيد الحياة


30/09/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

يقول محمّد (18 عاماً)، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه الحقيقيّ: "كنّا قد فررنا من الموت في سوريا، والآن يُطاردنا الموت هنا في لبنان". ويسأل نفسه، كلّ يوم؛ "إلى متى يمكني البقاء على قيد الحياة"، جالساً في شقّة لا نوافذ لها بالطّابق السّفليّ، يتقاسمها مع شقيقه وعائلته، في منطقة الجميزة ببيروت؛ فقد دُمّر منزلهم السّابق في انفجار بيروت، في أوائل آب (أغسطس) الماضي.

 

أدّى الانهيار الاقتصادي إلى تكثيف المنافسة في سوق العمل، ونظراً إلى وضعهم غير المستقرّ، كمهاجرين، غالباً ما يضطّر السوريّون إلى العمل في ظلّ ظروف غير إنسانية 

 

تنحدر العائلة من قرية صغيرة في شمال شرق سوريا، وفي سنّ الرابعة عشرة، قام محمّد برحلته الخطيرة إلى لبنان هرباً من الحرب، وعندما وصل إلى الحدود بعد عدّة أيّام على الطّريق، اختُطف واحتُجز في قبو، وخيّره الخاطفون بين الدّفع أو الموت، وفي نهاية المطاف؛ وصل إلى بيروت. 

ومن دون إقامة قانونيّة، يعيش في خوف دائم من الاعتقال أو التّرحيل، وقد استجوبته السّلطات عدّة مرّات على مرّ السّنين؛ وسُجن مرّة.

محمّد، وعائلته، هم قلّة من بين 1.5 مليون نازح سوريّ في لبنان، الّذي يبلغ عدد سكّانه حوالي 6 ملايين نسمة، ويستضيف نسبة من الّلاجئين لكلّ فرد أكثر من أيّ بلد آخر، وقد كان وضع النّازحين في لبنان محفوفاً بالمخاطر حتّى قبل الانفجار المدمّر في بيروت، في آب (أغسطس)، منذ بداية التّداعي الاقتصاديّ أواخر عام 2019، حيث انهارت الّليرة وأغلقت الشّركات، وفقد آلاف النّاس وظائفهم. 

اقرأ أيضاً: لاجئون فلسطينيون في لبنان لـ "حفريات": الهجرة سبيلنا للكرامة

ومع تنامي الفقر والاحتجاجات ضدّ السّياسيّين والسّلطات الفاسدة، أصبح إيجاد موارد رسميّة لمساعدة النّازحين أقلّ أولويّة.

"التّحدّي الأكبر"

وفق مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون الّلاجئين؛ فإنّه ليس لدى لبنان عمليّاً أيّة موارد لمساعدة النّازحين. وتقول دلال حرب، المتحدّثة باسم فرع المفوضيّة في بيروت: إنّ أكثر من 75% من اللاجئين في البلاد يعيشون في فقر مدقع في هذه المرحلة. 

وتضيف: "التّحدّي الأكبر الذي يواجه اللاجئين في الوقت الحالي هو، ببساطة، البقاء على قيد الحياة، ومن جانبنا نسعى لمواصلة تزويد الحماية والمساعدة إلى القطاعات الأكثر عُرضة للخطر من خلال برامجنا الإنسانيّة واستجاباتنا للحالات الطّارئة".

يبحث محمّد عن مستقبل خارج لبنان وسوريا، ويخطّط لهروبه إلى تركيا منذ أسابيع. 

يقول: "إذا بقيت في لبنان، فسأتضوّر جوعاً في النّهاية، وإذا عدتّ إلى سوريا، فإنّني أخاطر بأن يقبض عليّ الجيش السّوريّ".

اقرأ أيضاً: بعد اللاجئين السوريين... أردوغان يلوح بورقة الإيغور لجذب الاستثمارات الصينية

من أجل الوصول إلى تركيا، سيتعيّن على محمّد عبور الأراضي السورية، وتلك مخاطرة كبيرة: هناك أناس اختفوا على هذه الطّريق. 

يقول: "اختفى بعض أصدقائي أثناء فرارهم، ولم يحصل ذلك لآخرين، آملاً، ببساطة، أن أكون أحد أولئك الّذين لن يختفوا".

البحث عن مستقبل

أدّى انفجار 2,750 طنّاً من نترات الأمونيوم في ميناء بيروت، في 4 آب (أغسطس) الماضي، إلى زيادة مخاوف محمّد، الذي نجا مصدوماً، وبدت عليه بعض الإصابات الطّفيفة، لكنّه فقد شقّته، وكذلك وظيفته، وليس لديه أيّ دخل على الإطلاق، ويتوق إلى حياة كريمة ورخاء نسبيّ. يقول: "أنا شابّ، وأريد التعلّم لا التوسّل"، يشعر محمّد بالعجز والهجران في لبنان.

ووفق المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش أكثر من 200 ألف لاجئ في بيروت. 

 

غسّان الربيعي، وعائلته المكونة من ستة أفراد من سوريا أيضاً، ويعيشون في شقّة من غرفة واحدة في بيروت، منذ عام 2013.

 تعاني بتول (12 عاماً) من مرض السكري ومتلازمة داون، ولم يكن لها مستقبل يُذكر في سوريا؛ حيث، كما يقول غسان الربيعي، لا يمكن ضمان رعايتها الصحية، أو سلامتها، في ظلّ الظّروف الحالية، وقد كان هذا من بين أسباب فرارهم. 

في لبنان، تتلقى الأسرة دعماً من اتحاد الكنائس البروتستانتية في إيطاليا، وهو عبارة عن منظمة خيرية.

 

تقول دلال حرب، المتحدّثة باسم فرع المفوضيّة في بيروت: إنّ أكثر من 75% من اللاجئين في البلاد يعيشون في فقر مدقع وهدفهم البقاء على قيد الحياة

 

يقول هاني العجبي، من اتّحاد الكنائس البروتستانتية في إيطاليا: "الأسر السورية تهبط بشكل متزايد تحت خطّ الفقر؛ لقد تدهور الوضع بشكل كبير خلال العام الماضي، وتجد المنظمات غير الحكومية صعوبة بالغة في مساعدة اللاجئين بأيّ شكل".

وتقول سهير الغالي، المنسّقة الوطنية لبرنامج المجتمعات المضيفة في لبنان، التّابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، والمعلّمة في الجامعة اللبنانية: إنّ "الوضع مرهق بشكل خاص بالنسبة إلى النّازحين"، وتضيف: "لا سكن لديهم. وما من أحد يدعمهم".

أدّى الانهيار الاقتصادي إلى تكثيف المنافسة في سوق العمل، ونظراً إلى وضعهم غير المستقرّ، كمهاجرين، غالباً ما يضطّر السوريّون إلى العمل في ظلّ ظروف غير إنسانية، ويواجهون كثيراً التمييز والعداء. ويقول الربيعي: "هناك عداء نحو النّازحين، قبل وقت طويل من الانفجار"، لكنّه يضيف أنّ عائلته كانت محظوظة؛ فقد تمكّن اتّحاد الكنائس البروتستانتيّة في إيطاليا من الحصول على تأشيرات للعائلة لدخول فرنسا، بالتعاون مع منظمة فرنسية شريكة، من خلال برنامج الممرّ الإنساني، الذي يركّز على "نقل اللاجئين المستضعفين ودمجهم في أوروبا".

على عكس محمد، الذي ما يزال في حاجة إلى توفير المال من أجل هروبه المحفوف بالمخاطر إلى تركيا، تتعلّم عائلة الربيعي الفرنسية بشغف فعلاً، وتتطلّع إلى ظروف أكثر استدامة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

سينا شويكلي، "دويتشه فيله"

https://www.dw.com/en/displaced-syrians-look-for-way-out-of-a-lebanon-in-conflict/a-54857315



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية