مَن المستفيد غير إيران من استهداف السفينة الإسرائيلية في الخليج؟

مَن المستفيد غير إيران من استهداف السفينة الإسرائيلية في الخليج؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
09/03/2021

تواصل أجهزة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل تحقيقاتها للوقوف حول ملابسات تفجير سفينة الشحن الإسرائيلية قبالة سواحل عُمان في الخليج العربي، نهاية شباط (فبراير) الماضي؛ إذ وصل وفد أمني إسرائيلي إلى المنطقة لإدارة عملية التحقيق في الحادثة عن قرب، وكشف الجهة المتهمة في الضلوع بالهجوم الإرهابي، لجمع المعلومات الاستخباراتية الكافية من أجل صياغة الموقف.

أمريكا لديها تقدير بأنّ الهجمات المتكررة على السفارة والقواعد الأمريكية في العراق تقف خلفها إيران، في خطوة للضغط على إدارة بايدن

وترجح تقديرات عسكرية إسرائيلية أنّ إيران هي من تقف وراء الانفجار في سفينة الشحن؛ إذ تعتقد أنّ الحرس الثوري الإيراني امتنع عن إغراق السفينة، فقد أطلق الحرس الثوري صاروخاً، أو صاروخين، على الأقل، أثناء مرور السفينة بمحاذاة مضيق هرمز، مع علمهم أنّها سفينة إسرائيلية. 

ترجح تقديرات عسكرية إسرائيلية أنّ إيران هي من تقف وراء الانفجار في سفينة الشحن

وتعالت أصوات الإسرائيليين في أعقاب الإعلان عن استهداف السفينة، والذين طالبوا  بمحاسبة إيران على أفعالها ومواصلتها زعزعة الاستقرار في المنطقة؛ إذ رأى سياسيون وعسكريون أنّ هذا الاستهداف يعدّ تجاوزاً لكافة الخطوط الحمراء، فيما بعثت إسرائيل برسالة إلى مجلس الأمن، تحذّر فيها من سلوك إيران العدواني والمتزايد في الشرق الأوسط، معتبرة أنّ الهجوم في الخليج يثبت أنّ النظام في طهران يواصل بشتى الطرق زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد حركة الملاحة التجارية الدولية في البحر الأحمر، خاصة عند مضيق هرمز وباب المندب.

بحث إيران عن نقطة ضعف

وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي في صحيفة "إيديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان: إنّ بحث إيران عن نقطة ضعف كي تضرب هدفاً بحرياً إسرائيلياً ليس بأمر جديد؛ فقد استهدفت في ضربتها هذه خاصرة إسرائيل الرخوة حركة البضائع الإسرائيلية في الخليج العربي، وهى تطلق إشارة إلى إسرائيل بأنّ "هذه مياهنا الإقليمية ووجودكم فيها محظور".

اقرأ أيضاً: هجمات إيران من أربيل إلى نجران

وأشار الكاتب أليكس إلى أنّ السفينة خرجت قبل أسبوعين من ميناء إيلات محملة ببضائع خُصص بعضها للإنزال في السعودية ودبي، وعندما وصلت إلى خليج عُمان قرر الإيرانيون ضربها، فلم يكن الاستهداف صدفةً أو عن طريق الخطأ في التشخيص، بل المقصود إلحاق الضرر بالسفينة الإسرائيلية، وليس إغراقها، لأنّ منطقة الاستهداف كانت فوق خط المياه، فلو كان لغماً بحرياً لكان الضرر أكبر بكثير.

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم"؛ إنّ "وزارة الدفاع الإسرائيلية توقعت تنفيذ إيران عمليات كهذه خاصة بعد اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وتم في الاثناء رفع حالة التأهب في السفن التي تحمل علم إسرائيل؛ حيث إنّ استهداف السفينة كان متعمداً، والجهة التي استهدفتها هي إيران، ولا توجد أية جهة أخرى تقوم بتنفيذ عملية كهذه والاختفاء دون ترك أثر.

اقرأ أيضاً: الميليشيات الموالية لإيران تتملك الأراضي وتصادر عقارات السوريين.. تفاصيل

وأوضحت الصحيفة؛ أنّ الهجوم الإيراني على سفينة تجارية مملوكة لإسرائيل في خليج عُمان يعدّ خطوة مقلقة بالنسبة للمواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران، فبين الدولتين حسابات مفتوحة بسبب سلسلة من الأعمال التي أضرت بمصالحهم في الشرق الأوسط، عبر انتهاك ممرات الشحن والحرية الاقتصادية.

لماذا تخاف إسرائيل؟

وتتخوف إسرائيل من تحويل إيران الملاحة البحرية لساحة مواجهة حربية معها، محذرة من ضرب إيران خطوط النقل الإسرائيلية في منطقة البحر الأحمر، والتي تؤثر سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي، وبحسب تقارير إسرائيلية فإنّ أكثر من 90 في المئة من واردات وصادرات إسرائيل تسير عبر البحر الأحمر، تمرّ أغلبها من منطقة مضيق باب المندب، الذي تخشى من أن يكون نقطة المواجهة والخطر مع إيران.

اقرأ أيضاً: السعودية تصد هجمات جديدة... من يوقف إرهاب الحوثيين وإيران؟

في سياق ذلك، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، هشام الشرباتي، إنّ "إيران هي الجهة الوحيدة المستفيدة من ضرب السفينة الإسرائيلية في منطقة الخليج العربي، فلا أحد يتجرأ في المنطقة على ضرب هدف كهذا، في حين أنّ إسرائيل، خلال الأعوام القليلة الماضية، وسّعت من مساحة الملاحقة لإيران في المنطقة سواء داخل سوريا والعراق واليمن، وهذه الملاحقة، التي ما تزال متواصلة، خاصة داخل الأراضي السورية، تدفع إيران إلى ردّ الاعتبار وهذا دليل واضح على دور إيران في الوقوف خلف الاستهداف".

الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، هشام الشرباتي

وأشار الشرباتي، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ امتناع إيران عن تبنّي الهجوم في ظلّ التهديد الإسرائيلي، واتهام إيران بالضلوع فيه "يأتي في سياق رغبة إيران في مواصلة عملياتها الخفية ضدّ حركة الملاحة الإسرائيلية في منطقة البحر الأحمر، كردّ على أيّ هجوم يطال قادة إيران مستقبلاً، فالملاحة الإسرائيلية في منطقة الخليج تسير تحت أعين إيران، وهذه المنطقة بالنسبة إلى إسرائيل تعدّ من أهم الروافد الاقتصادية للدولة، فلا يمكنها الاستغناء عن هذا الممر المائي؛ لذلك تستفيد إيران من هذا للضغط على إسرائيل، خاصة في ظلّ امتلاك إيران قدرات هجومية تتيح لها تهديد السفن البحرية عن بعد".

اقرأ أيضاً: قاذفتان أمريكيتان تحلقان عبر منطقة الشرق الأوسط... ما علاقة إيران؟

وأوضح الشرباتي؛ أنّ "نظرية الردع السائدة بالنسبة إلى إسرائيل، تقوم على مبدأ أنّ كلّ من يمسّ أمن إسرائيل ويهاجم منشأتها سيواجه الضرب العنيف؛ لذلك إسرائيل ستردّ على هذا الهجوم بضرب أهداف حساسة لإيران، خاصة في ظلّ المناقشات الحادة التي سادت اجتماع قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين في أعقاب الهجوم، والذين أجمعوا على توجيه ضربة قاسية لإيران".

ترويض إيران

وبسؤاله عن صمت إدارة بايدن من التعليق على الهجوم، بيّن الشرباتي أنّ "أمريكا تسعى بكافة السبل إلى ترويض إيران من أجل تهيئة الأجواء للعودة إلى الاتفاق النووي، وإخراج هذا الاتفاق الذي يواجه العقبات إلى النور، فأمريكا لديها تقدير بأنّ الهجمات المتكررة على السفارة والقواعد الأمريكية في العراق تقف خلفها إيران، وذلك في خطوة للضغط على إدارة بايدن للعودة إلى المفاوضات حول البرنامج النووي، في ظلّ التهديدات المتواصلة برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة".

الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، هشام الشرباتي لـ"حفريات": إيران هي الجهة الوحيدة المستفيدة من ضرب السفينة الإسرائيلية في منطقة الخليج العربي

وأرسلت طهران رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للردّ على اتّهام إسرائيل بشأن تورط طهران بالهجوم على السفينة الإسرائيلية في خليج عُمان، وحذّر مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، مجيد روانجي، في رسالته، من عواقب أيّ عمل تقوم به إسرائيل يرتكز على سوء تقديرها، مضيفاً أنّ اتهام إسرائيل لإيران بتفجير سفينة إسرائيلية في بحر عمان، لا أساس له من الصحة.

اقرأ أيضاً: إيران التي تُفني بلدان المشرق: الأمر لم يعد أقلّ من ذلك!

في إطار ذلك، استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، الدكتور صالح عبد الجواد، أن "يكون لإيران صلة في الهجوم على سفينة الشحن الإسرائيلية قبالة خليج عُمان؛ فلا يوجد لدى إسرائيل، حتى الآن، ما يثبت تورّط إيران بهذا الاستهداف، لكن ربما هناك أطراف أخرى أقدمت على هذا الهجوم، كي تؤجج الصراع بين إسرائيل وإيران، خاصّة في ظلّ رغبة أمريكا في العودة إلى التفاوض مع طهران حول البرنامج النووي، ورفض إسرائيل لذلك".

الدكتور صالح عبد الجواد

وبين عبد الجواد، لـ "حفريات"؛ أنّ "الإيرانيين يتحلون دائماً بالصبر في أية محاولة انتقام ردّاً على خروقات أو عمليات اغتيال تطال علماءهم وقواعدهم العسكرية، فالهجوم على السفينة الإسرائيلية بالنسبة إلى إيران غير مناسب للردّ على مقتل قادة وعلماء إيرانيين، أمثال فخري زاده وقاسم سليماني، فلو كانت إيران هي التي تقف وراء الهجوم وتريد حقاً الردّ على عمليات الاغتيال السابقة، لأغرقت السفينة بالكامل".

ويرى الكاتب السياسي؛ أنّ "إسرائيل أعطت عملية الاستهداف حجماً أكبر من خلال التحريض ضدّ إيران على الصعيد الدولي، فالهجوم لم يحدث ضرراً كبيراً في السفينة التي عادت للإبحار مجدداً في مياه الخليج، لكنّ محاولة إسرائيل اتهام إيران، وتصديرها للعالم الخارجي، بأنّها مصدر قلق في منطقة الشرق الأوسط، يأتي ذلك في إطار شرعنة المزيد من الهجمات الإسرائيلية ضدّ أهداف إيرانية، سواء داخل أراضيها، أو من خلال ضرب معاقلها في سوريا والعراق".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية