ميليشيات الإخوان في حرب الخرطوم... كتيبة البراء بن مالك "حمالة الحطب"

ميليشيات الإخوان في حرب الخرطوم... كتيبة البراء بن مالك "حمالة الحطب"

ميليشيات الإخوان في حرب الخرطوم... كتيبة البراء بن مالك "حمالة الحطب"


17/08/2023

ليس كل ما يُقال عن تواطؤ قيادة الجيش السوداني مع الميليشيات الإخوانية لإشعال حرب الخرطوم الماثلة غير صحيح، فكلّ الشواهد والأدلة والوثائق، وما هو جارٍ على الأرض من تنسيق عالي المستوى، يقود إلى هذه النتيجة.

يعرف السودانيون بعضهم بعضاً كأنّهم أسرة واحدة، وفي مثل هذا المجتمع يسهل التعرّف على (الكوز) حتى لو كان يعمل من وراء حجاب.

منذ اليوم الأول للحرب كان واضحاً التنسيق العالي بين قادة الجيش (عبد الفتّاح البرهان، وشمس الدين الكباشي، وياسر العطا) مع قيادة حزب المؤتمر الوطني المحلول، والمشاركة الواسعة للإخوان في تدبير الحرب والإعداد لها والتبشير بها عبر مختلف المنابر، حتى وصل بعضهم إلى مرحلة تهديد ضباط الجيش وإعلان أنّهم سيطلقون سراح الرئيس المخلوع البشير ورفاقه ويحملونهم على الرؤوس والأكتاف يجوبون بهم شوارع الخرطوم، كما في خُطبة اللواء أمن، والي ولاية شرق دافور في آخر حكومات البشير، الإخواني المتطرف أنس عمر، المعتقل حالياً لدى قوات الدعم السريع.

استنفار فاشل

أوعز الإخوان لقيادة الجيش أنّ المعركة ستحسم خلال (72) ساعة، بضرب أرتال السيارات التابعة لقوات الدعم السريع ومقراتها بالطائرات المقاتلة التي ستنطلق من قاعدتَي مروي (شمال السودان) ووادي سيدنا (شمال أم درمان)، وهذا ما دفع بقوات الدعم السريع ـ وفق مراقبين وخبراء عسكريين ـ  إلى محاصر القاعدة الجويّة بمطار مروي، ونجحت في وضعها خارج مسرح العمليات منذ الوهلة الأولى.

يعرف السودانيون بعضهم بعضاً كأنّهم أسرة واحدة، وفي مثل هذا المجتمع يسهل التعرّف على (الكوز) حتى لو كان يعمل من وراء حجاب

بعد أن ورّط الإخوان قيادة الجيش التي كانت تحلم بالاستئثار بالسلطة والاستمرار فيها باستخدام (الكيزان)، ثم الانقلاب عليهم لاحقاً وضربهم، لم تضع الحرب أوزارها خلال الأيام الـ (3)، وها هي ذي تقترب من تجاوز شهرها الرابع إلى الخامس، وكلما مرّ الوقت، ازداد أوارها، وحمي وطيسها.

ورّط الإخوان قيادة الجيش التي كانت تحلم بالاستئثار بالسلطة والاستمرار فيها باستخدام (الكيزان)

الآن، لم يجد الإخوان غير إجبار قائد الجيش المحاصر في سرداب داخل القيادة العامة ـ وسط الخرطوم ـ على إعلان الاستنفار العام دون تسميته مسؤولاً عسكرياً عنه.

غير أنّ الإخوان دفعوا بالمتطرف الجهادي الشهير، القيادي بالجماعة والحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني ورئيس منظمة الشهيد، محمد أحمد حاج ماجد، مسؤولاً عن الاستنفار الذي تتم إدارته من خلال كتيبة البراء بن مالك ـ سيئة السمعة ـ وهي ميليشيات مكوّنة من المتطرفين والدواعش تابعة للحركة الإسلامية، وتقوم بجانب العمليات القتالية المُساندة للجيش بمهام الدعاية الحربية والاستنفار والدعوة إلى الجهاد ومطاردة واعتقال المناوئين.

خارج مسرح العمليات

أطلق السودانيون على كتيبة البراء بن مالك (حمّالة الحطب)، فبعد أن عجزت عن القتال اتجهت إلى التحريض على استمرارها عبر كتائبها الإعلامية ومنصاتها وأفرادها المنتشرين على الـ (سوشال ميديا)، لمناوئة أيّ اتجاه لوقف الحرب والجلوس إلى طاولة حوار.

بطبيعة الحال، تمكنت قوات الدعم السريع من وضع جزء كبير من كتيبة (البراء) خارج مسرح العمليات، فقد قتلت قوات الدعم السريع في محيط سلاح المدرعات أحد أهم قادتها، ويدعى محمد الفضل عبد الواحد عثمان، وهو أمين الفكر والتأصيل بالحركة الإسلامية، ومقاتل سابق في صفوف داعش بالصومال. ويشار إلى أنّ محمد الفضل هو ابن أخ القيادي الإسلامي، وزير الخارجية السابق، مصطفى عثمان إسماعيل.

أطلق السودانيون على كتيبة البراء بن مالك (حمّالة الحطب)، فبعد أن عجزت عن القتال اتجهت إلى التحريض على استمرارها عبر كتائبها الإعلامية ومنصاتها وأفرادها المنتشرين على الـ (سوشال ميديا)، لمناوئة أيّ اتجاه لوقف الحرب والجلوس إلى طاولة حوار

بجانب الفضل، فقدت (حمّالة الحطب) في معركة سلاح المدرعات (120) من أفرادها  على رأسهم أهم قياداتها مثل؛ أيمن عُمر، بابكر أبو القاسم، بحسب مصادر موثوقة.

بدأت مشاركة كتيبة (البراء بن مالك) في القتال منذ اليوم الأول له 15 نيسان (أبريل)، ممّا يؤشر إلى تنسيق مسبق بين قيادة الجيش وجماعة الإخوان، وعلى رأسها قادة (البراء)، فبعد اعتقال أنس عمر وقتل الفضل وغيره في معركة المدرعات، يبرز بشكل فعّال كلٌّ من المصباح أبو زيد طلحة إبراهيم، وحذيفة إسطنبول، وهم من الكوادر الإرهابية المتطرفة ذات النزعة الداعشية.

الخطة (ب)

دأبت صفحة حزب المؤتمر الوطني الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) على نشر مقاطع فيديو يدعم فيها الحزب كتيبة البراء المنبثقة عنه، ويحث المواطنين على ما يسمّيه الجهاد المقدّس ضد قوات الدعم السريع.

في المعركة الراهنة تُظهر ميليشيات الإخوان المختلفة ولاءً للجيش؛ فيما تخطط للانقضاض على قادته والاستيلاء على السلطة مُجدداً، ولتحقيق ذلك تحاول حشد جميع ميليشياتها تحت لواء (حمّالة الحطب)، والعمل على تدريب جميع العناصر المدنية الإخوانية على استخدام السلاح، مستغلة دعوة قائد الجيش إلى الاستنفار العام، ثم حشدها داخل البراء وتسريب بعضها إلى الأجهزة الحساسة داخل الجيش تمهيداً للإطاحة بقيادته الحالية بزعم فشلها في إدارة الحرب.

حرب الكيزان

الراصد للأداء الإعلامي لجماعة الإخوان، بمختلف سياقاتها؛ فيما يتعلق بالحرب الدائرة الآن بين الجيش وقوات الدعم السريع، سيتوصل بسهولة فائقة إلى أنّ هذه الحرب هي حرب الإخوان بامتياز، إذ تعجّ مواقعهم الإلكترونية وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالنعي المكثف لأعضاء في الجماعة قتلوا خلال العمليات العسكرية، أبرزهم اللواء أمن متقاعد جمال زمقان، أحد مؤسسي ميليشيات الأمن الشعبي ومصنع اليرموك وشركة جياد، فقد نعته الصفحة الرسمية لحزب المؤتمر الوطني المنحل في 21 تموز (يوليو)، وقالت إنّه استشهد بعد معركة شرسة مع (ميليشيات المتمردين) على حدّ وصفها لقوات الدعم السريع.

وكان  الإخواني المتشدد المأسور لدى قوات الدعم السريع أنس عمر، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بولاية الخرطوم، قد أعلن قبل اندلاع الحرب بأيام في 6 نيسان (أبريل)  على صفحته بـ (فيسبوك) عن جاهزية المجاهدين في كتيبة (البراء بن مالك) لإسقاط الاتفاق الإطاري، والإملاءات الخارجية، مختتماً منشوره بعبارة (فليعد للدين مجده، أو تُرق منهم دماء).

وفي هذا السياق، تزداد قناعة السودانيين يوماً بعد يوم بأنّ هذه الحرب هي حرب جماعة الإخوان للعودة إلى السلطة، وأنّ قوات الدعم السريع التي صنعوها بأيديهم حاولوا استخدامها كحصان طروادة حين أعلنوا عليها الحرب، لكنّ الأمور تسربت من بين أصابعهم، لأنّ من يشعل الحرب لا يستطيع إيقافها.

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية