مواقع التواصل تضج بقصة ركل المسنّة السورية في تركيا.. من المسؤول الحقيقي؟

مواقع التواصل تضج بقصة ركل المسنّة السورية في تركيا.. من المسؤول الحقيقي؟


01/06/2022

ضجّت منصات التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يظهر امرأة سورية مسنّة في مدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا تتعرض لاعتداء من قبل رجل تركي.

وأظهر المقطع، الذي نشرته وسائل إعلام تركية، قيام الرجل، وهو من ذوي السوابق العدلية، يدعى شاكر شاكير (39 عاماً)، بركل سيدة تحمل الجنسية السورية تدعى ليلى محمد (70 عاماً(، على وجهها بقوة، أثناء جلوسها على مقعد في إحدى الحدائق العامة، بدعوى أنّها تحاول "خطف طفل".

ودفعت الحملة الإلكترونية السلطات التركية إلى إعاة اعتقال المعتدي بعد الإفراج عنه، رغم تقديم السيدة السورية شكوى بحقه، حيث اعترضت النيابة التركية أمس على إطلاق سراح رجل ظهر في فيديو وهو يسدد رفسة عنيفة بحذائه على وجه العجوز السورية، ليلى محمد.

لذلك عادت الشرطة واعتقلت "شاكر" مرة ثانية، ثم استجوبوه واقتادوه بعربة مصفحة إلى حيث وجّه إليه قاضٍ محلي تهمة "التسبب بإصابة متعمدة" لحقت بالمسنّة، وبعدها احتجزوه في سجن بالمدينة، الذي كان نزيلاً فيه عدة مرات؛ لأنّه طبقاً لما ذكرته مواقع محلية، فإنّ له ماضياً غنياً بالخروج (9) مرات عن القانون، بينها السرقة والمخدرات والتحريض على الدعارة في "غازي عنتاب".

وذكر "شاكر" أثناء التحقيق معه أنّه كان في حي اسمه Düztepe بالمدينة، حين سمع حشداً من الأشخاص يتحدثون عن محجبة خطفت طفلاً، وفي لحظة وجد نفسه قريباً من امرأة جالسة على بعد أمتار، ومحجبة أيضاً، فظنّها الخاطفة المقصودة، وحمّسه ظنه عليها، فركلها بعنف على وجهها.

إلا أنّها لم تكن سوى سورية عجوز "معاقة عقلياً"، فشعر سريعاً بالندم على ركلها واعتذر.

وقد تضامن العديد من السوريين وغيرهم في تركيا وخارجها مع المسنّة التي تعرضت لاعتداء مؤلم ومذل.

وطالبوا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتقال "شاكر" حين سمعوا بخبر الإفراج عنه، وأطلقوا "هاشتاغ" عبر تويتر سمّوه #SakirCakirTutuklansin بالتركي، ومعناه "اعتقلوا شاكر شاكير".

ولبّت النيابة العامة طلبهم، واعترضت على الإفراج عنه، ثم وصلت قضية المسنّة السورية إلى المسؤولين الكبار في محافظة غازي عنتاب.

 

الحملة الإلكترونية دفعت السلطات التركية إلى إعاة اعتقال المعتدي بعد الإفراج عنه، رغم تقديم السيدة السورية شكوى بحقه

 

ورغم أنّ الاعتداءات ليست بجديدة، إلا أنّ ما تعرضت له "الخالة ليلى" مختلف، من زاوية أنّها امرأة عجوز، وتبلغ من العمر (70) عاماً، في حين اعتبرت الركلة التي تعرضت لها وكأنّها "أصابت قلوب ورؤوس جميع السوريين"، بحسب كلمات نشرها سوريون عبر مواقع التواصل.

وأشعلت هذه الحادثة خلال الساعات الماضية غضب سوريين في البلاد، ودفعتهم لإطلاق حملة تضامن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى آلاف المستخدمين الأتراك، الذين أطلقوا بدورهم هاشتاغ حمل اسم المعتدي.

ونشر سوريون صوراً لهم وهم يغطون عينهم اليمنى كنوع من التضامن مع المسنّة السورية، بينما انتقد أتراك هذا الاعتداء، مطالبين بتطبيق أقسى العقوبات على المنفذ، وحتى الأشخاص المحيطين به.

وأصدر والي غازي عنتاب بياناً أمس، جاء فيه أنّه "تم احتجاز الشخص الذي ركل السيّدة من قبل مكتب المدعي العام"، مضيفاً أنّ المعتدي "لديه العديد من السجلات الجنائية المتعلقة بالمخدرات والسرقة".

اعتداءات عنصرية متكررة يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا

وقال حاكم غازي عنتاب داود غول في بيان صدر عنه: إنّه "تم التعرف على الشخص الذي ركل المسنّة نتيجة العمل الدقيق الذي قامت به شرطتنا، وتم احتجازه من قبل مكتب المدعي العام لدينا. لقد مدّ نائب محافظنا اليد الدافئة لها بزيارتها في منزلها"، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة".

من جانبه، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والمتحدث باسم الحزب عمر جيليك عبر "تويتر": "إنّ العنف الذي تعرضت له والدتنا ليلى محمد البالغة من العمر (70) عاماً قد أحزننا جميعاً".

وأضاف: "تقوم الوحدات القضائية والإدارية بتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن المداني الجاني شاكر شاكير، جميع أعضاء أمتنا مع الأم الضحية".

اعتداءات عنصرية

و"ليلى محمد" واحدة من مئات آلاف النساء السوريات الكبار في السن اللاتي يرون في حدائق المدن التركية فسحة لهنّ لقضاء ساعات اليوم الكامل، وتعاني "من خرف وعائي متزامن مع الزهايمر، منذ أكثر من (7) أشهر"، وفق ما نقلت شبكة الحرة عن الإخصائية النفسية والاجتماعية زهور قهواتي المطّلعة على قصتها.

وخلال الأشهر الماضية واجهت قهواتي المسنة ليلى بجلستين خاصتين، وتأكدت أنّها تعاني من الأعراض المذكورة، مضيفة: "هذه المرأة تقوم بتصرف غير واعٍ بالدخول إلى أي دكان أو محل، وتأخذ ما تشتهيه (من طعام وشراب)، دون دفع ثمنه".

 

شاكر لديه (9) سوابق إجرامية، بينها السرقة والمخدرات والتحريض على الدعارة في "غازي عنتاب"

 

وتتابع قهواتي: "على ما يبدو أنّ سبب ضربها من قِبَل هذا الشخص المتوحِّش هو أخذها المشروب الغازي الظاهر في المشهد المنتشر، دون دفعها ثمنه"، مؤكدة: "مهما كان تصرفها لا يستدعي ذلك التعامل معها بهذا العنف وهذه الهمجية، كان الأولى به وبنا جميعاً رعايتها لا إهانتها".

من جهته، أوضح الناشط الحقوقي، المهتم بقضايا اللاجئين السوريين، طه الغازي، أنّ "الاعتداء هو فقط لأنّ ليلى سورية. قصة المسنة بأنّها تسرق الأطفال تم افتعالها بعد توقيف الشخص وليس قبل الحادثة".

ويقول الغازي: "للأسف الاعتداء بحد ذاته يوضح جانب فئة من الشارع تتصرف ضمن إطار هذا الفعل".

وذلك ما يعود لنقطتين، وفق الناشط الحقوقي: الأولى هي "خطاب الكراهية والعنصرية الذي يتنامى من قبل بعض شخصيات المعارضة".

الغازي: الاعتداء من قبل العنصريين هو فقط لأنّ ليلى سورية، وقصة اختطافها الأطفال تم افتعالها بعد توقيف المعتدي وليس قبل الحادثة

أمّا النقطة الثانية، فقد تشير هذه الحادثة إلى أنّ "العمل الوحشي مرتبط بغياب دور الحكومة عن محاسبة العنصريين".

وحادثة المسنّة السورية "ليلى محمد" مشهد آخر من مشاهد "الاعتداءات العنصرية" التي بات يتعرض لها السوريون في تركيا، في ظل حملات التحريض التي يتبعها مسؤولون حكوميون وآخرون من الأحزاب المعارضة، حيث أصبح موضوع المهاجرين وسيلة لاستمالة الناخبين، عبر تهديدهم وتحميلهم مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأتراك.

تصاعد مشاعر العداء ضد اللاجئين السوريين

وخلال الأشهر القليلة الماضية تصاعدت مشاعر العداء ضد اللاجئين السوريين في تركيا، مع قيام عدد من السياسيين وقادة أحزاب المعارضة بحملات لفرض قيود أكثر صرامة عليهم.

ومن أبرز القادة زعيم "حزب النصر" أوميت أوزداغ وشخصيات أخرى كإيلاي أكسوي التي كانت سابقاً ضمن صفوف "حزب الجيد".

وينشر هؤلاء بصورة متكررة، وبشكل يومي، معلومات مضللة بخصوص السوريين المقيمين في تركيا، مستهدفين ملايين المواطنين الذين يتابعونهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة "تويتر".

 

حقوقيون وناشطون سوريون ينتقدون المسار الذي تتخذه الحكومة التركية حيال حملات التحريض والكراهية السائدة ضد السوريين، ويتهمونها بالتقصير

 

وفي المقابل، يوجه حقوقيون وناشطون سوريون انتقادات للمسار الذي تتخذه الحكومة التركية حيال حملات التحريض والكراهية التي باتت سائدة على نحو كبير، ويتهمونها بالتقصير في كبحها.

وكانت الحكومة قد اتجهت منذ مطلع أيار (مايو) الحالي لنشر معلومات رسمية بخصوص عدد السوريين وأماكن توزعهم، كردّ فعل على المعلومات التي تنشرها الشخصيات المحرضة، من بينها أوزداغ.

وبالتوازي مع ذلك، كشفت عن مشروع يستهدف إعادة مليون لاجئ سوري "طوعاً" إلى "المنطقة الآمنة" التي تعمل على إنشائها على طول الحدود الشمالية لسوريا.

وفي أحدث استطلاع للرأي كانت شركة "أوبتيمار للاستشارات والإعلان والأبحاث" المحلية قد أجرته في الفترة بين 23 و28 نيسان (أبريل) الماضي.

وعن سؤال: "ما هو شعورك عندما تقابل سوريّاً؟"، قال 21.3% "كراهية"، 17.3% "إيذاء"، 11.2%"سخط"، 6.6% "قمع"، 6.2% "قسوة"، بينما أجاب 4.4% "أنا أشعر بالتعاطف"، ومن أجاب بـ"لا شيء" بنسبة 33%.    

ويعيش معظم السوريين في مدينة إسطنبول، تليها محافظات غازي عنتاب الجنوبية بـ 461 ألفاً، وهاتاي بـ 433 ألفاً، وشانلي أورفا بـ 428 ألفاً، وأضنة بـ 255 ألفاً، ومرسين بـ 240 ألفاً، بحسب ما أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في نيسان (أبريل) الماضي.

ويقطن في مقاطعة إزمير وأنقرة في الغرب 149 ألفاً و 100 ألف سوري على التوالي.

مواضيع ذات صلة:

بروباغندا أردوغان تشعل الكراهية ضد لاجئي سوريا في تركيا... ماذا حدث؟

حيلة لغوية أردوغانية تتلاعب بمصير اللاجئين السوريين في تركيا... ما القصة؟

مع تصاعد التوترات السياسية أردوغان يوظّف ورقة اللاجئين السوريين



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية