من هم الأشراف؟ ولماذا يتصارع الصوفية والشيعة والإخوان على اللقب؟

الأشراف

من هم الأشراف؟ ولماذا يتصارع الصوفية والشيعة والإخوان على اللقب؟


04/09/2018

أن تكون شريفاً؛ أي منتسباً إلى نسل النبي محمد، عليه السلام، عن طريق ابنته فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، فهي رحلة طويلة تبدأ من معرفة العائلة وشجرتها القديمة، التي تحتفظ بها عدد من العائلات الكبرى، أو من دار المحفوظات الموجودة بمنطقة القلعة بالقاهرة، ثم البحث في كتب الطبقات والتراجم المتأخرة (كتب السير الشعبية) في القرون الثلاثة الأخيرة، لربط الشجرة بطبقة الأشراف، وفي هذه اللحظة تتدخل نقابة مختصة بالأنساب، لتثبت صحة هذه المستندات، لتنتهي الرحلة بشهادة نسب، وترسيمك شريفاً، وفي هذه الحالة ستحصل على مميزات لا يحوزها غيرك، ومنها، على سبيل المثال، الدعم المالي، والحج والعمرة مجاناً!

من هم الأشراف؟

لم يرد مصطلح الأشراف ومشتقاته في القرآن الكريم، ولم يُعرف في تاريخ المسلمين وتراثهم إلا في العصر العباسي الثاني، حينما انتشر زعم الانتساب لذرية على بن أبي طالب، رضي الله عنه، والتلقب بلقب "شريف"، وذلك بسبب عوامل سياسية ودينية ومنها صراع العلوييين مع الأمويين ثم العباسيين لرفع مكانتهم الى بؤرة الشعور الديني، خصوصاً مع تأسيس التشيّع على هامش هذا الصراع، وتأسيس دول شيعية بقادة يزعمون الانتساب إلى "آل البيت" مثل؛ الفاطميين والأدارسة وغيرهم.

مصطلح الأشراف لم يظهر سوى في العصر العباسي الثاني بسبب عوامل سياسية ودينية

التلقب بـ "الأشراف" ابتدأ من العصر المملوكي، وهو عصر سيادة التصوف، والولاية الصوفية، التي تستلزم الانتساب إلى آل البيت، وبعدها شاع اصطناع شجرة النسب إلى "آل البيت"، ثم أضافوا إلى الأشراف من يزعم النسب إلى أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، فتواجدت السادة البكرية والسادة العُمرية في العصر العثماني.

في نهاية العصر العثماني صار للأشراف نقابة وأوقاف وجاه ونفوذ، فظهر التزاحم على لقب "الأشراف"، للحصول على ميزات كثيرة، وهذا دفع ببعض السلاطين إلى تكوين لجان للبحث عن منتحلي النسب الشريف.

في التاريخ أيضاً شاع ما يسمى (الشريف العجمي) وهو شيخ صوفي إيراني يحمل معه النسب لآل البيت ولقب (الشريف)، ومن ثم انتشروا في بلدان كثيرة، ومنها أندونيسيا، واليمن، ومصر، والسودان، وغيرها.

التلقب بـ "الأشراف" ابتدأ من العصر المملوكي

السيطرة على نقابة الأشراف

وبينما تستمر رحلة البحث عن إثبات الجذور إلى السادة الأشراف، يستمر الصراع على السيطرة على نقابتهم التي تضم 6 ملايين، يدّعون النسب رغم أنّ المسجلين بشكل رسمي هم 90 ألفاً فقط.

التلقب بالأشراف ابتدأ من العصر المملوكي وهو عصر سيادة التصوف والولاية الصوفية التي تستلزم الانتساب إلى آل البيت

و"نقابة الأشراف" هي أقدم نقابة عرفتها مصر والعالم العربي، تم إنشاؤها منذ العام 247 هجرياً، يترأسها الآن السيد محمود الشريف، وهي تمتلك كنوزاً من المخطوطات النادرة للعصور الفاطمية والعثمانية والمملوكية، إضافة إلى أراضي أوقاف، مثل؛ القصر العيني، وجامعة القاهرة.

يقول الشيخ محمود الشريف، في تصريح نقلته صحيفة "الأخبار" المصرية، إنّ عدد الأشراف الفعلي في مصر "يتراوح ما بين ‏5‏ و‏6‏ ملايين يتوزعون على شتي محافظات الجمهورية خاصة في الصعيد، لكن المسجَّلين رسمياً 90 ألفاً فقط، وهم يدفعون اشتراكات شهرية، وتُقدم لهم خدمات كثيرة جداً أهمها الندوات الثقافية والدينية التي تعقدها في جميع المواسم ويحضرها دائماً شيخ الأزهر".

الشيخ محمود الشريف نفى مزاعم التزوير في مُحررات النقابة الرسمية، مؤكداً: ‏يتقدم الشخص إلى نقابة الأشراف وبالتحديد لجنة تحقيق الأنساب، فإذا ثبت هذا النسب طبقاً للقواعد المعمول بها بالنقابة فلا مانع من التسجيل، وإذا كان اسم الأسرة غير موجود فتقوم لجنة من العلماء والباحثين بالتحقق، وتعتمد على البحث العلمي والوثائق الموجودة منذ مئات السنين وهذا جزء من عمل النقابة‏.

اقرأ أيضاً: الصراع على السلطة من دولة الخلافة إلى واقعنا المعاصر

ويتصارع الصوفية على السيطرة على نقابة الأشراف المصرية، وقبل ثورة 25 يناير 2011 تفجر صراع كبير بسبب دفع أحمد عز، الأمين العام للحزب الحاكم، الشيخ عبد الهادي القصبي ليقلب المائدة في وجه الشيخ علاء ماضي أبوالعزائم، المرشح من قبل مشايخ الطرق الصوفية لتولي منصب نقيب الأشراف.

اقرأ أيضاً: ماذا تخبرنا واقعة قبيلة جرهم مع النبي إسماعيل؟

مع ازدياد عدد المنتسبين للأشراف، وتلك الميزات التي يتمتعون بها، حاول الشيعة التوغل في هذه النقابة الكبيرة، التي انتسب إليها رجال بالدولة المصرية، ومنهم أحمد عز، أحد أكبر السياسيين في عصر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وفق تصريح لرئيس ائتلاف أحفاد الصحابة السلفي، ناصر رضوان الذي أكد لـ"حفريات": "تزوير نقابة السادة الأشراف، شهادات نسب لبعض المتشيعين، إلى أئمة الشيعة الإثني عشرية، مقابل تلقي بعض الأموال".

يضيف رضوان: كل من هب ودب يذهب لنقابة الأشراف ليستخرج (الكارنيه) يعطونه له ما دام سيسدد بعض الرسوم رغم أن النسب النبوي الشريف لا يثبت بهذه البساطة لكل مدعٍ، فضلاً عن بعض رجال الأعمال والسياسيين وغيرهم، الذين يستغلون النقابة لإضفاء شرف غير حقيقي لهم، والواجب أن تتحرى عن كل من يطلب الانتساب إليها، وتستغل هذه التكنولوجيا الحديثة بعمل قاعدة بيانات يسهل فيها بعملية بحث بسيطة معرفة من يثبت أنه ينتسب لآل البيت فعلاً أم أنه من المدعين.

في نهاية العصر العثماني صار للأشراف نقابة وأوقاف وجاه ونفوذ فظهر التزاحم على لقب الأشراف

في هذا السياق قال زعيم ائتلاف الصحابة وآل البيت وليد إسماعيل، في تصريحات صحافية، إنّه تقابل مع اثنين من الشيعة في القاهرة، واعترفا بدفعهما مبالغ من الأموال، من أجل الحصول على شهادة نسب إلى الإمام الحسين، رضي الله عنه، والنسب لأئمة الشيعة، وأبرزهم محمد حسن العسكري، ومن المعروف عنه أنه كان عقيماً لا ينجب.

القيادي الشيعي المعروف محمد الدريني، أصدر نشرة تتحدث بلسان المجلس الأعلى لرعاية آل البيت اتّهم فيها النقابة بإبعاده، وفي المقابل تم اتهامه أنّه يريد إحياء المذهب الشيعي في مصر والسيطرة على نقابة الأشراف.

الدريني كشف في تصريح لـ "حفريات" إنّه كان يريد إقامة كيان يضم شريف مصر مع شريف الأردن والعراق وغيرها للتواصل والتعارف، وأن يذهب الأشراف لتأدية فريضة الحج دون جواز سفر أو تأشيرة دخول.

اقرأ أيضاً: القبيلة.. بعصبياتٍ جديدة

من جهته، أكّد القيادي الشيعي الطاهر الهاشمي نقيب الأشراف بالبحيرة، في تصريح لـ "حفريات" أنّ الفترة القادمة ستشهد لأول مرة دوراً دعوياً لنقابة الأشراف تحت مظلة الأزهر، مشيراً إلى أنه يريد أن يكون هذا الدور منسجماً مع جميع المذاهب الإسلامية، ويعمل على الوحدة والتقريب، مؤكداً أنه تم ترتيب هذا الأمر من قبل أيام النقيب السابق أحمد كامل ياسين، ورحب به النقيب الحالي السيد محمود الشريف، لكنه توقف دون سبب واضح.

يتصارع الصوفية للسيطرة على نقابة الأشراف المصرية

محاولات أخونة نقابة الأشراف

حاولت الجماعة أخونة نقابة الأشراف، وإعادة تشكيل مجلس إدارتها، والدفع بقيادات إخوانية داخلها، وفق تصريحات نقيب الأشراف في مصر السيد الشريف، أوردها مركز "المزماة"، أكّد فيها أنّ مكتب إرشاد جماعة الإخوان خلال فترة حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي أرسل إليه قائمة بأسماء ألف قيادة إخوانية، ومنهم جميع أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس شورى الإخوان، لمنحهم عضوية النقابة، وشهادات تثبت الانتماء إلى النسب النبوي الشريف، رغم عدم أحقيتهم في هذا النسب.

مع ازدياد عدد المنتسبين للأشراف وميزاتهم حاول الشيعة التوغل في نقابتهم الكبيرة بمصر

ووفق قاعدة "لا فرق بين سلفي أو شيعي أو إخواني"، أعلنت نقابة الأشراف على لسان نقيبها، تمسكها بموقفها وعدم إقحام النقابة كمؤسسة دينية في السياسة، والاكتفاء بالعمل الدعوي وخدمة الأشراف في مصر، وعدم تحويل النقابة إلى حزب سياسي أو مؤسسة تمارس السياسة من أبوابها الخلفية.

وذكر نقيب الأشراف حينها، أنّ مجلس إدارة نقابة الأشراف رفض بالإجماع مطلب مكتب الإرشاد بشأن منح شهادة الأشراف لهؤلاء القيادات، وتحت ممارسة ضغوط إخوانية على النقابة، ومنها التهديد بحل مجلس الإدارة، إلا أنّ قيام "ثورة 30 يونيو" وسقوط الإخوان من الحكم، أنقذ نقابة الأشراف.

وأشار نقيب الأشراف إلى أنّ قيادات الإخوان طلبت منه منح الرئيس الإخواني العضوية الشرفية للنقابة، مقابل صدور قرار جمهوري بتعيينه في مجلس الشورى المنحلّ، إلا أنّه رفض هذه الصفقة الإخوانية، لعدم وجود نصوص في قانون ولائحة النقابة تسمح بالعضوية الشرفية، كما أنّ "الإخوان كانوا على مدار تاريخهم ضد نقابة الأشراف".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية