من البعثية إلى الإسلاموية... كيف سيتعاطى النظام السوري الجديد مع المناهج التعليمية؟

من البعثية إلى الإسلاموية... كيف سيتعاطى النظام السوري الجديد مع المناهج التعليمية؟

من البعثية إلى الإسلاموية... كيف سيتعاطى النظام السوري الجديد مع المناهج التعليمية؟


19/01/2025

أثار قرار وزارة التربية والتعليم السورية في الإدارة الجديدة التي يترأسها زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، بإجراء تعديلات على المناهج الدراسية، أثار جدلاً واسعاً، وخاصة بعد وعود الإصلاح والاعتدال التي قدمتها الحكومة الجديدة.

وتتضمن التعديلات المقترحة، التي لم يتم تنفيذها بعد، استبدال مصطلحات مثل "طريق الخير" بمصطلح "الطريق الإسلامي"، والإشارة صراحة إلى "اليهود والمسيحيين" بوصفهم "ملعونين وضالين"، وتتضمن التغييرات الأخرى إزالة الإشارات السلبية إلى الإمبراطورية العثمانية ومراجعة أو حذف المحتوى المتعلق بالأفكار غير الإسلامية، مثل الفلسفة الصينية ونظرية التطور، وفق تقرير نشره المركز العربي لدراسة التطرف.

وستؤثر التعديلات التعليمية على الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين (6 و18) عاماً، وقد أحدثت جدلاً عامّاً في سوريا.

ووفق ما نقل موقع (عربي 21) يرى النقاد  أنّ هذا القرار ربما يعكس رغبة في الابتعاد عن الإرث التعليمي المرتبط بالنظام السابق، الذي كان يستخدم هذه المادة للترويج لإيديولوجياته. ومع ذلك، فإنّ غياب إطار واضح لتعويض هذا الفراغ قد يترك تأثيراً طويل المدى على الطلاب.

الإدارة السورية الجديدة تعدل في كتب المناهج الدراسية طالت التاريخ والدين والعلوم

ولم يكن هذا القرار محطّ إجماع بين السوريين، وفي المناطق المؤيدة للإدارة الجديدة يُنظر إلى القرار كخطوة ضرورية للتخلص من رموز الماضي وفتح صفحة جديدة. أمّا في مناطق أخرى، فقد أثار مخاوف من أن تكون هذه التعديلات مجرد واجهة سياسية دون أن تُحدث تغييراً حقيقياً في جودة التعليم.

وطالب آخرون بتوجيه الجهود نحو تحسين البنية التحتية للتعليم، وتطوير المحتوى الدراسي  الذي يعاني من نقص كبير نتيجة أعوام الحرب.

 

قرار وزارة التربية والتعليم السورية في الإدارة الجديدة التي يترأسها أبو محمد الجولاني  بإجراء تعديلات على المناهج الدراسية أثار جدلاً واسعاً.

 

وفي الإطار ذاته أعرب  الكثير من النشطاء عن شعورهم "بالخوف الشديد على هذا الوطن"، وأنّه من المفترض أن توكل التعديلات إلى لجان متخصصة تقوم "بالتطوير لا بالتراجع ".

وعبّر نشطاء عن رفضهم لتغيير المناهج دون لجان مختصة، إلا أنّهم يرون أنّ حذف كلمة (زنوبيا) لم تكن "لثارات شخصية"، وإنّما حذفت لكونها "ليست من المكرَّمات من الإسلام"، على حد تعبيرهم.

🎞

وبحسب ما نقلت شبكة (بي بي سي)، فإنّ المناهج السورية كانت "سيئة ومؤدلجة بالطابع البعثي، وتحولت اليوم إلى مؤدلجة إسلامياً"، لافتة إلى أنّ "الأمور تتجه نحو الإسلاموية والتطرف، وكل هذا الكلام الجميل والوعود الوردية مجرد تخدير إلى حين تمكنهم من الحكم"، على حدّ تعبيرها.   

ويرى ناشط نقلت عنه الشبكة ذاتها أنّ التعديلات "تستهدف كل التاريخ السوري ما قبل الإسلام، "لافتاً إلى أنّه تم استبدال دروس علمية وفلسفية بعبارات "تحريضية بكتب الدين".

وردّاً على ردود الفعل الشعبية، سعت وزارة التربية والتعليم السورية إلى تهدئة المخاوف، مؤكدة أنّ "المناهج الدراسية في جميع المدارس في جميع أنحاء سوريا ستبقى دون تغيير حتى يتم تشكيل لجان متخصصة لمراجعتها وتدقيقها".

 

استبدال مصطلحات مثل "طريق الخير" بمصطلح "الطريق الإسلامي"، والإشارة صراحة إلى "اليهود والمسيحيين" بوصفهم "ملعونين وضالين".

 

هذا، وأعلنت وزارة التربية والتعليم اعتماد "علم الثورة" ليحل محل العلم القديم في المناهج الدراسية، إلى جانب إلغاء مادة التربية الوطنية بالكامل، وهي المادة التي كان يُنظر إليها كوسيلة لغرس قيم المواطنة والولاء.

وقد نشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) قوائم تحتوي على تفاصيل هذه التغييرات التي تضمنت حذف بعض العبارات واستبدالها بأخرى.

ونقلت (سانا) عبر (تلغرام) عن وزير التربية والتعليم نذير القادري قوله: إنّ المناهج الدراسية في جميع مدارس سوريا ما زالت على وضعها حتى تُشَكّل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها.

🎞

وأشار القادري إلى أنّ الوزارة وجهت بحذف ما يتعلق بـ "تمجيد نظام الأسد البائد"، لافتاً إلى اعتماد صور علم "الثورة السورية" في جميع الكتب المدرسية.

وأضاف القادري أنّ التغييرات التي أعلنت عنها الوزارة شملت "تعديل بعض المعلومات المغلوطة في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة".

 

إلغاء مادة التربية الوطنية من المناهج، وهي المادة التي كان يُنظر إليها كوسيلة لغرس قيم المواطنة والولاء، وتساؤلات حول البدائل المتاحة.

 

وفي السياق قال الرئيس التنفيذي لمنظمة (إمباكت إس إي) غير الحكومية ماركوس شيف، التي تتخذ من لندن مقراً لها، والتي تراقب المناهج المدرسية، لصحيفة (جيه إن إس): "لقد كان هناك قدر كبير من التكهنات حول مستقبل المناهج الدراسية السورية في الأيام الأخيرة، وما يزال من غير الواضح ما الذي سيتم تدريسه في النظام الجديد". 

ويشكّل هذا التحول في سوريا تناقضاً صارخاً مع الجهود التي تبذلها دول أخرى مسلمة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي قامت بمراجعة الكتب المدرسية لإزالة الصور السلبية للديانات الأخرى، واعتماد مناهج ومقررات تعليمية تعزز التفكير الإيجابي، وقيم التسامح والحوار، و"تحصن الأجيال الصغيرة من المواطنين ضد الأفكار المتطرفة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية