مناورة حسم إذ تؤرق الجيش التركي وتهدد أحلام التوسع شرقاً

مناورة حسم إذ تؤرق الجيش التركي وتهدد أحلام التوسع شرقاً


16/07/2020

أعلنت القوات المسلحة المصرية، في بيان لها؛ أنّ الجيش المصري يواصل التدريبات الخاصة بمناورة حسم 2020، يوم السبت 11 تموز(يوليو) الماضي، المتضمنّة لمناورات تقوم بها القوات البحرية والجوية الخاصة، في المنطقة العسكرية الغربية باتجاه الحدود الليبية مع مصر.

كما أوضح البيان أنّ التدريبات، التي بدأت يوم الثلاثاء السابع من الشهر الجاري، تأتي في إطار التطورات الجارية والسريعة في المنطقة.

في مواجهة العدو

شهدت المرحلة الأولى من مناورة حسم، تدريباً على استهداف مراكز قيادة العدو بالعديد من الغارات الجوية المكثفة، بالتوازي مع نزول المظليين لتأمين رؤوس الشواطئ، أمّا المرحلة الثانية فقامت بها الوحدات البحرية، وذلك عبر العديد من العمليات البرمائية ضدّ الأهداف السطحية غير النموذجية، بما في ذلك إطلاق الطلقات بواسطة المدفعية البحرية من العيارات المختلفة، واستخدام شحنات العمق ضدّ غواصات العدو.

استعداد الجيش المصري لحماية الحدود الغربية مع ليبيا

 وبحسب ما أعلن البيان، فقد تمّ تدريب القوات البحرية الخاصة على مهاجمة الأهداف الساحلية باستخدام الزوارق السريعة المرسلة من حاملة طائرات الهليكوبتر ميسترال، وأطلقت الفرقاطات عدة صواريخ سطحية بالتوازي مع وحدات القوات الخاصة التي تهبط على الساحل تحت الحماية الجوية، تمّت تلك التدريبات بحضور رئيس أركان الجيش، الفريق محمد فريد حجازي، الذي أشار إلى أنّ الجيش المصري على أهبة الاستعداد، لصون مقدرات الوطن وحماية أراضيه، مشدداً على أنّ القوات المسلحة المصرية تزداد قوة يوماً بعد يوم، بفضل التسليح الجيد، والتدريب عالي المستوى، والروح القتالية والمعنوية المرتفعة للجنود.

الباحث الاقتصادي المتخصص في الاقتصاد الأفريقي، زياد فرج، لـ "حفريات": الأطماع التركية في ليبيا لا تتوقف عند آبار النفط، أو تصدير الكهرباء، بل تشمل تفاصيل الحياة اليومية

تأتي تلك المناورة بعد إعلان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في العشرين من حزيران (يونيو) الماضي، استعداد الجيش المصري لحماية الحدود الغربية مع ليبيا، بعد استيلاء ميليشيات حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فايز السراج، والمدعومة من تركيا، على مدينة طرابلس.

اقرأ أيضاً: طعن قانوني على التفاف أردوغان والسراج لتوثيق "ترسيم الحدود" دولياً

 كان إعلان السيسي بمثابة تحذير للإدارة التركية، التي كشفت عن نواياها من التواجد على الأراضي الليبية، والتوغل شرقاً، إلى الحدود الغربية لمصر (سرت – الجفرة)، حيث معقل آبار النفط التي تطمح أنقرة في الاستيلاء عليها، لكن الردّ الفوري من الرئيس المصري، جعل تركيا تتراجع عن مثل هذه المغامرة، خاصة بعد الغارات التي شنّتها طائرات أجنبية مجهولة، على قاعدة الوطية الجوية، غرب البلاد.

 وتأتي المناورة العسكرية كإحدى نتائج توابع عملية الردع التي تقودها مصر؛ حفاظاً على أمنها الإستراتيجي، وتحجيماً للدور الاستعماري الذي تقوم به تركيا في الشمال الأفريقي.

فمناورة "حسم 2020" تأتي "تأكيداً على الدور المهم والقوي الذي تلعبه مصر بشأن الأزمة الليبية

وهذا ما أكّد عليه الباحث في الدراسات الأمنية وشؤون الشرق الأوسط، والمدير التنفيذي لمركز الإنذار المبكر، الأستاذ أحمد الباز، في حديثه لـ "حفريات"، فمناورة "حسم 2020" تأتي "تأكيداً على الدور المهم والقوي الذي تلعبه مصر بشأن الأزمة الليبية؛ إذ بدا هذا التغير جلياً عقب تصريحات الرئيس السيسي الشهر الماضي، التي جاءت للتأكيد على التغيير والتصعيد التدريجي للموقف المصري تجاه الأزمة الليبية، الذي أثبت أنّه لن يتهاون مع أيّة تهديدات من الجارة الغربية لها، خاصةً وهي ترزح تحت نيران استعمار خارجي".

كسر أنياب أردوغان

المناورة المصرية تأتي بعد إعلان وزارة الدفاع التركية، في بيان لها، يوم الجمعة الماضي، إجراء القوات التركية لمناورات "البحر المفتوح"، في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط، مؤكدةً بذلك ما أعلنته القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبي، الخميس الماضي، بعد نشر عدة تقارير عن تحركات، ومدّ جسر بحري وجوي لنقل السلاح إلى ميليشيات الوفاق، حسبما رصدت مواقع عسكرية متخصصة.

متخذ القرار في مصر على دراية كاملة بالنزعة الاستعمارية التوسعية، التي بدأتها تركيا منذ التفّت على الملف السوري، وما تبع ذلك من نشر لحواضن متطرفة

 ويرى محللون أنّ هذه المناورة تأتي في إطار عملية تجميل الوجه التي يسعى لها الرئيس التركي، بعد الضربة التي تلقاها بعد قصف قاعدة الوطية الجوية، التي كبّدته خسائر باهظة، وأعادت تقدمه المزعوم نحو سرت والجفرة في الشرق، حيث يرى الباز أنّ "المناورة التركية التي تسرّبت عبر مواقع رصد عسكرية، تأتي في إطار محاولة إظهار فرض الهيمنة، وأنّ القوات التركية ما تزال قادرة على المضي قدماً نحو الشرق، وهو ما نفاه الجيش المصري بمناورته التي جاءت كردّ على أنقرة".

ويتابع: "إنّ متخذ القرار في مصر على دراية كاملة بالنزعة الاستعمارية التوسعية، التي بدأتها تركيا منذ التفّت على الملف السوري، وما تبع ذلك من نشر لحواضن متطرفة، بالتالي؛ فإنّ ترك ليبيا كلأ مستباحاً للأتراك، يسمح لها بمناكفة القوى الإقليمية، خاصة مصر وتونس، وهو ما يسعى الجيش المصري للتصدي له، عبر مناورته، وتأكيده المستمر على التصدي لأيّ عدوان خارجي، الذي في حالة حدوثه،  سيكون هناك تحرّك فوري للقوات نحو الشرق الليبي، الذي يقع تحت سيطرة طرف حليف، وذلك من أجل رفع مستوى الردع والتهديد، ويكون الغرض من هذه المناورة أيضاً موازنة النفوذ التركي العسكري في ليبيا".

خسارة الشريكين الإقليميين

يخرج التواجد التركي في ليبيا عن كونه تهديداً مباشراً للأمن القومي لكلّ من مصر وتونس إلى ضرب المصالح الاقتصادية الممتدة منذ عشرات السنين مع الجارة ليبيا، فبعد أن كانت تونس تحتلّ المرتبة الخامسة في الشراكة والتبادل التجاري مع ليبيا، بقيمة زادت عن 2 مليار دولار سنوياً، وعملت أكثر من 1200 شركة تونسية في إنتاج السلع المختلفة وتصديرها لسدّ حاجة السوق الليبية، فقدت تونس هذه المكانة، وصعدت تركيا إلى المركز الثالث، وأغلق سوق العمل الليبي أمام التونسيين والمصريين الذين يمثلون أغلبية العمالة الأجنبية في طرابلس؛ إذ تمّ ترحيل أكثر من نصف العمالة المصرية، خاصة في منطقة الغرب التي تسيطر عليها حكومة الوفاق بدعم من تركيا، وعلى غرار ما فعلت في سوريا، من توغّل للمنتج التركي على حساب المنتجات العربية والمحلية، توغلت بصادراتها داخل الأسواق الليبية، وفتحت بقوة السلاح منفذاً لبضائعها.

في هذا الصدد يؤكد الباحث الاقتصادي، المتخصص في الاقتصاد الأفريقي، زياد فرج، لـ "حفريات" بأنّ الأطماع التركية في ليبيا لا تتوقف عند آبار النفط، أو تصدير الكهرباء، "بل تشمل تفاصيل الحياة اليومية في ليبيا، وهدفها تضييق الخناق أمام دول الجوار والشركاء التاريخيين في التبادل التجاري (مصر وتونس)".

 وتسعى تركيا من خلال زيادة حجم التبادل التجاري، كما يقول فرج، إلى "تعويض خسارتها الناجمة عن إغلاق كافة استثماراتها في ليبيا، منذ ثورة شباط (فبراير) 2011، أضف إلى ذلك خسائرها في مجال العقارات الذي بدأت تركيا مشروعاته في ليبيا منذ عهد القذافي، تحديداً في شرق البلاد، وهي مشروعات بمليارات الدولارات، تسعى تركيا لإعادتها، للخروج من أزمتها الاقتصادية".

 لذلك يجزم فرج بأنّ "عدم التوغل في شرق البلاد سيبقى أكثرما يؤرق متّخذ القرار التركي، كونها أهم مناطق النفوذ، التي يتمكّن من خلال تواجده فيها من السيطرة على منابع الثروة".  



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية