ملاحقة عناصر الإخوان... كيف تؤثر على ملف المفاوضات بين القاهرة وأنقرة؟

ملاحقة عناصر الإخوان... كيف تؤثر على ملف المفاوضات بين القاهرة وأنقرة؟

ملاحقة عناصر الإخوان... كيف تؤثر على ملف المفاوضات بين القاهرة وأنقرة؟


03/11/2022

بعد إعلان وزير الخارجية المصري سامح شكري رسمياً تجميد المفاوضات التباحثية بين القاهرة وأنقرة للتوصل إلى حلول بشأن الخلاف الممتد بين البلدين لمدة تجاوزت العقد، أعلنت السلطات التركية القبض على عدد من العناصر الإخوانية المقيمة في البلاد، وقالت إنّها تجاوزت التعليمات التركية الخاصة بمنع التحريض ضد القاهرة للمقيمين في الأراضي التركية من عناصر التنظيم، في خطوة قرأها مراقبون بأنّها رسالة إلى القاهرة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أكد في لقاء مع قناة "العربية" يوم الجمعة  الماضي توقف المباحثات بين مصر وتركيا؛ بسبب استمرار التدخلات التركية في الملف الليبي، وأوضح: "توقفت الجلسات الاستكشافية بعد جولتين؛ لأنّه لم يطرأ تغيير في ممارسات تركيا في ليبيا".

وبعد ساعات من التصريحات المصرية، أوقفت السلطات التركية مساء الجمعة نحو (34) عنصراً إخوانياً، وتمّ إدراجهم جميعاً على قوائم الإرهاب، بتهمة الدعوة إلى التظاهرات والتحريض على العنف في مصر يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر الجاري)، وفق ما أعلنته صفحات تابعة للتنظيم، وفيما بعد أفرجت تركيا عن جميع المقبوض عليهم، دون إبداء أسباب رسمية لعملية التوقيف أو الإفراج.

لماذا أوقفت تركيا عناصر الإخوان الـ (34)؟

نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر قريبة من التنظيم، وكذلك الصفحات التابعة له، أنّه "تم إدراج هؤلاء على قوائم الترحيل من تركيا؛ بسبب خطورتهم على الأمن العام في البلاد بموجب ما يُعرف بكود (جي 78)، فقد كانوا يستعدون لإطلاق قناة جديدة باسم "صرح" عبر تطبيق "تليغرام" هدفها التحريض على الاحتجاجات وأعمال العنف والتخريب وإحداث فوضى في مصر، وارتباطهم مع قنوات أخرى بدأ الإخوان بتأسيسها خارج تركيا في الأسابيع القليلة الماضية، منها قناتا "الشعوب" و"الحرية"، لتعويض التضييق في تركيا، التي لم يبقَ منها في إسطنبول سوى قناتي "الشرق" و"وطن"، بينما رحلت قناة "مكملين" إلى لندن، ومُنع العديد من مقدمي البرامج في قناتي "الشرق" و"مكملين" سابقاً من استئناف عملهم المذكور.

بعد ساعات من التصريحات المصرية، أوقفت السلطات التركية مساء الجمعة نحو (34) عنصراً إخوانياً

ووفق مراقبين تحدثوا لـ "الشرق الأوسط"، فإنّه "رغم التعليمات التركية بشأن أنشطة الإخوان الإعلامية ومنع بث الانتقادات ضد مصر من فضائيات موالية للتنظيم في إسطنبول" فإنّ مصادر مطلعة على الأوضاع داخل التنظيم أشارت إلى أنّ بعض الإعلاميين في قنوات موالية للتنظيم دعوا للتظاهر".

رسالة تركية تعكس تناقضاً واضحاً

ويرى الخبير المختص بالشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كرم سعيد خطوة توقيف المطلوبين للقاهرة أنّها محاولة من تركيا لضمان استمرار المباحثات مع القاهرة، خاصة أنّها جاءت بعد إعلان وزير الخارجية المصري توقف المباحثات.

ويقول سعيد في تصريح لـ"حفريات": إنّ تركيا ما تزال ترغب في تحقيق تقدم في الملف التفاوضي مع مصر، لكنّها تُعبّر عن ذلك بتصرفات وتصريحات متناقضة، منها عملية توقيف قيادات إخوانية حرضت على العنف والفوضى في مصر، ثم الإفراج عنهم بعد ساعات من احتجازهم، كذلك لم تقم تركيا بأيّ تحركات فعلية في الملفات الخلافية التي تمثل أزمة بين البلدين، وفي مقدمتها الملف الليبي ومياه شرق المتوسط.

خبير مختص بالشأن التركي: تركيا ما تزال ترغب في تحقيق تقدم في الملف التفاوضي مع مصر، لكنّها تُعبّر عن ذلك بتصرفات وتصريحات متناقضة

وبحسب سعيد ما تزال التحركات التركية الأحادية في مياه شرق المتوسط، التي لا تتوافق مع الشرعية الدولية، تثير حالة من عدم الاستقرار والغضب لدى مصر واليونان وقبرص، وتعزز حالة الخلاف إلى حدٍّ كبير، بالإضافة إلى توقيع الحكومة التركية اتفاقيات مؤخراً مع حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهة ولايتها في ليبيا، بغرض التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية بما يتعارض مع القوانين والأعراف الدولية.

كيف استقبلتها القاهرة؟

يرى الخبير المصري أنّ الرسالة التي أرادت تركيا من خلالها إعادة فتح المباحثات مع القاهرة لم تكن مقنعة؛ بسبب الملفات الخلافية الشائكة التي ما تزال محتدمة بين البلدين، وأهمها عدم استجابة تركيا للمطالب المصرية الخاصة بسحب القوات التركية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مواصلة التدخلات غير المشروعة في الداخل الليبي، بما يهدد عملية الاستقرار الأمني والسياسي ويثير المخاوف الإقليمية، ويمثل تهديداً لأمن دول الجوار.

ولا يتوقع سعيد أن تعود القاهرة قريباً إلى الملف التفاوضي مع أنقرة، دون تقديم الثانية تنازلات واضحة في الملفات التي تمثل قضايا خلافية للبلدين، وفق المطالب التي قدّمتها القاهرة في عدة جلسات عقدت مطلع العام الجاري، مشيراً إلى أنّ تحقيق اختراق بهذا الملف يستدعي العمل المشترك، وإظهار حسن النوايا من الجانب التركي ، والتوقف عن الممارسات التي تصفها دول الجوار بأنّها استفزازية وعدائية.

ما السيناريوهات المتوقعة لمستقبل العلاقات؟

تبدو العلاقات بين القاهرة وأنقرة بعيدة عن مستوى التفاهمات في الوقت الراهن، بحسب الدكتور كرم سعيد، وتتوقف أيّ محاولة لإحداث تغيير في الملف المجمد حالياً على سحب القوات التركية من ليبيا، وربما إلغاء الاتفاقيات الأخيرة مع حكومة الدبيبة، والتزام أنقرة بالتنقيب الشرعي عن الغاز في مياه البحر المتوسط، والدخول في مفاوضات تُبنى على الالتزام والثقة مع دول الجوار.

كرم سعيد: الرسالة التي أرادت تركيا من خلالها إعادة فتح المباحثات مع القاهرة لم تكن مقنعة؛ بسبب الملفات الخلافية الشائكة التي ما تزال محتدمة بين البلدين، وأهمها الملف الليبي

وحتى الآن لا تبدو القاهرة مقتنعة بجدية التفاوض مع أنقرة، وربما تعكس التحركات من جانب الثانية تناقضاً كبيراً بين رغبتها في إحداث اختراق حقيقي لحالة الجمود بين البلدين، واستمرار سياستها التي تسببت في إثارة الخلافات والقطيعة مع القاهرة منذ عام 2013، عندما استضافت أنقرة قيادات الإخوان الهاربين إثر سقوطهم عن الحكم في مصر، واتهامهم بارتكاب جرائم إرهاب بعد ثورة 30 حزيران (يونيو).

وتسير المفاوضات بين الجانبين في الوقت الراهن على مستوى أجهزة الاستخبارات، بحسب ما كشف عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي، لكنّ التقديرات جميعها لا تتجه نحو سيناريوهات متفائلة لمستوى العلاقات بين البلدين، والتي ستظل مُعلقة على مدى ما يمكن فعله من جانب أنقرة لإثبات الجدية وحسن النوايا مع القاهرة، بعد أعوام مارست فيها العداء ضدها، وتمادت في سياسات دعم تنظيم الإخوان الذي تصنفه القاهرة "إرهابياً"، وترفض أنقرة تسليم قياداته المطلوبين لدى الجهات القضائية المصرية، المتواجدين على أراضيها منذ أكثر من عقد.

مواضيع ذات صلة:

بعد تجميد المحادثات بينهما.. أنقرة تحاول احتواء غضب القاهرة.. ماذا عن اليونان؟

"مجموعة إسطنبول"... هل تكون الرهان الإعلامي لـ"إخوان مصر"؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية