ملاحقة المعارضة الإيرانية في الخارج: اتهامات بتورط حزب الله

ملاحقة المعارضة الإيرانية في الخارج: اتهامات بتورط حزب الله

ملاحقة المعارضة الإيرانية في الخارج: اتهامات بتورط حزب الله


04/12/2022

ربما، يبدو إعلان رئيس الاتحاد الإيراني للملاكمة، حسين ثوري، الذي يتواجد في أسبانيا للمشاركة في بطولة عالمية مع منتخب الشباب، عدم عودته إلى إيران، خبراً عادياً لو كان من أحد معارضي نظام الملالي، لا سيما مع السجل الحافل بالانتهاكات والقمع بل والملاحقة بحق خصوم النظام، داخلياً وخارجياً. غير أنّ المباغت في الأمر هو الموقف الذي اتخذه، للمرة الأولى، أحد رؤساء الاتحادات الرياضية بإيران، والذي انتقل لموقع آخر على أقصى يسار النظام، وقد وصفه بـ"غير الكفء".

صوت الشعب في نضاله ضد الظلم

وفي منتصف الشهر الحالي، اعتبر رئيس الاتحاد الإيراني للملاكمة، في لقاء مع إذاعة "راديو فردا" الناطقة بالفارسية، أنّ المسؤولين في الحكومة الإيرانية "يفتقرون إلى الشرف". وقال إنّه "مثل المحتجين يريد إيران بدون جمهورية إسلامية"، كما شدد على رغبته في أن يكون "صوت الشعب في نضاله ضد الظلم".

وبالتزامن مع مواقف قطاعات متفاوتة في إيران، تحديداً في صفوف النخبة السياسية والثقافية والعلمية، التي باتت تعلن رفضها حملات القمع الدموي بحق المحتجين، وتعميم السيطرة الأمنية على المناطق كافة، كشف جهاز المخابرات الأمنية الكندي، عن بدء التحقيق في بلاغات بخصوص تهديدات "موثوقة" بالقتل من إيران بحق أشخاص يعيشون في كندا.

ووفق بيان جهاز المخابرات الكندي، فإنّ هذه التهديدات "تهدف إلى إسكات" أولئك الذين يعارضون سياسات نظام الملالي، بصورة علنية، موضحاً أنّه بصدد جمع "المعلومات من الأشخاص الذين تعرضوا لمضايقات وترهيب من جانب الجمهورية الإسلامية". وأضاف: "يحقق جهاز المخابرات الأمنية الكندي في عدة تهديدات بالقتل صادرة عن جمهورية إيران بناء على معلومات استخبارية موثوقة".

المعارض عبد الله مهتدى: للملالي إستراتيجية في استهداف المعارضة

ويكاد لا يختلف الحال في كندا عما ذكره رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني، والذي أوضح، في النصف الثاني من الشهر الحالي تشرين الثاني (نوفمبر)، أنّ أجهزة المخابرات الإيرانية نفذت حوالي "عشر محاولات على الأقل لخطف أو حتى قتل مواطنين بريطانيين أو أفراد مقيمين في المملكة المتحدة تعتبرهم طهران تهديداً".

ولا تعدو محاولات طهران المحمومة لملاحقة المعارضة الإيرانية في الخارجة كونها أمراً عرضياً أو مباغتاً؛ إذ إنّ ثمة سوابق عديدة لهذا الأمر، وقد عمدت طهران إلى اختطاف عدة أشخاص لهم مواقف مناهضة لسياسات الملالي، سواء من بلدان عربية أو أوروبية، كما حدث مع الصحفي الإيراني روح الله زم الذي يقيم في فرنسا، بينما تم اختطافه من بغداد وتعرض للسجن والاعتراف القسري بإيران، العام الماضي، وكذا محاولات اختطاف الناشطة الإيرانية الأمريكية مسيح علي نجاد، والتي تم الكشف عنها، مؤخراً.

اختطاف المعارضة بالخارج

وتعد تركيا من أكثر المناطق التي تنشط فيها عناصر الحرس الثوري لاختطاف معارضي الملالي. وفي شباط (فبراير) الماضي، أعلن جهاز المخابرات التركي اعتقال 17 شخصاً على خلفية الاشتباه في تورطهم مع المخابرات الإيرانية لاختطاف أحد معارضي "الجمهورية الإسلامية".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول أمين عام حزب كوملة المعارض في كردستان إيران، عبد الله مهتدى، إنّ النظام الايراني لديه "أجندة واسعة" أو بالأحرى "إستراتيجية ورؤية ممنهجة" في ما يخص استهداف المعارضة الإيرانية بالخارج، كما أنّه "يسعى إلى تنفيذ عدد من الاغتيالات كما فعلت سابقاً السلطات الإيرانية عندما اغتالت الشهيدين عبد الرحمن قاسملوا وصادق شرفكندي زعيمي الحزب الديمقراطي".

المباغت في الأمر هو الموقف الذي اتخذه، للمرة الأولى، أحد رؤساء الاتحادات الرياضية بإيران، والذي انتقل لموقع آخر على أقصى يسار النظام، وقد وصفه بـ"غير الكفء

وحذّر أمين عام حزب كوملة المعارض من أنّ حزب الله اللبناني قد يلعب دوراً في تلك الاغتيالات؛ حيث إنّه يملك "عناصر لديها خبرة طويلة في هذا الموضوع، وقد ساهم الحزب اللبناني المدعوم من الحرس الثوري الإيراني بدور مباشر وواضح في اغتيال شرفكندي. وعلى خلفية ضلوع الحزب في عملية الاغتيال ببرلين، جرت محاكمة عناصره في ألمانيا". وقال مهتدي إنّ بريطانيا أيضاً تتخوف من الاغتيالات التي تتم بحق نشطاء ومعارضين على أراضيها، كما أنّ هناك تحذيرات وصلت لقادة المعارضة لتوخي الحذر في تحركاتهم، مشدداً على أنّ قرار السلطات الإيرانية بالهجوم على مهاباد، شمال غرب طهران، يعد بمثابة "إشارة من النظام لتصفية الانتفاضة وإعدام القيادات المسؤولين عنها؛ إذ إنّ هذا النظام يعمد إلى اغتيال الناشطين ميدانياً بلا محاكمات عبر إطلاق الرصاص الحي عليهم لبث الرعب والجمود بدلاً من انتقال عدوى الثورة والخروج عن طاعة النظام القمعي والدموي".

تعد تركيا من أكثر المناطق التي تنشط فيها عناصر الحرس الثوري لاختطاف معارضي الملالي

وفي ظل تنامي الاحتجاجات التي تطوّق النظام الإيراني، وتشمل غالبية مدن وأقاليم طهران، فإنّ هناك حصيلة جديدة من ضحايا القمع المستمر لأكثر من شهرين منذ اندلاع الاحتجاجات إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني، وقد بلغ عدد القتلى قرابة 451 قتيلاً، منهم 63 طفلاً، حسبما توضح مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران.

المرشد يثمّن دور الباسيج!

وقال ممثل مهاباد في البرلمان الإيراني، جلال محمود زاده، إنّه "خلال الثلاثين يوماً الماضية، وبحسب إحصائيات غير رسمية، قتل 105 أشخاص في المناطق الكردية أثناء الاحتجاجات غربي البلاد". كما طالب محمود زاده بضرورة مسائلة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ووزير الداخلية، أحمد وحيدي، لجهة تحديد هوية المسؤولين عن إطلاق الرصاص الحربي على المحتجين الإيرانيين.

وفي جلسة البرلمان الإيراني، مطلع الأسبوع، تساءل النائب البرلماني: "ماذا يعني إرسال الجيوش وفرض الأجواء الأمنية في مهاباد والمدن الكردية، واعتقال المواطنين العاديين، والهجوم الليلي على المنازل، وهدم ممتلكات الشعب وكتابة الشعارات على جدران المنازل، وتفتيش المقتنيات الشخصية للناس، ونشر نقاط تفتيش في مداخل المدن الكردية مثل بداية الثورة؟".

ولمّح النائب البرلماني إلى "امتناع" رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الإيراني، محمد صالح جوكار، عن توجيه أسئلته إلى وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، بشأن مقتل العتالين في كردستان.

أمين عام حزب كوملة، عبد الله مهتدى لـ"حفريات": النظام الايراني لديه أجندة واسعة أو بالأحرى إستراتيجية ورؤية ممنهجة في ما يخص استهداف المعارضة الإيرانية بالخارج

وأجاب جوكار على النائب الكردي بأنّ أحاديثه وتساؤلاته في البرلمان "تؤجج أعمال الشغب والعنف والفتن". وشدد على رفض طرح هذه القضايا في البرلمان التي تبث "الفتنة"، على حد تعبيره.

وإلى ذلك، طالبت الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية، مريم رجوي، الحكومة الكندية بإتخاذ مجموعة من الإجراءات لمساندة الانتفاضة الشعبية المستمرة في إيران منذ أكثر من شهرين، والتي تهدف إلى إسقاط نظام الملالي.

وفي الجلسة التي دشنها أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الكنديين، طالبت رجوي الاعتراف بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه وإسقاط النظام في إيران، مؤكدة على ضرورة تصنيف الحرس الثوري على قوائم الإرهاب في كندا، بل وسحب الجنسية الكندية من "عملاء نظام الملالي وترحيلهم".

وأشارت رجوي إلى اقتراب الذكرى السنوية لاستهداف قوات الحرس الثوري الطائرة الاوكرانية بالصواريخ، الأمر الذي أسفر عن مقتل 176 مدنياً، لافتة إلى أنّ "رفض النظام تحمل المسؤولية عن هذه الجريمة.. جعل الطبيعة الإجرامية لهذا النظام واضحة للعالم، مما يستدعي استخدام لغة الحسم".

وعليه، عزا المعارض الإيراني وعضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، علي رضا، الانتفاضة الحالية إلى سياسات 43 سنة من القمع، موضحاً أنّه من الطبيعي أن تكون المرأة الإيرانية، التي وقعت تحت وطأة العنف والإقصاء، في طليعة الاحتجاجات.  

ويعقّب رضا في حديثه لـ"حفريات" على تهديدات المرشد الإيراني الأخيرة، وخطابه الذي ثمّن فيه دور الباسيج في مواجهة الاحتجاجات رغم الخروقات والانتهاكات الحقوقية المتسبب فيها، ووقوع مئات القتلى، منهم أطفال، فضلاً عن المعتقلين (وبعضهم لا يعرف مصيره)، الذين بلغ عددهم 14 ألف، بحسب الأمم المتحدة، فيقول إن "خريطة الانتفاضة تؤكد على أنّها وطنية وتهدف إلى اقتلاع النظام السياسي من جذوره ورفض بقاء الملالي في حكم".

ويختم: "تعرضت مدينة مهاباد، التي كانت مسرحاً لتظاهرات حاشدة بعد تشييع جنازة كمال أحمد بور، إلى هجوم من قبل قوات النظام والحرس الثوري، كما كانت شيراز، تبريز، سنندج، مهاباد، أردبيل، خوي، هي الأخرى مسارح لمظاهرات ليلية واشتباكات عنيفة وعمليا كر وفر مع عناصر الباسيج. وفي طهران، نظم المواطنون، بشكل مستمر، تظاهرات ليلية في أماكن مختلفة، بما في ذلك سعادت آباد، واتوستراد فردوس، وبرند، ونارمك، وطهرانبارس، وبونك، وستارخان، وسيد خندان، وبلدة قدس. وقد رددوا هتافات منها "الموت لخامنئي" و"الموت للديكتاتور".

مواضيع ذات صلة:

إيران... النظام والثورة والمرأة

قتلى وجرحى... الاحتجاجات الإيرانية تتوسع والنظام يهدد ويواجه الشارع بهذه الطرق

استقبال الحوثيين في إيران.. ما الرسالة التي يريدون إيصالها؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية