مطالبات سودانية بتسليم الإخوان الهاربين.. فهل ترضخ تركيا؟

مطالبات سودانية بتسليم الإخوان الهاربين.. فهل ترضخ تركيا؟


24/03/2021

في تصريح يعكس البعد الاستراتيجي، الذي قامت من خلاله تركيا بتوظيف الإخوان المسلمين، ضمن مشروعها التوسعي في المنطقة العربية، قال ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنّ "إسقاط الخلافة العثمانية، تسبّب في فراغ سياسي في المنطقة، وإنشاء جماعة الإخوان المسلمين، كان نوعاً من الإنقاذ للأمة الإسلامية".

مع سقوط نظام الإنقاذ، أصبحت تركيا مرتعاً لعدد كبير من قيادات الجماعة والمتحالفين معها منهم شقيق الرئيس المعزول، والمتورط في عدد كبير من قضايا الفساد

وعليه يمكن فهم الكيفية التي تحركت من خلالها تركيا في المنطقة، بواسطة وكيل محلي هو جماعة الإخوان، وأكّد التحالف بين الطرفين في السودان، الطبيعة الانتهازية للمشروع التركي؛ حيث تحالفت أنقرة مع أحد أكثر أفرع التنظيم الدولي فساداً ونهباً لأموال الشعوب، وتوج هذا التحالف بتوقيع اتفاقية جزيرة سواكن، في العام 2017، والتي حصلت بموجبها تركيا على حق استغلال الجزيرة، ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأحمر.

تركيا توفر ملاذا آمناً لإخوان السودان

مع سقوط نظام الإنقاذ، أصبحت تركيا مرتعاً لعدد كبير من قيادات الجماعة والمتحالفين معها، وتشير تقارير إلى فرار العباس البشير، شقيق الرئيس المعزول، والمتورط في عدد كبير من قضايا الفساد إلى تركيا، وكذلك القيادي، نافع علي نافع، والذي شغل مناصب متعددة في الحقبة الإخوانية، أبرزها منصب مساعد الرئيس السابق، ومدير جهاز المخابرات، كما تؤكد تقارير أنّ زوجة الرئيس المعزول، وداد بابكر، موجودة هي الأخرى في تركيا، وكذلك عدد من قيادات الصف الثاني، ومسؤولي الاستثمارات في تنظيم الحركة الإسلامية السودانية، أحد أذرع الجماعة.

ونجحت عناصر الإخوان في تهريب أموال ضخمة، مكّنتهم من تكوين شبكات مالية كبيرة، في مجال الاستثمار الزراعي والصناعي، وإنشاء شركات كبرى، يديرها القيادي، فيصل حسن إبراهيم، مساعد الرئيس المعزول، والذي أصبح المسؤول الأول عن الملف الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: مصر والسودان: علاقات إستراتيجية في مواجهة تحديات القرن الأفريقي

كما تمارس عناصر فلول إخوان السودان في تركيا، نشاطاً على صعيد الثورة المضادة، عن طريق بعض المنابر الإعلامية الممولة من أنقرة، لبث محتوى إعلامي دعائي، والمسؤول عن هذا الملف هو ياسر يوسف، وزير الإعلام السابق، حيث تعتبر قناة طيبة، هي الذراع الإعلامي الأبرز لإخوان السودان في تركيا، ويديرها عبد الحي يوسف، بالإضافة إلى مجموعة من المواقع الإلكترونية، مثل موقع، سحر البيان، الذي تشرف عليه، مها الشيخ، زوجة محمد عطا، مدير المخابرات السودانية السابق.

اقرأ أيضاً: ماذا تخبرك الأزياء عن رحلة التحولات السياسية والدينية في السودان؟

ومن بين العناصر الهاربة التي تحتضنها تركيا، إبراهيم محمود حامد، مساعد الرئيس السابق، وحامد ممتاز، المسؤول السياسي في المؤتمر الوطني، والإخواني عمار باشري، أحد قيادات الأمن الشعبي، والمتهم بتنفيذ عمليات اغتيال بحق معارضين من الحركة الطلابية.

من جهتها، أصدرت النيابة السودانية العامة، مذكرة توقيف بحق 33 إخوانياً هارباً بالخارج، وخاطبت الإنتربول الدولي، لاستعادة العناصر الهاربة في تركيا، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق، معتز موسى، ومساعدي الرئيس المعزول عمر البشير، وعدد آخر من القيادات المنتمية للإخوان، والحركة الإسلامية المنبثقة عنها، كانوا تمكنوا من الهرب إبان سقوط النظام.

مهدي: إيواء تركيا لمجموعات من الإخوان الفارين من السودان، شمل أيضاً عدداً من إخوان مصر، الذي هربوا إلى السودان في أعقاب ثورة 30 حزيران 2013

الدكتور سامح مهدي، الباحث في الفكر السياسي، أكّد في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ إيواء تركيا لمجموعات من الإخوان الفارين من السودان، شمل أيضاً عدداً من إخوان مصر، الذي هربوا إلى السودان في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو) العام 2013، حيث رصدت الأجهزة الأمنية في مصر والسودان، تحركات تلك المجموعة، بين السودان وقطر وتركيا، بهويات وأوراق ثبوتية مزورة، قبل أن يتم اكتشاف خلية تابعة لهم، كانت تستعد لتفجير الوضع الأمني في السودان، مطلع العام الماضي.

الدكتور سامح مهدي

ويرى مهدي أنّ أنقرة سوف تكرر ما فعلته مع المنابر الإعلامية التابعة لإخوان مصر، وتقيد من حدة الخطاب الإعلامي، الذي تمارسه قناة طيبة، والتي لا تكف عن التحريض على الحكومة السودانية، إلى الحد الذي دعت فيه إلى اقتحام سجن كوبر، وتحرير عمر البشير، من خلال الزحف الأخضر، وما تطلق عليه، الحشد الشعبي الموحد.

مطالب سودانية مشروعة

هذا وقد انتقد، جمال إدريس، عضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية في السودان، النظام التركي، الذي حوّل بلاده، بحسب وصفه، إلى "منصة لانطلاق أعمال عدائية ضد السودان"، مطالباً أنقرة باحترام الشعب السوداني ومصالحه، مهدداً باتخاذ "بعض الإجراءات ضد تركيا، بسبب الأعمال العدائية ضد الثورة السودانية، وتقديم احتجاج رسمي على إيواء تركيا للعناصر الإرهابية الإخوانية الهاربة".

اقرأ أيضاً: ما الرسائل التي يحملها الاتفاق العسكري بين مصر والسودان؟

من جانبة يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنّ السودان يميل إلى اتخاذ خطوات، من شأنها تعميق جراح أنقرة، التي تسيل في الجبهة الداخلية، من خلال نزيف الاقتصاد المستمر، وهو ما انعكس على التضخم، ورفع الفائدة في البنك المركزي، وما تبعه من إقالة ثالث رئيس للبنك المركزي خلال عامين، هذه الأمور الاقتصادية لها تبعات خارجية، منها أيضاً التسليم بالرؤية المصرية في ليبيا، حيث التزمت تركيا بالخط الأحمر المصري، ولم تستطع الميليشيات التابعة لها تجاوزه، وعليه فإنّ السودان يعمق الجراح، من خلال التمهيد لتقويض اتفاقية سواكن، التي تمس السيادة السودانية، وتمنح للأتراك نافذة على البحر الأحمر، وكذلك فإنّ المطالبة بتسليم قيادات الإخوان، وعناصر الحركة الإسلامية التابعة، يمثل ضغطاً مضاعفاً على أنقرة، والتي تناور في محاولة للإبقاء على اتفاقية سواكن، في مقابل الضغط على إثيوبيا فيما يتعلق بملف سد النهضة.

 الدكتور أحمد فؤاد أنور

ولفت أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ السودان قرر المضيّ قدماً في مطالبه، حينما تأكّدت الحكومة الانتقالية من وجود ظهير شعبي داعم لها، مع الرفض القاطع لنظام الإنقاذ، والتيار الإخواني الذي كان حليفاً مركزياً له، من خلال الحركة الإسلامية التي خرجت من عباءة الجماعة، ودانت لها دوماً بالولاء.

أنور: لجوء الإخوان إلى تركيا، جاء بتنسيق من السفير التركي في الخرطوم، عرفان نيزير أوغلو، وثيق الصلة بالتنظيم الدولي، والذي قدم لبعضهم جوازات سفر دبلوماسية

ويرى أنور، أنّ مطالب السودان مشروعة، فإذا كان الغرب يطالب بتسليم البشير، فمن باب أولى أن تقوم تركيا بتسليم العناصر الإخوانية السودانية التي هربت في أعقاب سقوط النظام، وليس لجهات أجنبية، والاستجابة التركية ليست مستبعدة، في ظل الإشارات التي أرسلتها أنقرة مؤخراً إلى مصر؛ حيث يبدو الوقت مناسباً، لاستعادة هذه العناصر الهاربة، وبالتالي قطع الطريق أمام أيّ اضطرابات قد يثيرها الإخوان في الشارع السوداني.

 جدير بالذكر أنّ لجوء الإخوان إلى تركيا، جاء بتنسيق من السفير التركي في الخرطوم، عرفان نيزير أوغلو، وثيق الصلة بالتنظيم الدولي، والذي قدم لبعضهم جوازات سفر دبلوماسية، كما نجحت الجماعة في تهريب ملايين الدولارات إلى تركيا، عبر مسارات وأوعية مالية، جرى بعضها من خلال جنوب السودان، وكانت زوجة البشير أول من فر بأموال إلى جوبا، قبل أن تصل إلى تركيا، وفقاً لما تؤكده تقارير ومصادر أمنية سودانية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية