مصريون بعد رفض دفن جثة طبيبة: رائحة الخوف في الطرقات

كورونا

مصريون بعد رفض دفن جثة طبيبة: رائحة الخوف في الطرقات


15/04/2020

انتظار المجهول هو لسان حال الحياة في مصر الآن، قبل كورونا كان التعامل مع أزمة الوباء مثل نكتة أطلقها أحد المارة، انتبه لها البعض ضاحكاً، ولم يعطها كثيرون أدنى انتباه، أما اليوم، فتستطيع أن تشتم رائحة الخوف في الطرقات، لكنّه خوف غير ذي أهمية، مع أنّ الحياة في الشوارع معطلة بقوة القانون.
محاولات للهروب من واقع ضرب أوروبا، نتجت عنه قرارت حاسمة من الحكومة المصرية تمثلت في قرارات أقرب لحظر التجوال؛ من إغلاق المدارس والجامعات، وإلزام المحال التجارية والمقاهي والمراكز الرياضية وسائر المنشآت بالتوقف عن العمل.

شيخ الأزهر: أحزنني كثيراً كما أحزن جموع المصريين أن نرى بعض أبناء وطننا يرفضون استلام جثث ذويهم ممن أصيبوا بكورونا

الكاتب الصحفي والروائي، وجدي الكومي، أثنى في بداية الأزمة على أداء رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وتصريحاته، حيث أبلغ الكومي "حفريات"؛ أنّه "للمرة الأولى تثني المعارضة على أداء الحكومة المصرية في مواجهة الأزمات"، مستطرداً: "غير أنّ ذلك الثناء انتهى سريعاً كأنّ شيئاً لم يكن" حين تراخت الحكومة في البداية عن إيقاف صلاة الجماعة في المساجد، في إشارة من الكومي إلى أنّ هذا التراخي تسبّب في تجمع الناس وجعل احتمال انتقال الفيروس وارداً.
وذكر بيان لوزارة الصحة المصرية أنّ إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى أول من أمس، هو 2190 حالة من ضمنهم 488 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و164 حالة وفاة.
وزيرة الصحة المصرية أثناء إجراء الكشف عليها خلال زيارتها للصين

رفض دفن طبيبة في محافظة الدقهلية
ويأخذ كثير من المراقبين على الحكومة المصرية ترددها، منذ البداية، في حسم الأمور المتصلة بفيروس كورونا، أضف إلى ذلك تهاون غالبية الشباب في مصر بمسألة أنّ الفيروس لا يصيبهم، رغم أنّ مقالاً منشوراً بصحيفة "نيويورك تايمز"، بتاريخ 18 آذار (مارس) الماضي، بقلم "بام بيلوك"، تحت عنوان "الشباب يشكلون النصيب الأكبر من المصابين بفيروس كورونا والذين يعالجون في مستشفيات الولايات المتحدة"، أشار إلى أنّ "المرضى الأكبر سناً معرضون بشكل أكبر للاحتضار والدخول إلى المستشفى، ولكن من بين 508 مرضى ممن دخلوا المستشفيات؛ 38% منهم كانوا أصغر سناً؛ حيث تراوحت أعمارهم بين 20 إلى 54 عاماً، وقرابة نصف المرضى الذين دخلوا وحدات العناية المركزة، والبالغ عددهم 121 مريضاً، كانت أعمارهم أقل من 65 عاماً".

الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد معترض على دفن طبيبة في محافظة الدقهلية توفيت بسبب فيروس كورونا

وفي سياق الأفكار الباعثة على الأسى المتصلة بفيروس كورونا، أفادت وسائل إعلام مصرية بأنّ الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد معترض على دفن طبيبة في محافظة الدقهلية توفيت بسبب فيروس كورونا المستجد، خوفاً من الإصابة بالعدوى. واعتقلت الشرطة 15 شخصاً في وقت لاحق.
وأوضح مصدر أمني، كما نقل موقع "DW" أنّ طبيبة غير متفرغة تبلغ من العمر 65 عاماً توفيت إثر اصابتها بالفيروس الذي انتقل إليها من ابنتها العائدة من اسكتلندا، وتم نقل الجثمان لدفنه في مقبرة يمتلكها زوجها في قرية شبرا البهو، مسقط رأسه، على بعد نحو 130 كيلومتراً شمال القاهرة. وأضاف المصدر أنّ أهالي هذه القرية تجمعوا ورفضوا دفن الجثمان الذي تم نقله في سيارة إسعاف معقمة.
في تعقيبه على هذه الحادثة، عبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في رسالة تليفزيونية للشعب المصري، الأحد، عن رفضه لمظاهر التنمّر والسخرية من مصابي فيروس كورونا المستجد وضحاياه، مؤكداً أنه "لا يجوز أبداً ولا شرعاً ولا مروءة أن يسخر إنسان من إنسان آخر أصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده، والواجب هو أن يدعوَ الإنسان لأخيه الإنسان، وأن يتضامن معه، وألا يسخر منه بكلمة أو نظرة أو فعل أو قول يؤذي المصاب ويؤذي أهله".

اقرأ أيضاً: ما العوامل التي تُعزز قدرة الإمارات على تخفيف وطأة كورونا؟
وأضاف شيخ الأزهر، أنه "أحزنني كثيراً كما أحزن جموع المصريين أن نرى بعض أبناء وطننا يرفضون استلام جثث ذويهم ممن ماتوا بهذا الوباء، أو دفنهم في مقابرهم، وهو أمر محرم شرعاً ومجرم أخلاقاً وإنسانية".
ويؤكد هذه الحادثة، ما جرى في محافظة قنا من قبل، حيث أعرب الشاعر والباحث في العلوم الاجتماعية المقيم بمحافظة قنا، فتحي عبد السميع، عن "حالة من الحزن الشديد في قنا بسبب وفاة مصابة بالكورونا بسبب التعتيم على حالتها، ودفنها دون اتباع إجراءات السلامة، وقد بلغ الاستهتار حدّ إلقاء الكيس الذي خرجت به من المستشفى في الشارع لمدة يومين".
عبد السميع أشار في تصريح لـ "حفريات" إلى أنّ "المشكلة هنا أكثر تعقيداً؛ بسبب تلاحم المجتمع القبلي، وشدة التواصل المباشر بين الناس، لذا سارت طقوس العزاء في مسارها العادي؛ شدة اختلاط الأهالي المصابين بالآخرين، بدلاً من عزلهم وإجبارهم على البقاء في بيتهم".
شباب قنا يطهرون واحدة من القرى التي ظهرت فيها إصابات

أول مدينة مصرية تحت العزل
رغم أنّ ظهور أول بؤرة مصابة بكورونا كان في محافظة الأقصر بصعيد مصر، إلا أنّ أول مدينة وقعت تحت العزل الكامل بقرار من الدولة كانت مدينة الغردقة، المجاورة لمحافظات قنا والأقصر.
داخل العزل الإجباري في مدينة الغردقة تعيش الروائية المصرية، منى الشيمي، التي قالت لـ"حفريات": "منذ قرأت أنّ فيروساً يضرب إقليم هوبي في الصين، في أواخر كانون الأول (ديسمبر)، وأنا أتابع الأخبار أولاً بأول، ليس لأني من الذين تستهويهم أخبار الكوارث؛ بل لأنّ العالم صار بالفعل قرية صغيرة جداً، ووصوله إلينا كان مجرد وقت، وبالفعل بدأت منطقة الشرق الأوسط تصاب نهاية شباط (فبراير)".
تضيف الشيمي: "كان من الممكن اتخاذ استعداد وافٍ أثناء زحف الوباء، بل كانت التجربة الصينية مثالاً يحتذى به، على الأقل في الالتزام بالعزل، لكنّ ما حدث في البداية كان عكس ذلك؛ استمرّ السياح بالتدفق، الغردقة تستقبل الكثيرين، ومنها يتحرك السياح إلى الأقصر وأسوان، بالطبع استمرارها من وجهة نظري كان خطأ كبيراً، حتى إن كانت من أهم روافد الاقتصاد".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية