ما العوامل التي تُعزز قدرة الإمارات على تخفيف وطأة كورونا؟

كورونا

ما العوامل التي تُعزز قدرة الإمارات على تخفيف وطأة كورونا؟


15/04/2020

يُواجه الشرق الأوسط نقطة تحول غير متوقعة. لن تبدو المنطقة بعد COVID-19 كما كانت من قبل. سيعمل تفشي COVID-19 على تعديل محتمل في العلاقة بين الجغرافيا السياسية والاقتصاد في الشرق الأوسط. هذا ما يلفت الأنظار إليه تحليلٌ نشره "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن، الذي ذكر أنّ دول الخليج العربية كانت هي البنك المركزي الفعلي في المنطقة، حيث استخدمت الإمارات والسعودية والكويت ثروتها الفائضة لتحقيق الاستقرار في العواصم العربية المضطربة. وأضاف المعهد "لا يمكن أن تأتي أسعار النفط المنخفضة تاريخياً في وقت أسوأ من هذا الوقت. وباء كورونا والركود الاقتصادي ربما سيحرمان الشرق الأوسط المتقلب من صمام الأمان المالي الرئيسي، الخليج".

رفعت الإمارات العربية المتحدة وعُمان القيود المفروضة على بعض التطبيقات التي تسمح بالمكالمات الصوتية عبر الإنترنت

وعلى الرغم من الاتفاق التاريخي بين منتجي النفط الكبار، وخاصة السعودية وروسيا وأمريكا، والذي تمّ نهاية الأسبوع الماضي، فإنّ من المقرر أن يقلص المنتجون حجم التخفيضات شيئاً فشيئاً بعد حزيران (يونيو) المقبل؛ إذ ينص الاتفاق على أن تظل تخفيضات الإنتاج قائمة حتى نيسان (أبريل) 2022.
في مقابل هذه المقاربة، أكدت شركة "أوكسفورد إيكونوميكس" البريطانية للبحوث والدراسات الاقتصادية أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تُعَدُّ، نسبياً، من أقدر الدول الخليجية على تحمل التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انتشار جائحة "كورونا" في مختلف أنحاء العالم.


وتوقعت الشركة في تقرير عن مدى قدرة كل دولة على تحمل هذا التأثير، بعنوان "دول مجلس التعاون الخليجي تصمد أمام عاصفة كورونا"، أن تتمكن دول المجلس في المجمل من احتواء تداعيات الجائحة وتأثيرها الاقتصادي السلبي العنيف، وإن كانت قدرات دول المجلس على الصمود تتفاوت وفقاً للخصائص الهيكلية لاقتصاد كل منها.
التنويع الاقتصادي
وتواجه العديد من الصناعات التي تعتبر ركائز لعملية التنويع الاقتصادي في المنطقة -بما في ذلك السياحة والضيافة والطيران والخدمات اللوجستية- تحديات غير مسبوقة. ويتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة أن يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى تقليص السفر العالمي بنسبة 25٪، ويعرّض 50 مليون وظيفة للخطر. وحسب "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" فإنّ السياحة تشكل ما يُقدّر بنحو 12٪ من اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى انخفاض معدلات الإشغال الفندقي في دبي حالياً، كما أنّ أبو ظبي، وفي إطار تدابيرها لمواجهة انتشار الوباء، أغلقت أماكن الجذب السياحي الرئيسية، مثل متحف اللوفر في أبو ظبي وحديقة عالم فيراري الترفيهية.

اقرأ أيضاً: مساعدات إماراتية للصومال.. وإشادات دولية بدور أبوظبي الإنساني في أزمة كورونا
وتطرق تقرير "أوكسفورد إيكونوميكس" إلى الاقتصاد الإماراتي، فذكر أنه على الرغم من وجود عوامل تجعله أكثر تأثراً بتداعيات "كورونا"، ومنها الارتباط الوثيق بين الإمارات وحركة التجارة العالمية، بحكم كونها مركزاً تجارياً إقليمياً وعالمياً شديد الأهمية، إلا أنّ هناك في المقابل عوامل أخرى من شأنها تعزيز قدرة اقتصاد الإمارات على مقاومة هذا التأثير واجتياز الأزمة بنجاح.
واستعرض التقرير هذه العوامل، فذكر أنّ في مقدمتها التنوع الذي يميز اقتصاد الإمارات، بالمقارنة ببقية الاقتصادات الخليجية، حيث إنّ اقتصاد الإمارات هو الأكثر تنوعاً خليجياً وأقلها اعتماداً على النفط.
الاقتصاد الرقمي
وأما العامل الثاني، بحسب التقرير، فهو ازدهار قطاع التجارة الإلكترونية على نحو لافت في الإمارات، حتى قبل أزمة "كورونا"، الأمر الذي يؤهل القطاع للتصدي للأزمة بنجاح وسد كثير من الفراغ الناجم عن تعطل عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية التقليدية بفعل الأزمة.


ومن المرجح أن يبرز الاقتصاد الرقمي في المنطقة باعتباره الفائز الأكبر عندما تهدأ عاصفة تفشي فيروس كورونا وتستقر أسعار النفط. ويقول "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" إنه يمكن للصناعات التي تنتج قيمة رقمية وتقدم خدمات عن بُعد أن تكون بمنزلة سياج وقائي ضد الأزمات المستقبلية، التي تقيد تدفق الأشخاص والبضائع خارج الحدود الوطنية.

اقرأ أيضاً: الإمارات تساعد إثيوبيا في مكافحة كورونا.. هذا ما قدمته
وأضاف المعهد: يعكس الإنتاج الإعلامي والتقنيات المالية والاتصالات الأنشطة الاقتصادية الواعدة لجهود التنويع الاقتصادي المتجدد في دول الخليج. وقد رفعت الإمارات العربية المتحدة وعُمان القيود المفروضة على بعض التطبيقات التي تسمح بالمكالمات الصوتية عبر الإنترنت، ما قد يمهد الطريق لمزيد من التحرر التجاري في قطاعات الاتصالات الخليجية. وتوفر المناطق الرقمية الحرة أو المدن التجارية الافتراضية، مثل تلك التي تقودها إمارة دبي، فرصاً لجلب الإيرادات من قاعدة عالمية من المستهلكين.
تدابير نوعية
واختتم تقرير "أوكسفورد إيكونوميكس" بالعامل الثالث، وهو التدابير النوعية الداعمة التي بادرت حكومة الإمارات- سواءً ممثلة في الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية- إلى اتخاذها لمساعدة الاقتصاد الوطني الإماراتي على اجتياز التداعيات، حيث تمثلت هذه التدابير في محفزات مالية للبنوك ولمختلف الأنشطة الاقتصادية هي الأضخم والأعلى حجماً في المنطقة، وتخفيض قيمة الرسوم الحكومية المتنوعة المفروضة على الشركات والأفراد أو تقسيطها فترة مؤقتة، وغيرها من الإجراءات التي تساهم في تخفيف حدة التداعيات على الاقتصاد.


وقالت وزارة الاقتصاد الإماراتية يوم الأحد الماضي إنها ستخفض الرسوم على 94 خدمة من خدماتها لتخفيف التكاليف عن الشركات ودعم الاقتصاد في خضم تفشي فيروس كورونا. ويشمل القرار رسوماً تتعلق بتراخيص الإدارة وتسجيلات التوكيلات والعلامات التجارية. وقالت الوزارة في بيان إنّ الأثر المالي للقرار يقدر بنحو 113 مليون درهم (31 مليون دولار)، كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء، مشيرة إلى أنّ مصرف الإمارات المركزي حثّ البنوك التجارية على استخدام تدابير رأس مالٍ وسيولة بقيمة 70 مليار دولار دشنها البنك لدعم الاقتصاد الإماراتي خلال تفشي فيروس كورونا.

يتميز اقتصاد الإمارات، بالمقارنة ببقية الاقتصادات الخليجية، بأنه هو الأكثر تنوعاً خليجياً وأقلها اعتماداً على النفط

ولتعويض ذلك، أعلن المصرف المركزي الإماراتي على مدى الأسابيع القليلة الفائتة عن تدابير بقيمة 70 مليار دولار لضمان السيولة في النظام المصرفي، كي تستطيع البنوك دعم شركات القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والأفراد.
ومنذ تدشين خطة الدعم في 14 آذار (مارس) 2020، قدم المصرف عشرة مليارات درهم (2.72 مليار دولار) للبنوك على صورة تمويل بصفر فائدة وما يزيد على 61 مليار درهم في صورة تخفيضات في الاحتياطي النقدي الإلزامي، وفقاً لما قاله البنك في بيان مساء يوم الأحد الماضي. وقال البنك إنّ تلك الأموال "سيتم استخدامها بصورة مباشرة لفائدة الشركات والمستهلكين الذين تأثروا سلباً بتداعيات كوفيد-19".
وأضاف محافظ المصرف المركزي الإماراتي عبد الحميد سعيد في بيانه: "نحث البنوك والمؤسسات المالية على العمل بما يتوافق مع مصالح الأفراد وشركات القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة لأهمية دورها في دفع عجلة النمو الاقتصادي في الدولة"، بحسب ما نقلت "رويترز". وحثَّ البنوك التي لم تؤكد بعد مشاركتها في الخطة على فعل ذلك في أقرب وقت.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية