مشروع مجراية: الفنّ في مواجهة التعصّب بصعيد مصر

مشروع مجراية: الفنّ في مواجهة التعصّب بصعيد مصر


03/12/2018

مركز ملوي بمحافظة المنيا، في الصعيد، أحد أكثر المناطق التي أفرزت جماعات التشدد الديني في مصر، ومن قراه خرج العديد من قيادات الجهاد، وما تزال البلاد تعاني من عمليات التشدد الديني التي يحظى هذا المركز بالنصيب الأكبر منها، ما دفع مجموعات من الشباب لتدشين مساحات ثقافية، يحاولون من خلالها مواجهة التشدد والتعصب بالفنّ والأدب، ومن أشهر تلك المساحات مشروع "مجراية" للفنون، الذي أسّسه حمادة زيدان وطوني صليب ومينا يسري، بعد أن جمعتهم الصدفة في ميدان التحرير، عقب أحداث كانون الثاني (يناير) 2011، ومن هناك انطلقت الفكرة، وبدأ العمل.

جنون البداية

بدأ مشروع مجراية في حارة صغيرة، من خلال تنظيم مجموعة من الندوات الفنية والأدبية، وعروض السينما، ثم انتقل إلى مكان أكبر يسع رواداً أكثر، وزاد الحلم حين اختار حمادة وطوني إقامة أول معرض أهلي للكتاب في مركز ملوي، يستمر لخمسة أيام من العروض المسرحية والغناء والندوات وورشات الأطفال والحكايات.

اقرأ أيضاً: كيف عملت موسيقى شادي رباب على إنعاش صعيد مصر؟

يقول حمادة زيدان لـ "حفريات" إنّ صديقاً له حين علم برغبته في تأسيس مساحة ثقافية في ملوي قال: "أنت مجنون"، رغم ذلك استطاع شباب لم يغادروا العقد الثالث من العمر إقامة حدث ثقافي بهذا الحجم، وهم يعملون بشكل مستقل، وتزداد العقبات حين يكون الحدث في مركز، وليس مدينة، ونصل لقمّة الصعوبات حين يكون هذا المركز في الصعيد.

معرض الكتاب

يؤكد زيدان أنّ "مجراية، كبداية، كانت مساحة للتعايش، وحصلنا في العام الأول لمجراية على دعم من مركز "اختيار" أحد المؤسسات الثقافية الداعمة للمشاريع الفنية، وأقمنا عدة ورش تنموية في مجال ريادة الأعمال، بالتعاون مع معهد "جوته" بالقاهرة".

حواجز البيروقراطية

يضيف زيدان: "يعود الفضل في لجوء سكان ملوي والمنيا عموماً إلى الفنون للكنيسة الأرثوذكسية، التي تعمل بشكل دائم على تأسيس فرق مسرحية وغنائية تابعة لها، غير أنّ الكنيسة للأسف مغلقة على أبنائها فقط، كذلك جماعات الإسلام السياسي؛ لذلك راودتنا فكرة مجراية، التي تجمع الناس على هدف واحد، هو الفنّ ضدّ الجهل والتطرف".

تعاني مصر من عمليات التشدد الديني التي يحظى مركز ملوي بالنصيب الأكبر منها

يهدف مشروع مجراية إلى الوصول بالفنّ والأدب إلى أن يصبح مسألة رئيسة لدى سكان المنيا، وليس حكراً على مجموعات معينة من النخبة الثقافية، كما يقول زيدان، الذي استطاع أن ينجح في ذلك بنسبة كبيرة، يوضح زيدان: "الصورة بدأت تتغير عندما وجّهنا أنشطة مجراية للعمل على الأطفال، وأقمنا بالفعل معسكراً فنياً للأطفال لمدة ثلاثة أشهر ونجحت التجربة بالفعل".

عن البيروقراطية التي تعيق عمل المؤسسة الأهلية في أحيان كثيرة، قال زيدان: "نتعامل طوال الوقت مع مؤسسات حكومية للحصول على تصاريح، وأيضاً بوصفنا شركاء لإقامة فعاليات فنية وثقافية، الأمر في النهاية يعتمد على الموظف الذي نتعامل معه؛ هناك موظف بيروقراطي حتى النخاع، وهناك موظف بيروقراطي لكنّه إنسان من الداخل، ويرغب في مساعدتنا بأيّ شكل، للتغلب على التحجر الحكومي، نصيحتي للمشروعات والمبادرات مثل مجراية، أن يبحثوا عن هذا النوع من الأشخاص داخل الجهاز الحكومي لمساعدتهم".

خلال عرض مسرحي للأطفال

عبد الله جودة؛ مسؤول فريق المسرح في مجراية، والمسؤول أيضاً عن الدعاية، يشير إلى أنّه بدأ الطريق مع مجراية كمشاهد عادي لأحداثهم الفنية، وكان يرغب في تعلّم المسرح، ثم تطوّرت المسألة إلى أن أصبح أحد أفراد فريق مسرح مجراية، ثم مسؤولاً عن الفريق بالكامل.

اقرأ أيضاً: مهرجان الفنون الإسلامية.. رؤى بصرية تقرأ أسرار الكون

ويضيف عبد الله في حديثه لـ"حفريات": "السفر إلى القاهرة كان حلماً يراودني في البداية، لكن عندما تعرّفت إلى مجراية، شعرت بسعادة غامرة كانت سبباً في تركي لحلم السفر، والبقاء في الصعيد، والعمل من أجل أن تصل فعالياتنا الفنية لجميع أهل ملوي".

مشروع المكتبة المتنقلة فى مدرسة بملوي

رغم نشأة عبد الله في محافظة النسبة الأكبر من سكانها أقباط، غير أنّه يشير إلى أنّ أول معرفته بالأقباط كان في مجراية، التي تفتح أبوابها للجميع؛ حيث يجمعهم شعار واحد، "الفنّ في مواجهة التطرف والإرهاب".

سهى زكي ومي خالد وأحمد أبو خنيجر خلال ندوة في المعرض


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية