
تصدر مسلسل “الحشاشين” الترند على مواقع التواصل الاجتماعي عقب بث الحلقة الأولى على الفضائيات المصرية في أول أيام رمضان، وشنت صفحات تابعة للإخوان هجوما ضاريا على المسلسل وصنّاعه لأنه يتضمن إشارات إلى الجماعة.
وبدأ المسلسل بمشهد مثير للجدل بين زعيم الطائفة وأحد أتباعه يسأل فيه الزعيم “تفدي الدعوة بإيه؟” فيرد التابع “بروحي.. روحي فداء صاحب مفتاح الجنة”.
وتكشف أحداث المسلسل، الذي يقوم ببطولته الفنان المصري كريم عبدالعزيز، نهج الجماعات الإرهابية والتكفيرية منذ أيام الحشاشين وتشابه الأفكار بين حسن الصباح مؤسس الحشاشين، وحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، ومبدأ السمع والطاعة الذي يسير على نهجه أنصار الجماعتين الأخطر في العالم، وكيف نجح مؤسس الحشاشين في إقناع أتباعه بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، مثلما فعل حسن البنا -مؤسس الإخوان- مع أتباعه.
وبعيدا عن أحداث المسلسل أثير جدل ونقاش حول اللهجة المصرية التي يتكلم بها المسلسل بين مؤيد ومعارض.
مش عاجبهم مسلسل الحشاشين علشان باللغة المصرية لكن عاجبهم المسلسلات التركية باللغة السورية. طب ده مسلسل مصري ممسلين مصرين علي قنوات مصريه بيتعرض للمصرين مش عاجبكم دبلجو بالسوري (لم يعجبهم مسلسل “الحشاشين” لأنه باللغة المصرية في حين أعجبتهم المسلسلات التركية باللغة السورية. حسنا، هذا مسلسل مصري بممثلين مصريين ويبث على قنوات مصرية ويُعرَض على المصريين، إن لم يعجبكم فدبلجوا إلى اللغة السورية).
ويعتبر المسلسل عودة إلى الدراما التاريخية التوعوية التي تكشف أخطر الحركات السرية والعسكرية التي اشتهرت بالاغتيالات والإرهاب حتى ظهور جماعة الإخوان. وقال محمد عفيفي، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، إنه قبل البدء في سرد فكرة جماعة الحشاشين يجب القول إن الجماعة بدأ تأسيسها على يد حسن الصباح في القرن الحادي عشر الميلادي، كجزء من الطائفة النزارية نسبة إلى نزار بن المستنصر المنتمية إلى المذهب الإسماعيلي.
وأضاف في تصريحات لموقع “العربية” إن الحشاشين جماعة مسلحة من البداية، وهناك تشابه بينها وبين الإخوان في فكرة تجنيد الأنصار في سن صغيرة واستخدام الدين لتبرير الاغتيالات بحجة الدفاع عن الدين والجماعة، موضحا أن مؤسس الجماعة حسن الصباح كان يتبع طريقة غريبة في تجنيد الشباب وتنفيذ أوامره من خلال تخديرهم بالحشيش. وعملت الجماعة على تنفيذ اغتيالات سياسية، وأطلق على منفذي العمليات الإرهابية اسم “الفدائيون”.
واستمر الحشاشون لسنوات طويلة ودرّب الصباح أتباعه في قلعة ألموت، التي تم اختيارها بعيدًا عن أنظار الخلافة العباسية، ليصبحوا “فدائيين” ويتولوا تنفيذ عمليات اغتيال، لكنهم انتهوا لأن أي جماعة سرية في التاريخ سيكون مصيرها مثل مصير الحشاشين.
ويقول الباحثون إن الجماعة بدأت في العام 1094، أي قبل ألف عام، وكان اسمها مثار رعب ومصدر خوف، ليس للمسلمين فقط في بلاد العرب أو فارس وإنما أيضا لملوك أوروبا أنفسهم. وفي نهايات حكم الدولة الفاطمية حدث صراع بين الفاطميين على ولاية المستعلي وأخيه نزار، وانشقت المجموعة الداعمة لنزار ومقرها بلاد فارس وأصبح اسمها الإسماعيلية النزارية، وكان زعيم المجموعة المنشقة حسن الصباح زعيم الحشاشين.
وحسن الصباح من مواليد مدينة قم في بلاد فارس، ومع ضعف حكم الدولة الإسلامية وتوالي الحملات الصليبية ومعها الحروب مع المغول استغل حسن الصباح المشهد، وبدأ ينشر بين الناس أنهم ابتعدوا عن الإسلام الحقيقي، وأنهم لا بد أن يرجعوا إلى جماعة المسلمين، وأسس لجماعته مقرها الأشهر في قلعة ألموت الجبلية شمال إيران، وامتدت دولتهم إلى سوريا.
وجماعة الحشاشين لم تؤسس دولتها بالمواجهة بين جيوش دولتين، وإنما استخدمت فكرة الاغتيالات والعمل السري، وكان لدى الصباح الآلاف من التابعين الذين دربهم على مبدأ السمع والطاعة، وقام بتجنيدهم منذ طفولتهم وعلمهم أغلب اللغات المعروفة في تلك الفترة ما سهل له اختراق الدول المجاورة واستغلال وجود أتباعه كخلايا نائمة في قصور الأمراء والخلفاء لتنفيذ عمليات الاغتيال وإضعاف الدولة بشكل ممنهج، مثلما فعل الإخوان بعد ذلك.
وكشف الباحث أن الحشاشين مازال بعضهم موجودين إلى اليوم لكن من دون أي نفوذ سياسي، وينتشرون في أكثر من 25 دولة في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الشمالية، مشيرا إلى أن سقوط نظام دولة الحشاشين لم يكن معناه زوال خطر الجماعات الإرهابية المنحرفة عن نظام الدولة، مختتما بالقول إن “كل ما في الأمر أن حسن الصباح زعيم الطائفة مات، وبعد 1000 سنة ولد حسن آخر اسمه حسن البنا”.
يُذكر أن مسلسل “الحشاشين” يشارك فيه عدد كبير من النجوم، أبرزهم كريم عبدالعزيز ونيقولا معوض وفتحي عبدالوهاب، وقام بتأليف المسلسل الكاتب عبدالرحيم كمال، ووهو من إخراج بيتر ميمي، واستغرق تصويره عامين، وكان من المقرر عرضه في رمضان العام الماضي، لكن تم تأجيله إلى هذا العام بسبب تصوير مشاهد من المسلسل في مالطا وكازاخستان.
عن "العرب" اللندنية