محلل سياسي روسي لـ"حفريات": هذه خيارات موسكو إذا اندلعت الحرب

محلل سياسي روسي لـ"حفريات": هذه خيارات موسكو إذا اندلعت الحرب


17/02/2022

قدم محلل سياسي روسي مجموعة من السيناريوهات للأزمة الناشبة بين روسيا وأوكرانيا. وقال إن روسيا حازمة في شأن خياراتها السياسية والعسكرية.

وأوضح رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في روسيا، دينيس كوركودينوف، أنّه في الوقت الحاضر، يمكن مراقبة احتدام التنافس الجيوسياسي، والذي يؤدي دوراً مباشراً في تغذية الصراع الراهن بين القوى الدولية، من خلال أحد الانعكاسات الخطيرة المتمثل في "رفع درجة الميول العسكرية بين الأطراف وبعضها لحدود الصدام العنيف والوشيك"، لافتاً إلى أنّ "محاولة الانقلاب الفاشل في كازاخستان ساهمت في تكوين مشاعر انتقامية في عدد من الدول الغربية، والأخيرة وضعت على جدول الأعمال ضرورة مواجهة تطلعات السياسة الخارجية الروسية".

رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في روسيا، دينيس كوركودينوف: محاولة الانقلاب الفاشل في كازاخستان ساهمت في تكوين مشاعر انتقامية في عدد من الدول الغربية

ووفق كوركودينوف، فإنّ التنافس والصراع الجيوسياسي بين القوى العالمية يحدث في ظلّ تحوّل عالمي للنظام الأمني، الأمر الذي يرفع من مخاطر تقويض الفضاء السياسي الدولي دون أيّة ضمانات لاستعادة الاستقرار. ويتابع: "من المهم ملاحظة أنّ النزاع الروسي الأوكراني لا يتعلق فقط بوضع دونباس؛ إذ إنّ موسكو حازمة للغاية بشأن التعاطي السياسي مع أزمة كييف، وذلك بناء على المحددات التي تحكم سياستها الخارجية، وقد تمّ اعتبار أزمة شبه جزيرة القرم مسألة خلافية، منذ أعوام، ولا يمكن حلّها. وبالنسبة إلى روسيا، تم إغلاق هذه القضية إلى الأبد، بينما ما تزال أوكرانيا تضع خططاً لتحويلها إلى بؤرة للتوتر".

إذا دخلت القوات الروسية أوكرانيا، فسوف يمكنها الوصول إلى العاصمة كييف سريعاً، وتحذيرات من أنّ غزو روسيا لأوكرانيا سيكون لحظة خطيرة جداً بالنسبة إلى العالم

ويؤكد رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في روسيا؛ أنّه لا يمكن لموسكو استخدام القوة العسكرية إلا للردّ على أيّ استفزاز عسكري محتمل من الأطراف الخارجية، بالتالي، فإنّ سيناريو الحرب، في كلّ الأحوال، سيكون بمثابة عملية "تتورّط فيها روسيا".

ويردف: "من المحتمل تماماً أن تدعو واشنطن وباريس كييف في المستقبل القريب لبدء مفاوضات مع موسكو وسحب قواتها من الحدود الروسية. في الوقت نفسه، من المرجح ألا يستمرّ الصراع العسكري أكثر من يومين إلى ثلاثة أيام، ونتيجة لذلك ستكون موسكو قادرة على شنّ سلسلة من الضربات الدقيقة على أهداف ذات أهمية إستراتيجية في أوكرانيا؛ ففي الوقت الراهن، لا يشكّل الجيش الأوكراني، على الرغم من أعداده الكبيرة، تهديداً خطيراً لموسكو، والتي تتوقع إجبار كييف على السلام في غضون بضعة أيام لو اندلعت الحرب، كما لن يشارك الجيش البريطاني أو التركي أو الأمريكي، بشكل مباشر، في الاشتباكات العسكرية إلى جانب أوكرانيا".

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا و"نورد ستريم 2": كيف تنطفئ أزمة أشعلها الغاز؟

وبخصوص حدود التدخل التركي في هذا الصراع وتوظيفه من قبل القوى الدولية، يقول كوركودينوف: "تحافظ القوات المسلحة الأوكرانية على علاقات متينة وقوية مع تركيا، لا سيما في القضايا المتعلقة بوضع شبه جزيرة القرم ومواجهة النفوذ الروسي، وقد قامت كييف بتطوير التعاون مع أنقرة، تحديداً فيما يتّصل بالحصول على طائرات بدون طيار. وبتتبع ديناميات العلاقات الأوكرانية التركية، فيمكن لأيّ مراقب الاستنتاج أنّ أنقرة تسعى لتحقيق هدف مباشر يتمثل في تحريض كييف على اتّخاذ إجراءات وقائية لمنع أو بالأحرى خفض فعالية الإمكانات العسكرية لموسكو".

ويلفت المصدر الروسي إلى وجود معلومات متداولة مفادها أنّ السيناريو العسكري الذي يتولى تحضيره والتخطيط له من قبل الجيش الأوكراني، إنّما يجري بمساعدة القيادة التركية؛ حيث تزعم مصادر مقربة من الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي؛ أنّه في 3 شباط (فبراير) الجاري، قد دعا وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، وكذلك وزير الشؤون الداخلية للجمهورية التركية، سليمان صويلو، رئيس أوكرانيا لبدء العمليات العسكرية على الفور ضدّ روسيا في اتجاه دونيتسك-لوهانسك، خاصّة في مسرح القرم.

 

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

وتشير هذه الحقيقة بشكل غير مباشر إلى أنّ تصعيد التوتر الروسي الأوكراني تمّ تنظيمه ليس فقط في واشنطن، لكن أيضاً في أنقرة. والدافع الرئيس لتركيا فيما يتعلق بالملف الأوكراني يعود إلى الأهمية التي تمثلها شبه جزيرة القرم بالنسبة للرئيس التركي، وأهدافه الخارجية والأيدولوجية، التي يجري الترويج لها مؤخراً، خاصّة أنّها كانت في الماضي ضمن الإمبراطورية العثمانية، التي يحاول بعثها، مجدداً، ونتيجة لذلك؛ عرضت أنقرة على كييف مساعدات مالية وعسكرية ضخمة لجهة استفزاز موسكو والتصعيد ضدّها.

وفي غضون ذلك، تبرز حسابات عديدة ومعقدة تحكم الصدام الوشيك بين روسيا وأوكرانيا، في ظل التنافس الجيوسياسي والصراع الإقليمي على تحركات القوى المختلفة رغم تباين مواقعها، واختلاف أهدافها، ونقاط الربح والخسارة.

اقرأ أيضاً: خوفاً من حرب محتملة في أوكرانيا... كندا تتخذ هذه الإجراءات

وفي وقت تتزايد فيها احتمالات ومؤشرات الغزو الروسي، ما يعني انخراط الولايات المتحدة والغرب في مواجهة خشنة وحاسمة مع موسكو، تؤكد تصريحات الكرملين وقادة وروس بدء انسحاب "مخطط له" للقوات الروسية من الحدود المتاخمة لأوكرانيا، بعد الانتهاء من بعض التدريبات العسكرية، إلا أنّ محاولات إحياء المسار الدبلوماسي تخيم عليها توترات جديدة، وقد رجحت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، تنفيذ موسكو هجوماً وشيكاً على كييف، كما أوضحت أنّ الحكومة البريطانية في حالة تأهب واستعداد لأيّة عمليات سرية في الأيام القليلة المقبلة، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.

كما نقلت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية عن تراس، قولها إنّه إذا دخلت القوات الروسية أوكرانيا، فسوف يمكنها الوصول إلى العاصمة كييف سريعاً، فيما حذّرت من أنّ غزو روسيا لأوكرانيا سيكون لحظة خطيرة جداً بالنسبة إلى العالم، موضحة أنّه في حال قامت روسيا بالغزو فإنّها "لن تتوقف عند أوكرانيا"، وتابعت: "الخطر الأكبر، بالطبع، هو ما إذا كان هناك غزو لأوكرانيا من شأنه أن يلحق أضراراً جسيمة بروسيا وأوكرانيا. ومن شأن ذلك أن يقوّض استقرار أوروبا بشكل أكبر".

دينيس كوركودينوف لـ "حفريات": التنافس والصراع الجيوسياسي بين القوى العالمية يرفع من مخاطر تقويض الفضاء السياسي الدولي دون أيّة ضمانات لاستعادة الاستقرار

وأردفت: "أخشى أنّ هذا لن يتوقف عند أوكرانيا، هذا هجوم على الدول المجاورة لروسيا، ودول شرق أوروبا الأخرى، في محاولة لتقويض شرعية كونها جزءاً من الناتو".

وبحسب وزيرة الخارجية البريطانية؛ فإنّه في حال "شهدنا غزواً لأوكرانيا، فستكون هناك تكاليف باهظة من حيث الصراع طويل الأمد، كما يمكننا أن نرى تقويض الأمن على نطاق أوسع في أوروبا، ويمكن أن نرى معتدين آخرين في جميع أنحاء العالم يرونه على أنّه فرصة لتوسيع طموحاتهم أيضاّ". وأكّدت أنّ نشوب الحرب سيكون بمثابة "لحظة خطيرة للغاية بالنسبة إلى العالم.. هذا بالطبع يتعلّق بأوكرانيا، وهي دولة ذات سيادة مهمة، لكنّ الأمر يتعلق أيضاً بالاستقرار الأوسع لأوروبا والأمن العالمي الأوسع. لا يمكننا إعطاء رسالة مفادها أنّ العدوان يحصل على مكافآت".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية