مجد الإماراتي في الأرض وعلى المرّيخ

مجد الإماراتي في الأرض وعلى المرّيخ


10/02/2021

يوسف أبو لوز

قبل أن تبني الإمارات مجداً تاريخياً على المرّيخ كانت بنَت أمجاداً علمية واقتصادية ومعمارية وتنموية وإنسانية على الأرض منذ قيام دولة الاتحاد في العام 1971 وحتى اليوم، وأصبحت دولة أمن وأمان واستقرار لجنسيات وجاليات عالمية اختارت الإقامة والعمل في البلاد مكفولةً بقوانين المساواة والعدل والتسامح التي تطبّق على تركيبة مجتمعية تعايشية مصونة قانونياً وأخلاقياً بتشريعات قضائية تجرّم العنصرية والتمييز وسلوك الكراهية بحزم وتطبيقات قانونية صارمة.

من لا يعيش بأخلاق بشرية نظيفة على الأرض، لن يعيش بسلام على المرّيخ، ومن لا يعمر الأرض ويجعل منها جنة حرّة للإنسانية والأخوّة البشرية لن يجد الراحة والإشباع الروحي في أي كوكب في هذا الفضاء الذي يختبره الإنسان يومياً بالعلم والمعرفة، والإمارات قبل أن تشدّ مسبارها العربي العلمي التاريخي إلى المرّيخ كانت عمّرت الأرض، وحمت القوانين، ورحّبت بعبقريات البناء والإعمار والاستثمار.
من يعرف جيداً قيمة العلم على الأرض، ويشيّد له مؤسسات، ويفتح له بيئة إيجابية تساعد على التفكير المنطقي الحرّ، تصبح طريقته الأفقية والعمودية مهيأة للفضاء والكواكب السيّارة في عوالم شبه أسطورية أو أنها كذلك، غير أن العلم يفكك الأساطير، ويحوّل المستحيلات إلى حقائق.
اشتغلت الإمارات على الأرض، ولكن قبل الأسمنت والحديد والخرسان اشتغلت الإمارات على الإنسان، رفعت من شأن عقله وقلبه وروحه. فتحت له المدرسة، ونقلته إلى الجامعة، وكان العقل الإماراتي التأسيسي يدرك تماماً أن كل صرح جامعي هو نقطة انطلاق من الأرض إلى الفضاء.
لم يصل الإماراتي إلى المرّيخ إلّا بعدما وصل إلى نقطة محددّة في ذاته وفي تركيبته العلمية أولاً، هذه التركيبة التي كوّنها وشكّلها بالتدريج، ولكن دائماً برؤية مسبقة تشير بوصلتها إلى المستقبل.
أوجد الإماراتي مؤسسات منظّمة للتعليم، وزارات وإدارات وكوادر وطنية محلية وخبرات عربية مع تجريب أكثر من نظام تربوي وتعليمي وصولاً إلى أفق علمي متصل بآفاق العالم وخبراته ومؤسّساته البحثية والأكاديمية والعلمية.
نظام تعليمي ابتدائي، وإعدادي، وثانوي يفضي إلى نظم جامعية وصروح أكاديمية تقع اليوم في المراتب الأولى بين صروح العالم العريقة، ولا ننسى دائماً أن الإنسان ليس كلّه بالمطلق مادّة، وليس كلّه بالمطلق روحاً، وأن التعادلية أوالوسطية هي نموذج يختاره الإنسان ويجرّبه ويطبّقه على حياته.
أريد القول إن الإنسان على الأرض، وفي أي مكان يتنفس فيه وتعمل فيه روحه، ويخفق قلبه، لا بد أن يكون مُحاطاً بأخلاقيات وقيم ومجموعة أعراف وتراثيات وثقافة مكتسبة من البيئة والإنسان والتاريخ.
للإماراتي أخلاقياته وقيمه وثقافته الشعبية، وتراثه الشعبي التاريخي والعريق.. يتشبّع بكل ذلك، ويمتلئ به ويكبر فيه، هنا أولاً على الأرض، على وجه أمّه الأرض التي هي وطنه ومكان ثقافته وأخلاقياته وقيمه وأعرافه التي تجعله إنساناً كونياً، يتجاوز طموحه المرّيخ إلى ذروة المستقبل بلا غرور وبلا استعلاء، وبلا أنانية قاتلة لروح الإنسان الذي يرى في أخيه الآخر في كل مكان توأماً جميلاً للحياة. 

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية