ما يمكنك وما لا يمكنك فعله بعد تلقي اللقاح

ما يمكنك وما لا يمكنك فعله بعد تلقي اللقاح


18/03/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

يأمل كثير من النّاس أن يكون الحصول على لقاحٍ "كوفيد 19" بمثابة عودةٍ فوريّةٍ إلى الوضع الطبيعيّ؛ بلا أقنعة، وبلا تباعد، وحفلات عشاء داخليّة آمنة، واحتضان الأصدقاء بقوّة.

لكنّ الواقع أكثر تعقيداً؛ ففي الوقت الحاليّ، يجب على الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح أن يصنعوا قراراتهم في عالمٍ يتعايش فيه الملقّحون وغير الملقّحين لعدّة أشهر، حتّى داخل المنزل نفسه.

مسؤول طبي: الانخراط الاجتماعيّ، الذي هو جزء من الطّبيعة البشريّة، والّذي تمّ تأجيله بالنّسبة إلى كثيرٍ من النّاس، يمكن استئنافه بعد اللقاح

إذاً؛ ما الذي يجب عليك فعله؟ وما الذي يجب عليك ألا تفعله؟ أصدرت هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها إرشادات، الإثنين، وقالت إنّ الأشخاص الذين تمّ تلقيحهم بالكامل يمكنهم التّجمع في الدّاخل مع آخرين تمّ تلقيحهم أيضاً بشكلٍ كاملٍ دون اتّخاذ احتياطات إضافيّة، وقد يجتمع الأشخاص الملقّحون مع عائلةٍ أخرى غير ملقّحة من دون أقنعة وتباعد طالما أنّ الأعضاء غير الملقّحين يتمتّعون بصحّةٍ جيّدةٍ وغير معرّضين لخطر الإصابة بحالةٍ شديدةٍ من "كوفيد 19"، لكنّ الهيئة حثّت الأشخاص الذين تمّ تلقيحهم بالكامل على الاستمرار في اتّخاذ الاحتياطات في الأماكن العامّة والتجمّعات الخاصّة المتوسّطة أو الكبيرة.

الاستمرار في الاحتياطات

وقالت روشيل والينسكي، مديرة هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "هناك بعض الأنشطة التي يمكن للأشخاص الذين تمّ تطعيمهم بالكامل البدء في استئنافها الآن في منازلهم الخاصّة"، وأضافت: "يجب على الكافّة، حتّى أولئك الذين تمّ تطعيمهم، الاستمرار في اتّخاذ الاحتياطات عندما يكونون في الأماكن العامّة".

طبيب يظهر بطاقة سجل التطعيمات الخاصة به

وتتّفق الهيئة ومعظم الخبراء في أنّه "حتّى نقترب من مناعة القطيع، عندما تتمّ حماية غالبيّة السّكان من خلال التّلقيح أو العدوى الطّبيعية، بحيث لا ينتشر الفيروس بسهولة، يجب أن تتمثّل  الممارسة المعيارية في الأماكن العامّة في ارتداء الأقنعة والتّباعد الاجتماعيّ وتجنّب التّجمّعات الداخليّة المزدحمة.

وتشير إرشادات الهيئة إلى أنّ الأدلّة تشير بشكلٍ متزايدٍ إلى أنّ الأشخاص الّذين تمّ تلقيحهم أقلّ عرضة لنقل الفيروس من خلال عدوى دون أعراض، لكن هناك أيضاً أسئلة معلّقة حول مدّة الحماية التي تمنحها الّلقاحات وتأثير السّلالات النّاشئة.

اقرأ أيضاً: لقاحات كورونا عند العرب... وفرة إشاعات وشح كميات

يقول كريس بايرر، وهو أستاذ علم الأوبئة في كليّة "جونز هوبكنز بلومبرغ" للصّحة العامّة: "خلال هذه الأشهر العديدة على وجه الخصوص، حين تكون تغطية التّلقيح منخفضة، ما نزال نتعرّف على السّلالات، وما نزال في حاجة إلى التعرّف على هذا الانتقال المتصاعد، وتتمثّل رسالة الصّحة العامّة حقّاً في الحفاظ على هذه السّلوكّيات"، يضيف: "حتّى نخرج من هذا الوضع، ونحن لم نخرج منه بعد".

وفيما يلي توصيات العلماء حول كيفيّة تقييم المخاطر:

هل من المقبول أن يلتقي أشخاص تمّ تلقيحهم بآخرين تمّ تلقيحهم أيضاً؟

يتّفق خبراء هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها وإرشاداتها حول أنّه بمجرّد التّلقيح الكامل، بعد أسبوعين على الأقلّ من الجرعة الثّانية من لقاح "فايزر" أو "موديرنا"، أو لقاح المرّة الواحدة "جونسون وجونسون"، يكون من الآمن مقابلة أشخاص آخرين تمّ تلقيحهم بالكامل في الدّاخل دون أقنعة أو تباعد.

اقرأ أيضاً: ماذا فعلت الإمارات لتوزيع ملياري جرعة من لقاحات كورونا للدول النامية؟

ويقول بول إي. ساكس، المدير الإكلينيكيّ لقسم الأمراض المعدية في مستشفى بريغهام والنّساء في بوسطن؛ إنّ التجمّع مع أشخاص آخرين تمّ تلقيحهم "آمن جدّاً علميّاً". لا يوجد شيء فعّال بنسبة مئة في المئة، لكنّ "التجمّع مع أشخاص ملقّحين آخرين قريب جداً"، كما يقول.

ويضيف: "لا أعتقد أنّ النّاس يجب أن يركضوا إلى حانةٍ مزدحمةٍ حيث يصرخ النّاس في وجوه بعضهم"، ويتابع: "لكنّ الانخراط الاجتماعيّ، الذي هو جزء من الطّبيعة البشريّة، والّذي تمّ تأجيله بالنّسبة إلى كثيرٍ من النّاس، يمكن استئنافه".

مواطنة أمريكية تتلقى لقاح Covid-19 في أوهايو في مارس 2021

وتقول لينا وين، وهي طبيبة طوارئ وأستاذة الصّحة العامة في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة؛ "كلّما كانت المجموعة أكبر، كان التّفاعل أكثر خطورة، لأنّه لا يمكنك التّحقّق من أنّ الجميع قد تمّ تلقيحهم ولا تعرف حدود تعرّضهم لمخاطر العدوى"، وتضيف: "أتحدّث عن تجمّعات من أربع أشخاص أو ربما  على الأكثر ستّة أشخاص"، وتنصّ إرشادات هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها على ضرورة اتّخاذ احتياطات؛ مثل ارتداء الأقنعة، والتّباعد الاجتماعيّ للتّجمعات المتوسّطة والكبيرة رغم تلقيح الأفراد.

يجب تشجيع الأشخاص الملقّحين بالكامل، بما في ذلك الأجداد الأصحّاء، على السّفر، طالما أنّهم يتّخذون الاحتياطات المناسبة، مثل ارتداء الأقنعة في الأماكن العامّة

مونيكا غاندي، وهي طبيبة أمراض معدية وأستاذة الطّبّ في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، أقلّ تحفظاً، وتقول إنّه "لا ينبغي أن تكون هناك قيود على حجم التّجمّعات للأفراد الملقّحين بالكامل"، وتضيف: "يمكنهم إقامة حفلات عشاء، ويمكنهم الذّهاب إلى المطاعم، ويمكنهم الذّهاب إلى السّينما"، لكنّها تُشير إلى أنّه حتّى الأشخاص الذين تمّ تلقيحهم سيحتاجون إلى اتّباع تعليمات ارتداء الأقنعة ومتطلّبات التّباعد في الأماكن العامّة حتّى نصل إلى مناعة القطيع.

ماذا لو تمّ تلقيح الكبار لكن لم يتمّ تلقيح الأطفال؟

لا يوجد حالياً لقاح مصرّح به للأطفال والمراهقين، الّذين تقلّ أعمارهم عن 16 عاماً، ويقول الدّكتور بايرر: "ستكون هذه واحدة من تلك القضايا التي سيتعيّن على العائلات أن تتعامل معها وأن تكون حكيمة بشأنها".

وتقول إرشادات هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها؛ إنّ الأشخاص الّذين تمّ تلقيحهم بالكامل يمكنهم القيام بزيارات داخليّة مع أسرة أخرى غير ملقّحة دون ارتداء أقنعة أو الحفاظ على التّباعد الاجتماعيّ، إذا كان الأشخاص غير الملقّحين معرّضين لخطر منخفض للإصابة بفيروس "كوفيد 19" الشّديد.

اقرأ أيضاً: إلزامية اللقاح والسؤال الأخلاقي

ويقول الدّكتور ساكس؛ إنّ هناك فرقاً كبيراً بين الأطفال الصّغار والمراهقين من حيث انتقال الفيروس، وكذلك الإصابة بالمرض؛ إذ يصاب المراهقون وينقلون "كوفيد 19" بشكلٍ مشابهٍ للبالغين، بينما لا يُصاب الأطفال الأصغر سنّاً بأعراض المرض في كثير من الأحيان، ولا يبدو أنّهم ينقلون العدوى بالقدر نفسه"، ويقول الدّكتور ساكس: "ستتّخذ كلّ عائلة وكلّ مجموعة من الأصدقاء قرارات بناءً على قدرة تحمّلهم للمخاطر".

وكما يقول الدّكتور ساكس؛ يجب أن يكون الأفراد الذين يعانون نقص المناعة وعائلاتهم أكثر حرصاً، لأنّ الّلقاحات بشكلٍ عامٍّ يمكن أن تكون أقلّ فعالية في حالتهم.

مونيكا غاندي: لا ينبغي أن تكون هناك قيود على حجم التّجمّعات للأفراد الملقّحين بالكامل

ومن جانبها، تقول الدّكتورة وين إنّها توصي بأنّ تستمرّ العائلات في اتّخاذ الاحتياطات خلال مواعيد الّلعب في حال تلقيح الكبار وليس الأطفال، وتضيف بشأن التّجمّعات الدّاخليّة: "إذا كانت هذه العائلات مرتبطة أيضاً بعائلات أخرى، فهذا سيناريو محفوف بالمخاطر، لن أوصي به في هذا الوقت"، وتتابع: "يمكن أن يكونوا حاملين للفيروس من دون أعراض ثمّ ينقلونه إلى أطفالهم، وإذا كان الأطفال في المدرسة أو الحضانة، فقد يقود ذلك إلى انتشارٍ إضافيّ".

هل يمكن لعائلةٍ ملقّحةٍ بالكامل أن تلتقي بأشخاص غير ملقّحين في الدّاخل دون أقنعة؟

تقول إرشادات هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "نعم"، يمكنهم ذلك، طالما أنّ الأشخاص غير الملقّحين ينتمون إلى أسرةٍ واحدةٍ ولا توجد لديهم عوامل تعرّضهم لخطر الإصابة بفيروس "كوفيد 19" الشّديد.

ويقول غريغوري بولاند، مدير مجموعة مايو لأبحاث الّلقاحات في روتشستر، مينيسوتا: "هذا قد يكون محفوفاً بالمخاطر لأنّ الأشخاص غير الملقّحين قد لا يكشفون عن مخاطرهم الطّبية، وقد لا يدركون حتّى أنّهم مصابون بأيٍّ منها، ويشير إلى أنّه لا توجد بيانات كثيرة حول فعالية اللقاح بين الأشخاص المسنّين جدّاً، أو الذين يخضعون للعلاج الكيميائيّ، أو الذين يعانون نقص المناعة.

ما آخر المستجدّات فيما إذا كان بإمكان الأشخاص الملقّحين نقل الفيروس إلى الأشخاص غير الملقّحين؟

كما تقول الدّكتورة غاندي؛ وجدت دراسات حديثة أنّ التّلقيح قد قلّل من العدوى غير المصحوبة بأعراض بأكثر من ثمانين في المئة، مقارنة بالأفراد غير الملقّحين، وأنّ الأحمال الفيروسيّة الأنفيّة تكون في حالة منخفضة، ومن المحتمل أن تكون غير معدية، لكنّ خبراء آخرين يقولون إنّ الأدلّة أوليّة وهناك حاجة إلى مزيدٍ من الأدلّة القاطعة، وتثير المتغيّرات الجديدة أسئلةً إضافيّةً حول فعالية اللقاح.

ما الأنشطة التي يجب أن أعطيها الأولويّة بعد التّلقيح؟

كما تقول الدّكتورة وين، حدّد كل المواعيد الطبّية والصحّية الروتينيّة التي كنت تؤجلها، وقم بإجراء فحص تنظير الأمعاء أو، بالنّسبة للنّساء، التّصوير الشعاعيّ للثّدي، أو تنظيف الأسنان، وحدّد موعداً لجراحةٍ اختياريّة، وتضيف الدّكتور وين: "أيّ شيء من هذا القبيل يجب أن تستأنفه لأنّك محميّ بشكلٍ جيّد".

ماذا عن السّفر؟

لم تُحدِّث إرشادات هيئة المراكز الأمريكيّة لمكافحة الأمراض والوقاية منها توصيّات السّفر، وتقول الدّةكتور وين؛ "بمجرّد تلقيك اللقاح يكون السّفر أقلّ خطورة، كما هو الحال عند الإقامة في فندق أو الذّهاب إلى المطاعم، طالما أنّك تتبع بروتوكولات السّلامة، لكن استمر في توخي الحذر بشأن كيفيّة مقابلة الأشخاص بمجرّد وصولك إلى وجهتك"، كما تقول، "خاصّةً إذا لم يتمّ تلقيحهم أو كانوا يعيشون في منطقةٍ فيها معدّلات انتقال عالية للعدوى".

هل من الآمن سفر والديّ المسنَّين للزّيارة؟

تقول الدّكتورة وين إنّه يجب تشجيع الأشخاص الملقّحين بالكامل، بما في ذلك الأجداد الأصحّاء، على السّفر، طالما أنّهم يتّخذون الاحتياطات المناسبة، مثل ارتداء الأقنعة في الأماكن العامّة، وتضيف الدّكتورة وين: "السّفر في حدّ ذاته ينطوي على مخاطر منخفضة للغاية"، وتتابع: "إذا اتّبعوا احتياطات مثل ارتداء القناع، فإنّ خطر الإصابة بفيروس كورونا ونقله إلى بقيّة أفراد الأسرة منخفض للغاية والفائدة كبيرة، والنّاس حريصون على رؤية عائلاتهم".

اقرأ أيضاً: ما مدى نجاح اللقاح الروسي ضد السلالة المتحورة من كورونا؟

لكن لا يزال عليك التّفكير مليّاً في تفاصيل وضعك، وكما يقول الدّكتور بولاند، إذا كان لديك مراهق أكبر سنّاً غير ملقّح، والجدّ ضعيف وكبير في السّنّ، ففكّر في المزيد من الاحتياطات.

ما الأنشطة الأقلّ خطورة والأكثر خطورة حتّى بعد تلقّي الّلقاح؟

يقول الدّكتور ساكس؛ إنّ الأفراد الذين تمّ تلقيحهم يمكن أن يشعروا بالرّاحة عند القيام بأنشطةٍ داخليّةٍ هادئةٍ؛ حيث ما يزال يتعيّن على النّاس عموماً أن يكونوا متقنّعين ومتباعدين، مثل زيارة متحف غير مزدحم، وتعدّ الأنشطة الخارجيّة أكثر أماناً.

اقرأ أيضاً: لقاحات كورونا.. الحقيقة والأسطورة

وتشمل المواقف عالية الخطورة تناول الطّعام في الأماكن المغلقة والحانات وصالات الألعاب الرّياضيّة ودور العبادة؛ حيث يغنّي النّاس ويتحدّثون، ويقول الدّكتور ساكس: "لا نريد دفع حدود ما يمكن أن تفعله اللقاحات قبل أن تنخفض أعداد الحالات"، ويضيف أنّه تمّ تلقيحه هو وزوجته الطّبيبة بشكلٍ كامل، لكنّهما لن يذهبا إلى المطاعم حتّى تنخفض أعداد الحالات ويظهر الاستشفاء بشكلٍ ملحوظ.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

سوماثي ريدي، "ذي وول ستريت جورنال"، 8 آذار (مارس) 2021



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية