
يواصل زعيم حزب "الجمهوريون" الفرنسي إريك سيوتي إبراز خطر الإخوان في قلب خطابه السياسي، مؤكدا، في كتابه المرتقب-"Je ne regrette rien" لا أندم على شيء)، أن الإخوان هم "الخطر الأكثر إلحاحًا على النموذج الجمهوري الفرنسي".
كتاب "سيوتي" جاء متناغمًا مع مضمون تقرير مشترك لمديريتي الاستخبارات الداخلية (DGSI) والخارجية (DGSE)، الذي رُفع إلى وزير الداخلية برونو ريتايو، ويكشف حجم تغلغل الإخوان في النسيج المدني الفرنسي، خاصة من خلال المؤسسات التعليمية والرياضية والدينية، وذلك وفقا لما أكده موقع "العين الإخبارية".
في السياق، أكد فينسنت جيسيه، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS) والمتخصص في علم الاجتماع وقضايا الإسلام السياسي في فرنسا والعالم العربي لموقع "العين الإخبارية" أن مضمون التقرير يعكس تطورًا في نظرة الدولة إلى الإخوان، من تنظيم خارجي إلى فاعل داخلي متجذر.
وأضاف "الإخوان لا يتحركون كتنظيم هرمي تقليدي، بل عبر شبكة علاقات ومؤسسات تعمل على المدى الطويل، مستهدفة تشكيل وعي سياسي – ديني متعارض مع النموذج الجمهوري الفرنسي".
تنظيم الإخوان يستثمر في استراتيجية "التمكين الناعم" عبر شبكات من الجمعيات التعليمية مثل المدارس والمراكز الرياضية في ضواحي باريس
وكان التقرير قد أشار تحديدًا إلى مؤسسات تربوية مثل مدارس "ابن رشد" و"الكندي" في ضواحي باريس، بوصفها "نقاط ارتكاز لمشروع ثقافي إخواني طويل الأمد"، مما دفع بعض النواب المحافظين إلى المطالبة بإغلاقها، وهو ما ينسجم حرفيًا مع مقترحات سيوتي في كتابه الأخير.
وبحسب التقرير، فإن تنظيم الإخوان يستثمر في استراتيجية "التمكين الناعم"، عبر شبكات من الجمعيات التعليمية مثل المدارس، والمراكز الرياضية في ضواحي باريس، حيث تُستخدم تلك المؤسسات كأذرع ثقافية واجتماعية لنشر الفكر الإخواني دون اختراق واضح للقانون.
من جانبها، قالت عالمة الأنثروبولوجيا فلورانس بيرجو بلاكلر والباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي، ومؤلفة كتاب "جماعة الإخوان المسلمين وشبكاتها"، لـ"العين الإخبارية" إن ما يثير قلق الاستخبارات هو هذا التماهي بين العمل الدعوي والمجتمعي والعمل السياسي طويل الأمد"، وهو ما وصفه التقرير بأنه "إعادة تشكيل تدريجية للمرجعيات القيمية لدى جزء من الجالية المسلمة في فرنسا".
بلاكر أوضحت أن الإخوان ليسوا مجرد تيار فكري، بل يمثلون مشروعًا سياسيًا مناهضًا لقيم الجمهورية، يستلزم تشريعات صارمة لمواجهته، من بينها: حلّ الجمعيات ذات الصلة بالفكر الإخواني؛ وفرض رقابة مشددة على التمويل الخارجي للمؤسسات الإسلاموية؛ وتعديل قانون 1905 لضمان "حياد ديني إيجابي" يمنع الاستغلال الأيديولوجي للحرية الدينية.
كما دعت إلى مواجهة "العدو الداخلي"، في إشارة إلى تنظيم الإخوان، مؤكدة أن "الجمهورية لا يمكن أن تظل متسامحة مع من يستخدمونها لهدمها من الداخل".