ما هي تداعيات اغتيال هنية على الإخوان وعلى وإيران ووكلائها؟

ما هي تداعيات اغتيال هنية على الإخوان وعلى وإيران ووكلائها؟

ما هي تداعيات اغتيال هنية على الإخوان وعلى وإيران ووكلائها؟


06/08/2024

لا يزال الجدل الذي أثارته عملية اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بمقر إقامته في طهران يوم 31 تموز/ يوليو المنقضي مستمرا، بينما تختلف الروايات حول ملابسات العملية، حيث ذكرت وسائل إعلام أن اغتيال هنية تم بواسطة صاروخ أطلق من دولة من خارج إيران. كما ذكرت وسائل إعلام أخرى أن الاغتيال قد تم بقذيفة أطلقت من الجو. 

من جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن هنية قُتل بصاروخ أطلق من دولة خارج إيران وليس من الأجواء الإيرانية. كما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر توجيهات لوزراء الحكومة بعدم التعليق على اغتيال إسماعيل هنية.

وبحسب ما ورد في دراسة لمركز ترندز للبحوث والاستشارات بعنوان "اضطراب ما بعد الصدمة.. التداعيات الآنيّة لاستهداف هنيّة في إيران"، فإن البعض يربط هذا الاغتيال بما جاء في سياق تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإثنين 29 تموز/يوليو 2024، حين تَوَعَّدَ بتوجيه ”رد صارم” على هجوم مجدل شمس، الذي أسفر عن مقتل 12 شابًا تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و16 عامًا، أثناء اللعب في ملعب كرة القدم، وذلك بالرغم من نفي حزب الله مسؤوليته عن الهجوم، وعدم إعلان أي جهة أخرى مسؤوليتها. 

وقُبيل ساعات قليلة من مصرع هنية في العاصمة الإيرانية، استهدفت غارة إسرائيلية أخرى في العاصمة اللبنانية بيروت، القائد العسكري لحزب الله اللبناني فؤاد شكر.

 

بالنسبة لإيران فإن مقتل هنية على أراضيها يحمل رسالة بأن إسرائيل وحلفاءها قادرون على الوصول إلى قادة حماس أو غيرهم من قادة إيران ووكلائها

 

ويُلاحظ كاتب الدراسة أن تنفيذ إسرائيل عمليتيْ الاغتيال لكل من “هنية” و”شكر” قد حدث بُعيد عودة نتنياهو مباشرة من واشنطن، رغم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد أن “الولايات المتحدة لم تكن تعلم مسبقًا بالهجوم على هنية”، وأن “إدارة بايدن لم تتلق تحذيرًا مسبقًا بشأن الهجوم على هنية، ولم يكن لها أي دور فيه”

وهذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل قياديًا من حركة حماس بهذا الحجم خارج الأراضي الفلسطينية وداخل إيران، كما يُعَدُّ هنية أهم شخصية في حركة حماس يتم اغتيالها منذ الحرب الدائرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

التداعيات المحتملة لمقتل هنية على إيران ووكلائها

ولفتت الدراسة إلى أن مقتل هنية جاء بعد أيام من إعلان الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ قادم من اليمن، و”كان يقترب من إسرائيل”، وذلك غداة غارة إسرائيلية على اليمن أسفرت عن ستة قتلى و83 جريحًا وثلاثة مفقودين، وذلك بعد يوم واحد من أول هجوم للحوثيين على تل أبيب بطائرة مسيّرة.

واستنتجت أن عملية اغتيال إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران، بالتزامن مع الهجمات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت، والضربات الجوية الأمريكية لقاعدة للحشد الشعبي العراقي، كل ذلك هو نوع من الاستهداف المكثف على ما يمكن تسميته “الإسلام السياسي الشيعي”، والذي سيكون له مجموعة من التداعيات المهمة على كل من إيران ووكلائها.

بالنسبة لإيران، فإن مقتل هنية على أراضيها يحمل رسالة بأن إسرائيل وحلفاءها قادرون على الوصول إلى قادة حماس، أو غيرهم من قادة إيران ووكلائها، على الرغم من الحماية المفترضة التي توفرها إيران والحرس الثوري، وهو ما قد يشكك كثيرًا في الإجراءات الأمنية التي تتخذها الحكومة الإيرانية، وأنه من السهل اختراقها.

 

هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل قياديًا من حركة حماس بهذا الحجم خارج الأراضي الفلسطينية وداخل إيران

 

كما أن عملية اغتيال هنية تحمل رسالة أخرى، مفادها أنه كما تم استهداف هنية يمكن استهداف أي من قادة إيران نفسها في أي وقت، مما قد يشكك في قدرات إيران على حماية حدودها وقادتها إذا اندلعت مواجهة مباشرة بينها وبين إسرائيل، أو بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية.

ويرى البعض، بحسب الدراسة، أن اغتيال هنية في طهران بتلك الطريقة سيشكل إحراجًا كبيرًا لإيران، ما يمكن أن يؤجج التوترات بين إيران وإسرائيل. والتصريحات الإيرانية الأخيرة قد تؤكد هذا الطرح، حيث صرح المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي بقوله “إن الانتقام لدم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، من واجباتنا؛ لأن الاغتيال وقع على أراضينا”. 

التداعيات المحتملة لمقتل هنية على حماس وجماعة الإخوان

هذا وذكرت الدراسة أن الضربات الشديدة التي لا تكف الجماعة عن تلقيها منذ ما يُسمى بالربيع العربي قد أضعفتها كثيرًا. وأن تأثير الآلة الإعلامية والتجييشيّة لجماعة الإخوان ضعف أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب عدم المهنية وعدم المصداقية والتهويل، إلى جانب الخلافات الداخلية التي لم تهدأ، والتشظي الذي لم يتوقف في صفوف جماعة الإخوان المسلمين. وتعيش معظم أفرع الإخوان حالات من الانقسام والأزمات.

كما يبدو أن التقارب المعلن بين دول الرباعية العربية وقطر وتركيا كان على حساب الجماعة التي باتت تعاني المزيد من الحصار والإجراءات المُقَوِّضَة لها على المستوى الدولي، إضافة إلى المزيد من الملاحقات الأمنية والقضائية لعناصر الجماعة.

 وأهم ما أصاب الجماعة من ضرر تمثّل في تَيَقُّن شرائح كبيرة من المواطنين العرب والمسلمين، أكثر من أي وقت مضى، بعنف الجماعة وتطرفها، وبازدواجية الجماعة ومتاجرتها بقضايا المنطقة. وتُوِّجَتْ هذه الضربات بمؤشرات رصينة تؤكد خروج جماعة الإخوان من معادلات العلاقات الدولية إلى حد كبير، وذلك لخروجها من دائرة التأثير على الشارع من ناحية، وخروجها تقريبًا من الاستخدام الجيواستراتيجي للصراع بين الدول من ناحية أخرى.

مما لا شك فيه، وفقا لما ورد في الدراسة، أن السابع من تشرين الاول/أكتوبر عام 2023، وما حدث فيه وأشعل فتيل الحرب في غزة، قد أفلت حكم غزة من أيدي حماس، كما أعطى اغتيال هنية أكثر من أي وقت مضي تأكيدًا بأن قادة حماس مطاردون بين الأنفاق في غزة، والعواصم الإقليمية خارجها، بحثًا عن طوق نجاة صعب المنال، بعد اندثار الملاذات التي كانت آمنة لهم. 

 

تأثير الآلة الإعلامية والتجييشيّة لجماعة الإخوان ضعف أكثر من أي وقت مضى بسبب عدم المهنية وعدم المصداقية والتهويل

 

كما أن اغتيال هنية سيُعَقِّد مفاوضات وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن في غزة؛ ما سيطيل أمد الحرب، ويستنزف أكثر من أي وقت مضى حماس ومواردها والمنتمين إليها، ربما حتى القطرة الأخيرة من الرمق. وهو ما يمكن له أن يؤكد نظرية “موت الإسلاموية“.

هذا وخلصت الدراسة إلى أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، سيمثل نقطة تحول في المنطقة، مع تداعيات واسعة النطاق، ربما تتجاوز حدودها. فاغتيال هنية في طهران ينال من الصورة الذهنية لإيران أمام داعميها ومناصريها بالداخل والخارج.

وفي حالة التصعيد من قِبَل إيران وحلفائها فإنه من المرجح أن تتوزع سيناريوهات التصعيد على بعض ردود الفعل، من قبيل استهداف العمق الإسرائيلي بالطائرات المُسّيرة، انطلاقًا من إيران أو عبر الأجواء العراقية، أو استهداف تل أبيب بصواريخ من اليمن.

كما رجحت الدراسة تحريك جبهة الجولان السوري المحتل لتوجيه ضربات للداخل الإسرائيلي، أو ضرب العمق الإسرائيلي من خلال الفصائل العراقية انطلاقًا من غربي العراق. وأيًا ما كان الأمر، فإن ديناميكية المشهد، وأوزان القوى، والأهداف الحقيقية للفاعلين في هذا المشهد، هي التي ستحسم، وبلا شك، أيًا من هذه السيناريوهات هو الذي سوف يحدث.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية