ما هي الإشكالات التي تواجه طالبان في طريقها إلى كابول؟

ما هي الإشكالات التي تواجه طالبان في طريقها إلى كابول؟


15/07/2021

تتهاوى المحافظات والمديريات الأفغانية أمام قوات طالبان الميليشياوية وأصبح الآن ما يعادل 85 بالمئة من الأراضي تحت سيطرة الحركة، ومن ضمنها نحو 250 إقليماً من بين 398 في البلاد.

وتؤكد وكالات الأنباء العالمية أنّ الحركة باتت الآن تطوق العديد من المدن الكبرى كما كان الحال في التسعينيات، وتسيطر على العديد من النقاط الاستراتيجية المهمة، كثلثي الحدود مع طاجيكستان، ومعبر "إسلام قلعة" الحدودي مع إيران، الذي يمر من خلاله معظم التجارة بين البلدين، والمعبر الحدودي مع تركمانستان، بالإضافة لعدة طرق رئيسية واصلة للعاصمة كابول.

السيطرة أم الحرب الأهلية؟

تقوم طالبان بكل ما في وسعها للاستيلاء على عواصم الأقاليم، والسيناريو المتبع لها هو عزل المدن والسيطرة على جميع وسائل الاتصال التي تربط فيما بينها لكي تفلت من السيطرة الحكومية.

نشر موقع مافا السياسي، المقرب من طالبان، إنّ الحركة تشكّل جهازاً عسكرياً من "فرق قتالية" متخصص في الهجمات الخاطفة.

الحركة باتت الآن تطوق العديد من المدن الكبرى كما كان الحال في التسعينيات

وجاء في "مجلة الصمود" التي يصدرها مقربون من الحركة ومنهم أبو الوليد مصطفى حامد، مؤرخ تنظيم القاعدة، أنّ الذي ساعد طالبان مؤخراً هو مرسوم العفو العام الذي دفع جنود الحكومة للاستسلام، والسيطرة على الطرق الرئيسية الواصلة بين المدن وترك العاصمة وحيدة ما أتاح للمقاتلين فرصة لترسيخ أوضـاع المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة، والاعتماد على شبكة تجسس كبيرة تدير عمليات اغتيال الشخصيات المحورية.

اقرأ أيضاً: تأملات في الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

ورغم تقدم طالبان وترجيح بعض المراقبين سيطرتها على كل أفغانستان خلال 6 أشهر، فإنّ هناك العديد من المشكلات التي يمكن أن تؤخر ذلك، بل ويمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية طويلة، ومنها: جغرافية كابول الصعبة، التي يمكن أن تعوق الذين يقاتلون الحكومة، وكذا وجود قوات مدربة وميليشيات مستعدة للتعاون مع الحكومة لمواصلة القتال، ومنها قوات القائد الطاجيكي المحنك إسماعيل خان، الذي يعرف بلقب أسد هرات.

تصدّعت طالبان إلى مجموعة حركة الانقلاب الإسلامي، ومن بين صفوفها شخصيات كبيرة ووزراء وقادة لحركة طالبان، وكذلك مجموعة الملا معتصم آغاجان، صاحب الوزن بولاية قندهار

ويوضح مصدر مقرب من الحركة لم يذكر اسمه لدواعٍ أمنية، في تصريح خاص لـ"حفريات"، أنّ طالبان لا تزال منقسمة إلى 3 أقسام، الأول كان ضد المفاوضات مع الأمريكان داخل وخارج أفغانستان جملة وتفصيلاً، وهو فريق القائد العسكري الكبير سراج الدين حقاني، الذي تربطه علاقة قوية بإيران، والثاني مقتنع بتشكيل حكومة وحدة وطنية وأي تأخير في الحسم سيدفعه لعمل مشكلة داخلية كبيرة، والثالث هو من يقود الحركة الآن.

وقد تصدّعت الحركة إلى: مجموعة حركة الانقلاب الإسلامي، ومن بين صفوفها شخصيات كبيرة ووزراء وقادة لحركة طالبان، وكذلك مجموعة الملا معتصم آغاجان، صاحب الوزن بولاية قندهار، والجبهة الفدائية، والمجلس الأعلى للإمارة الإسلامية، وهو من أكبر المجموعات التي انشقت حتى الآن عن حركة طالبان، ومقره في مديرية "شين دند" بولاية هرات، وزعيمه هو الملا محمد رسول.

سيناريوهات ما بعد أمريكا

هذا وتشير كل سيناريوهات مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي إلى: 1-اندلاع حرب أهلية طويلة، 2-سيطرة طالبان على كابول، 3- تشكيل حكومة وحدة وطنية.

أما من ناحية المعارك والسيطرة فلا يستطيع أحد الجزم بأي من السيناريوهات السابقة، إلا أنّ أرجح التوقعات هي سيطرة الحركة على كل أفغانستان، لأسباب إقليمية وداخلية، واندلاع معارك بين القوميات والعرقيات في مناطق متعددة، حيث ترى باكستان أنها سيكون لها دور أكبر بعد تلك السيطرة، وهذا بالتالى سوف يقلق عدوتها اللدود الهند التي ستعمل بكل الطرق على التقارب مع طالبان أو مناوءتها عبر فصائل أخرى مثل الاتحاد الإسلامي لسياف، وكذا إيران التي لها فصيل موالٍ لها، وموالية لفصائل أخرى مثل الحزب الإسلامي.

أرجح التوقعات هي سيطرة الحركة على كل أفغانستان

وتعني سيطرة طالبان خلق مشكلات لروسيا والصين وإيران وحتى باكستان والهند، وهي دول منافسة للولايات المتحدة، لأنها توفر ملاذات آمنة لحركات جهادية مناهضة لهذه الدول، لذا فموسكو قلقة من تنامي قوة الحركات الجهادية في آسيا الوسطى وشمال القوقاز التي ترتبط بعلاقة وطيدة مع طالبان أمثال حركة أوزبكستان الإسلامية والحركات الطاجيكية وغيرها.

اقرأ أيضاً: لماذا تصر تركيا على التواجد في أفغانستان رغم تحذيرات طالبان؟

وتخشى بعض الدول من ناحية تنظيم القاعدة لأن التزام طالبان بمنع أي جماعة راديكالية مسلحة من استخدام الأراضي الأفغانية في اتفاقاتها مع الولايات المتحدة لا يعني تخليها عن احتضان الجماعات الجهادية، فقد أشار بيان نُشر على موقع الحركة المعروف باسم "صوت الجهاد" في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى أنّ الحركة ليس لها أي التزامات تقضي بقطع علاقاتها مع "القاعدة" بموجب اتفاق مع الولايات المتحدة، لكنها قالت حسب المتحدث باسم الحركة سهيل شاهين: "نحن ملتزمون بعدم السماح لأي شخص باستخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة أو حلفائها"، وهما مسألتان مختلفتان، فعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد أمريكا أو حلفائها لا يعني فك الارتباط بالقاعدة، الذي يعاني أيضاً من وجود قياداته داخل إيران، وشيخوخة قائده.

رغم تقدم طالبان وترجيح بعض المراقبين سيطرتها على كل أفغانستان خلال 6 أشهر، فإن هناك العديد من المشكلات التي يمكن أن تؤخر ذلك

ورغم أنّ أحد أركان اتفاقية أمريكا وطالبان هي موضوع أيمن الظواهري وتجميد نشاطاته؛ وربما منعه من الإدلاء بأي تصريحات، أو طرده، إلا أنه دائماً ما يجدد البيعة لأميرها، وهذا ما طرح العديد من الأسئلة من قيادات القاعدة تتعلق بهذه البيعة، ولماذا يجدد الظواهري البيعة لطالبان على الرغم من أنها تهتم بالشأن الوطني المحلي فقط ونشاطها ليس عابراً للحدود، كما وُضع تنظيم القاعدة في موطن اتهام من تنظيم داعش الذي رأى أن بيعة الظواهري لطالبان يضعه في موطن الردة لأنه بايع حركة تتحاور مع أمريكا!، وهو ما حاول نفيه مراراً وتكراراً.

أما من ناحية العلاقة بين طالبان الباكستانية والأفغانية، فهناك بلا شك علاقة، لكن تختلف الأهداف بين الاثنين، إذ إنّ الأولى ملتزمة بإقامة دولة إسلامية في منطقة وزيرستان ومحيطها، والثانية ملتزمة بالوصول لحكم كابول، ولا تستطيع قطع العلاقات مع إسلام أباد.

هكذا ستستمر المشكلة الداخلية في طالبان، ووفق ما ورد من مصدر موثوق من داخل أفغانستان، امتنع عن ذكر اسمه لأسباب أمنية، في تصريح خاص بـ"حفريات" بقوله: "هناك مشكلة بين الجناح العسكري والسياسي المدعوم من باكستان وهناك معلومات أنّ الصراع بين العسكري والسياسي شديد في هذه الأيام، لأن (طالبان) لا تريد أن تظهر هذا الصراع أو الاختلافات، فهم يتجنبون السياسيين، ودخلت تركيا على نفس الخط مع باكستان لتأخذ شيئاً من الغنيمة، وخارج الإعلام والتصريحات الرسمية فإن إيران والصين والروس غير راضين، وأما تنظيم القاعدة فهو هامش دعائي ولا غير".

اقرأ أيضاً: إيران وكرة النار الأفغانية

أما من ناحية الإخوان فإنها ستحصل على فرصة غير مسبوقة خلال الأيام المقبلة، بسبب وجود مؤسسات كبيرة للجماعة وفق قناة العربية مثل "الجمعية الأفغانية للإصلاح والتنمية الاجتماعية"، التي تتخذ من كابول مقراً لها، وتنتشر فروعها في أكثر من 30 ولاية أفغانية، ولهم 12 مدرسة من الابتدائية حتى الثانوية، و4 معاهد لتخريج معلمات، و8 مدارس للدراسات الدينية، وكلها تطلب من الملتحقين بها رسوماً رمزية.

وفي مجال الإعلام يمتلك "الإخوان" منابر إعلامية، منها قنوات فضائية مثل "الإصلاح" وإذاعة اسمها "صوت الإصلاح"، ومجلات مثل "إصلاح مللي" الأسبوعية التي تصدر بالباشتو والفارسية، ومجلة "جوان" بالبشتو، و"بيان إصلاح" نصف الشهرية، و"معرفة" الشهرية بالفارسية، وكذلك "رسالة الإصلاح".

الصفحة الرئيسية