ما مصير جماعة الإخوان في الأردن؟

ما مصير جماعة الإخوان في الأردن؟

ما مصير جماعة الإخوان في الأردن؟


17/04/2025

أيقظت صدمة "الخلايا الأربع"، التي تم إحباط مخططاتها، إحساسًا عميقًا لدى أغلبية الأردنيين بضرورة الحفاظ على بلدهم، وقيمة الاعتزاز بمؤسساتهم الأمنية والعسكرية.
أما "القلة" التي حاولت تصريف العملية خارج السياق الوطني، بذرائع مختلفة، فهي تدرك تمامًا أن أي دفاع عن انتهاك الأمن الوطني أو المساس به يصب في خانة "الخيانة". لا توجد دولة في العالم تسمح بوجود تنظيم مسلح داخلها، أو تتسامح مع أي جهة تتبناه بالخطاب، أو تحتضنه بالفكرة، أو تمارسه في الخفاء.

صحيح أن الرواية الأمنية التي قدمتها دائرة المخابرات العامة، ثم أبرزتها الحكومة بإيجاز، كانت كفيلة بمكاشفة الأردنيين بما حدث منذ أربع سنوات وحتى الآن. نحن أمام عملية كبيرة، لها مخطط مدروس عنوانه "استهداف الأردن"، تورطت فيها أربع خلايا تعمل بشكل منفصل، تلقت تدريباتها في الأردن والخارج. ولها، بالتأكيد، "عقل مدبّر" وشبكة واسعة من الممولين والمدربين.
كل المشاركين في العملية أعضاء في جماعة "الإخوان المسلمين"، اثنان منهم في مجلس الشورى، وهذا يعني أن الجماعة مسؤولة عمّا جرى، سياسيًا وأخلاقيًا على الأقل. وإذا لم تكن على علم بذلك، فهي مخترقة، وربما توجد جماعة أخرى داخل الجماعة، وتُخفيها.

سنكون بعد أيام أمام رواية قانونية، نترك الحكم عليها لقضائنا العادل، فيما ننتظر الرواية السياسية، وهي مهمة لاعتبارات عديدة، أبرزها تحديد مستقبل العلاقة بين الدولة و"الإخوان المسلمين"، ثم التوقيت وما يرتبط به من معادلات سياسية إقليمية ودولية، إضافة إلى إعادة ترتيب البيت الأردني من جديد.
السؤال هنا: هل ستفك الدولة ارتباطها بشكل نهائي مع الجماعة، ثم تفعّل الحكم الصادر بحقها من محكمة التمييز (2020) باعتبارها غير مرخصة، وغير موجودة أصلًا كشخصية اعتبارية؟ أم أن المسألة ستبقى في إطار "التكتيك" السياسي، لمحاولة ضبط حركة الإخوان، وتقليم أظافرهم السياسية، وإعادتهم إلى "بيت الطاعة"؟

في تقديري، ما حدث يشير بوضوح إلى أن الدولة حسمت، استراتيجيًا، موضوع علاقتها مع جماعة الإخوان كتنظيم، وأن الإفصاح الرسمي حول اعتبارها غير مرخصة — دون الإشارة إليها بالاسم — يعني تنحيتها عن المشهد العام، وعدم السماح لها بممارسة نشاطاتها، دون أن تُدرج علنًا على قوائم الإرهاب أو الحظر.
هذا يتطلب بالتأكيد إجراءات سياسية وإدارية، ربما تكون متدرجة، لكنها — كما يبدو — لن تتأخر طويلًا.
ولا أعتقد أن حزب الجبهة سيندرج في هذا السياق، إلا إذا تعذّر عليه ترسيم علاقته مع الجماعة مستقبلًا، أو ثبت تورطه في العملية.
كما أن مصير البرلمان، في تقديري، ما زال معلقًا ولم يُحسم بعد.

أعرف تمامًا أن أي "محاججة" تستدعي تاريخ العلاقة بين الدولة والجماعة، على امتداد نحو 80 عامًا، يمكن أن تكون وجيهة ومعتبرة، لكنها لم تعد صالحة للاستعمال الآن.
وأعرف أيضًا أن الدولة الأردنية منحت الإخوان ما يلزم من فرص لتغيير تموضعهم خارج إطار الدولة، ومراجعة خطابهم العام، وتصحيح مساراتهم، لكنهم لم يتغيروا، ولم يستدركوا ساعة الحسم.
وأعرف ثالثًا أن ثمة أسبابًا عديدة (لا مجال لذكرها) تقف خلف "سر" استقواء الإخوان على الدولة، ورهاناتهم على فرض وجودهم، ومنع أي محاولة لسحب الشرعية السياسية منهم بموجب القانون.
لكن، مقابل ذلك، هناك تطورات وتحولات جرت لم يفهمها الإخوان، ولم يحسنوا التعامل معها، تفرض — أو فرضت — على الدولة مقاربات مختلفة، عنوانها: "المصالح العليا للأردن"، لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة أي حزب أو تنظيم، حين تتصادم معها، مهما كان تاريخه وقوته وارتباطاته.

حركة الوعي على الأردن، ومن أجله، انطلقت، ولن تعود إلى الوراء.
لا مجال للصمت بعد الآن عن أي عمليات لقولبة المجتمع واختطافه باسم أي فكرة أو تنظيم أو أيديولوجيا.
لا مجال لحشد الشارع وراء أجندات لا تخدم المصلحة العامة.
الأحزاب التي تعمل في الأردن وباسمه يجب أن تكون سندًا للدولة، لا عبئًا عليها.
وأي تنظيم لا يستطيع ضبط حركة المنتسبين إليه داخل السياق الوطني، يجب أن يتحمّل مسؤولية أخطائهم، ويدفع فاتورة انحرافاتهم.
المرحلة التي يمر بها بلدنا لا تحتمل الخطأ، أو الإفراط بالتسامح، أو التهاون بتنفيذ القانون على الجميع.


عن صفحة الكاتب الشخصية في فيسبوك



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية