ما دلالات خطاب نصر الله؟ وهل تخلت إيران عن حماس؟

ما دلالات خطاب نصر الله؟ وهل تخلت إيران عن حماس؟

ما دلالات خطاب نصر الله؟ وهل تخلت إيران عن حماس؟


04/11/2023

بعد انتظار غالبية الرأي العام العربي والدولي، لا سيّما في إسرائيل، وفي أوساط المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وجماهير "المقاومة والممانعة"، لخطاب زعيم حزب الله اللبناني، ألقى زعيم الحزب حسن نصر الله خطاباً استمر لأكثر من (80) دقيقة، ظهر فيه نصر الله ، فيما قدّمه، محللاً سياسياً وأستاذاً للتاريخ، أكثر من كونه زعيماً للمقاومة، وقد اختفت نبرة الصوت الرعدي والتهديدي التي اعتاد عليها نصر الله في خطاباته المرتبطة بملفات "الحروب مع إسرائيل"، إذ كان هادئاً، وبصورة أظهرت انسجاماً بين لغة جسده مع المضمون، وربما لا نبالغ إذا قلنا: إنّ مصطلحات الدهشة والصدمة وحتى الاستنكار شكلت قاسماً مشتركاً لجماهير المقاومة والممانعة، وجماهير الاعتدال التي اعتادت تصدير شكوك بحزب الله ومقاومته، بما فيها شعاراته حول فلسطين والقدس والصهاينة، وهو ما عكسته تعليقات ساخرة انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في أوساط جماهير المقاومة بفلسطين ولبنان.

 "الخيبة" التي انتشرت في أوساط جماهير عربية وإسلامية واسعة ترتبط بعدة سياقات؛ من بينها: الحملة الإعلامية التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للحزب و"الممانعة" حول خطاب منتظر لزعيم الحزب، تولدت معه رسائل تم تفسيرها بأنّ الحزب سيعلن الحرب على إسرائيل، وسيدكها بجزء من صواريخه التي تقدّر بأكثر من (100) ألف صاروخ دقيق، والتي ستغطي مساحة فلسطين كاملة، وبما يتجاوز ما بعد بعد حيفا، ثم إنّ الخطاب جاء بعد غياب "طويل" لزعيم الحزب، استمر لقرابة شهر من انطلاق الحرب، كما أنّ خسائر الحزب في الجنوب اللبناني خلال اشتباكاته المحدودة مع إسرائيل، والتي زادت عن (50) مقاتلاً، أنتجت توقعات تتضمن أنّ الحزب سيشارك في الحرب.

 الخطاب جاء بعد غياب "طويل" لزعيم الحزب

 وبالإضافة إلى التوسع في الجانب التحليلي للخطاب، والذي ظهر فيه نصر الله منافساً للمحللين السياسيين والخبراء العسكريين والأمنيين، فقد جاء الخطاب ليقدّم "مرافعة دفاعية" عن الحزب وإيران وفصائل المقاومة، موجّهة لقوى دولية، وليس لقواعد الحزب والمقاومة، بدأت بالتأكيد أنّ الحزب وإيران لا علاقة لهما بهجوم "طوفان الأقصى"، وأنّ حماس نفذته دون إبلاغ أيّ من حلفائها، وأنّ "انتصار" حماس سيحسب لجماعة الإخوان المسلمين، وليس لإيران وللحزب، ولن تستفيد منه إيران لا في مفاوضاتها مع الغرب حول النووي، ولا في دورها الإقليمي، ويشار هنا إلى حضور المرجعية الشيعية الإيرانية ومقولاتها في الخطاب، وكان لافتاً في الخطاب الإشادة بأدوار فصائل الحشد الشعبي العراقي، وميليشيات إيرانية في سوريا، ومشاركة الحوثيين في الحرب عبر إطلاق صواريخ ومسيّرات باتجاه مناطق إيلات جنوب إسرائيل، بالإضافة إلى دور حزب الله بإسناد حماس، عبر إشغال الجيش الإسرائيلي بإجباره على إبقاء قواته مقابل قوات حزب الله، بل والدفع بقوات جديدة، ممّا أسهم في تخفيف الضغط على قطاع غزة.

الأهمّ بعد خطاب نصر الله هو تأكيد حقيقة أنّ الحزب واجهة إيرانية، ولن يخوض أيّ حرب إلّا بأوامر إيرانية، ترتبط مباشرة بتحقيق استراتيجيات إيران وأهدافها

 التلويح بتهديدات في الجزء الأخير من الخطاب، ومقاربة "الوضوح والغموض" التي تسجل لزعيم الحزب، وما تضمنته من رسائل بأنّ الاحتمالات مفتوحة، جاءت لذرّ الرماد في العيون، رغم التأكيد باستعداد حزب الله وجهوزيته لمواجهة البوارج الأمريكية والغربية التي جاءت إلى المنطقة دفاعاً عن إسرائيل، لكنّ قراره سيبقى بحدود الاشتباك الحالي مع إسرائيل، ومشروطاً بمقولة "إذا هاجمتنا إسرائيل، فسوف نهاجمها"، وهي مقاربة تطرحها إسرائيل، وتضمن لها استمرار الاستفراد بغزة، وبالتزامن تضمن للحزب مزاعمه، "على الأقل إعلاميّاً"، بأنّه مشارك في الحرب، وهو ما أكده نصر الله بأنّ الحزب دخل الحرب بعد انطلاقها مباشرة، ومع ذلك فإنّ كل هذا التهديد تنقضه مقاربة نصر الله والمقاومة بخصوص الأهداف النهائية التي يتم العمل على إنجازها في هذه الحرب، وهي: المطالبة بوقف إطلاق النار على غزة، وضمان انتصار حركة حماس في هذه الحرب.

 وفي الخلاصة؛ فإنّ خطاب نصر الله، بقدر ما ولّد خيبة لدى الجماهير العربية والإسلامية، وتأكيد أنّ الحزب ليس بوارد المشاركة في الحرب، إلّا بحدود قواعد الاشتباك الحالية بينه وبين إسرائيل، فقد ولّد في الوقت نفسه المزيد من "الاطمئنان" لدى القيادتين الأمريكية والإسرائيلية بأنّ الحزب ملتزم بـ "تفاهمات" تمّ إنجازها بين طهران وواشنطن، لا سيّما أنّ قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني تواجد في بيروت، وعقد لقاءات مفتوحة مع حزب الله، وربما كان في مضامين الخطاب ما يؤكد اجترار نصر الله للمواقف الإيرانية المعلنة و"السرّية" حول حدود مسؤولية إيران عن عملية حماس ودورها، والتي أكدت واشنطن مراراً أنّه "لا أدلة دامغة" على دور إيراني في عملية "طوفان الأقصى"، غير أنّ الأهمّ بعد خطاب نصر الله هو تأكيد حقيقة أنّ الحزب واجهة إيرانية، ولن يخوض أيّ حرب إلّا بأوامر إيرانية، ترتبط مباشرة بتحقيق استراتيجيات إيران وأهدافها.

مواضيع ذات صلة:

نصر الله.. المرابط لا المحارب

البيت الأبيض وإسرائيل تابعاه عن كثب... كيف علقت واشنطن على خطاب نصر الله؟

لماذا نفى نصر الله صلة إيران بـ"طوفان الأقصى"؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية