ما خطط المحور الروسي - الإيراني للهيمنة على مالي؟

ما خطط المحور الروسي - الإيراني للهيمنة على مالي؟

ما خطط المحور الروسي - الإيراني للهيمنة على مالي؟


13/11/2022

تحاول روسيا الاستفادة من الفراغ الأمني الذي ترتب على مغادرة القوات الفرنسية لمالي؛ ففي ظل وضع سياسي هش، تسعى موسكو تجاه ملء الفجوات التي خلّفها الانسحاب الفرنسي تدريجياً؛ عبر موضعة الميليشيات شبه العسكرية التابعة لها، "فاغنر"، حيث توفر التهديدات المستمرة لمالي، فضلاً عن تقدم الجماعات الإرهابيّة في منطقة الساحل، فرصة لموسكو لإظهار نفسها على أنّها الداعم الأمني الوحيد للبلد الأفريقي المهدد، وبالتالي يمكنها توسيع نفوذها، بشكل يسمح للشركات الروسية بالتنقيب عن المعادن وخاصّة الذهب.

ومع ذلك، فإنّ روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تحاول ترسيخ وجودها في مالي. فبحسب ما ورد من تقارير، فإنّ إيران مهتمة أيضاً بمحاولة اختراق البلاد، فضلاً عن كسب دعم الحلفاء المحليين، من خلال المساعدة في تعزيز وضع الحكومة الوطنيّة.

الحزام الإيراني شمال الصحراء

تحاول إيران تطويق منطقة الساحل والصحراء، من خلال فرض طوق سياسي؛ يمكنها من خلاله ربط الحكومات الأفريقية بأجندة العمل الإيرانية، ويبدو أنّ الانسحاب الفرنسي من مالي، دفع طهران نحو محاولة التموضع في بلد أفريقي يئن تحت وطأة جملة من المشكلات المزمنة.

في آب (أغسطس) الماضي، كشف وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن خطط خاصّة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع مالي، خلال زيارته للدولة الأفريقية، على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، يتألف من ممثلين عن القطاعين، الخاص والحكومي، في إيران.

 زيادة وجود مجموعة فاغنر في المناطق التي كانت تديرها القوات الفرنسية سابقاً

 وفي لقائه مع نظيره المالي عبد الله ديوب، لدى وصوله إلى باماكو، قال عبد اللهيان إنّ الإدارة الإيرانية تنتهج سياسة خاصّة؛ لتوسيع العلاقات مع مالي في جميع المجالات. وكشف عن قيام طهران بوضع خطط طويلة المدى؛ لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري مع باماكو.

من جانبه، قال ديوب إنّ الزيارة تظهر عزم إيران على تعزيز العلاقات مع مالي، كما شكر الجمهورية الإسلامية على اهتمامها بتدعيم أواصر العلاقات الاقتصادية والأمنية مع بلاده.

روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تحاول ترسيخ وجودها في مالي. فإيران مهتمة أيضاً بمحاولة اختراق البلاد، فضلاً عن كسب دعم الحلفاء المحليين، من خلال المساعدة في تعزيز وضع الحكومة الوطنيّة

وفي 27 أيلول (سبتمبر) الماضي، التقى وزير الخارجية الإيراني بنظيره المالي من جديد، على هامش الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، حيث أعرب وزيرا الخارجية عن ارتياحهما لتبادل الوفود السياسية والاقتصادية بين البلدين، كما أكدا على استمرار التطور الشامل للعلاقات، مع الدعوة إلى مواصلة المشاورات السياسية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكذلك التطورات الدولية.

وأضاف الدبلوماسيان أنّ الاتفاقات التي تم التوصل إليها، في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، يجب متابعتها من خلال الاتصالات بين القطاعات المعنية، وكذلك تبادل الوفود الفنية من الجانبين.

تفاهم روسي إيراني على اقتسام الكعكة

يشير المحللون إلى أنّ روسيا وإيران تعملان معاً؛ لاستبدال النفوذ الغربي في البلاد، من خلال السعي لتوفير الدعم الاقتصادي والإمدادات الغذائية، مثل القمح إلى جانب المنتجات النفطية والأسمدة، فضلاً عن التعاون الأمني وإعادة تأهيل الجيش المالي.

في الأشهر الأخيرة، تلقى الجيش المالي رادارات مراقبة حديثة، وطائرات هليكوبتر، ومقاتلات عسكرية، وطائرات بدون طيار، والمزيد من المدربين الروس، فضلاً عن زيادة وجود مجموعة فاغنر في المناطق التي كانت تديرها القوات الفرنسية سابقاً.

جدير بالذكر أنّه قبل عام من مغادرة القوات الفرنسية، صرّح رئيس إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية الروسية، بيوتر إليتشوف، أنّ "روسيا ومالي تربطهما علاقة ودية طويلة الأمد، تعود إلى فترة الاتحاد السوفيتي". لافتاً إلى أنّ موسكو ستواصل الدفاع عن مصالح باماكو في إطار الأمم المتحدة. مشيراً إلى أنّه "من خلال القنوات الحكومية، ستقدم موسكو مساعدة فعالة للجانب المالي في المجال العسكري؛ لتعزيز الأمن في منطقة الساحل".

تقدم الجماعات الإرهابيّة في منطقة الساحل، فرصة لموسكو لإظهار نفسها على أنّها الداعم الأمني الوحيد للبلد الأفريقي المهدد

وفي سياق متصل، يبدو أنّ طهران تحاول، على غرار موسكو،  تعزيز التعاون مع مالي، في مجال السعي تجاه كبح جماح الجماعات الجهادية، ومنع البلاد من الوقوع في الفوضى؛ بسبب الصراعات الداخلية والتهديدات الخارجية، مقابل السماح لطهران بالاستفادة من مواردها الوفيرة من اليورانيوم والذهب. وقد تبلورت مع الوقت ملامح التحالف الروسي / الإيراني في غرب أفريقيا ومنطقة الصحراء، وفق تفاهمات شديدة الخطوة على استقلال دول المنطقة.

قلق مغربي

في تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، توجه قائد القوات المسلحة المغربية، الفريق بلخير الفاروق، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، على رأس وفد عسكري مغربي؛ للمشاركة في رئاسة الدورة الثانية عشرة للجنة الاستشارية الدفاعية الأمريكية المغربية، في حضور وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لسياسة الدفاع، كولين خال.

وبحسب البيانات الصحفية الصادرة عن البنتاغون، ومصادر قريبة من الاجتماع نقلتها وسائل إعلام دولية، فإنّ الوفد المغربي ناقش التهديد الإيراني المحتمل في شمال أفريقيا مع نظيره الأمريكي، وتشير الأطروحة المغربية إلى دخول إيران إلى منطقة الصحراء والساحل؛ عبر جماعة حزب الله المسلحة، وكذا عبر تطوير علاقاتها مع جبهة البوليساريو.

الإدارة الأمريكية تدرك جيداً مدى التهديد الذي يمثله المحور الروسي/الإيراني في منطقة الساحل والصحراء وهو ما يدفع تجاه بلورة سياسة دفاعية جديدة محتملة في المنطقة

جدير بالذكر أنّه في الأسابيع الأخيرة من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قال مندوب المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، إنّ إيران تستعد لتزويد جبهة البوليساريو بطائرات مسيرة، وهو ما نفاه وزير الداخلية الصحراوي، عمر منصور.

ويبدو أنّ الإدارة الأمريكية تدرك جيداً، مدى التهديد الذي يمثله المحور الروسي/الإيراني في منطقة الساحل والصحراء، وهو ما يدفع تجاه بلورة سياسة دفاعية جديدة محتملة في المنطقة، ربما يضع البنتاغون الآن الرتوش الأخيرة عليها، وفق خطط يبدو فيها أهمية الدور المغربي مركزياً، بعد أن أصبحت مالي تحت رحمة نفوذ المحور الإيراني/ الروسي.

مواضيع ذات صلة:

حضور روسي وغضب فرنسي وتوغل إرهابي... ماذا يحدث في مالي وغرب أفريقيا؟

لماذا قطع الحكام العسكريون في مالي العلاقات مع فرنسا؟

هل يؤجج الانقلاب في مالي الصراع بين فرنسا وروسيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية