ما الطريق لمكافحة التطرف واكتشافه المبكر؟

الطريق لمكافحة التطرف واكتشافه المبكر

ما الطريق لمكافحة التطرف واكتشافه المبكر؟


15/10/2023

يعتبر الخبراء المختصون أنّ الأسباب في التحول إلى التطرف العنيف هو واحد من (3) مسببات؛ هي: السياسة أو المرض النفسي أو الأفكار، ولكي يتم تقليل فرص تجنيد ودعم وتسهيل التورط في الإرهاب المدفوع إيديولوجياً، لا بدّ من برامج متنوعة تستند إلى خطط تتعلق بالمعالجة والتفكيك والوقاية للمجتمع.

الفئات المستهدفة في المكافحة

إنّ اجتثاث التطرف يُعدّ جوهر مناهضة الإرهاب، وهو كمصطلح يشير إلى العملية التي تجعل المتطرفين ينسحبون من الجماعات؛ والحدّ من التزامهم بمعتقدات متطرفة وتغييرها حتى تتفق مع القيم السائدة، وهذه العملية تتم بوساطة آليات مباشرة أو غير مباشرة؛ بشكل عارض أو دائم، وبشكل فردي أو جمعي، طوعاً أو قسراً، أو مزيجاً منهما، داخل السجن أو خارجه، بمبادرة الحكومة أو دون مبادرة منها.

ويتم التغيير في عملية الاجتثاث إمّا معرفياً؛ أي المكوّن المعرفي للإيديولوجية، وإمّا تغييراً سلوكياً بالتخلي عن العنف والاحتفاظ بالتطرف، وإمّا كليهما معاً.

في دراسة نشرتها كليّة الآداب بجامعة المنوفية بمصر، يقول الباحث عبد المنعم شحاتة: إنّ مكافحة التطرف لا تستهدف أفراداً كما في مكافحة الإرهاب؛ بل تستهدف مجتمعاً بالحيلولة بين شبابه وبين تبنّي أفكار متطرفة، أو أن يكونوا هدفاً لمحاولات إرهابيين لتجنيدهم، ويكون هذا من خلال استهداف كل المجتمع في برامج مكافحة التطرف، عبر مجموعة سياسات وتدابير، بما في ذلك إصلاح التعليم والتدريب المهني والخطاب الديني وبرامج الإعلام والإصلاح السياسي والاقتصادي، يشترك في تصميمها وتنفيذها وتقييمها كافة الأطراف، وفي كل المجالات الثقافية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية.

إنّ مكافحة التطرف لا تستهدف أفراداً كما في مكافحة الإرهاب؛ بل تستهدف مجتمعاً بالحيلولة بين شبابه وبين تبنّي أفكار متطرفة

ويرى الباحث أحمد سعيد، في دراسة له، أنّ هناك عدة فئات مستهدفة من مكافحة التطرف، الفئة الأولى: أعضاء جماعة إرهابية يفكرون في مغادرتها، وحثهم على اتخاذ قرار فك ارتباطهم بها، وتسهيل تنفيذ قرارهم بدعم نوعية الحياة التي تتبع هذا التنفيذ، ومساندتهم عند التعامل مع تهديدات مغادرة الجماعة، والفئة الثانية: الذين غادروا ـ طواعيةً أو رغماً عنهم ـ جماعة متطرفة بهدف تقليل احتمال معاودة الانضمام إليها، ويتم لمن غادروا طوعاً بتقديمٍ مكثفٍ لمعلومات قانونية عن مكافحة الإرهاب كوسيلة لزيادة الوعي لديهم بالأمن القومي، وكشف آليات كالتمييز بينهم وفق دوافع ـ يتباين معدل الانتكاس باختلافها - التحاقهم السابق بجماعة متطرفة.

إنّ اجتثاث التطرف يُعدّ جوهر مناهضة الإرهاب،

ويصنف العلماء (4) أشكال من المتطرفين؛ وهم: الباحثون عن انتقام ممّن يرونه سبباً لإحباط أو ظلم، وباحثون عن تقدير آخرين، وباحثون عن تعريف هوياتهم من خلال الانتماء لجماعة، وباحثون عن شعور بالمجد يتصورون الحصول عليه بالانتماء لتنظيم إرهابي، وعلاج الصنوف كلها بتسهيل تغيير إدراك هذه الجماعات والتعلق بها، عبر تنشئة مؤسسية داخل الأسرة أو مؤسسة عمل، وتشجيع التحول نحو الشبكات الاجتماعية المختلفة، بأن ترسخ لدى المستهدفين معتقدات تحث على ممارسة التعبير السلمي والقانوني عن المطالب، وهي عملية مضادة لما تقوم به التنظيمات الإرهابية من استخدام معتقدات معينة تبرز الظلم وغياب العدالة كتبريرات للعنف.

الاكتشاف المبكر للكراهية والتطرف

ولكي يتم الاكتشاف المبكر للمتطرفين، لا بدّ من معرفة الجذور التي تؤدّي إلى العنف، لأنّ هناك علامات متنوّعة له، وفي العادة لا بدّ من معرفة الدوافع للتطرف.

في العادة تُصنَّفُ الدوافع كجاذبة ودافعة، والأولى تدفع الفرد نحو التنظيمات وإيديولوجياتها، والثانية هي الحوافز الفردية التي تكون سبباً في استقطاب المجنّدين.

وتجيب عمليات المواجهة مع التطرف عن أسئلة حول الظروف المؤاتية التي يمكن أن تصنع التطرف، وما هي الخلفيات الفردية للعناصر المتطرفة؟ وهل لدى المتطرف تماثل مع المظالم الجماعية؟ وهل لديه تظلّمات مجتمعية؟ وهل تعرضت الشخصية المتطرفة لتشويه وإساءة في استخدام المعتقدات والإيديولوجيات السياسية؟ وهل يشعر المتطرف بانعدام الفرص الاجتماعية والاقتصادية؟

في دراسة نشرتها الأمم المتحدة أنّ المسؤولية عن تطرف الشباب تتم عبر مسارات (3)؛ هي: الانفصال الأخلاقي والتعرض النشط لمحتوى متطرف، والجنوح، والبحث عن معلومات متطرفة، والانفصال عن المجتمع.

ويتم اكتشاف التطرف عبر وضع ترمومتر، أي علامات التطرف، واكتشاف ذلك عن طريق فهم أساليب المتطرفين في ترويج أفكارهم، وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للتجنيد.

وقد قام علماء غربيون في مدينة ليفربول ببريطانيا بوضع بارومتر للاكتشاف المبكر للمتطرفين، عن طريق وضع علامات لتغير العلاقة مع أفراد الأسرة، والميل إلى العزلة، وإظهار الرفض لقيم والديه، ومعارضته للمبادئ الأخلاقية التي يتبنّونها، وسرعة الغضب والتوتر، والمكوث منفرداً لفترات طويلة، وتوجيه أسئلة تتعلق بالهوية، وعدم الاقتناع بإجابات تقدم له، والنفور من الاختلاف، والميل للاستجابة له بشكل عنيف.

 تساعد دراسة كل شخصية على حدة في فهم المسارات الشخصية التي قادتها إلى التطرف، ففي حين يمكن أن يساهم الفقر مثلاً في حالات، لا يكون سبباً ضرورياً في حالات أخرى

وتساعد دراسة كل شخصية على حدة في فهم المسارات الشخصية التي قادتها إلى التطرف، ففي حين يمكن أن يساهم الفقر مثلاً في حالات، لا يكون سبباً ضرورياً في حالات أخرى.

إنّ عوامل الدفع والجذب تساعد على تفسير كيف أنّ الدوافع الفردية قد تشكّل أسباباً داعية إلى التطرف، ومن الأساسي فهمها لتفادي التعميم.

وبالطبع لا توجد صيغة واحدة من عوامل الدفع والجذب تُنتجُ متطرّفاً عنيفاً، لأنّها كعوامل لا تبقى ثابتة عبر مختلف مراحل حياة الشخص، الذي يمكن أن يتغيّر مع الوقت، وقد يتفاوت تبعاً للظروف.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية