ما الذي يسعى إليه متّهم بالاغتصاب يقدّم دورات عن النسوية؟

ما الذي يسعى إليه متّهم بالاغتصاب يقدّم دورات عن النسوية؟


28/10/2020

بالتزامن مع افتتاحه مركزاً للنسوية والأخلاق، تجدّدت اتّهامات الاغتصاب التي تلاحق المفكّر الإسلامي، طارق رمضان، منذ أكثر من عامين، لتشمل امرأة خامسة، وتفتح القضية من جديد، بعد أن ظنّ رمضان، أنّ مركزه الموشك على بداية العمل، سيمحو ماضيه.

دواوني بالتي كانت هي الدّاء

أعلن طارق رمضان، في الخامس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي، عن عودة كبيرة إلى ساحة العمل العام، من خلال مركز بحث وتدريب حول القضايا النسوية والأخلاق، كما يسلط الضوء على قضايا العنصرية والموضوعات الإنسانية، مثل الهجرة واللجوء، وأوضح أنّ مركزه الجديد، ويدعى "شفاء"، سينطلق للعمل، في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، لكن أتت الرياح بما لم تشتهيه سفنه، بعد أن وجّهت المحكمة له تهمة اغتصاب امرأة خامسة بين العامين 2013 و2014، الخميس الماضي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن محاميه، ورأى الدفاع أنّ ما جرى "لائحة اتهام شكلية لتنظيم المواجهة مستقبلاً"، فيما أكّد محامي المجني عليها، أنّ هذا الاتهام "مرضٍ بالتأكيد"، ويمثّل "منعطفاً كبيراً" أمام رمضان، الذي تمّ تخفيف الرقابة القضائية بحقّه مؤخراً، بعد أن كان مطالباً بالحضور إلى مقرّ الشرطة مرتين شهرياً.

 

وتعتقد الصحفية الفرنسية المستقلة، والناشطة النسوية، أوديل سبيستيان، أنّ إعلان رمضان افتتاح مركز يناقش قضايا النسوية، من أكثر الأشياء المثيرة للسخرية، وترى أنّه يعتقد أنّ مثل هذا النشاط، سيمحو سجله الحافل بالانتهاكات الإجرامية في حقوق النساء.

اقرأ أيضاً: القضاء الفرنسي يتهم الإسلامي طارق رمضان بالاغتصاب.. ما الجديد؟

وتتابع سبيستيان، في حديثها لـ "حفريات": "هو متهم باغتصاب العديد من النساء، وهي حقائق ما تزال ينفيها من خلال حديثه المستمر، عن المؤامرة ضدّه،  وعن كراهية الغرب للإسلام والعنصرية ضدّ العرب، الذي يمثّلهم بدوره، وهو منطق مردود عليه، ولا مجال للخوض فيه، لكن، بحسب ما علمت من أخبار منتشرة على الصعيد المحلي، سيتمّ تدريس دورات مختلفة حول موضوعات اجتماعية وإنسانية شائكة، من قبل فريق من المعلمين والباحثين المتخصصين، عبر 12 دورة على مدار العام".

أفصحت هند عياري عن اغتصاب رمضان لها، في باريس بعد صمت دام أعواماً، خوفاً من تهديده لها، لكنّها روت قصتها دون ذكر اسمه، في أحد كتبها

وستركّز على الموضوعات الآتية: الدين، الروحانية، الإنسانية، علم النفس، النسوية، علم البيئة، الأخلاق، الاستعمار، العنصرية، القانون، الاقتصاد، "وأرى أنّ كلّ هذا جميل، لكنّ السؤال الأهم خلف المنتج الثقافي الذي يحاول رمضان تقديمه: ما الذي يسعى إليه رجل متهم بالاغتصاب يقدّم دورات عن النسوية؟ بالطبع هي وسيلة جديدة لإعادة تقديم نفسه، بعد العار الذي لحق به، لكنّها ربما تكون وسيلة لإعادة استقطاب نساء أخريات، واغتصابهنّ تحت تأثيره النفسيّ كأستاذ ومعلم، ربما سيقوم باستدراج فتيات ضعيفات، لا يقدرن على البوح باغتصابه لهنّ، وستتّسع دائرة ضحاياه، ولن نعلم عنهنّ شيئاً".

الفصام الإسلاموي.. رمضان أنموذجاً

لا ينفكّ رمضان عن اتهام جهات معادية له؛ بتدبير مؤامرة ضدّه تارة، وتارة بأنّ يصرّح بأنّ العلاقات الجنسيّة التي تمّت بينه وبين ضحاياه، كانت بالتراضي، وهي جريمة زنى معترف بها من قِبل مفكّر إسلامي، بل وحفيد مؤسّس جماعة الإخوان المسلمين، التي تشرّب رمضان مبادئها بالتأكيد، إلّا أنّه يتبنّى الوجه الأكثر حداثة من الجماعة، وهي كارثة أخرى، فإذا كان رمضان هو النسخة الأكثر حداثة من جماعة الإخوان؛ فما الذي تخفيه رموزها الأكثر رجعية؟

اقرأ أيضاً: اعترافات طارق رمضان تصدم اتحاد مسلمي فرنسا

بنظرة سريعة على أدبيات الجماعة، التي تتناول رؤيتهم للنساء، ستبدو أفعال رمضان أكثر منطقية؛ فالجماعة التي امتدّ تاريخها عبر أكثر من تسعة عقود، لا ترى في النساء إلّا أدوات تستخدمها الجماعة، وفق ما يحقق مصالح التنظيم، وهو ما تثبته كتابات حسن البنا، التي تطوّرت نحو النساء وفق ما اقتضته مصلحة التنظيم.

 في مقاله المشهور بمجلة "المنار"، وقت تعيينه رئيساً لتحريرها، عقب وفاة رشيد رضا،  أوضح البنّا أنّ "المرأة ليست في حاجة إلى التعليم والتوظيف، إنّما خلقت لتدير منزل الزوجية، ولا يتعدّى دورها رعاية النشء المسلم"، ثمّ هاجم قيادات الحركة النسائية في مصر، إبان مطالباتهم بحقّ المرأة في الانتخاب، موضحاً أنّ المرأة "خلقت للإنجاب ورعاية الرجل وأبنائه"، ولا يجب أن يتعدّى دورها هذا.

الصحفية الفرنسية أوديل سبيستيان لـ"حفريات": إعلان رمضان افتتاح مركز يناقش قضايا النسوية، من أكثر الأشياء المثيرة للسخرية، فهل سيمحو ذلك سجله الحافل بالانتهاكات النسوية؟

بالنظر إلى أفكار الأب المؤسس للإسلام السياسي، التي تفوح منها رائحة احتقار النساء وتشييئهنّ، يصعب تصوّر أن تتبنى الأجيال اللاحقة فكراً أكثر تقدّمية تجاه المرأة، غير أنّ أفكار الحفيد، رمضان، التي يقدّمها باعتبارها تجديداً للخطاب الديني التقليدي، ليست سوى غطاء خارجي جيّد المظهر، يتضمّن عقلية أكثر توحشاً ورجعية ضدّ النساء.

وترى سبيستيان؛ أنّه رغم المدّة الزمنية التي مرّت على الحوداث الأليمة، إلّا أنّها تثق بأنّ حقّ الضحايا سيعود؛ "إذ يتولى القضايا الجنائية المعقدة في فرنسا، قضاة خاصون يتمتعون بسلطات تحقيق واسعة، ولا يحال المتهمون الخاضعون لتحقيق رسمي إلى المحاكمة تلقائياً؛ حيث يمكن للقضاة إسقاط القضايا التي يعتقدون أنّها لا تظهر أدلة كافية، ما يعني أنّ المتهم سينال ما يستحق".

لأيّ إسلام يدعو حفيد البنّا؟

تمّ اتهام طارق رمضان، للمرة الأولى، بالإعتداء الجنسي، في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، في أعقاب فضائح الاعتداء الجنسي على المنتج الأمريكي، هارفي واينستين، والتي أدّت بالعديد من الفرنسيات إلى الإبلاغ عن تجاربهن الشخصية في التحرّش أو الاعتداء.

تتجدّد التّهم كلّ فترة ضدّ رمضان، الذي من المفترض أن يواجه عقوبات يصل مجموعها إلى 35 عاماً؛ 15 عاماً بتهمة الاغتصاب، و20 عاماً بتهمة اغتصاب امرأة معاقة جسدياً، وهي الضحية الثانية، حيث تتكىء على عكاز، بسبب إعاقة في القدم، والتي تمّ اغتصابها، بعد أن اعتنقت الإسلام، وذهبت للقاء المفكّر الأشهر في أوروبا، في أحد فنادق ليون، ليقوم باستدراجها إلى غرفته، والاعتداء عليها جنسياً، وضربها وتهديدها، وذلك عام 2009، وقد استمعت المحكمة إلى أقوال السيدة، البالغة من العمر 47 عاماً، كما ظهرت برفقة ضحايا أخريات، عبر فيلم وثائقي، بعنوان "استكمال التحقيق"، تمّ تصويره مع ضحايا رمضان، كانت من ضمنهنّ الكاتبة والناشطة الفرنسية من أصول مغاربية، هند عياري، التي كانت تنتمي فكرياً، في الماضي، للتيّار السلفي، ثمّ أفصحت عن اغتصاب رمضان لها، في باريس، عام 2012، من خلال صفحتها على فيسبوك، بعد صمت دام أعواماً، خوفاً من تهديده لها، لكنّها روت قصتها دون ذكر اسمه، في أحد كتبها التي نشرت عام 2016.

اقرأ أيضاً: هل كشف طارق رمضان الوجه الحقيقي للإخوان في أوروبا؟.. صحيفة فرنسية تجيب

كانت منيّة ربوج؛ والتي تعمل مرافقة لرمضان، آخر ضحاياه من المغتصبات، وخامس مدّعية تقدم شهادتها إلى المحكمة، التي أقرّت الخميس الماضي، بقبول اتهامها ضدّه، بعد توجيه التهمة له، في ربيع عام 2018، لكن ظلّ القرار معلقاً حول البتّ في القضيّة؛ إذ كان قيد الإعتقال آنذاك، ما أجبره على الإقرار بممارسة علاقة رضائية، لكنّها خارج إطار الزواج.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية