ما الجدوى المتوقعة من وضع "إخوان بريطانيا" تحت قانون التطرف الجديد؟

ما هي الجدوى المتوقعة من وضع إخوان بريطانيا تحت قانون التطرف الجديد؟

ما الجدوى المتوقعة من وضع "إخوان بريطانيا" تحت قانون التطرف الجديد؟


18/03/2024

في خطوة يبدو أنها متاخرة، وتعكس التلكؤ الذي شكّل عنواناً للحكومات البريطانية في تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين؛ أقرّت الحكومة البريطانية تعريفاً جديداً للتطرّف وهو أنه " ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصّب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج"، وبموجب التعريف الجديد، ووفق معاييره؛ تم وضع جماعة الإخوان على رأس قائمة التطرف.
إنّ سياقات إقرار التعريف الجديد، بحسب رئيس الحكومة البريطانية "سوناك"، جاءت بعد زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام، وتهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء"، لا سيما بعد الحرب التي تدور رحاها بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والتي كشف الإخوان المسلمون وعبر خطابات إيديولوجية غير معزولة عن خطابات سابقة خلالها، تجذر مفردات الكراهية واستثمار مساحات الديمقراطية الغربية، ليس في بريطانيا وحدها، بل في غالبية الدول الأوروبية، لا سيما في موجة عمليات دموية نفذها تنظيم "داعش "في عواصم أوروبية، اذ قدّم الإخوان المسلمون وبصور منظمة غطاءات لإرهاب "داعش" وعملياته، وهو ما أظهر كثيراً من التقاطعات والمرجعيات بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية.

إنّ سياقات إقرار التعريف الجديد، وفقاً لرئيس الحكومة البريطانية "سوناك" جاءت بعد زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام وتهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء"


وبالإضافة لكون لندن تقاسمت مع أنقرة المقرات الرئيسية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولم تستجب لمطالبات دول عربية متضررة من خطابات التطرف الإخوانية، وأدوارها في دعم الإرهاب؛ فإن تنظيم الإخوان في بريطانيا يعمل من خلال"الرابطة الإسلامية "، والتي تعد الفرع البريطاني لجماعة الإخوان، بالإضافة لمجموعات تعمل تحت "يافطتها" بمسميات إغاثية ومنصات إعلامية ومراكز بحوث، إضافة إلى مدارس إسلامية وهيئات دعم إغاثي مختلفة، اختطفت عبر تسهيلات توفرها قوانين بريطانية، قدسية "المساجد" ودور العبادة الإسلامية.
وعلى أهمية هذا القرار، الذي جاء بعد مراجعات بريطانية اتسمت بالتباطؤ واللاحسم  منذ عام 2015، إلا أنّ تنفيذ القرار سيواجه الكثير من الصعوبات، لعلّ في مقدمتها أنه يتزامن مع حرب غزة؛ حيث تواجه بريطانيا والدول الأوروبية تحديات مع خروج مظاهرات مؤيّدة لحركة حماس، في إطار خلط أوجدته التنظيمات الإسلامية بين تأييد الفلسطينيين ورفض ما يتعرضون له وبين حركة حماس، واستقطبت الكثيرين.

وبالتزامن؛ فإن علاقات ولقاءات تتم بين قيادات الإخوان المسلمين وشخصيات بريطانية، بمن فيهم قادة في الأجهزة الأمنية البريطانية، وتغلف هذه اللقاءات شكوكٌ عميقةٌ في إمكانية تنفيذ القرار وترجمته بخطوات عملية تطال النشاط الإخواني الواسع في بريطانيا، ويخشى على نطاق واسع أنّ القرار البريطاني يهدف للترويج بأنّ الحكومة تتّخذ إجراءات من أجل الحد من معاداة السامية بعد تصاعد الكراهية، ولن يكون لها صدى كبير في أوروبا، والتي اتخذ كثيرون فيها خطوات مشابهة، لكنها من غير المتوقع أن تصل إلى مراحل الحظر الكامل لجماعة الإخوان والشبكات المرتبطة بها  وربما تفضي لتفاهمات مع الإخوان.
غير أن الأهم في هذه التحديات؛ هو تلك الخبرات التي تمتلكها جماعة الإخوان في إخفاء نشاطاتها السرية عبر منظومة واسعة من شبكات تنظيمية، بالإضافة لخبرات واسعة في "التكيف". وهو ما يحتمل معه أن تقدم على إجراء تغييرات في البنى الهيكلية للمنظمات التابعة وبما يحول دون متابعتها، وبالتالي الافتقاد لأدلة دامغة تؤدي إلى حظرها، فقد تم تكريس نفوذ الجماعة وحضورها في بريطانيا، عبر سنوات.
معطى آخر سيجعل حظر الجماعة وتطبيق القانون الجديد لمكافحة التطرف عليها أنها تستخدم "الإسلاموفوبيا"، خاصة مع نمو وتوسع اتجاهات يمينية متطرفة في أوروبا توفر أرضية خصبة تستثمرها الجماعة وتقدم نفسها باعتبارها مرجعية للمسلمين في أوروبا، وراعية لحقوقهم والدفاع عن دينهم، وتستغل أي مساس أو تساؤلات حول نشاطاتها بوصفها مساساً بالدين الإسلامي ومعاداة للإسلام، ولا شك أنها تحقق مكاسب بهذه السياسات في ظل حاجة الكثير من الأحزاب لأصوات المسلمين في مواسم الانتخابات.

إن نتائج القرار البريطاني ستبقى مرهونة بالتطبيق، ويبرز هنا دور الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومدى قدرتها على تقديم شواهد وأدلة، تثبت تورط الجماعة، ليس في خطابات التطرف والكراهية فحسب، بل ودعم ورعاية الإرهاب وتوفير غطاءات له


 وفي الخلاصة؛ فإن نتائج القرار البريطاني ستبقى مرهونة بالتطبيق، ويبرز هنا دور الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومدى قدرتها على تقديم شواهد وأدلة، تثبت تورط الجماعة، ليس في خطابات التطرف والكراهية فحسب، بل ودعم ورعاية الإرهاب وتوفير غطاءات له، لا سيما وقد أصبح ثابتاً في سياسات الإخوان أنها توفر وعبر خطابات مدروسة إنشاء حواضن للتطرف، عبر مؤسسات وشبكات تتخذ من العمل الإنساني والإغاثي المتوافق مع القانون غطاءات، يتم من خلالها فرز عناصر أشد تطرفاً تلتحق بالتنظيمات الإرهابية، وربما كان في شهادات الكثير من العناصر الأوروبية التي التحقت بتنظيم داعش، وعلاقاتها بمؤسسات إخوانية وكيفية تلقيها مناهج تعليمية، في المدارس ودور العبادة، ما مهد لها الطريق للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا، وبموازاة ذلك؛ فإن الإمبراطورية المالية الضخمة والمعقدة لتنظيم الإخوان في أوروبا، والتي تشير تقديرات من مصادر إخوانية انكشفت مع خلافات التنظيم الدولي" انقرة/ لندن" إلى انها تتجاوز "10" مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا وحدها، ومن المؤكد أن المبالغ التي يملكها التنظيم في فرنسا وألمانيا وعواصم أوروبية أخرى لا تقل عما هو موجود لديها في بريطانيا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية