ماذا يعني استمرار استهداف "داعش" للأردن؟

ماذا يعني استمرار استهداف "داعش" للأردن؟


09/06/2020

خرجت وسائل الإعلام الأردنية بشكل مفاجئ في 8 حزيران (يونيو) الجاري بأخبار تفيد بقيام محكمة أمن الدولة الأردنية المعنية بقضايا الإرهاب بالنظر في 5 قضايا متفرقة، تورط فيها 8 أشخاص تراوحت الأحكام التي صدرت بحقهم ما بين 5 إلى 8 أعوام مع الأشغال الشاقة، وذلك إثر قيام دائرة المخابرات الأردنية بإحباط عمليات إرهابية لتنظيم داعش وجبهة تحرير الشام كانت تستهدف مدن الأردن الرئيسة: العاصمة عمّان، وإربد في الشمال، والزرقاء في الوسط.

معظم المخططات الإرهابية كانت تستهدف الأجهزة الأمنية والسياحة في مدن عمّان وإربد والزرقاء

وفي التفاصيل؛ ذكرت صحيفة الرأي الأردنية أنّ دائرة المخابرات العامة أحبطت عملاً إرهابياً لشاب يبلغ من العمر 20 عاماً من مؤيدي "هيئة تحرير الشام" الإرهابية، كان يستهدف محلاً لبيع المشروبات الكحولية بقنابل المولوتوف، وقبضت عليه منتصف شباط (فبراير) 2020.
وتبين أنّ ذات الشخص ومعه آخر بنفس العمر، خططا قبل نحو عامين لقتل أحد ضباط المخابرات باستخدام سلاح ناري، إذ عاينا آنذاك مكان سكنه وعمله، ومركبته التي يستقلّها، إلا أنّ إلقاء القبض على أحدهما بتهمة الترويج لأفكار جماعة إرهابية في حينه، حال دون إتمام مخططهما الإرهابي.

 

 

وذكرت لائحة الاتهام أنّ القبض على أحدهما لم يُثنِ الآخر عن التفكير والتخطيط لتنفيذ عمل إرهابي على الساحة الأردنية "نُصرةً" لهيئة تحرير الشام الإرهابية واقتناعه بأفكارها؛ إذ عاين محلاً لبيع المشروبات الكحولية في وسط العاصمة عمان، وحدّده هدفاً له باستخدام زجاجات حارقة من صُنعه، كما ورد في لائحة الاتهام، بحسب الصحيفة.

 

 

اقرأ أيضاً: الأردن يحبط مخططاً إرهابياً.. تفاصيل
وشمالاً في محافظة إربد، القريبة من الحدود السورية، ذكرت صحيفة "الرأي" الأردنية بتاريخ 7 حزيران (يونيو) الجاري أنّ "دائرة المخابرات العامة تمكنت من إحباط عمل إرهابي، لمتهمَين خططا لاستهداف كوادر مركز أمن شمال إربد باستخدام أسلحة نارية، وقبضت عليهما مطلع شباط (فبراير) الماضي، كما ألقت القبض على ثالث يعلم بمخططهما ولم يبلّغ عنه.

تم إحباط عمل إرهابي في عمّان لشاب يبلغ 20 عاماً من مؤيدي "هيئة تحرير الشام" الإرهابية

وأشارت لائحة الاتهام إلى أنّ المتهمين الثلاثة حاولوا الالتحاق بعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في سيناء بمصر، عن طريق التسلل كسيّاح من شرم الشيخ، إلا أنّ محاولتهم لم تتم، وذلك بعد أن أخبرهم أحد عناصر داعش في سيناء الذي تواصل أحد المتهمين معه، أنّ الطريق غير آمن، عندها قرر المتهمون تأجيل التحاقهم، وعلى إثر متابعة المتهم الثاني لإصدارات "داعش" التي تحرض على عمليات عسكرية كل في بلده، تولدت لديه الفكرة لتنفيذ عمل إرهابي على الساحة الأردنية؛ إذ عرض الفكرة على المتهم الأول الذي أبدى موافقته، في حين رفض الثالث فكرة العمل الإرهابي، وفضّل الانضمام للقتال بجانب عناصر "داعش"، وكان هدف المتهمَين؛ الأول والثاني بالعمل الإرهابي هو مركز أمن إربد الشمالي.
وبعد أن اتفق المتهمان على تنفيذ العملية، قاما بمعاينة المركز الأمني وتأمين سلاح ناري، لكن أُلقي القبض عليهما في 3 شباط (فبراير) الماضي قبل التنفيذ، فيما قُبض على المتهم الثالث في أواخر الشهر نفسه، ويواجه المتهمون الثلاثة في القضية وفق لائحة الاتهام تهمتي الترويج لأفكار جماعة إرهابية، ومحاولة الالتحاق بجماعات مسلحة وتنظيمات إرهابية، واثنان منهم يواجهان تهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية، والثالث تهمة عدم الإبلاغ عن معلومات اطلع عليها ذات صلة بنشاط إرهابي.

 

 

وفي مكانٍ آخر في محافظة إربد، وبهدف ضرب قطاع السياحة في الأردن، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أنّ جهاز المخابرات العامة، أحبط مخططاً إرهابياً كان يستهدف السياحة في منطقة أم قيس الشمالية الأثرية، "نصرةً" للتنظيم الإرهابي داعش وانتقاماً لمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي.

 

 

اقرأ أيضاً: الأردن يحبط مخططات إرهابية لتنظيم داعش.. تفاصيل
تم القبض على المتهمين، وعددهم أربعة، وجميعهم يواجهون تهمة الترويج لأفكار جماعة إرهابية. وكانوا يتبادلون الإصدارات والأناشيد في ما بينهم عبر برامج التواصل الاجتماعي لزيادة قناعتهم بما ينوون فعله، وضرورة التمسك بأفكار التنظيم، وكذلك متابعة القنوات التابعة له مثل "أعماق ودابق"، حتى إلقاء القبض عليهم، واستغل المتهمان؛ الثالث والرابع، فرصة الخطابة في المساجد في مدينة إربد كونهما يعملان في وزارة الأوقاف بنشر أفكار التنظيم بين مرتادي المساجد.

تهديد داعش للساحة الأردنية لن تُطوى صفحته طالما ما زال له جيوب في دول الجوار

وأوضحت لائحة الاتهام أنّه في بداية 2020 أخذ المتهم الأول بالتفكير بتنفيذ عملية إرهابية على الساحة الأردنية نصرة لتنظيم داعش الإرهابي وانتقاماً لمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، وحدد مرتادي منطقة آثار أم قيس من السياح الأجانب هدفاً له بطعنهم، وعرض الأمر على المتهم الثاني، إلا أنّ الأخير لم يوافق على ذلك، وقد حال القبض على المتهم الأول في العاشر من شباط (فبراير) الماضي دون ذلك، وجرى بعدها القبض على باقي المتهمين، وعليه جرت الملاحقة.
أما في الزرقاء، مسقط رأس أبو مصعب الزرقاوي، فقد ذكرت صحيفة "الرأي" الأردنية أنّه في 2 حزيران (يونيو) الجاري، أنّ دائرة المخابرات العامة أحبطت أواخر شباط (فبراير) الماضي مخطَّطين إرهابيين لمتهمَين استهدفا مبناها في المدينة باستخدام مواد متفجرة لقتل أكبر عدد من المتواجدين، وإحدى دورياتها الثابتة وقتل طاقمها بأسلحة نارية.

 

 

وبحسب ما ذكرت الصحيفة، فإنّ المتهمَين خطّطا لعمليتهما الإرهابية نصرة لتنظيم داعش، وكانا يتابعان إصدارات التنظيم لتقوية عزيمتهما وترسيخ فكره لديهما حتى أصبحا يكفِّران كافة الأجهزة الأمنية، وتحديداً دائرة المخابرات، وفق ما ورد في لائحة الاتهام؛ حيث يواجه المتهمان وفق محكمة أمن الدولة تهمتي المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية والترويج لأفكار جماعة إرهابية.
تجدر الإشارة الى أنه في أواخر العام 2019، كشفت جلسة علنية لمحكمة أمن الدولة الأردنية عن إحباط مخطط خلية إرهابية لتفجير مبنى مخابرات محافظة معان جنوبي البلاد، واستهداف دوريات تابعة لأجهزة الأمن العام وقوات الدرك، كان من المزمع تنفيذه في شهر آب (أغسطس) 2019.

 

 

لكن؛ ما دلالات هذه الحوادث والدروس المستفادة منها؟
باختصارٍ فإنّ هناك عدداً من الملاحظات التي يمكن أن تجيب عن هذا السؤال:
1. إنّ تهديد داعش للساحة الأردنية ما زال ماثلاً وخطيراً، ولم ينتهِ، ولن تُطوى صفحته طالما ما زال له جيوب في سوريا والعراق ومصر، وطالما بقي التنظيم قادراً على نشر دعايته والتجنيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
2. جميع هذه العمليات تعود إلى بداية العام، وتم الإعلان عنها الآن نظراً لأن محكمة أمن الدولة الأردنية عادت إلى مواصلة عملها منذ الأسبوع الماضي بعد فترة انقطاع بسبب جائحة كورونا.
3. إنّ إحباط هذه العمليات المتفرقة في عمان وإربد، والزرقاء إنجاز يُسجل للأجهزة المعنية، ويدل على اليقظة والمتابعة الحثيثة، لكنه يشي في الوقت نفسه أنّ هناك عمليات أخرى لم تكشف بعد.

إحباط هذه العمليات يُسجل للأجهزة المعنية لكنه يشي أنّ هناك عمليات أخرى لم تُكشف بعد

4. وزارة الأوقاف الأردنية في حاجة الى مراجعة مستمرة لخطباء المساجد، خاصة أنّ اثنين من المخطّطين لتنفيذ عملية إربد كانا من موظفي الوزارة، وهو أمر التزمت به في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والارهاب منذ العام 2014.
5. ما تزال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تمثل البديل المفضل لتنظيم داعش للتجنيد وكسب الأعضاء في ظل تشديد الإجراءات الأمنية الأردنية على حرية حركة العناصر الإرهابية، وتجفيف منابع الإرهاب الأخرى.
6. إنّ متابعة الأجهزة الأمنية وخاصة المخابرات الحثيثة للتنظيم على الساحة أو في الخارج ستدفع التنظيم نحو المزيد من الاعتماد على العمل الفردي (أسلوب الذئاب المنفردة) خوفاً من الملاحقة وإحباط مخططاتهم.
7. لأول مرة في تاريخ مكافحة الإرهاب في الأردن يعترف إرهابيون أردنيون بنيّتهم الالتحاق بتنظيم داعش في سيناء من خلال التسلل عبر شرم الشيخ كسيّاح.
8. كافة المتهمين هم من قطاع الشباب، ومحيط الأصدقاء.

 

 

9. أهداف التنظيم هي خليط من الأهداف الصلبة مثل: المقرات الأمنية (المخابرات والشرطة)، كوادر الأمن خاصة رجال المخابرات، والأهداف الرخوة مثل: قطاع السياحة، والسياح الأجانب، وأماكن بيع الكحول.
10. إنّ اعتقال وسجن أعضاء الجماعات الإرهابية ثم الإفراج عنهم لا يعني أنّهم تركوا التنظيم أو اندمجوا في المجتمع، ودليل ذلك أنّ المتهم الأول بعملية الزرقاء سبق وأن حوكم أمام محكمة أمن الدولة بتهم الترويج لأفكار جماعة إرهابية، إلا أنّه وبعد خروجه من السجن وإنهاء محكوميته في آب (أغسطس) 2018 بقي مستمراً بتأييد ومناصرة التنظيم، وهذا ما يلقي بظلالٍ من الشك والغموض على فائدة برامج التأهيل والإدماج والرعاية اللاحقة.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية