ماذا لو نجح أردوغان في "ورقة" اللاجئين وألغى "الطرف الثالث"؟

أردوغان

ماذا لو نجح أردوغان في "ورقة" اللاجئين وألغى "الطرف الثالث"؟


04/03/2020

فيما نددت النمسا بـ"ابتزاز" تركي في قضية اللاجئين واعتبرته بمثابة "هجمة على أوروبا"، تساءلت صحيفة "فايننشال تايمز" عما إذا كانت تركيا ستتمكن من تأمين المزيد من أموال الاتحاد الأوروبي عبر هذا الابتزاز؟. وقالت الصحيفة: "على الرغم من تهديداته، فإنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سيكون حريصاً على تجديد ترتيباته بشأن الهجرة واللاجئين مع الاتحاد الأوروبي".

يقول المسؤولون  في بروكسل إنهم وفوا بالتزاماتهم مع أردوغان، إذ صرفوا المساعدات المالية كاملة وقدرها 6 مليارات يورو

وأفادت "فايننشال تايمز" بأنّ الحكومات الأوروبية في الوقت الحالي على خلاف حول كيفية تمويل ميزانيتها المقبلة طويلة الأجل، التي تبدأ من 2021-2027. فالكتلة تواجه أزمة تمويل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المحتمل أن تخفض الأموال المخصصة لإنفاق مشاريع مثل دوريات الحدود التي تقوم بها فرونتكس-وكالة إدارة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي. ويراهن الرئيس أردوغان عبر استخدام ورقة اللاجئين السوريين في وجه أوروبا على "الحصول على مزيد من الأموال التي يتم تحويلها مباشرة إلى حكومته في المستقبل، بدلاً من رؤيتها تدار من قبل أطراف ثالثة تعمل في بلده"، وفقاً لما ذكرت "فايننشال تايمز"، التي نقلت عن أحد كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، الذي لم تسمّه، اعترافه "بأنه على الرغم من كل المآسي من جميع الجوانب، فإن أوروبا لا تستطيع أن تترك الصفقة (مع أردوغان) تتراجع". وقال المسؤول "سنقوم بصفقة لكن ليس في نقطة يبدو أننا نُبتز".

هولندا: أردوغان يضع "سكيناً في حلق أوروبا"
وقالت مديرة مركز أبحاث سياسة الهجرة في أوروبا، هان بيرنز، إنّ نموذج الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على التعاون مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأضافت: "لدينا بالفعل وضع محفوف بالمخاطر. الآن هناك دولة ثالثة (تركيا) ترفع رأسها وتقول - نحن نريد نوعاً مختلفاً من الصفقة"، بحسب "فايننشال تايمز".

اقرأ أيضاً: هل تنتهي معاناة اللاجئين على الحدود التركية اليونانية؟
وزير الشؤون الأوروبية الألماني، مايكل روث، قال أول من أمس لمجلة "دير شبيغل" الألمانية بأنّه "حان الوقت لأن نستيقظ أخيراً ونطور مفهوماً للهجرة المستدامة". لكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يعترفون، بحسب "فايننشال تايمز" بأن وضع إستراتيجية لإبقاء الحكومات الأوروبية الغربية والشرقية متحدة يثبت أنه بعيد المنال. تريد البلدان التي تقودها ألمانيا "تقاسم عبء" عادل للاجئين في جميع أنحاء أوروبا.
وقد أدان مارك روتي، رئيس الوزراء الهولندي ومهندس الاتفاق الأولي مع أنقرة، تصرّف أردوغان بشأن اللاجئين السوريين؛ لتجاهله الصارخ لشروط الاتفاقية التي بموجبها تمنح تركيا الأموال الأوروبية لإيواء ملايين اللاجئين. وحذر من أنّ أوروبا يجب ألا تتفاوض مع أردوغان "بسكين في حلقها".

حذر رئيس الوزراء الهولندي ومهندس الاتفاق الأولي مع أنقرة من أنّ أوروبا يجب ألا تتفاوض مع أردوغان "بسكين في حلقها"

وقد ندد المستشار النمساوي، سيباستيان كورتز، أمس بما وصفها محاولة تركيا "ابتزاز" الاتحاد الأوروبي عبر فتح حدودها أمام آلاف اللاجئين الساعين للتوجّه إلى أوروبا. وقال كورتز للصحافيين إن ما حصل يعد بمثابة "هجوم تشنّه تركيا على الاتحاد الأوروبي واليونان. اعتاد الناس على الضغط على أوروبا"، مضيفاً أن التكتل أمام "امتحان" بشأن إن كان بمقدوره حماية حدوده الخارجية، وفقاً لما نقلت عنه "وكالة الأنباء الفرنسية". أما وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، فقال أمس إن "ابتزاز" تركيا التي تهدد بالسماح بعبور ملايين المهاجرين إلى أوروبا إذا لم تحصل على مساعدات من الاتحاد الأوروبي، "غير مقبول". وأضاف الوزير الفرنسي أمام الجمعية الوطنية أنّ أنقرة "تستخدم ورقة اللاجئين والمهاجرين الموجودين بالفعل على أراضيها"، بحسب وكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً: تركيا ومأساة اللاجئين السوريين: "الأنصار" يتاجرون بـ "المهاجرين"
وقد "طغت أكبر هجرة جماعية في الصراع الدائر في سوريا منذ تسع سنوات على قدرة عمال الإغاثة على الاستجابة - وأصبحت النقطة المحورية للأزمة الجيوسياسية التي تهدد بالخروج عن السيطرة"، كما علّقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
أموال وتأشيرات واتفاق جمركي وسط عجز أوروبي
من جهتها، نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية أمس مقالاً افتتاحياً تحدث عن الخلاف الأوروبي مع تركيا. وتذكر الصحيفة أن طفلاً عمره 6 أعوام غرق أمام السواحل اليونانية عندما جنح القارب الذي كان فيه مع عدد من المهاجرين. وقد تكرر ظهور صور الأطفال الذين قذفت بهم أمواج البحر إلى اليابسة جثثاً هامدة، حيث هربت عائلاتهم بهم من أهوال الحرب بحثاً عن الأمان وعن حياة أفضل.  والآن نشهد موجة جديدة من مئات، بل آلاف المهاجرين، يتأهبون للنزوح نحو أوروبا.  وتذكر الصحيفة أن اتفاق عام 2016 بين أنقرة والاتحاد الأوروبي ينص على أن توقف أنقرة تدفق المهاجرين على حدود الاتحاد مقابل مساعدات مالية قيمتها 6 مليارات يورو للتكفل بالمهاجرين في تركيا. ويبدو أن أنقرة تريد المزيد من الأموال وتسهيل حصول الأتراك على تأشيرات دخول الاتحاد الأوروبي والتقدم في مفاوضات التوقيع على اتفاق جمركي بين الطرفين، بحسب "التايمز".
 اللاجئون السوريون يستحقون تأمين ظروف حياة إنسانية كريمة تقيهم ويلات الحرب

حق السوريين بالكرامة ليس ورقة سياسية
ولا شك في أنّ اللاجئين السوريين يستحقون تأمين ظروف حياة إنسانية كريمة تقيهم ويلات الحرب في إدلب واستخدام أردوغان لهم ورقة لتحقيق مصالح سياسية وانتخابية داخل تركيا. وبين عجز الاتحاد الأوروبي ورفضه الخضوع لابتزاز أردوغان، ثمة تساؤل مطروح محوره: ما هي التداعيات على أوروبا وعلى ميزانياتها في حال نجح أردوغان في ابتزازها بورقة اللاجئين السوريين. صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت مقالاً تحليلياً كتبته، جنيفر رانكين، قالت فيه إنّ الدول الأوروبية عجزت عن التوصل إلى اتفاق بشأن سياسة موحدة للهجرة. وأضافت الكاتبة "الآن وقد فتح الرئيس أردوغان الباب أمام المهاجرين الراغبين في التوجه إلى أوروبا، انكشف عجز دول الاتحاد الأوروبي عن صياغة سياسة موحدة للهجرة خلال 4 سنوات".
ويقول المسؤولون في بروكسل إنّ الاتحاد اليوم في وضع أحسن بكثير مما كان عليه في عام 2015 عندما تدفق مليون شخص عبر البحر وتجمعوا على الحدود.  ويعمل الاتحاد الأوروبي، بحسب مقال "الغارديان" على إقامة حدود أوروبية وخفر سواحل بقوات قوامها 10 آلاف بحلول 2027. ويقول المسؤولون أيضاً إنهم وفوا بالتزاماتهم مع أردوغان، إذ صرفوا المساعدات المالية كاملة وقدرها 6 مليارات يورو.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية