ماذا لو حجّ بن غفير إلى الأقصى: شرارات الانتفاضة الفلسطينية تقدح

ماذا لو حجّ بن غفير إلى الأقصى: شرارات الانتفاضة الفلسطينية تقدح

ماذا لو حجّ بن غفير إلى الأقصى: شرارات الانتفاضة الفلسطينية تقدح


كاتب ومترجم فلسطيني‎
15/12/2022

إسماعيل حسن

 تسود مخاوف داخل إسرائيل وخارجها من تشّكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، والتي تضم أحزاباً من أقصى اليمين ممثلة بحزب الصهيونية الدينيّة بزعامة سموتريتش، الذي سيشغل منصب وزير الدفاع ويخطط لضم الضفة الغربية، ونقل الإدارة المدنية في إسرائيل إلى الوزارت الحكومية، وحزب يهوديت بزعامة المتشدد إيتمار بن غفير، الذي سيشغل منصب وزير الأمن القومي بصلاحيات موسعة، تشمل السّيطرة على قوات ما تسمى حرس الحدود العاملة بالضفة الغربية.

 ولهذا تعيش الأوساط الإسرائيلية حالة من القلق، مع بدء اصدار الوزير الإسرائيلي ايتمار بن غفير تصريحات نارية خطيرة، طالب فيها بمنح الضوء الأخضر لكل جندي بإطلاق النار على أيّ فلسطيني يرمي نحوه عبوة ناسفة أو يقذف حجراً، وهو ما سماه إسرائيليون دعوة لهدر دم كل فلسطيني، ومن شأن ذلك إشّعال المنطقة بأكملها، حيث بات من الواضح أنّ هذه التعييّنات الوزارية، ستترك تأثيراتها الكارثيّة على الأوضاع الأمنيّة في الأراضي الفلسطينية، لأنّ بن غفير وسموتريتش ومن خلفهما يعتبرون أنهم أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر، لفرض توجهاتهم اليمينيّة ضد الفلسطينيين بما في ذلك توسيع الاستيطان وتنفيذ ترحيل قسري تدريجي، ما يعني مقابلته باحتجاجات فلسطينية قد تصل ذروتها لاندلاع انتفاضة شعبيّة عارمة.

قلق عسكري إسرائيلي

 لقد حذر وزير الأمن الداخلي السابق من ظهور أي تغيير جديد في المسجد الأقصى، وإلا فستكون هناك انتفاضة فلسطينية ثالثة، معرباً عن اعتراضه على تعيين إيتمار بن غفير بديلاً له، لأنّه ستكون هناك زيادة في جرائم عصابات تدفيع الثمن الخاصة بالمستوطنين ضد الفلسطينيين، هناك علاقة مباشرة بين الزيادة الهائلة في جرائم تدفيع الثمن وقرب تعييّن بن غفير، مؤكداً أنّ اعتبارات بنيامين نتنياهو بتعيّينه شخصية ولا تخص الدولة، ومحذراً من نقل المسؤولية عن حرس الحدود بالضفة الغربية إليه، هذا غير ممكن هذه أرض محتلة والسيطرة هنا للجيش فقط.

 تسود مخاوف داخل إسرائيل وخارجها من تشّكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة

 هناك انتقاد واسع داخل الجيش واستغراب من تعيين بن غفير، فهو مجرم أدين بسلسلة جرائم بينها دعم الإرهاب، كما أنّ بن غفير يخطط لإدخال السّياسة في عمل الشرطة وتسييّسها، وكل الصلاحيات التي يريدها تعد انتهاكاً للأعراف الرئيسية، الخارجيّة الأمريكية فرضت ضغوطاً على رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو، من أجل عدم تعيين المتطرف بن غفير وزيراً للأمن القومي، وسموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية وزيراً للدفاع، بسبب مواقفه الفاشية العنصرية ضد الفلسطينيين، كما أنّ كبار الضباط والجنرالات في الجيش أعربوا عن شعورهم بالقلق من هذا التعيين، لأنّ سموتريتش لا يمتلك الخبرة والمعرفة بأمن إسرائيل، ومن أبرز المعارضين الجنرال تال روسو قائد القيادة الجنوبية ورئيس شعبة العمليات في الجيش، الذي أكد أنّه من السيء أنّ سموتريتش سيعيّن وزيراً للدفاع، لأنّه لم يفعل شيئاً في حياته في هذا المجال وهو غير معروف بل إنّه تهرب من الجيش، ما هو المثال الذي سيضربه أمام الإسرائيليين من يهودي لم يخدم في الجيش.

إسرائيل بحاجة لأبو مازن

هناك كارثة خطيرة قد تحدث من سياسات بن غفير وسموتريتش، فالتعاون مع السلطة الفلسطينية ضروري للأمن، وأي تحريض على السلطة الفلسطينية سيجعل المستوطنين سيقومون بأعمال شغب، نتنياهو وسموتريتش وبن غفير يرون بأنّ أبو مازن هو العدو المرير الذي ينبغي العمل على إبادته، لكنّه هو والسلطة العناصر التي تقف بين الحفاظ على الوضع الراهن الحالي في الضفة الغربية بتعقيداته الكثيرة والعمليات القاسية، وبين انفجار واسع على نمط الانتفاضة، أي انفجار سيجبر الجيش الإسرائيلي على العودة إلى مراكز المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين لزمن طويل، في حالة انفجار شعبي كبير بدون السلطة الفلسطينية، ستضطر إسرائيل لإدارة منظومات المجاري والمياه والكهرباء لسكان الضفة الغربية، والسيناريو الذي سيرغب نتنياهو وربما بن غفير وسموتريتش في الامتناع عنّه في هذه المرحلة، وخصوصاً إذا ما فكروا بالثمن الذي سيرافق ذلك من قتال إسرائيلي داخل مدن الضفة الغربية، كما أنّ حماس في غزة ستطلق نار الصواريخ في حال تصعيد واسع في القدس، وإذا ما رغب اليمين المتطرف في تحقيق الاستقرار وتثبيت حكمه في إسرائيل فعليه أن يحقق الهدوء، ولهذا سيحتاج إلى سلطة فلسطينية قويّة ومستقرة، مع رب بيت حكيم في صلاحيات وقدرات في هذه اللحظة، فرغم ضعف عباس الكبير وسنه المتقدم، إلا أنّه ينجح في إبداء سيطرة ما على الوضع، دليل ذلك ما جرى في نابلس، ونجاح السلطة بمساعدة إسرائيليّة في دفع المطلوبين لتسليم أنفسهم وسلاحهم.

الحكومة ستغير الدولة

بشكل عام حكومة اليمين التي يفترض أن تبدأ أعمالها في الفترة القريبة القادمة، هي نذر شؤم لكل من يعز على قلبه تجسيد الحلم الصهيوني، فبعد كل شيء يدور الحديث عن الحكومة الأقل صهيونيّة منذ قيام الدولة، أكثر من نصف أعضاء الائتلاف هم من الحريديم المتدينين، بعضهم لم يخدم في الجيش الإسرائيلي، بل ويكافحون بتفان ضد الخدمة العسكرية للشباب المتدين، بعض من أعضاء الائتلاف يطرحون مطالب صعبة ومطالبهم قد تغير دولة إسرائيل بشكل مقلق، مثلما هي أيضاً صورة دولة إسرائيل كدولة ديمقراطيّة، ثمة إمكانية بألا تتحقق بعض هذه المطالب، ولا بد أنّ نتنياهو على وعي بالإشكاليّات التي في هذه المطالب، لكن من شأنها أن تغير وجه الدولة إلى الأسوأ، صحيح أنّ نتنياهو حرص في الأيام الأخيرة على تهدئة الوضع من خلال تغريدات في الشبكات الاجتماعية، ومقابلة مع الإعلام الأمريكي حين قال إنّه سيحرص على أن تكون دولة إسرائيل تحت حكمه وستدار مثلما كانت في السابق.

هناك كارثة خطيرة قد تحدث من سياسات بن غفير وسموتريتش

 لكن من المحظور أن ننسى أن نتنياهو قال منذ زمن غير بعيد، إنّ بن غفير لن يكون وزيراً في حكومته بل وحتى بذل جهداً كبيراً بألا تتخذ له صورة معه، وها هو اليوم بن غفير سيكون وزيراً للأمن القومي في حكومته، نتنياهو يعد الحلقة الضعيفة في المفاوضات الائتلافية التي يديرها مع شركائه، عملياً يخيّل أنّه رئيس وزراء مقاد وليس قائداً، يكبله شركاؤه الائتلافيون الواعون جيداً لمشاكله، العارفون أين يضغطون ويعرفون أيضاً ما يتوقع أن يقدموه له فيما يتعلق بمحاكمته، كل هذه تخلق إحساساً بأننّا نسير نحو أيام قاسية، دون التطرق بعد لمشاكل في الأمن الداخلي والخارجي، ولن تضطر إسرائيل لأن تتصدى لها.

المساس بالأقصى سيولد انفجار

إنّ الاتفاق الذي وقعه نتنياهو مع بن غفير يشكل واحداً من أخطر اتفاقيات الائتلافات للحكومات الإسرائيلية، بدءاً من تسمية وزارته الأمن القومي بدل الأمن الداخلي، وهي الوزارة التي تولت مسألة أمن مواطني إسرائيل، وبالأساس نشاط الشرطة التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على أمن السكان، فهذا التغيير يمنحه صلاحيات واسعة، تتجاوز مناطق الخط الأخضر نحو الضفة الغربية، بيني غانتس حذر من تداعيات خطيرة على إسرائيل، بعد تعديل تسمية الوزارة وتعيين بن غفير في رئاستها، بحيث يقيم جيشاً خاصاً به وسيكون هناك تجاوز لصلاحيات الجيش والشرطة في الضفة الغربية، خصوصاً بعد أن وضع نشاط حرس الحدود ضمن صلاحيات وزارته، ما سيؤدي إلى تفكيك هيئات عسكرية تعمل معاً حتى الآن، هناك انشغال متزايد في احتماليّة أن يحج بن غفير إلى الحرم، عكرمة صبري الخطيب الرئيسي للمسجد الأقصى، صرح بأنّ الشعب الفلسطيني لن يسمح لبن غفير أو لأشخاص من قبله، بخرق قدسية المسجد الأقصى وهذا الواقع يذكرنا بسابقات الماضي، زيارة أريئيل شارون للحرم عشية الانتفاضة الثانية، واستفزازات بن غفير نفسه في القدس قبل بدء عملية حارس الأسوار في أيار(مايو) من السنة الماضية.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.maariv.co.il/journalists/Article-963199



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية