ماذا سيحدث في أفغانستان بعد انسحاب أمريكا.. وما مصير مطار كابول؟

ماذا سيحدث في أفغانستان بعد انسحاب أمريكا.. وما مصير مطار كابول؟


31/08/2021

ما تزال مسألة إدارة مطار كابول بعد الانسحاب الأمريكي ملفاً حساساً بالنسبة إلى حركة طالبان وكذلك للدول الغربية، بعد أن أنهت الولايات المتحدة أمس عملية انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان نهائياً، وفقاً للبنتاغون.

 وامتدت عملية الإجلاء  الأمريكية لأكثر من أسبوعين من مطار كابول، نجحت خلالها في إجلاء الآلاف من المواطنين الأمريكيين والأفغان، رغم الفوضى التي سادت تلك العملية.

اقرأ أيضاً: هذه شروط أحمد شاه مسعود للانسحاب من الحياة السياسية.. ما موقف طالبان؟

وأجلت الولايات المتحدة أكثر من 5500 مواطن أمريكي منذ بدء رحلات الإجلاء في 14 آب (أغسطس) الجاري، واختار عدد قليل من الرعايا الأمريكيين البقاء في أفغانستان، كثيرون منهم فضّل ذلك للبقاء مع أفراد أسرته، وفق "سي إن إن".

 وكانت إدارة بايدن قد قالت إنها تتوقع أن تواصل حركة طالبان السماح للأمريكيين وغيرهم بمغادرة أفغانستان بأمان بعد إتمام الانسحاب العسكري الأمريكي، لكنّ المخاوف تتعلق بكيفية مغادرة هؤلاء إن لم يكن هناك مطار يعمل.

 ويبقى بالبلاد عشرات الآلاف من الأفغان يواجهون الخطر، مثل المترجمين الذين عملوا مع الجيش الأمريكي والصحفيين ودعاة حقوق المرأة، فمصيرهم غير واضح، لكنّ المسؤولين يخشون أن تثأر طالبان منهم.

أجلت الولايات المتحدة أكثر من 5500 مواطن أمريكي منذ بدء رحلات الإجلاء في 14 آب (أغسطس) الجاري

 وقد تعهدت طالبان بالسماح لكل الرعايا الأجانب والمواطنين الأفغان الذين يحملون جواز سفر من دولة أخرى بمغادرة أفغانستان، وفقاً لبيان مشترك صادر عن بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما الأحد الماضي، حسبما نقلت وكالة "رويترز".

 ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً للمجتمع الدولي هو: ماذا سيحدث لمطار كابول بعد مغادرة القوات الأمريكية؟

 وفي السياق، تُجري طالبان محادثات مع حكومات دول مثل قطر وتركيا سعياً للمساعدة في استمرار عمليات الطيران المدني في المطار، وهو السبيل الوحيد المتاح أمام كثيرين لمغادرة أفغانستان.

 

إدارة بايدن تتوقع أن تواصل حركة طالبان السماح للأمريكيين وغيرهم بمغادرة أفغانستان بأمان بعد إتمام الانسحاب العسكري الأمريكي

 

 وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريح نقلته وكالة الأناضول أول من أمس: إنّ مطار كابول بحاجة لإصلاحات قبل إعادة فتحه أمام الرحلات المدنية.

وكانت تركيا مسؤولة - في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي- عن أمن المطار طيلة الأعوام الـ6 الماضية، والإبقاء على المطار مفتوحاً بعد تسليم القوات الأجنبية المسؤولية عنه أمر ضروري، ليس لبقاء أفغانستان متصلة بالعالم وحسب، بل للحفاظ أيضاً على الإمدادات وعمليات الإغاثة.

اقرأ أيضاً: هل تخدم حماس أهداف طالبان على الحدود الإيرانية؟

 وستستخدم أنقرة شركة خاصة موظفوها من ضباط الجيش والشرطة السابقين، وستوفر الأمن في مطار كابول في أفغانستان، وفق موقع "ميدل إيست آي".

 بالإضافة إلى ذلك، ستعمل وحدات الكوماندوز المدنية الخاصة فقط داخل حدود المطار لضمان سلامة الأفراد المسؤولين عن الشؤون الفنية.

 

طالبان تُجري محادثات مع حكومات دول مثل قطر وتركيا سعياً للمساعدة في استمرار عمليات الطيران المدني من المطار

 

 وبحسب مصدر مطلع، فإنّ المذكرة حول هذا الموضوع سيتم التوقيع عليها رسمياً بعد 31 آب (أغسطس)، عندما تكمل القوات الأمريكية انسحابها.

 وذكر المصدر أيضاً أنه من المتوقع أن يتبادل الرئيس رجب طيب أردوغان وجهات النظر مع الحلفاء الأعضاء في الناتو قبل توقيع الاتفاقية، لتجاوز توجهات بعض الدول ومنها بريطانيا التي قالت إنه يجب ألا تبرم أي دولة اتفاقات ثنائية مع طالبان تعترف بها حاكماً لأفغانستان، مؤكدة أنّ أنقرة ستعترف في النهاية بطالبان كقوة شرعية لأفغانستان.

 وكان أردوغان قد ذكر في بيانه يوم الجمعة الماضي أنّ الاجتماع الأول مع طالبان استغرق أكثر من 3 ساعات، وقال: "لقد عرضت طالبان علينا تشغيل مطار كابول، لم نتخذ قراراً بعد بشأن هذه القضية".

 من المتوقع أن يتبادل الرئيس رجب طيب أردوغان وجهات النظر مع الحلفاء الأعضاء في الناتو قبل توقيع الاتفاقية

 بالمقابل، دعت حركة طالبان أمس إلى إقامة علاقات كاملة قائمة على "الأخوّة" مع تركيا، التي قال رئيسها رجب طيب أردوغان في اليوم نفسه: إنه مستعد لعقد اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع الحركة التي باتت تحكم أفغانستان.

وجاء هذا التقارب بعد مفاوضات منذ حوالي 3 أسابيع بين طالبان وتركيا تركزت حول تأمين وتشغيل مطار كابول، وهو ما أتاح خصوصاً الاتفاق على بقاء السفارة التركية في أفغانستان، خلافاً لبقية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.

 

وزير الخارجية التركي يؤكد أنّ مطار كابول بحاجة لإصلاحات قبل إعادة فتحه أمام الرحلات المدنية

 

 وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في مقابلة مع قناة "تي آر تي" التركية: "نريد علاقات متينة وحسنة، تركيا بلد مهم بالنسبة إلينا، ولدى أفغانستان علاقات تاريخية قديمة مع تركيا تريد الحفاظ عليها وتريد تمتينها أكثر".

 وأضاف: "يجب أن نصل بهذه العلاقات إلى ثقة كاملة متبادلة، ولدى شعبَي تركيا وأفغانستان مشتركات عقدية وثقافية ودينية، نرغب في توطيد العلاقة والتقارب أكثر مع الحكومة التركية والشعب التركي".

 وقال أيضاً: "نريد دعم تركيا، والمهندسون الأتراك يجب أن يساعدونا، والوجود الدبلوماسي التركي يجب أن يكون قوياً، ويجب أن نعتمد عليهم كإخوة لنا، ويجب أن يستمروا في دعمنا".

اقرأ أيضاً: هل تعود طالبان إلى أحضان تركيا؟

 وأضاف مجاهد في المقابلة: "نريد أن نطمئن الجميع بأننا درّبنا قوات خاصة لأمن المطار، وإذا احتجنا إلى المساعدة في الجانب الفني، يمكن الاستعانة بمهندسين وفنيين أتراك، وفي الجانب الأمني قواتنا تتكفل بذلك".

 

أنقرة ستستخدم شركة خاصة موظفوها من ضباط الجيش والشرطة السابقين، وستوفر الأمن في مطار كابول للفنيين فقط

 

 وردّاً على سؤال حول إمكانية عقد اتفاق مع أفغانستان مماثل لاتفاق أبرمته تركيا مع ليبيا، أجاب أردوغان في تصريح صحفي أمس: "من الممكن عقد اتفاق مماثل، يكفي أن نجد من نتحاور معه".

 ومع إصرار طالبان على مغادرة جميع القوات الأجنبية للأراضي الأفغانية، أعلنت تركيا سحب قوتها العسكرية من كابول.

وترفض حركة طالبان أي وجود عسكري تركي في المطار، واشترطت على تركيا أن يتولى موظفون مدنيون المساعدة في تشغيل المطار.

 وفي الإطار ذاته، سيكون لدولة قطر دور بارز في إدارة وتشغيل مطار كابول، خاصة بعد طلب حركة طالبان رسمياً من الدوحة المساعدة الفنية في تشغيل المطار وإدارة الوضع فيه، وهو ما يعطي دولة قطر دوراً فاعلاً في أفغانستان.

 الخبير في الشؤون الأفغانية روح الله عمر أكد أنّ حركة طالبان تجمعها علاقات قوية وطيبة بقطر، فقد كانت وسيطاً نزيهاً خلال المفاوضات التي أجرتها الحركة مع الولايات المتحدة وتوجت باتفاق السلام التاريخي الذي يقضي بانسحابها من أفغانستان.

 وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين" يقول عمر: "جاء طلب حركة طالبان من قطر لتشغيل مطار كابول في ظل الخبرة الكبيرة التي تمتلكها الدوحة في تشغيل المطارات، وأيضاً بسبب الثقة العالية التي توليها الحركة للقيادة القطرية".

 

مجاهد: نريد أن نطمئن الجميع بأننا درّبنا قوات خاصة لأمن المطار، وإذا احتجنا إلى المساعدة في الجانب الفني، فإنه يمكن الاستعانة بمهندسين وفنيين أتراك

 

 وستعمل حركة طالبان، وفق عمر، على إنهاء الترتيبات الفنية بشكل سريع من أجل تسهيل المهمة للقطريين في تشغيل مطار كابول، خاصة في ظل حاجتها الماسة إلى بقاء بلادها مفتوحة على العالم الخارجي.

 ولن تتردد قطر، كما يوضح عمر، "في قبول عرض حركة طالبان في تشغيل وإدارة مطار كابول، خاصة في ظل حرص الدوحة على دعم جهود السلام، ودعم الاقتصاد الأفغاني بعد الانسحاب الأمريكي الكامل من أفغانستان".

اقرأ أيضاً: كيف ساهمت جهات غربية في تمويل حركة طالبان؟

 وقد أدت قطر دور الوسيط في مفاوضات واشنطن وطالبان، التي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي، أواخر شباط (فبراير) 2020، ينص على انسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل الأسرى.

وتحتاج طالبان إلى إنهاء حالة الفوضى والتوتر الأمني التي تسود مطار كابول، خاصة بعد الانفجار الكبير الذي تسبب بمقتل 13 جندياً أمريكياً وجرح 18 آخرين، و90 أفغانياً، وإصابة 190 آخرين.

 

سيكون لدولة قطر دور بارز في إدارة وتشغيل مطار كابول، خاصة بعد طلب حركة طالبان رسمياً من الدوحة المساعدة الفنية في تشغيل المطار

 

 يُذكر أنّ الغزو الأمريكي لأفغانستان جاء بذريعة القضاء على الجماعات الإرهابية التي نفذت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وقد قتل على مدار الأعوام  الـ20 منذ الغزو الأمريكي حوالي 2461 أمريكياً بين مدني وعسكري، علاوة على إصابة حوالي 20000 أمريكي في أفغانستان في تلك الفترة.

 وسيطرت طالبان على أفغانستان في 14  آب (أغسطس) الجاري بعد أن سقطت العاصمة كابول في أيدي الجماعة المسلحة دون قتال، وهو ما جاء استكمالاً لسيطرة طالبان على أغلب أراضي البلاد مع بدء الانسحاب الأمريكي الذي يمثل اليوم الثلاثاء نهايته الرسمية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية