ماذا تفعل وحدة "جدناع" الإسرائيلية في المدارس العربية بالنقب؟

ماذا تفعل وحدة "جدناع" الإسرائيلية في المدارس العربية بالنقب؟


14/03/2022

في محاولة إسرائيلية مستمرة للسيطرة على الفلسطينيين بالنقب، وأسرلة الفكر الفلسطيني في شتى أماكن تواجده، كشف النقاب مؤخراً عن تغلغل وحدة إسرائيلية تدعى "الجدناع" في إحدى مدارس النقب العربية جنوب فلسطين المحتلة سرّاً، وذلك لتجنيد عدد من الطلبة البدو في صفوفها.

ووحدة "الجدناع" هي اختصار لكلمة "جدودي نوعار"، وتعني كتائب الشبيبة، تأسست عام 1936 بعد اندلاع الثورة العربية الفلسطينية، وتعمل على فئة الشباب بين 15 عاماً وحتى 18 عاماً من اليهود الأصليين، ومن سنّ 13 عاماً من المهاجرين الجدد.

ويتم الانضمام لهذه الوحدة بالتطوع، وأحياناً بالضغط، نظراً لقلة عدد المتطوعين، حيث يكون غرضها غرس الروح العسكرية في صفوف الطلبة والشباب الصهاينة، وتأهيلهم للخدمة العسكرية فيما بعد.

وتعدّ "الجدناع" كتيبة داخل الجيش الصهيوني، يتمّ تدريب المتطوعين فيها على استعمال الأسلحة الخفيفة، والتدريبات الميدانية كخطوة في التحضير للانخراط في الخدمة العسكرية الإجبارية، حيث تهتمّ "الجدناع" بتغذية روح الاستعمار والحقد على العرب، لا سيما الذين يسكنون أرض فلسطين، كما تعرّفهم إلى ما يدعوه الصهاينة بـ "إسرائيل الكبرى" وتعلمهم محبتها، وتشجعهم على التطوع في المشاريع التي تخدم دولة الاحتلال.

يتم التركيز في المضامين التعليمية على الرواية الصهيونية، وتجاهل الرواية الفلسطينية، لخلق جيل غريب عن تاريخه وحضارته وتذويت الرواية الصهيونية

وحذّرت شخصيات في قرية السيد بالنقب، في 24 شباط (فبراير) الماضي، من خطورة التوغل العسكري في المؤسسات التربوية بهدف غسل دماغ الطلاب لإقناعهم بفكرة حصولهم على امتيازات، إذا ما تساوقوا مع خطة وحدة "الجدناع" التي تعمل في المدارس العربية في الجنوب".

وقالت هذه الشخصيات في بيان لها: إنّ "هذه الوحدة تهدف إلى ممارسة وسائل مبتكرة تستند إلى الترهيب والترغيب في آن معاً، لحرفِ الطلاب والطالبات عن مساراتهم التعليمية والتفكير بمستقبلهم المزعوم، من خلال الالتحاق بجيش الاحتلال، في خطوةٍ غريبة وخطيرة".

وأكدت الشخصيات على "ضرورة الحفاظ على تاريخ القرية الذي اتسمّ بالتمسك بالأرض والدفاع عنها والنضال على مدى عقود، وصولاً لانتزاع الاعتراف بها دون التفريط بشبرٍ منها ودون المساومة على شرفهم وشرف أبنائهم".

وناشد البيّان لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية "بالخروج من حالة الصمت إزاء ما يجري في مدارس النقب من عمليات مسحٍ لعقول الطلاب وتحويلهم للاصطفاف مع المعتدي وسلخهم عن شعبهم".

اقرأ أيضاً: التجسس يغذي دوافع إسرائيليين لتعلم اللغة العربية

كما ناشدت أعضاء الكنيست العرب والديمقراطيين اليهود بالتدخل الفوري "للحفاظ على المؤسسات التربوية، ومنع أيّة جهات من التدخل في سيرورة العملية التربوية"، وحملت الشخصيات المسؤولية عن "تدهور المستوى التعليمي للقيادة العربية التي لم تحرك ساكناً إزاء الترويج للخدمة المدنية المنتشرة بكثافة في مدننا وقرانا العربية".

وكانت لجنة التوجيه لعرب النقب حذرت من ظاهرة تشجيع التجنيد في أوساط تلاميذ المدارس الثانوية في النقب، وذلك على خلفية نشر تقرير في الإعلام العبري حول قيام مدير مدرسة ثانوية في الجنوب بإرسال تلاميذ الثانوية إلى دورة "الجدناع" عسكرية.

ظاهرة خطيرة

وجاء في بيان عمّمته لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، في 23 شباط (فبراير)2021: "نلاحظ في الآونة الأخيرة ظاهرة في منتهى الخطورة، تستهدف الوعي، الهوية والانتماء لطلابنا في المدارس، حيث تسعى السلطات الإسرائيلية، بمن فيها الجهات الأمنية، إلى تحويل المدارس لمصانع لغسل الدماغ وتخريج أجيال غريبة عن بعدها العربي وعمقها الحضاري وقيمها الإسلامية، وصهينة الوعي وتبنّي الرواية الصهيونية وشطب الرواية الفلسطينية والحقّ التاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين".

اقرأ أيضاً: الحركة الفلسطينية الأسيرة تحلّ التنظيمات لمواجهة عقوبات السجان الإسرائيلي

وتابع البيّان بأنّه "من حق الأهالي، وفقاً للقانون، المشاركة في مضامين برامج التعليم من خلال لجان الآباء وضرورة إحياء المناسبات الوطنية، الاجتماعية والدينية لتعزيز الانتماء في أوساط شريحة الطلاب".

وأنهى البيان: "نتوخى من مدراء المدارس أداء رسالتهم المقدسة في التربية والتعليم، بعيداً عن أسرلة وعي أبنائنا وتعزيز انتمائهم للعمق العربي والإسلامي".

وأظهرت نتائج دراسات إسرائيلية أخيرة؛ أنّ 73% من الشباب والطلاب في الداخل يرفضون الالتحاق بما تسمى "مشاريع الخدمة المدنية"، رغم وجود مغريات فيها، وهو ما يعكس وعيهم بأنّ هذا العنوان هو خطوة نحو الخدمة العسكرية بجيش الاحتلال.

شرعنة الخدمة العسكرية

ويرى عضو الكنيست الإسرائيلي الأسبق، طلب الصانع، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "هناك محاولة لشرعنة الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، وطمس الهوية الفلسطينية وتعزيز الأسرلة، عبر استخدام المدارس والمناهج الدراسية لتحقيق هذا الهدف، حيث يتم التركيز في المضامين التعليمية على الرواية الصهيونية، وتجاهل الرواية الفلسطينية، لخلق جيل غريب عن تاريخه وحضارته وتذويت الرواية الصهيونية، وما يدلل على ذلك ما شهدته مدرسة النقب من محاولات وحدة "الجدناع" التغلغل داخلها، وذلك لتجنيد عدد من الطلبة داخل هذه الوحدة".

عضو الكنيست الإسرائيلي الأسبق، طلب الصانع: هناك محاولة لشرعنة الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي

ويضيف الصانع: "الوحدة تعمل على غسل أدمغة الطلبة، من خلال عملها الذي يبدأ ويقوم على المضامين والمناهج، حيث يحرص الجنود الإسرائيليين على التواجد في المدارس، لتشجيع الطلبة على الالتحاق بالجدناع، وتمهيد الطريق أمامهم للانخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي لاحقاً، في ظلّ دراسة الطلاب العرب التاريخ اليهودي دون دراسة التاريخ الفلسطيني، كما أنّهم يدرسون عن الأدباء اليهود ولا يدرسون عن الأدباء الفلسطينيين"، مبيناً أنّ "المناهج الصهيونية تحاول إرساء مفهوم أنّ النكبة الفلسطينية، عام 1948، هي تحرير وليست احتلالاً، لتكون كلّ هذه المفردات اللغوية هدفاً واضحاً لتشويه الوعي العربي وكيّه".

خدمة المشروع الصهيوني

وتابع بأنّ الأسباب التي تدفع الاحتلال لتنشئة الفلسطينيين تنشئة عسكرية في مراحل مبكرة، "هو تحويلهم إلى أدوات لخدمة المحتل، وتنفيذ برامجه، ووضعهم في مواجهة مستمرة مع شعبهم، وتحويل الخطر الديمغرافي العربي الفلسطيني إلى رصيد في خدمة المشروع الصهيوني، إلا أنّه، رغم ذلك، فقد أثبت الفلسطينيون في مختلف المحطات التاريخية تمسّكهم بعروبتهم وأصالتهم وثقافتهم، وظهر ذلك جلياً في عدد من الهبّات؛ كهبّة يوم الأرض، وهبّة القدس والأقصى والشيخ جراح، وأحداث قرية سعوة في النقب".

ولفت الصانع إلى أنّ خطورة التوغل العسكري الإسرائيلي في المؤسسات التربوية تهدف إلى "محاولة تجهيل الطلبة العرب في النقب والداخل المحتل من جهة، وكذلك طمس الهوية وتزييف الوعي من خلال المضامين الدراسية والممارسات العملية على الأرض من جهة أخرى، لخدمة المشروع الصهيوني".

وبيّن النائب الأسبق في الكنيست الإسرائيلي؛ أنّ "السكان العرب يطالبون دوماً بإدارة تربوية عربية مستقلة لها خصوصيتها في وزارة المعارف الإسرائيلية، نظراً للتمايز العربي القومي والثقافي والاجتماعي عن السكان اليهود، إلا أنّ السلطات الصهيونية، والتي أقامت إدارة تربوية لليهود المتدينين والمستوطنين، ترفض إقامة إدارة تربوية عربية مستقلة، كونها ترى في جهاز التربية أداة للتطويع والتطبيع؛ حيث بقي جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي، على مدار السنوات العشر الأخيرة، تحت سلطة جهاز المخابرات، وهو دليل ومؤشر واضح على أهداف جهاز التعليم العربي في المنظور الإسرائيلي".

ميزانيات مالية كبيرة

بدوره، قال منسق مركز لجنة التوجيه العليا للعرب في النقب، وعضو الكنيست السابق جمعة الزبارقة، لـ "حفريات": إنّ "السلطات الإسرائيلية تسعى منذ زمن بعيد إلى تجنيد العرب البدو في النقب داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، كما حصل مؤخراً من قيام وحدة الجدناع بالتغلغل في مدرسة عربية بالنقب، وذلك في محاولة لكيّ الوعي العربي الفلسطيني، وكذلك تشتيت انتباه السكان العرب عن قضاياهم الأساسية والمركزية، في ظلّ الهجمة الصهيونية المسعورة التي ترتكب بحقهم من قبل الاحتلال لتهجيرهم وطردهم".

عضو الكنيست السابق جمعة الزبارقة: الحكومة الإسرائيلية ترصد ميزانيات مالية كبيرة بطرق مختلفة

وأكد زبارقة؛ أنّه "على الرغم من سائر المحاولات الإسرائيلية نحو السكان العرب بالنقب، لدفعهم على الانخراط في الجيش، إلا أنّ هناك تراجعاً كبيراً في عدد المجندين في السنوات الأخيرة، لأسباب عدّة، من بينها زيادة الوعي الفلسطيني بالخطر المحدق الذي يلاحقهم؛ كهدم البيوت، والتضييق المستمر، ومصادرة الأراضي، والتحريض الصهيوني المستمر ضد السكان البدو بالنقب".

ولفت إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية ترصد ميزانيات مالية كبيرة بطرق مختلفة، "جزء منها يذهب نحو المدارس والمؤسسات التعليمية، والجزء الآخر يذهب لميزانية الجيش لدعم عدة وحدات، ومن بينها "الجدناع"، لتجنيد العرب، على الرغم من أنّ التجنيد الإجباري للسكان العرب ليس إجبارياً، إلا أنّ ذلك يصبّ في خانة تشويه الهوية الثقافية والعربية الفلسطينية للسكان البدو في النقب".

وبيّن زبارقة؛ أنّ استهداف هذه الفئة الشابة من العرب، والذين لم تتبلور لديهم الهوية بعد في هذه المرحلة من الحياة، "يرمي بكلّ تأكيد للسيطرة عليهم، حيث تتخذ لجنة المتابعة العربية كافة الخطوات لمنع تجنيد العرب ضمن قوات الجيش الإسرائيلي، الذي يقوم على قمع أبناء شعبنا الفلسطيني".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية