ماذا تبقى للإخوان بعد القبض على القيادي الإخواني محمود عزت؟

ماذا تبقى للإخوان بعد القبض على القيادي الإخواني محمود عزت؟


30/08/2020

وجّهت الأجهزة الأمنية المصرية ضربة مؤثرة لقيادات جماعة الإخوان في الداخل والخارج، بالقبض على القائم بأعمال المرشد الدكتور محمود عزت، وذلك داخل شقة بالقاهرة الجديدة، وعثر بحوزته على أوراق تنظيمية وبرامج مشفرة، وعزت الذي ظل هارباً على مدار 7 أعوام كاملة، كان فيها بمثابة الدينامو والمحرك للكثير من الأعمال التخريبية والإرهابية المسلحة التي شهدها المجتمع المصري.

 

مثّل إلقاء القبض على محمود عزت هزيمة نفسية ومعنوية للصف الإخواني قبل أن تكون خسارة تنظيمية

وأبرز الاتهامات المتورط بها، عملية اغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات العام ٢٠١٥ أثناء خروجه من منزله باستخدام سيارة مفخخة، والتي أسفرت عن إصابة ٩ مواطنين، وحادث اغتيال العميد وائل طاحون أمام منزله بمنطقة عين شمس العام ٢٠١٥، واغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي أمام منزله بمدينة العبور العام ٢٠١٦، وحادث تفجير سيارة مفخخة أمام معهد الأورام خلال في آب (أغسطس) ٢٠١٩، والتي أسفرت عن مصرع ٢٠ مواطناً وإصابة ٤٧، فضلاً عن اضطلاعه بالإشراف على كافة أوجه النشاط الإخواني الإرهابي ومنها "الكتائب الإلكترونية الإخوانية التي تتولى حرب الشائعات وإعداد الأخبار المفبركة والإسقاط على الدولة بهدف إثارة البلبلة وتأليب الرأي العام".

بناء على هذا السجل الإجرامي؛ صدر ضد عزت حكم بالإعدام في القضية رقم ٢٠١٣/٥٦٤٥٨ جنايات قسم أول مدينة نصر (تخابر)، وحكم مماثل في القضية رقم ٢٠١٣/٥٦٤٣ جنايات قسم أول مدينة نصر (الهروب من سجن وادي النطرون)، والمؤبد في القضية رقم ٢٠١٣/٦١٨٧ جنايات قسم المقطم (أحداث مكتب الإرشاد)، والمؤبد في القضية رقم ٢٠١٣/٥١١٦ جنايات مركز سمالوط (أحداث الشغب والعنف بالمنيا)، هذا فضلاً عن كونه مطلوباً ضبطه وإحضاره في العديد من القضايا الخاصة بالعمليات الإرهابية لتنظيمه.

اقرأ أيضاً: خوف يسود الإخوان بتركيا بعد القبض على عزت.. "لم نتواصل معه"

ويمثل محمود عزت لجماعة الاخوان الكثير من الأهمية، ففضلاً عن أنّه نائب المرشد والقائم بأعماله، فهو أمين صندوق الجماعة والمطلع على أسرار التمويل، وهو الرجل القوي في التنظيم والعقل المدبر الذي أدار الجماعة قبل 25 كانون الثاني (يناير) 2011  إلى أن ألقي القبض عليه، والقيادي القادر على التخفي والتهرب من أعين الأمن، كما أنّه كنز معلوماتي ثمين، ويملك قاعدة بيانات الجماعة الإرهابية، لذا مثّل إلقاء القبض عليه هزيمة نفسية ومعنوية للصف الإخواني قبل أن تكون خسارة تنظيمية.

 

عمر فاروق: هذه الضربة من المرجح أن توقف وتعرقل تحركات الجماعة بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة

يقول الكاتب والباحث في الإسلام السياسي الدكتور عمرو فاروق: " يعتبر القبض على محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، ضربة موجعة لجماعة الإخوان وقواعدها التنظيمية، لاسيما أنّها تعيش حالياً مرحلة من الكمون التنظيمي، أو ما يسمى وفقاً لأدبيات الجماعة، باستراتيجية "دار الأرقم"، أو حتى الخلايا "الحركية"، التي يتم توظيفها في تحقيق الأهداف التنظيمية".

ويضيف في حديثه لـ"حفريات" إنّ هذه الضربة من المرجّح أن توقف وتعرقل تحركات الجماعة بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، "لاسيما أنه كان الشخصية المهيمنة والمؤثرة على مفاصل التنظيم على مدار أكثر من أربعين عاماً قضاها داخل جدران مكتب الإرشاد منذ ثمانينيات القرن الماضي".

اقرأ أيضاً: هذه أبرز القضايا المتورط فيها القيادي الإخواني محمود عزت

ويوضح فاروق: يعد محمود عزت المحرك الفعلي لأعمال العنف والإرهاب، والمانح الأول لتشكيل وتأسيس الخلايا النوعية، والتي خرجت تحت مسميات متعددة مثل العقاب الثوري، وكتائب حلوان، وحركة حسم، وحركة لواء الثورة، وغيرها من اللجان النوعية المسلحة، التي تكونت تحت إشراف محمد كمال، الذي حاول الانفراد بسلطة القرار والإطاحة بقيادات الجبهة التاريخية من المشهد قبل تصفيته في مواجهة مع الداخلية المصرية في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، ومن المحتمل أن يكون هناك تحرك من عناصر الجناح المسلح، رداً على القبض عليه.

وحول ماذا كان إلقاء القبض على عزت جاء كنتيجة للتعاون الأمني المصري التركي، قال فاروق: ليس من المستبعد أن يكون ثمة تنسيق بين القيادات الأمنية، لكن هذه المعلومة غير مؤكدة، وسبب انتشارها أنّ إلقاء القبض على عزت جاء بعد تصريحات تركية عن التنسيق الأمني المخابراتي المصري التركي، لكن أميل إلى أنّها عملية مصرية بحتة.

وشدد فاروق على أنّ "الإخوان يشهدون حالياً حالة من الفراغ التنظيمي المؤقت في ظل وجود المرشد ونوابه داخل السجن، فضلاً عن عدد كبير من قيادات الجماعة المؤثرين، ما يعني أنّ الجماعة ستشتعل داخلها الصراعات والخلافات حول مصير إدارة ملفات السلطة والمال".

 

عمرو عبدالمنعم: العملية نتيجة لمعلومات وجهود بحثية أمنية عالية المستوى ولا صحة للتعاون التركي المصري

من جهته، يقول الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، الدكتور عمرو عبد المنعم: "من الواضح أنّ النظام المصري بأجهزته المختلفة أبقى على محمود عزت كجناح اتصال بالجماعة (بطريقة غير مباشرة)، لرصد تحركاته ومعرفة مدى قدرته على تحجيم أو إطلاق بعض الأجنحة داخل الجماعة، وهو ما أخّر عملية القبض عليه هذه السنوات".

وأكد عبد المنعم لـ"حفريات" أنّ القبض على عزت "تم وفق معلومات أمنية، بنفس الطريقة التي تم القبض بها على مرشد الجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر والقيادي محمد البلتاجي وعصام العريان وصبحي صالح، وتشير بأنها عملية مفاجئة له، فقد كان مرتدياً "ملابس النوم"، وتصوير العملية يدل على ثقة الأجهزة من وجود المتهم بمفرده ولا سبيل للمقاومة، ولإثبات أنّ العملية كانت نظيفة، وأنّها جاءت نتيجة لمعلومات وجهود بحثية أمنية عالية المستوى، ولا صحة للتعاون التركي المصري بهذا الشأن".

اقرأ أيضاً: اعتقال محمود عزت.. الدلالات والتوقيت

وأضاف عبد المنعم: "لم يتبقَّ للجماعة الكثير، فقد كشفت الأحداث والمواقف على مدار السبعة أعوام الماضية تناقض خطاب الإخوان، وانصراف الناس عنهم؛ فقد فقدوا الظهير الشعبي لهم، كما سقط شعار سلمية الإخوان أمام الواقع والممارسات الإرهابية".

 

وأكد عبد المنعم أنّ الجماعة مقبلة على مرحلة أصعب بكثير من ستينيات القرن الماضي؛ "فقد أدّت سلسلة الضربات الأمنية المكثفة التي تلقاها التنظيم إلى إضعاف قدراته، والحالة المعنوية للعناصر التنظيمية التي كان يشكل لها عزت تبعية فكرية وتنظيمية، وهو ما سوف يؤدي إلى حالة من التفكك التنظيمي، إضافة إلى عمليات الانشقاق الكبيرة والملحوظة في مجموعات الخارج بإعلام قطر وإعلام تركيا والانشقاقات في رابطة الإعلاميين المصريين بقيادة حمزة زوبع، ورابطة المصريين في الخارج بقيادة عطية عجلان واتهامات بعضهم البعض بالشللية وإقصاء المخالفين لهم، ومواقف النخب التي كانت مؤيدة لهم مثل محمد القدوسي، وبلال فضل، ومحمد الناصر والتراشقات الإعلامية الأخيرة، مما يعني أنّ الجماعة على وشك التحلل، ما لم يتم الاتفاق على شخصية دعوية تربوية تقود الجماعة للهدوء والتوقف عن ممارسة العنف".

اقرأ أيضاً: محمود عزت.. حارس كهف الجماعة

ومن جانب آخر؛ قال مرصد الأزهر على صفحة التواصل الخاصة به، إنّ نجاح تلك العملية في الكشف عن التدفقات المالية والكوادر الخفية لتلك الجماعة الإرهابية، يضع حدّاً للمخططات التي تستهدف دعائم الاستقرار والنيل من مقدرات البلاد، مشيراً إلى أنّ تلك العملية تقضي على ما يقوم به هذا التنظيم الإرهابي من بث الشائعات والترويج لها، بكل ما يملك من قوة داخل المجتمع المصري.

وثمّن مرصد الأزهر، خطوة القبض على أحد الإرهابيين والمدانين من قِبَل القضاء المصري في جرائم متعددة، محذراً من "الخلايا النائمة للتنظيمات المتطرفة، التي ما تزال تحاول أن تخلق لنفسها مساحة لممارسة التطرف وتهديد استقرار وأمن وطننا الحبيب"، مؤكداً أنّ مصر "حقَّقت تقدماً كبيراً في مواجهة التطرف والإرهاب على كافة المستويات بشهادة كبريات المراكز الأمنية والبحثية في العالم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية