ماذا بعد لقاء السيسي زعماء القبائل الليبية؟

ماذا بعد لقاء السيسي زعماء القبائل الليبية؟


19/07/2020

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنّ الهدف الأساسي للجهود المصرية على كافة المستويات تجاه ليبيا هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه.

جاء ذلك بعد أن التقى السيسي، الخميس الماضي، وفداً من زعماء ومشايخ القبائل الليبية وأعيانها، إذ جرى التباحث والتأكيد على مطالب البرلمان الليبي، المنادي بتدخل الجيش المصري في الشرق الليبي، لوقف انتهاكات الغازي التركي، خاصة بعد إعلان الرئيس المصري أنه على استعداد لتدريب وتسليح أبناء القبائل الليبية للدفاع عن أرضهم.

اللقاء جرى تحت شعار "مصر وليبيا .. شعب واحد ومصير واحد"، حيث يمثل العمق الإستراتيجي لمصر في الداخل الليبي، تهديداً كبيراً لها من   الاحتلال التركي، الذي لا يهدّد مصر فحسب؛ بل المنطقة والاتحاد الأوروبي أيضاً، وبمقتضى هذا التهديد لم يتوانَ السيسي، عن التطرق للقضية الليبية، ما أعطى الشعب الليبي دافعاً لطلب المساعدة من مصر في أكثر من واقعة، خاصة بعد إعلان الرئيس، من قبل، أثناء زيارته للمنطقة العسكرية الغربية على الحدود الليبية مع مصر، استعداد القوات المسلحة المصرية للتدخل في الشرق الليبي، لمنع التوغل التركي الذي يستهدف السيطرة على منطقتَي سرت والجفرة، أهم معاقل النفط الليبي؛ إذ كان تصريح السيسي محلّ تقدير، خاصة من القبائل الليبية، التي بدأت تعلن تأييدها لكلام السيسي؛ بدءاً من طبرق التي أصدر سكانها بياناً، في 20 حزيران (يونيو)، نشرته صحيفة "الوسط" الليبية، جاء فيه: "نحن، مؤسسات المجتمع المدني، الحكماء، الشخصيات البارزة، الشيوخ والمواطنون في مدينة طبرق و دار السلام، ندعم خطاب الرئيس السيسي، ونقدّر موقفه في الوقوف إلى جانب ليبيا والشعب الليبي ضدّ الغزو والعدوان التركي والميليشيات المسلحة من المرتزقة الإرهابيين".

مدير إدارة التوجيه المعنوي، العميد خالد المحجوب: تركيا حشدت أكثر من عشرة آلاف من المرتزقة قرب سرت، والجيش الليبي يرحّب بالتدخل المصري، كون مصر هي الشريك الأساسي في الأمن

في الوقت نفسه؛ أصدرت قبائل توهونة بياناً أعلن فيه مجلس شيوخ وأعيان القبائل دعمه الكامل لخطاب السيسي؛ حيث أكّد البيان، أنّ تدخل مصر في ليبيا مشروع، بموجب معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، وفق الاتفاقية التي وقّعتها الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، في حزيران (يونيو) 1950،  والتي دعت إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، بما في ذلك اللجوء إلى القوات المسلحة، لمواجهة أيّ اعتداء على أيّة دولة عضو، ولاستعادة السلام والأمن، كما نصّت المعاهدة على إنشاء قيادة عسكرية مشتركة تضمّ ممثلين عن قادة الأركان العرب لتنظيم أعمال الدفاع المشترك.

وفي 30 حزيران (يونيو) الماضي؛ رفع شعب بنغازي لافتات كتب عليها "مصر.. قلب الأمة العربية"، وبذلك أعربوا عن تأييدهم لدعم مصر للشعب الليبي في مواجهة العدوان التركي على ثرواتهم ومقدرات بلادهم، وفي اليوم ذاته، دعا رئيس مجلس الحكماء الليبي، محمد إدريس المغربي، إلى مظاهرة حاشدة في جميع أنحاء ليبيا، في الخامس من تموز (يوليو)، ضدّ الغزو التركي، مؤكداً على أنّ الشباب القبلي سيقاتل إلى جانب القوات المسلحة بقيادة حفتر، لتشهد بنغازي مظاهرة حاشدة في اليوم المقرر، لدعم الجيش الوطني الليبي، وتأكيداً لرفض التدخل التركي في البلاد.

لا مفرّ من الحرب!

زيارة أعيان القبائل الليبية إلى القاهرة، التي أعلنها، مطلع الشهر الجاري، النائب في البرلمان المصري والإعلامي، مصطفى بكري، تأتي بعد نشر برلمان شرق ليبيا (برلمان طبرق)، برئاسة عقيلة صالح، بياناً عبر صفحته على فيسبوك، يدعو فيه الجيش المصري للتدخل لوقف ما أسماه "الاحتلال التركي لليبيا"، والذي جاء رداً على حديث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الإثنين الماضي، عبر قناة  "TRT"التركية، إذ  أعلن اقتراب معركة سرت والجفرة، التي تهدف طرد قوات المشير حفتر، لكنّ بلاده ما تزال تدرس المفاوضات السياسية، من أجل تسليم المدينة بلا معارك، لكنّ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، استنكر تصريحات نظيره التركي، واصفاً إياها بالاعتداء الصريح على بنود القانون الدولي، وانتهاكاً لسيادة ليبيا.

 ويرى الباحث المتخصص في الدراسات الأمنية وشؤون الشرق الأوسط، ومدير مركز الإنذار المبكر، أحمد الباز؛ أنّه "رغم التحذيرات الحقيقية التي أعلنتها مصر بشأن موقفها الواضح من أيّ تهديد قد يطال أمن مصر القومي، إلّا أّنّ الرئيس المصري يُدرك جيداً مخاطر الحرب، ليس على القوات المسلحة (باعتبار أنّ وظيفة الجيوش هي أن تقاتل ويُستشهد أفرادها)، بل على كل الإنجازات التي تحققت على الأرض فيما يخص المشروعات التي أطلقتها مصر في الداخل طيلة الأعوام الفائتة، والتي هي في الواقع الهمّ الأكبر للرئيس عبد الفتاح السيسي، ودورها في تشكيل إرثه بالبلاد، وأعتقد أنّ جزءاً من الحسابات الدقيقة التي تضعها مصر عند كلّ خطوة تجاه ليبيا تضع هذا الأمر في الاعتبار".

هل باتت المعركة وشيكة؟

ويشرح الباز، في حديثه لـ "حفريات": أنّه "إذا تقررت الحرب دون الرغبة المصرية، ولم يعد هناك مفر منها، بحسب تقديرات القيادة، فقد يكون مطلع التصعيد المصري هو اللجوء للقوات الجوية من أجل تحييد القوات التركية والمرتزقة وإرباكهم؛ حيث ستستفيد مصر من ميزة القرب من جغرافيا الميدان، بما يمنحها فرصة للضرب والإفلات، أو ربما قد تلجأ مصر إلى خطوة أخرى، وهي تحريك قوات إلى الشرق الليبي، ويكون الغرض من هذا التحريك القضاء على احتمالات وقوع الحرب؛ حيث إنّ وجود قوات مصرية في شرق ليبيا قد يصبح عامل ضغط، وتهديداً للطرف التركي، قد يدفعه لإبطاء تقدّمه أو تعطيله، إضافة إلى أنّ مصر، بتحريك قواتها، تكون قد أحدثت حالة من توازن القوى في ليبيا".

الباحث أحمد الباز لـ"حفريات": إذا تقررت الحرب دون الرغبة المصرية، ولم يعد هناك مفر منها، بحسب تقديرات القيادة، فقد يكون مطلع التصعيد المصري هو اللجوء للقوات الجوية

وكردّ على إعطاء برلمان طبرق الضوء الأخضر للجيش المصري لتحرير ليبيا من الاحتلال التركي، وزيارة قبائلها إلى القاهرة، رصدت قوات الجيش الليبي، نهار الأربعاء الماضي، تحركات عسكرية لميليشيات الوفاق الوطني، في محيط سرت والجفرة، تحدّث عنها المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، وأشار إلى أنّ هذه التحركات تنذر بمعركة في خلال ساعات، موضحاً أنّ "الجيش الليبي لن يبدأ بالهجوم، لكنّه سيقف على أهبة الاستعداد لردع أيّ هجوم على الهلال النفطي، كما أكّد مدير إدارة التوجيه المعنوي، العميد خالد المحجوب، حشد تركيا، لأكثر من عشرة آلاف من المرتزقة قرب سرت"، وأشار محجوب، في تصريحاته التي أدلى بها لجريدة "الوسط" الليبية، إلى أنّ "الجيش الليبي يرحّب بالتدخل المصري، كون مصر هي الشريك الأساسي في الأمن"، وتأكيداً منه على تأييد مطالب البرلمان الليبي، الذي يرى في الاقتراب من سرت والجفرة انتهاكاً صريحاً من تركيا للسيادة الليبية، مؤكداً أنّ مصر ستشارك ليبيا في ردعه حفاظاً على أمن البلدين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية