مؤتمر المناخ في شرم الشيخ: أفريقيا الأقل انبعاثات والأكثر ضرراً

مؤتمر المناخ في شرم الشيخ: أفريقيا الأقل انبعاثات والأكثر ضرراً

مؤتمر المناخ في شرم الشيخ: أفريقيا الأقل انبعاثات والأكثر ضرراً


29/09/2022

لا تتعدى مساهمة القارة الأفريقية في الانبعاثات الضارة بالمناخ (2-3%)، ورغم ذلك هي القارة الأشد تأثراً بالتغيرات المناخية، ومن المتوقع أنّ ينخفض إجمالي الناتج الاقتصادي للقارة بنسبة (2.25%) بسبب تأثير التغيرات المناخية، التي تعتبر من مسؤولية الدول الصناعية الكبرى، التي لم تف بتعهداتها السابقة نحو دعم الدول النامية في التغلب والتكيف على التحديات المناخية.

وتأتي استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (كوب 27) كفرصة كبيرة لسماع الصوت الأفريقي، الذي طالما كان مهملاً في أجندة الأعمال الدولية. ولهذا تسعى القاهرة بالتعاون مع الدول الأفريقية لمشاركة قوية وفعالة، تنتقل من التعهدات الشفوية إلى مراحل التنفيذ والتطبيق، لتحقيق أجندات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما من المنظمات حول العمل المناخي.

تحديات المناخ

وفي سبيل تحقيق مشاركة أفريقية فعالة، رعت القاهرة العديد من المؤتمرات والموائد النقاشية المستديرة بين مختلف الفاعلين في العمل المناخي، بما في ذلك مجتمع رجال الأعمال، للوصول إلى أجندة عمل أفريقية، تحدد الخطوات القابلة للتنفيذ، والتي تترجم في مشروعات تراعي الأبعاد التنموية للقارة، حيث لا ينفصل المناخ عن الاقتصاد وحياة مواطني القارة.

الرئيس السيسي خلال مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو 2021

وتمثلت آخر الجهود المصرية في هذا الإطار في لقاء سفير مصر لدى إثيوبيا والمندوب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، بمفوضة الاتحاد الأفريقي المعنية بموضوعات البيئة وتغير المناخ، جوزيفا ساكو، في (22) أيلول (سبتمبر) الجاري، وذلك في إطار متابعة تحضيرات مفوضية الاتحاد الأفريقي للمشاركة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ.

وتستضيف مدينة شرم الشيخ، الدورة الـ (27) من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ عام 2022، خلال الفترة من (7 - 18) تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وسيعمل المؤتمر على تقدم المحادثات العالمية بشأن المناخ، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة مهمة للنظر في آثار تغير المناخ في أفريقيا.

وتقول الصحفية المصرية، زميلة الإعلام بالاتحاد الأفريقي، مسؤولة ملف البيئة والتنمية المستدامة بالزمالة، وعضو برلمان الشباب العالمي للمياه، أميرة سيد: "بشكل عام القارة الأفريقية هي من تدفع فاتورة التغيرات المناخية، على الرغم من أنها الأقل مشاركةً في إجمالي نسبة الانبعاثات الضارة، ولا تتخطى مشاركتها (3-4%)، لأنها تعتمد على الموارد الطبيعية بشكل كبير في اقتصادها، وبالتالي هي الأشد تأثراً بأنماط المناخ المتطرفة، التي تؤثر سلباً على الزراعة والأمن الغذائي، وبالتالي اقتصاد القارة ككل".

سيتم إبراز الإمكانيات الاقتصادية التي تتمتع بها دول القارة، لجذب الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، ودعم صناعة الطاقة لتوفير احتياجات المواطنين منها

وأضافت الصحفية المصرية لـ"حفريات": "تمثّل استضافة مصر لكوب (27) فرصة قوية لتوضيح أولويات القارة ومتطلباتها، إذ تركز رؤية مصر في العمل المناخي، على الانتقال من الالتزام والتعهدات إلى التنفيذ والتطبيق العملي، وهو ما تحتاجه أفريقيا، وليس المزيد من التعهدات، إذ أنّ  التعهدات السابقة لم يتم الوفاء بها حتى اليوم، ولهذا  نحن بحاجة إلى تعزيز الثقة بالتعهدات السابقة".

وأشارت إلى تعهدات كوبنهاجن بتوفير (100) مليار دولار لأجندة العمل المناخي، ولم يتم الوفاء بها، على الرغم من أنّ هذا المبلغ لا يتخطى (3%) من احتياجات العمل المناخي في أفريقيا، ولهذا أكدت مصر على عدم الحاجة إلى تنفيذ التعهدات.

وحول أجندة الدورة الـ (27) من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ في شرم الشيخ، قالت: "ستركز على أربعة ملفات؛ التمويل المناخي، والتكيف مع التغيرات المناخية، والتخفيف من آثار هذه التغيرات، وملف الخسائر والأضرار الناجمة".

الدول النامية

وحفلت زيارة الرئيس المعيّن لمؤتمر لمؤتمر (cop-27) وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى نيويورك، للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، خلال الأيام الماضية، بالعديد من اللقاءات مع الدول والمنظمات والشركات المعنية بالعمل المناخي. فضلاً عن النشاط الكبير للبعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج في الترويج للمؤتمر، والتعريف بأنشطته وجدول أعماله، والتي كان للقارة الأفريقية نصيب غير قليل منها.

أميرة سيد: مصر تتحدث عن متطلبات قارة بأكملها

وفي هذا السياق، أوضحت الصحفية والناشطة البيئية المصرية، أميرة سيد، أنّ "مصر حريصة على دمج البعد الإقليمي في مؤتمر المناخ، وتتحدث عن متطلبات قارة بأكملها، وهو ما اتضح في المبادرة غير المسبوقة والرائدة، بالتعاون مع رواد المناخ واللجان الإقليمية بالأمم المتحدة، والتي أطلقت من خلالها خمس موائد مستديرة إقليمية، بهدف جمع المستثمرين والدول على طاولة واحدة، للخروج بقائمة من المشروعات القابلة للاستثمار والتمويل والتنفيذ في القارة الأفريقية".

وعقد المنتدى الإقليمي الأفريقي لمبادرات المناخ، في أديس أبابا، خلال الفترة من (2-4) آب (أغسطس) الماضي، كأول المنتديات الإقليمية الخمسة الكبرى لتمويل العمل المناخي، والخاص بأفريقيا المقرر انعقادها في إطار الاستعدادات الجارية لمؤتمر (كوب-27).

ومن المقرر أن يعقد المنتدى الثاني في بانكوك، مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة آسيا - باسيفيك، وتستضيف سانتياجو مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي المنتدى الثالث، فيما تستضيف بيروت مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا المنتدى الرابع المخصص للدول العربية، وتختتم المبادرة بعقد المنتدى الخامس في جنيف مقر اللجنة الاقتصادية لأوروبا، على أن يتم عرض نتائج هذه الاجتماعات في مؤتمر شرم الشيخ.

الصحفية أميرة سيد لـ"حفريات": تركز رؤية مصر في العمل المناخي على الانتقال من الالتزام والتعهدات إلى التنفيذ والتطبيق العملي وهو ما تحتاجه أفريقيا

ومن جانبها، أفادت الصحفية والناشطة البيئية، أميرة سيد، بأنّ استضافة شرم الشيخ لمؤتمر المناخ يمثّل فرصة كبيرة للتركيز على متطلبات القارة الأفريقية، في ظل استمرار تبعات تأثير كورونا والحرب في أوكرانيا على اقتصاد القارة. وذكرت أنّ العالم لا يشهد فقط عدم الوفاء بالتعهدات المالية لتمويل أجندة العمل المناخي في الدول النامية، بل يشهد عدم التزام بخطة خفض الانبعاثات الضارة؛ إذ أنّ هدف تحقيق خفض في الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030، يبدو بعيداً في وقت شهد فيه العام الجاري زيادة الانبعاثات بنسبة 14%.

وعلى إثر الحرب الروسية على أوكرانيا، وما نتج عنها من أزمة عالمية في الطاقة، خصوصاً في أوروبا التي تعبر من بين أكبر مستهلكي الطاقة في العالم، أعادت العديد من الدول الأوروبية تشغيل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم الحجري، والتي تعتبر من أشد ملوثات البيئة.

نهج شامل

وتأمل القاهرة الخروج بتفاهمات لتحويل التعهدات الشفوية لتمويل العمل المناخي إلى مشاريع قابلة للتنفيذ. وفي هذا السياق، قالت مسؤولة ملف البيئة والتنمية المستدامة بزمالة الإعلام بالاتحاد الأفريقي، أميرة سيد: "مصر حريصة على تبني نهج شامل في التعامل مع قضية المناخ؛ في إطار التنمية المستدامة، واتفاقية باريس، وأجندة الاتحاد الأفريقي".

وتابعت: "في هذا السياق بدأت مصر خطوات على أرض الواقع، عبر مشروعات تتعلق بتوليد الهيدروجين الأخضر، ومجال التكيف والتخفيف من التداعيات البيئية، وأعتقد أنّ الرؤية الواضحة للتنفيذ والتطبيق العملي سيكون لها تأثير كبير على تعزيز العمل المناخي في القارة".

لقاء سفير مصر لدى الاتحاد الأفريقي مع مفوضة البيئة بالاتحاد

وبحسب الصحفية المصرية يعتبر ملف التمويل من أهم ملفات المؤتمر، حيث الهدف هو طرح أساليب تمويل لا تشكل عبئاً على الدول الأفريقية، حيث ما زال الاقتراض يشكل (62%) من تمويل العمل المناخي، وهو ما يزيد من أعباء الديون على دول القارة الأفريقية.

وذكرت إحدى التجارب الناجحة لدولة الجابون في مجال أسواق الكربون، فهي أول دول القارة التي تحصل على مدفوعات من خلال أرصدة الكربون، كما أنّها تخطط لطرح العديد من الأرصدة قبيل انعقاد مؤتمر المناخ. ولفتت إلى أنّ هذه التجربة تحظى باهتمام مصري لطرحها وتسويقها خلال فعاليات المؤتمر.

وحول موقف الاتحاد الأفريقي من المؤتمر، قالت: "منذ البداية  الاتحاد حريص جداً على تعزيز العمل المناخي، وتتضمن أجندة أفريقيا (2063) طموحات سبعة للقارة، نجد من بينها؛ العمل المناخي وخلق مجتمعات مستدامة بيئياً، وقادرة على التكيف مع التغير المناخي".

فضلاً عن ذلك، سيتم إبراز الإمكانيات الاقتصادية التي تتمتع بها دول القارة، لجذب الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، ودعم صناعة الطاقة لتوفير احتياجات المواطنين منها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية