ليبيا: هل يطيح اتفاق الثنائي عقيلة والمشري بالدبيبة؟

ليبيا: هل يطيح اتفاق الثنائي عقيلة والمشري بالدبيبة؟

ليبيا: هل يطيح اتفاق الثنائي عقيلة والمشري بالدبيبة؟


11/12/2022

يبدو أنّ ثنائي الأزمة السياسة الليبية؛ رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في طريقهما إلى إنتاج خريطة طريق جديدة، تنتج فترة انتقالية قصيرة تنتهي بتنظيم الانتخابات العامة. وتتضمن الخريطة الجديدة استكمال ملف رؤساء المناصب السيادية وفق اتفاق بوزنيقة، تشكيل حكومة مصغرة بدلاً من المتنافسين؛ الدبيبة وباشاغا، ثم الاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات العامة وفقاً لها.

ورغم التفاؤل بالاتفاق الذي يُطبخ في القاهرة، ويحظى بدعم أممي، إلا أنّ هناك تحديات تواجه الطرفين لإثبات الجدية في الذهاب نحو حلّ الأزمة، وليس الحفاظ على المكاسب السياسية بحلة جديدة.

مشروع سياسي

في لقاء جمعهما في العاصمة المصرية، القاهرة، ذكرت التسريبات التي نشرها الإعلام الليبي، أنّ كلا من عقيلة صالح وخالد المشري اتفقا على مقترح يضم؛ تشكيل جهاز تنفيذي جديد تنتهي مهمته بإجراء انتخابات، مع تأسيس لجنة حوار وطني جديدة شبيهة بملتقى الحوار السياسي في تكوينها، مع تشكيل مجلس رئاسي جديد.

وجاء في تقرير نشره موقع "بوابة الوسط" الليبية حول مقترح الاتفاق المُسرب، أنّه لا يبدو ممكناً في هذا الوقت في نظر الكثير من الليبيين، ومن المهتمين بالشأن الليبي؛ لأنّ ما يُطرح في السياق هو "شبه استنساخ لتجارب سبق أن فشلت في أن تصمد، بقدر ما ساهمت في إبقاء الوضع على ما هو عليه".

أدى رئيس المحكمة العليا الجديد القسم أمام عقيلة صالح

وتضمنت التسريبات المنشورة، حسم ملف المناصب السيادية، وهي من أكثر الملفات الخلافية من حيث آليات اختيار قادتها وتوزيعها والأسماء المرشحة، وهي مناصب رؤساء ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، وقبل كل ذلك منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الذي يكاد الجدل حوله يختزل كل الجدل حول ما عداه من المناصب.

ويقول المحلل السياسي الليبي، عمر بو أسعيدة، إنّ اجتماع القاهرة نتجت عنه تفاهمات كبيرة ومهمة، سيكون لها صدى وتأثير كبير على المسار السياسي. وأفاد لـ"حفريات" بأنّ بعض التسريبات تقول إنّه تم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بمبادرة مصرية مدعومة من الأمم المتحدة. "ستكون حكومة مصغرة مهمتها تسيير أمور البلاد وإقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية".

هناك تخوفات من عدم إجراء الانتخابات العامة؛ الرئاسية والتشريعية، التي يتّهم الكثير من الليبيين المجلسين بفقدان النية للذهاب نحوها حفاظاً على مكاسبهم السياسية والشخصية

وهناك تخوفات من عدم إجراء الانتخابات العامة؛ الرئاسية والتشريعية، التي يتّهم الكثير من الليبيين المجلسين بفقدان النية للذهاب نحوها حفاظاً على مكاسبهم السياسية والشخصية.

تدوير الأزمة

وربما يعتبر حضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم، عبد الله باتيلي، في القاهرة بالتزامن مع لقاء عقيلة صالح وخالد المشري بمثابة تأكيد على حسم ملف القاعدة الدستورية بين المجلسين من أجل تنظيم الانتخابات.

ويرى الباحث السياسي والدستوري، محمد محفوظ، أنّ الهدف من تغيير المناصب السياسية من خلال الاتفاق بين صالح والمشري، والدخول في مسار حكومة جديدة، الهدف منه البقاء لمزيد من الوقت في السلطة. وأضاف لـ"حفريات" بأنّ "إحداث تغيير سياسي بتسمية حكومة جديدة يعني أنّ البلاد ستدخل في خريطة سياسية جديدة". واتّهم محفوظ كلا من صالح والمشري باستغلال موقعيهما من أجل "البقاء لفترة أطول بإطار سياسي وقانوني غير محرج وغير ضاغط من المجتمع الدولي والليبين". وأفاد بغياب حديث حقيقي أو جدية حول مسألة القاعدة الدستورية للانتخابات، إذا ما قورنت بخطوات الرجلين في المناصب السيادية والحكومة الجديدة.

وكان مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اتفقا على أسماء عدد من رؤساء المناصب السيادية، وتم تكليفهم بالعمل، ومنهم النائب العام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء. وتم ذلك على أساس مخرجات لقاء صالح والمشري في بوزنيقة في أيلول (سبتمبر) 2020، والتي شملت آلية لتقاسم المناصب السيادية، وفق القسمة الجغرافية التقليدية لليبيا، وهي الأقاليم الثلاثة (برقة، طرابلس، فزان). واتفق الطرفان على أنّ تكون مناصب النائب العام، ديوان المحاسبة، والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات من نصيب المنطقة الغربية، ومناصب مصرف ليبيا المركزي، والرقابة الإدارية للمنطقة الشرقية، والمحكمة العليا، وهيئة مكافحة الفساد للمنطقة الجنوبية.

عمر بو أسعيدة: اجتماع القاهرة خرج بتفاهمات كبيرة

ويبقى منصبا رئيسي المؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار، دون ذكر في اجتماعات القاهرة الأخيرة، وسبق وأخفق لقاء بوزنيقة في حسم أمرهما.

وفي السياق ذاته أوضح المحلل السياسي، عمر بو أسعيدة، بأنّ اجتماع القاهرة خرج بتفاهمات كبيرة ومهمة في ملف المناصب السيادية. وقال "هناك شبه اجماع على تغيير رؤساء المناصب السيادية التي لم يحدث فيها تغيير إلى الآن، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي، ديوان المحاسبة، والنائب العام، مع احتمال تجديد الثقة في النائب العام الحالي الصديق الصور".

عقبات أمام الحلّ

ولا يسود التفاؤل بين الليبيين بنجاح مسعى مجلسي النواب والدولة في تنفيذ ما يتفقون عليه كاملاً؛ فهذه ليست المرة الأولى، فلم يحدث تطبيق لاتفاق كامل منذ انقلاب عام 2014، كما أنّ موضوع المناصب السيادية يعود إلى العام 2016، حيث نصّ عليه الاتفاق السياسي الليبي "اتفاق الصخيرات".

الباحث الليبي محمد محفوظ لـ"حفريات": الدبيبة جزء من هذه الأزمة كشخص وككيان وليس حريصاً على الذهاب للانتخابات خاصة أن حظوظه أصبحت صعبة

ولا يصب اتفاق كهذا في صالح رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الذي أعلن عداءه لرئيسي المجلسين؛ صالح والمشري، وخصوصاً الأخير. ويصر الدبيبة على التمسك بالسلطة بزعم أنّه لن يسلمها إلا لسلطة ناتجة عن الانتخابات. وللمفارقة فقد كان الدبيبة نفسه هو العائق الأهم أمام تنظيم الانتخابات في تاريخها في 24 من كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي.

وذكر الباحث الليبي، محمد محفوظ، أنّ علاقة الدبيبة بالمشري سيئة منذ البداية؛ لأن الدبيبة في بدايات حكومته تجاهل المشري، وركز على مجلس النواب باعتبار أنّه من بيده منح الثقة. ويعتقد محفوظ بألا علاقة ود تجمع بين الرجلين، بالإضافة إلى أنّ المشري أيّد مسار حكومة باشاغا، قبل أنّ يتراجع بعد الضغوطات ضده في مدينته الزاوية والمنطقة الغربية ككل. ويرى أنّ "العداء بينهما وصل إلى نقطة اللاعودة".

وحضر الدبيبة مؤتمراً في مقر مفوضية الانتخابات بعنوان معاً نحقق الانتخابات، وتحدث عن انفتاحه للتواصل مع أطراف الأزمة. وهاجم لقاء صالح والمشري بشكل غير مباشر بقوله "الحوار الوطني هو البديل عن الصفقات المشبوهة التي تدار هنا وهناك من وراء الكواليس" مؤكداّ على رفضه المراحل الانتقالية، وتمسكه بالانتخابات.

محمود محفوظ: لن تكون هناك انتخابات عامة قريباً

وعلق المحلل السياسي، عمر بو أسعيدة، بأنّ تسريبات نتائج اجتماع القاهرة أجبرت الدبيبة على لقاء رئيس المفوضية العليا للانتخابات  والتصريح باستعداده لتنظيم الانتخابات. وقال بو أسعيدة "هذه محاولة مكشوفة لقطع الطريق على تفاهمات القاهرة القوية، التي دائماً ما يكون لها تأثير مباشر على الملف السياسي الليبي".

من جانبه، شكك الباحث السياسي والدستوري، محمد محفوظ، في صدق الدبيبة، وقال "هو جزء من هذه الأزمة، كشخص وككيان، وليس حريصاً على الذهاب للانتخابات، خاصة أنّ حظوظه أصبحت صعبة بخلاف حظوظه في العام الماضي، بسبب الإخفاق والفساد".

ولا يتوقع محفوظ أنّ تكون هناك انتخابات عامة قريباً، لأنّها باتت قراراً إقليمياً ودولياً. وأشار إلى أنّها لن تعقد طالما استمرت حالة الخلاف الإقليمي والدولي حول ليبيا، وخصوصاً بين مصر وتركيا.

وأشار إلى أنّ المشري لا يرى في الدبيبة وسيلة للبقاء في السلطة، بخلاف عقيلة صالح، الذي يتشارك معه مصلحة مشتركة لإبقاء الوضع كما هو عليه، باستخدام الصفقات السياسية.

وفي مطلع 2021 تمّ اختيار عبد الحميد الدبيبة لتشكيل الحكومة بعد فوز قائمته، في انتخابات ملتقى الحوار السياسي لتشكيل السلطة التنفيذية الانتقالية، وحازت حكومته على الثقة من مجلس النواب في شهر آذار (مارس)، من العام نفسه، دون اعتماد الموازنة العامة التي قدمتها حتى تاريخ سحب الثقة منها في أيلول (سبتمبر)، لتعمل كحكومة تصريف أعمال، حتى انتهاء مدتها الشرعية مطلع العام الجاري.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية