ليبيا: هل وفّرت جماعة الإخوان ملاذات آمنة للمرتزقة التشاديين؟

ليبيا: هل وفّرت جماعة الإخوان ملاذات آمنة للمرتزقة التشاديين؟


11/10/2021

تستخدم جماعة الإخوان في ليبيا ورقة المرتزقة التشاديين في الجنوب والغرب الليبي لتعزيز حالة الانفلات الأمني ومحاولة ضرب قوات الجيش الوطني الليبي.

وكشفت مصادر داخل الجيش الوطني الليبي أنّ معسكرات تنظيم الإخوان خلال الفترة الأخيرة استقبلت مئات المرتزقة من الميليشيات التشادية التي احتمت بها هرباً من ضربات الجيش.

 

باهيمي باداكي ألبرت: قوى الشر وصلت إلى العاصمة إنجامينا، ونعلم جميعاً أنّ ليبيا يوجد بها آلاف المرتزقة لا نعرف وجهتهم

 

وأضافت المصادر لموقع "سكاي نيوز" أنّ هناك أيضاً عشرات المرتزقة احتموا بقاعدة الوطية الجوية غرب البلاد، بعدما فروا من معارك في الجنوب الليبي.

ورصد قطاع الاستخبارات الليبية احتماء المرتزقة التشاديين في معسكرات الإخوان والوطية، وقوات الجيش في حالة رصد تام لهم، مع استمرار عمليات الجيش ضد بقايا هؤلاء المرتزقة في الجنوب بالتنسيق مع القوات التشادية على الحدود، وفق المصادر ذاتها.

وطبقاً لصحيفة "جورنال دو تشاد" المحلية ومصادر عسكرية ليبية، فإنّ عدد الإرهابيين التشاديين في ليبيا يبلغ 25 ألفاً يتركز معظمهم جنوب البلاد.

اقرأ أيضاً: ليبيا وعقدة المرتزقة

وكانت السلطات التشادية قد ألقت خلال الفترة الماضية القبض على عدد من الإرهابيين من محافظة البطحة، قبل محاولتهم التسلل عبر الحدود إلى ليبيا، والانضمام إلى المعارضة التشادية هناك، فقد ضبطت السلطات في تشاد مجموعة من الدواعش في طريقهم إلى الجنوب الليبي للانضمام للمعارضة التشادية والتي تضم فصائل إرهابية، خاصة أنّ جماعة الإخوان تستغل حالة الانفلات الأمني هناك لمواجهة الجيش الليبي.

والمرتزقة والإرهابيون التشاديون ينتمون إلى جماعات المعارضة المسلحة في تشاد، وأخطرهم لتيمان أرتيمي الإرهابي المقيم في الخارج، ويتخذون من جنوب ليبيا قاعدة للتدريب والتمويل والانطلاق إلى عمليات إرهابية.

 

الجيش: معسكرات تنظيم الإخوان خلال الفترة الأخيرة استقبلت مئات المرتزقة من الميليشيات التشادية التي احتمت بها هرباً من ضربات الجيش

 

ويتم ذلك بالتنسيق مع تنظيم الإخوان في ليبيا، ويستعين بهم التنظيم وداعموه في عمليات قتال داخل ليبيا ضد الجيش الوطني الليبي، إضافة إلى مساعدة تركيا في منازعة فرنسا نفوذها في بعض دول شمال أفريقيا.

وتشير تقديرات عسكرية ليبية إلى وجود 5 فصائل على الأقل من المعارضة التشادية تنشط في الجنوب الليبي، وتتمركز عند مدن سبها وأم الأرانب ومرزق.

ويحذّر خبراء ليبيون من أنّ تواجد المرتزقة في جنوب البلاد يعني تكوين حزام إرهابي في هذه المنطقة، هدفه العبث بأمن الجنوب وتصدير الفوضى لدول الساحل الأفريقي.

وفي وقت سابق، صرّح الرئيس النيجيري محمد بخاري بأنّ عدم الاستقرار في ليبيا سيساعد على انتشار المزيد من الأسلحة والمشكلات في الساحل الأفريقي، وخلق فوضى غير مسبوقة.

ويعلق المحلل السياسي سلطان الباروني لموقع "سكاي نيوز" بأنّ هناك تخوفات من تنامي المرتزقة التشاديين في الجنوب، خاصة بعد ورود أنباء بتوفير الإخوان ملاذات آمنة لهم.

 

السلطات التشادية تلقي القبض على عدد من الإرهابيين من محافظة البطحة، قبل محاولتهم التسلل عبر الحدود إلى ليبيا

 

وتابع الباروني أنّ في ليبيا نوعين من المرتزقة؛ الأوّل معلوم للجميع ومعروف أين يتواجد ومعسكراته محددة، والثاني وهو الأكثر خطورة هم غير المعلومين، ولا يُعرف لهم مكان ثابت، أو معسكر ثابت، وهم المرتزقة الأفارقة والتشاديون الذين شن الجيش الليبي حملة عسكرية عليهم قبل أيام.

وفي مناسبات عدة، نبّه الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري إلى خطورة تحركات المعارضة التشادية في جنوب ليبيا بقيادة "أرتيمي"، وتنسيقه مع تنظيمات القاعدة وداعش والإخوان داخل بعض مناطق الجنوب الليبي وارتكاب مجازر ضد الليبيين، ومحاولة اختراق الصفوف الخلفية للجيش الليبي في الجنوب لإضعافه في مواجهة الميليشيات الإرهابية التي تسيطر على غرب ليبيا.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة ترحب بخطة عمل انسحاب المرتزقة من ليبيا... ما الجديد؟

في الجهة المقابلة، يمثل وجود المرتزقة التشاديين في الجنوب الليبي قاعدة للتدريب والتمويل والانطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية، بالقرب من الحدود التشادية، تهديداً للأمن التشادي، فقد حذّرت الحكومة التشادية من أنّ بلادها ما تزال مهددة في سلامتها وأمنها في ظل وجود هؤلاء المرتزقة بالقرب من حدودها الشمالية مع ليبيا، رغم انتهاء الحرب ضد المتمردين؛ بسبب وجود آلاف المرتزقة في ليبيا، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

وقال رئيس الحكومة الانتقالية في تشاد باهيمي باداكي ألبرت، الذي تولى منصبه في نيسان (إبريل) 2021، في تصريحات سابقة له أمام الجمعية الوطنية: إنّ قوى الشر وصلت إلى مسافة 300 كلم من العاصمة "إنجامينا"، مؤكداً أنه حتى لو هُزم هؤلاء المتمردون نعلم جميعاً أنّ ليبيا يوجد بها آلاف المرتزقة لا نعرف وجهتهم، موضحاً أنّ من بين أولويات حكومته الدفاع عن سلامة الأرض وأمن البلاد، وإجراء حوار وطني شامل يتحدث فيه التشاديون مع بعضهم البعض.

 

المرتزقة والإرهابيون التشاديون ينتمون إلى جماعات المعارضة المسلحة، ويتخذون من جنوب ليبيا قاعدة للتدريب والتمويل والانطلاق إلى عمليات إرهابية

 

وتزامنت تصريحات رئيس الحكومة الانتقالية التشادي مع التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش لمجلس الأمن، الذي أكد فيه أنّ ليبيا لم تشهد أي انخفاض في عدد المقاتلين الأجانب أو أنشطتهم، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، الدول الأعضاء والجهات الليبية الفاعلة إلى وضع حد لانتهاكات حظر الأسلحة وتسهيل انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب من البلد الأفريقي، لإحلال سلام واستقرار دائمين في ليبيا والمنطقة.

وتُعد فرنسا من الدول القليلة التي تركز على ملف المرتزقة التشاديين؛ كونهم ينفذون عملياتهم الإرهابية انطلاقاً من ليبيا في الدول التي لها فيها نفوذ عسكري واقتصادي وسياسي في جوار ليبيا والساحل الأفريقي الغربي، وخاصة تشاد والنيجر ومالي.

اقرأ أيضاً: مغادرة دفعة جديدة من المرتزقة في ليبيا.. أين وجهتهم؟

وتربك الهجمات التي يشنها المرتزقة التشاديون في بلادهم انطلاقاً من ليبيا المشهد السياسي والأمني، حيث تشكل هذه الهجمات أول انعكاسات الضغط الدولي على المرتزقة الأجانب للخروج من ليبيا على دول المنطقة.

واعتبرت سفارة واشنطن لدى طرابلس خلال شهر نيسان (إبريل) الماضي أنّ دخول مرتزقة تشاديين إلى بلادهم انطلاقاً من ليبيا "يسلط الضوء مرة أخرى على الحاجة الملحّة لجعل ليبيا موحدة ومستقرة مع سيطرة على حدودها".

ومنذ إعلان البعثة الأممية إلى ليبيا في 5 شباط (فبراير) 2021، وتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، عاد ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا إلى واجهة الأحداث، وسط مطالبات دولية بسحب تلك العناصر من ليبيا، واحترام خريطة الطريق الأممية التي ستقود البلاد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وكان الجيش الليبي قد نفذ خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي عمليات عسكرية، استهدفت من خلالها المرتزقة وعناصر المعارضة التشادية المتمركزين داخل الأراضي الليبية، بالتحديد في منطقة "تربو" على الحدود الجوبية للبلاد.

 

عشرات المرتزقة التشاديين احتموا بقاعدة الوطية الجوية غرب البلاد، بعدما فروا من معارك في الجنوب الليبي

 

وأضاف أنّ فرقه العسكرية تمكنت خلال اشتباكها مع المجموعات المسلحة من تدمير عدد من الآليات والمدرعات التابعة لتلك المجموعات والقضاء على من كان بداخلها.

ومنذ مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي في شهر نيسان (إبريل) الماضي، وضع الجيش الليبي قواته في حالة الاستنفار على الحدود مع تشاد لمنع دخول وخروج الميليشيات التابعة للمتمردين التشاديين.

وفي حزيران (يونيو) الماضي أطلق الجيش الليبي عملية عسكرية جنوب غرب ليبيا لملاحقة الإرهابيين وطرد عصابات المرتزقة الأفارقة، وقال إنّها تهدد استقرار وأمن البلاد.

اقرأ أيضاً: هل تنقذ الولايات المتحدة الانتخابات الليبية؟.. ما علاقة المرتزقة؟

وتنشط في مناطق الجنوب الليبي الشاسعة فصائل المعارضة التشادية التي قدمت بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي، وأصبحت تسيطر على أغلب منافذ التهريب، وقد تورطت في جرائم عدة ضد السكان المحليين، منها "الخطف والسرقة"، إضافة إلى تهريب البشر والوقود وتجارة المخدرات.

وبحسب تقرير لفريق الخبراء الأممي المعني بليبيا الصادر في شهر آذار (مارس) الماضي، تتمركز في جنوب ليبيا جماعات مسلحة تشادية أصبحت جزءاً من الحياة الاجتماعية فيها، كما أنّ مدناً مثل هون ومرزوق تشهد إقامة عدد متزايد من المسلحين التشاديين بها.

وتتمركز ما تُسمّى "جبهة التغيير والوفاق في تشاد" في منطقة الجفرة، ويتمركز "مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية" في المنطقة الحدودية بين ليبيا وتشاد في منطقة كوري بوغودي، ويشغلون أكثر من 100 عربة في المنطقة الحدودية.

وبات ملف خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا من أبرز المحاور التي تتناولها الاجتماعات واللقاءات والمحادثات الدولية بشأن ليبيا، والتي كان آخرها جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت الخميس 15 تموز (يوليو) 2021.

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبي قد شدد على أنّ وجود القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا من أهمّ عوائق الاستقرار، ويشكل خطراً حقيقياً على العملية السياسية الجارية حالياً، مشدداً على ضرورة انسحاب كل المقاتلين الأجانب فوراً من ليبيا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية