ليبيا: هل تدفع حكومة الوفاق ثمن أخطائها بحق الدولة؟

ليبيا: هل تدفع حكومة الوفاق ثمن أخطائها بحق الدولة؟


16/03/2021

بعد نيلها ثقة البرلمان الأسبوع الماضي، لم يتأخر القرار الأول والثاني لحكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، حاملاً معه دلالات عدة متعلقة بمرحلة الفساد الكبرى التي قادتها حكومة الوفاق.

القرار الأول لحكومة دبيبة نصّ على إيقاف الحسابات الخاصة في الشركات العامة والصناديق الاستثمارية، لضمان عدم سحب أيّ دينار من قبل مسؤولي حكومة الوفاق في أيامهم الأخيرة، وتبعه القرار الثاني وهو إلغاء تشكيل لجنة مجابهة جائحة كورونا التي تخلل عملها فساد مالي كبير وتقصير غير محدود.

حمل القرار الأول والثاني للحكومة عدة دلالات، فبدت السلطة الجديدة عازمة على اتخاذ خطوات جادة ضد الفساد المستشري بالبلد.

وبعد نحو 6 أعوام على توليها الحكم، من المقرر أن تسلم اليوم حكومة الوفاق في ليبيا، برئاسة فائز السراج، السلطة إلى الحكومة الجديدة التي سيقودها عبد الحميد الدبيبة، وسط دعوات للتحقيق مع مسؤوليها في شبهات الفساد التي تلاحقهم ومطالبات لمنعهم من السفر.

وتأتي هذه الدعوات عقب إصدار ديوان المحاسبة في ليبيا تقريره لعام 2019، والذي وثق فيه تورط أغلب أجهزة ومؤسسات حكومة الوفاق ومسؤوليها في الفساد ونهب وهدر المال العام، وكان رئيس حكومة الوفاق فائز السراح أحد أهم الأطراف المساهمة فيه والداعمة له، بالإضافة إلى وزير الداخلية فتحي باشاغا، وفق ما نقلت صحيفة "بوابة أفريقيا".

 

من المقرر أن تسلم حكومة الوفاق الوطني في ليبيا برئاسة السراج السلطة إلى الحكومة الجديدة التي يقودها الدبيبة

 

وأثار هذا التقرير، وما حمله من تجاوزات خطيرة ارتكبها أعضاء وموظفو حكومة الوفاق في حق أموال الدولة، صدمة الكثيرين في ليبيا، وتفاعلاً ما يزال مستمراً بين من يرى أنّ الفساد متعدد الاختصاصات والأمكنة الذي كشف عنه التقرير يستلزم الملاحقة القانونية لمرتكبيه والعقاب، ومن يرى أنّ هذا الأمر يحتاج إلى جهة رسمية تتولى تحريك الدعاوى القضائية ضد المتورطين.

اقرأ أيضاً: ما تداعيات أزمة منح الثقة للحكومة الجديدة في ليبيا؟

وتنوعت الاتهامات في تقرير ديوان المحاسبة الخاصة بالسراج، بين التوسع في إصدار قرارات تخصيص مبالغ مالية بـ 664 مليوناً و500 ألف دينار، إضافة إلى إهدار نحو 85% من الموارد المخصصة لـ"الرئاسي"، وتعيين مستشارين على أنهم متفرغون، وهم يعملون في جهات أخرى، والتعاقد مع شركات سفر بالتكليف المباشر، وأخيراً اتخاذ قرارات تعيين عشوائية لأشخاص في جهات إدارية بالدولة.

في هذ السياق، تقدمّ النائب بالبرلمان مصباح حومة ببلاغ للنائب العام، طلب فيه منه التحفظ على السراج والمسؤولين التابعين له، وإصدار قرار بمنعهم من السفر، والتحقيق معهم في شبهات فساد وإهدار للمال العام، داعياً إلى التحقيق في الميزانيات والمبالغ المالية التي تمّ إنفاقها بشكل مخالف للقانون، وفق ما أوردت صحيفة "المرصد" الليبية.  وأشار إلى ضرورة التحقيق في تلك الوقائع المخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وتعديلاته.

 

تقرير ديوان المحاسبة حمل تجاوزات خطيرة ارتكبها أعضاء وموظفو حكومة الوفاق في حق أموال الدولة

 

من جانبه، طلب رئيس جهاز الأمن القومي الليبي محمد حتواش من البرلمان رفع الحصانة عن موظفي الدرجة الأولى والثانية بحكومة الوفاق المنتهية ولايتهم، وعلى رأسهم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والتحفظ ومنعهم من السفر، وذلك لوجود شبهات جنائية وقضايا فساد وقضايا أمن دولة.

يُذكر أنّ تقرير المحاسبة لعام 2019 الذي كشف عن حجم الفساد المستشري في البلاد، كان قد ألقى الضوء على أحد أبرز التحديات التي ستواجه السلطة التنفيذية الجديدة التي تتسلّم اليوم الثلاثاء مهامها رسمياً.

اقرأ أيضاً: هل سيغادر المرتزقة ليبيا؟.. وماذا عن منح البرلمان الثقة لحكومة الدبيبة؟

وعلى الرغم من القرارات الإيجابية التي اتخذها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة حتى الآن من أجل ترشيد الإنفاق العام والحدّ من الفساد، وإيقاف حركة حسابات الصناديق الاستثمارية والشركات العامّة، وحلّ لجنة مكافحة فيروس كورونا التي شكلّها فائز السراج، إلّا أنّ السيرة الذاتية غير الشفافة للدبيبة وملفات الفساد والاحتيال التي كشفت عنها صحف بريطانية، تطرح نقاط استفهام حول رئاسته للحكومة الجديدة.

وفي الإطار ذاته، كشفت مصادر ليبية مطلعة لـ"سكاي نيوز" أنّ رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج يخطط لمغادرة البلاد إلى لندن، خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأوضحت المصادر أنّ السراج موجود حالياً في العاصمة الإيطالية روما، وسيصل خلال ساعات إلى طرابلس، من أجل تسليم السلطة رسمياً إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ومن ثم سيغادر مجدداً إلى العاصمة البريطانية، حيث تعيش أسرته هناك.

 

أولى قرارات الدبيبة تحمل دلالات عدة متعلقة بمرحلة الفساد الكبرى التي قادتها حكومة الوفاق الوطنية برئاسة السراج

 

هذا، وأدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، المكلفة بإدارة المرحلة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات مقرّرة نهاية كانون الأول(ديسمبر) المقبل، أدى أمس الإثنين اليمين القانونية أمام البرلمان.  

وبدأت الجلسة حوالي الساعة 14:00 (12:00 ت غ)، وأدّى رئيس الوزراء المكلف عبد الحميد الدبيبة القسم بعد أكثر من شهر من تعيينه، في إطار عملية سياسية لإنهاء الانقسام، برعاية الأمم المتحدة.

وجرت مراسم تأدية اليمين في المقر المؤقت للبرلمان، الذي اتخذه منذ العام 2014 في مدينة طبرق الساحلية (شرق) الواقعة على بعد حوالي 1300 كيلومتر من العاصمة طرابلس.

وكان مقرراً في بادئ الأمر تأدية اليمين في مدينة بنغازي مهد الثورة التي أدت إلى سقوط نظام معمر القذافي العام 2011، قبل نقلها إلى طبرق لاعتبارات "لوجستية".

 

دعوات بالتحفظ على السراج والمسؤولين التابعين له، وإصدار قرار بمنعهم من السفر، والتحقيق معهم في شبهات فساد

 

وحصلت حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها الأربعاء الماضي على ثقة "تاريخية" من النواب، وتحلّ حكومته محلّ حكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها برئاسة فائز السراج المعترف بها من الأمم المتحدة، وتتّخذ طرابلس مقرّاً لها، والحكومة الموازية بقيادة عبد الله الثني التي تدير إقليم برقة (شرق)، الواقع تحت السيطرة الفعلية لقوات المشير خليفة حفتر.

والدبيبة مكلّف بتوحيد مؤسسات الدولة، وضمان عملية الانتقال بحلول موعد الانتخابات المقررة كانون الأول (ديسمبر)، عندما تنتهي مهمته نظريّاً.

وتضم حكومة الدبيبة نائبَين لرئيس الوزراء و26 وزيراً و6 وزراء دولة، وذلك رغبةً منها في أن تكون "ممثلة لجميع الليبيين".

وقد أُسنِدت 5 وزارات إلى نساء، بما في ذلك وزارتان سياديتان هما الخارجية والعدل، في سابقة في هذا البلد البالغ عدد سكانه 7 ملايين نسمة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية