ليبيا: مواقف متباينة للأذرع الإخوانية من اشتباكات طرابلس

مواقف متباينة للأذرع الإخوانية من اشتباكات طرابلس

ليبيا: مواقف متباينة للأذرع الإخوانية من اشتباكات طرابلس


20/08/2023

أثارت اشتباكات اندلعت بين تشكيلات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس مواقف ورؤى القوى الفاعلة في الداخل، كل بحسب توجهاته وانحيازاته حيال الأطراف الحاكمة، خاصّة في الغرب، الأمر الذي بدا واضحاً مع البيانات التي أصدرتها تلك القوى أثناء وبعد الاشتباكات، وعبّرت بشكل واضح عن توجهاتها ومصالحها الذاتية.

وقعت الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس بعد توقيف (قوة الردع)، التي تسيطر على مطار معيتيقة في طرابلس، قائد (اللواء 444) محمود حمزة في المطار.

في هذه الأثناء خرجت بيانات عديدة تندد بتلك الاشتباكات، وما خلفته من ضحايا ومصابين وترويع للآمنين، وتدعو كافة القيادات لتحمل المسؤولية، وإعلاء المصلحة الوطنية وتغليب لغة العقل.

تباين مواقف الأذرع الإخوانية

كان من اللافت في تلك الأحداث تباين اللغة التي تم استخدامها في بيانات بعض القوى السياسية المحلية إزاء تلك الأحداث، لا سيّما ما جاء في بيان حزب (العدالة والبناء)، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي ضمّن بيانه (3) نقاط رئيسة: الأولى منها جاءت بروتوكولية، إذ ترحم على الضحايا، وتمنّى السلامة والشفاء للمصابين، وأشارت النقطة الثانية إلى تثمين الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار وحقن الدماء، وخص البيان حديثه بجهود أعيان وحكماء سوق الجمعة في العاصمة طرابلس.

واختتم "العدالة والبناء" بيانه بدعوة الحكومة والمجلس الرئاسي إلى اتخاذ جملة من التدابير لحماية المدنيين، بيد أنّه من اللافت عدم تضمن البيان أيّ نقد أو مسؤولية أخلاقية وسياسية للجهات التنفيذية في العاصمة، تجاه الأحداث، لا سيّما مع وقوع الاشتباكات داخل الأحياء السكنية، وسقوط قتلى أبرياء، فضلاً عن إغفال البيان أيّ حديث عن ضرورة تفكيك الفصائل المسلحة.

إلى ذلك، جاء بيان الحزب الديمقراطي مختلفاً بعض الشيء؛ نتيجة انحيازات رئيسه محمد صوان ضدّ حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، ورئيسها عبد الحميد الدبيبة، خاصّة عندما أشار البيان إلى تحمّل القيادات الأمنية والعسكرية مسؤولية ما حدث من ترويع أهالي العاصمة. وأضاف البيان في فقرته الأخيرة إلى البعثة الأممّية، ودعاها إلى تحمل المسؤولية، ووصف أداءها بالضعيف الذي عزّز الانقسام.

الصادق الغرياني

ثمّة نقطة جديرة بالانتباه، هي عدم خروج أيّ تصريح رسمي من دار الإفتاء والصادق الغرياني بخصوص تلك الاشتباكات المسلحة التي دارت في العاصمة، خاصّة مع سقوط الضحايا والمصابين جراء تلك الأحداث.

اختتم العدالة والبناء بيانه بدعوة الحكومة والمجلس الرئاسي إلى اتخاذ جملة من التدابير لحماية المدنيين

في سياق متصل، أعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة عن استقبال الدكتور محمد تكالة، رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وذلك بحضور النائب الثاني لرئيس المجلس الدكتور عمر العبيدي، ومقرر المجلس بلقاسم دبرز، حيث قدّم رئيس الحكومة خلال زيارته التهنئة لرئيس وأعضاء مكتب الرئاسة، بمناسبة انتخابهم وتوليهم لمهامهم، وناقش الطرفان خلال اللقاء عدداً من الملفات السياسية والأمنية في البلاد، وعلى رأسها الأحداث المؤسفة التي شهدتها العاصمة طرابلس.

كما تمّت مناقشة الجهود المبذولة لإجراء الاستحقاق الانتخابي؛ تلبية لتطلعات الشعب الليبي في أقرب وقت ممكن.

أوجه الإخوان المتماثلة

في هذا السياق، قال محمد شوبار، المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، في تصريحات خصّ بها (حفريات): إنّ الحزب الديمقراطي، وحزب العدالة والبناء، هما وجهان لعملة واحدة، إذ يمثلان سياسة الإخوان المسلمين، وما يقومان به هو تقاسم وتوزيع للأدوار التي تخدم مصالح الإخوان والإسلام السياسي.

ولفت شوبار إلى أنّ مهاجمة الحزب الديمقراطي، من خلال بيانه، للبعثة الأممية وممثلها عبد الله باثيلي، الهدف منه هو محاولة بائسة لعرقلة الحل القادم للأزمة الليبية، وكذلك تدبر بيان حزب العدالة والبناء، ودعمه الواضح لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، يهدف من ورائه الحزب إلى دعم بقاء الدبيبة في السلطة لأطول فترة ممكنة.

محمد شوبار: مهاجمة الحزب الديمقراطي، من خلال بيانه، للبعثة الأممّية وممثلها عبد الله باثيلي، الهدف منه هو محاولة بائسة لعرقلة الحل القادم للأزمة الليبية

ويستطرد المتحدث الرسمي باسم مبادرة القوى الوطنية محمد شوبار، قائلاً: إنّ هذه الأدوار المرسومة والمعدة سلفاً لن تقدم ولن تؤخر قيد أنملة في المشهد السياسي الليبي، حيث يستقر تقديره صوب أنّ المجتمع الدولي عازم على تحقيق الاستقرار في ليبيا، واليوم أضحى النقاش يدور حول إدراج المعرقلين للعملية السياسية في قائمة العقوبات الدولية، وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بالخصوص، ويعمل المجتمع الدولي على مساعدة الليبيين في تشكيل قيادة وطنية قوية بوجوه جديدة؛ من أجل حماية المدنيين ومقدراتهم، وفرض الأمن واستعادة سيادة الدولة الليبية، والتمهيد والإشراف على الانتخابات، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2656).

اختلاف إيديولوجي

من جانبه، يذهب الباحث السياسي عبد الله الديباني، في تصريحاته لـ (حفريات)، إلى أنّ حزب العدالة والبناء هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أمّا الحزب الديمقراطي بقيادة محمد صوان، فهو في ظنه، حزب بعيد كل البعد عن سياسة جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن انفصل عن الجماعة، وانتهج سياسات بعيدة كل البعد عن سياسة العدالة والبناء وسياسة جماعة الإخوان المسلمين، على حدّ قوله.

وعلّق الديباني على الهجوم الذي قام به الحزب الديمقراطي على بعثة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أنّه ردّ فعل على قيام البعثة الأممية باستخدام الازدواجية في المعايير، والتي اتضحت من خلال الوقوف والاصطفاف مع طرف ضدّ آخر، كما أنّ المناوشات التي حدثت أو الاشتباكات التي دارت في مدينه طرابلس، ما بين (اللواء 444) و(كتيبة الردع)، هي في حقيقة الأمر مناوشات من أجل تقسيم، أو إعاده تقسيم، الامتداد الاقطاعي للعاصمة طرابلس، وكذلك فرض نوع من أنواع السيطرة على جزء كبير من العاصمة، وبالتالي يراها الديباني بمثابة حرب مصالح من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس.

عبد الله الديباني: ما جرى ينبغي أن يتم النظر إليه من خلال نقاط السيطرة والنفوذ في الغرب، وسعي تلك القوى نحو تحقيق ذلك وفرضه بالقوة المسلحة

ويتابع الديباني تصريحاته قائلاً: إنّ ما جرى ينبغي أن يتم النظر إليه من خلال نقاط السيطرة والنفوذ في الغرب، وسعي تلك القوى نحو تحقيق ذلك وفرضه بالقوة المسلحة. مضيفاً: "أرى أنّ ذلك، في جانب منه، بعيد كل البعد عن الغايات والأهداف السياسية، ولا يتعلق بالبعثة الأممية وماتقوم به من سياسة تطويع لمجلس النواب؛ ليوافق على تشكيل لجنة رفيعة المستوى، تنصهر فيها لجنة (6+6)، ولكن بما أنّ البعثة تسعى لاستمرار وقف إطلاق النار واستمرار عملية الهدوء والاستقرار الأمني، كان الأجدر بها ألّا يكون بيانها بياناً استنكارياً".

ويضيف عبد الله الديباني قائلاً: "المجلس الرئاسي ضعيف، وإن كان يحمل صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة في ليبيا، ولكنّ رئاسته ضعيفة لا تستطيع تحريك أيّ ساكن، خصوصاً أنّ (اللواء 444) هو لواء تابع لرئاسة الأركان في الجيش الليبي، في غرب البلاد، وتمّ الاعتداء على اللواء العسكري من خلال القبض على آمر اللواء، الذي تمّ توقيفه في مطار معيتقية دون سند قانوني أو قضائي، وهو المكان الاستراتيجي لكتيبة الردع، أو المقر الرئيسي لكتيبة الردع؛ فإنّ المجلس الرئاسي كل ما يهمه هو عملية الاستقرار اللازمة لبقائه، وليس الاستقرار الأمني؛ لأنّه يعلم جيداً أنّ أيّ مناوشات أو اشتباكات أو زعزعة مسلحة في العاصمة طرابلس؛ ستؤدي إلى الاصطفاف ما بين التشكيلات المسلحة في العاصمة، وغيرها من التشكيلات خارج العاصمة طرابلس".

مواضيع ذات صلة:

ليبيا: كيف أضاع باشاغا فرصة دخول طرابلس؟

ليبيا: ما تأثير تفعيل الدائرة الدستورية على الأزمة السياسية؟

ليبيا: ما حقيقة وجود مادة برومات البوتاسيوم المسرطنة في الخبز؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية