ليبيا: بعد تكليف باشاغا... ماذا يحدث في طرابلس؟

ليبيا: بعد تكليف باشاغا... ماذا يحدث في طرابلس؟


13/02/2022

جولة جديدة من الصراع على السلطة قد بدأت في ليبيا بعد تكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا من قبل مجلس النواب بتشكيل حكومة موازية لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، لتطرح سؤالاً حول ما إذا كان النزاع سيبقى في المجال القانوني ضمن الأجهزة التشريعية والقضائية فقط، أم أنّه سينتقل إلى الشارع، ويتحول إلى صراع عسكري في ظلّ حالة الحشد التي تسيطر الآن على مناطق الغرب الليبي، والتمترس خلف ميليشيات مسلحة تملك كميات كبيرة من الأسلحة وأعداداً غفيرة من العناصر.

وعلى أرض الواقع، وصل أمس رتل يضم مقاتلين من مدينة مصراتة إلى العاصمة الليبية طرابلس لدعم رئيس الوزراء المؤقت، وسط محاولة من البرلمان للإطاحة به لصالح مرشحها.

وتتألف القافلة بحسب ما نقلت شبكة "سكاي نيوز" أكثر من (100) مركبة، بعد أن اتهم الدبيبة في وقت سابق البرلمان بالمسؤولية عن إراقة الدماء والفوضى في ليبيا على مدى الأعوام الماضية.

هذا، وأكدت صحيفة "بوابة أفريقيا" الإخبارية تواصل دخول التشكيلات المسلحة من مدينة مصراتة وغيرها من المدن الليبية إلى العاصمة طرابلس.

وبينت أنّ طرابلس تشهد منذ أيام انتشاراً أمنياً مكثفاً وتمركزات في مختلف شوارع العاصمة، بالإضافة إلى مرور أرتال عسكرية مدججة بالأسلحة في شوارع المدينة، بعضها موالٍ للدبيبة، وبعضها الآخر تابع لباشاغا.

 

أرتال عسكرية موالية لكلٍّ من الدبيبة وباشاغا تصل إلى العاصمة طرابلس، وتتمركز في شوارعها

 

وبدأت هذه التطورات العسكرية والأمنية منذ يوم الخميس، عندما اختار مجلس النواب باشاغا رئيساً للحكومة خلفاً لعبد الحميد الدبيبة.  

وكانت (65) كتيبة وتشكيلاً مسلحاً في مصراته قد أعلنت أول من أمس رفضها اختيار مجلس النواب فتحي باشاغا رئيساً للحكومة والتصويت على تعديل الإعلان الدستوري، معتبرة أنّ البرلمان انفرد بالشأن السياسي والدستوري.

ووصفت التشكيلات المسلحة في بيان "القوى الأمنية والعسكرية مصراتة" الخطوات التي اتخذها مجلس النواب بـ "المهزلة السياسية"، معتبرة أنّها انفراد وتلاعب بالقرارات السياسية بعيداً عن التوافقات وما نصت عليه جميع الاتفاقيات السابقة التي تنص على ألّا يتم اتخاذ أيّ قرارات سياسية، وخاصة الدستورية منها، إلّا بعد توافق مجلسي النواب والدولة.

وتطرقت وسائل إعلام ليبية، منها موقع 24 ساعة، إلى الأرتال العسكرية الكبيرة التي استقبلت في طرابلس فتحي بشاغا عند قدومه من مدينة طبرق بعد تكليفه بتشكل حكومة جديدة.

ويؤكد وصول القوافل والأرتال العسكرية إلى مدينة طرابلس خطر تجدد القتال في ليبيا، مع اندلاع الأزمة في أعقاب تحركات في الأسابيع الماضية من فصائل مسلحة تدعم أطرافاً سياسية مختلفة.

هذا، وتتعلّق آمال الليبيين باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في تخطّي مخاوفهم من عودة التصعيد العسكري بين الليبيين، مع استمرار إصرار الحكومة المُؤقّتة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة على البقاء، رغم اختيار البرلمان فتحي باشاغا لتشكيل حكومة جديدة.

 

آمال الليبيين تتعلق باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في تخطّي مخاوفهم من عودة التصعيد العسكري بين الليبيين

 

وحول التحشيد العسكري في العاصمة، قال عضو اللجنة التابع للقيادة العامة الفريق فرج الصوصاع: "اللجنة تتطلع لتوحيد المؤسسة العسكرية في أقرب وقت"، مشيراً إلى أنّ "آمالاً كثيرة معلّقة على توحيد الجيش، في ظلّ وجود حكومة توافقية جديدة مِن قِبل البرلمان برئاسة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا".

وعن تخوّفات البعض من التصعيد العسكري، كشف الصوصاع أنّه "في اجتماع اللجنة العسكرية الأخير في سرت الأربعاء الماضي تمّ التأكيد على وقف إطلاق النار، وأيضاً شددنا على قرارات مخرجات مؤتمر برلين فيما يخصّ المرتزقة والقوات الأجنبية، ومناقشة فتح الطريق بين بوقرين- والجفرة"، معبّراً عن تفاؤله بأنّ "هناك توقّعات بتحسّن الوضع الأمني مع الحكومة الجديدة".

أمّا مصدر تخوّفات التصعيد، فقد لفت الصوصاع إلى القلق من "شراء بعض الميليشيات من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة من أجل التصعيد، هو بدأ في تحريضهم، واللجنة ليست لديها السيطرة الكاملة على الميليشيات".

من جهته، أكد عضو اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) اللواء مختار النقاضة أنّ السياسيين مسؤولون عمّا يحدث على الساحة السياسية، أمّا أعمال اللجنة، فإنّها تنحصر في المسار الأمني والعسكري.

وفيما يخصّ الحالة الأمنية، طمأن اللواء النقاضة الليبيين بأنّ "توقيع وقف إطلاق النار ما زال متماسكاً، والأمور تذهب في الطريق الصحيح، وهناك توافق كامل، ونسعى في اللجنة لاستمرارية وقف إطلاق النار، لأنّه بعد هذه العملية تأتي الحلول السياسية، أمّا حين توجد حرب ومدافع تدكّ المدن، فلا يمكن أن نصل إلى أيّ حل سياسي".

 

الصوصاع يؤكد أنّ اللجنة ليست لديها السيطرة الكاملة على الميليشيات، ويلفت إلى القلق من شراء بعض الميليشيات من الدبيبة وتحريضهم على القتال

 

وفي هذا الاتجاه: "نحن نعمل الآن على تقريب وجهات النظر بين كلّ الأطراف".

واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) تمّ الاتفاق على تشكيلها في مؤتمر برلين حول ليبيا في كانون الثاني (يناير) 2020 من (5) عسكريين من قوات الجيش الوطني، و(5) عسكريين من الحكومة بطرابلس، لتثبيت وقف إطلاق النار.

وقد تلبّد الأفق السياسي بالغيوم مع إعلان الدبيبة إصراره البقاء لحين إجراء الانتخابات، رافضاً اختيار مجلس النواب في جلسة الخميس الماضي فتحي باشاغا رئيساً لحكومة جديدة.

وحدّد البرلمان مهمّة الحكومة في قيادة المرحلة الانتقالية إلى انتخابات رئاسية وتشريعية.

وأعلن المتحدث باسم قوات القيادة العامة للقوات المسلحة اللواء أحمد المسماري ترحيب القيادة بقرار البرلمان تكليف باشاغا بتشكيل حكومة تعمل مع الجهات النظامية العسكرية والأمنية على فرض هيبة الدولة، وتدعم مجهودات اللجنة العسكرية (5+5)، وتمهد لإجراء الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة.

هذا، ورجّح عضو مجلس النواب خير الله التركاوي أن يستطيع رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا تسلم السلطة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بعدما فقد الثاني الدعم المحلي والدولي.

وبيّن التركاوي في تصريح لـ"بوابة أفريقيا" أنّ الدبيبة لم يعد يملك دعماً محلياً أو دولياً، معرباً عن أمله في إتمام عملية تسليم السلطة بشكل سلمي بعيداً عن أيّ تصعيد عسكري.

 

خير الله التركاوي يرجح أن يستطيع باشاغا تسلم السلطة من الدبيبة، بعدما فقد الثاني الدعم المحلي والدولي

 

وأضاف التركاوي أنّه إذا استطاع باشاغا جعل ليبيا بالكامل تحت سلطة واحدة، وتمكن من لملمة شتاتها، فسينجح في أن يعيد البلاد إلى حالة الاستقرار.

بدوره، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري: إنّ قضية تغيير الحكومة لم تكن وليدة الفترة الحالية، لافتاً إلى أنّ مجلس النواب صوّت على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة حتى 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وبحلول هذا التاريخ تتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، إمّا يمدد لها، وإمّا لا.  

وأضاف المشري، في كلمة بثها على "فيسبوك" أمس أنّ المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب توافقا على فتح ملف السلطة التنفيذية، وفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة من جديد، ووضعا شروطاً لذلك، من بينها حصول المرشح على (40) تزكية من مجلس النواب، و(30) تزكية من مجلس الدولة، ولفت إلى أنّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة كان يحقّ له الترشح لتجديد الثقة في حكومته.

وأشار إلى أنّ (3) مرشحين تقدموا إلى مجلس الدولة للحصول على تزكيات، لافتاً إلى أنّ رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا حصل على (52) تزكية تقريباً، فيما حصل خالد البيباص على (26) تزكية، إضافة إلى حصول مرشح آخر، لم يذكر اسمه، على (5) تزكيات.

 وأوضح المشري أنّ مجلس الدولة يتواصل مع مجلس النواب بهدف التحقيق بشأن الشكاوى المرتبطة بعملية الترشح والتصويت لرئاسة الحكومة الجديدة.

 وفي ظل الخلافات السياسية والأزمات تبقى ليبيا رهينة أكثر من سيناريو؛ إمّا أن يسلّم الدبيبة السلطة لباشاغا للتجهيز للعملية الانتخابية وإنهاء الفترات الانتقالية، وإمّا البقاء في السلطة بحماية من الميليشيات الموالية له، وفي هذه الحالة من المرجح أنّ الخيار العسكري سيكون مطروحاً لحسم الخلاف؛ ممّا سيعيد ليبيا إلى الاقتتال، لكن بأطراف جديدة كانت يوماً متحالفة ضد الجيش الليبي. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية