ليبيا: أين موقعُ الدبيبة من الميليشيات الإجرامية وعصابات الاتجار بالبشر؟

ليبيا: أين موقع الدبيبة من الميليشيات الإجرامية وعصابات الاتجار بالبشر؟

ليبيا: أين موقعُ الدبيبة من الميليشيات الإجرامية وعصابات الاتجار بالبشر؟


12/10/2022

منذ انهيار نظام العقيد معمر القذافي، دخلت ليبيا في دوامات الفوضى والصراعات السياسية والعسكرية، وتنامي نشاط الميليشيات والجريمة المنظمة، ومن بينها العصابات التي تنشط في الاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى أوروبا، عبر قوارب تعرض غالبيتها للعذاب والغرق.

وعاني المهاجرون غير الشرعيين في ليبيا من سوء المعاملة على نطاق واسع، من قبل الميليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس والمدن الغربية، والتي تولى بعضها مهام تأمين السواحل، وإدارة السجون والقيام بالوظائف الأمنية. وحدث ذلك بالتعاون مع دول أوروبية مثل إيطاليا، التي تغاضت عن هذه الانتهاكات مقابل منع المهاجرين من الوصول إلى شواطئها، حيث تضطر إلى استضافتهم، التزاماً بقوانين الاتحاد الأوروبي.

وقبل تولى الدبيبة رئاسة الحكومة مطلع عام 2021 بعد فوز قائمته بهذا المنصب في المشاورات التي جرت في جينيف، كانت الولايات المتحدة بالتعاون مع وزارة الداخلية في حكومة فائز السراج السابقة، وعلى رأسها فتحي باشاغا، وضعت خطةً لتصنيف الميليشيات تمهيداً لعملية التفكيك والدمج.

ومع تولي حكومة الدبيبة السلطة، ورغم وجود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وطرحها خططاً بخصوص وضع الميليشيات، إلا أنّ حكومة الدبيبة كانت العائق الأكبر أمام اتخاذ أية خطوات في هذا الإتجاه، حيث انخرطت في صراع سياسي حاد مع مجلس النواب والجيش الوطني، وعملت على إفساد العملية الانتخابية، بهدف الإمساك بالسلطة، ما أدى إلى تنامي النشاط الإجرامي للميليشيات والعصابات في غرب البلاد.

جريمة صبراتة

وفي السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، انتشل متطوعون من جمعية الهلال الأحمر، فرع صبراتة، (15) جثة متفحمة كانت على متن وبجوار قارب، وذلك إثر تلقي بلاغ من السلطات المحلية في المدينة. وذكرت الجمعية الهلال أنّها تلقت بلاغاً بوجود قارب على متنه جثث متفحمة وجثث خارج القارب سليمه عددهم (15) جثة، جرى انتشالهم جميعاً، ووضعهم بثلاجة المستشفى لاستكمال باقي الإجراءات القانونية.

يتعرض آلاف من المهاجرين إلى الموت غرقاً

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الليبية فيديو وصوراً لجثث متفحمة قالوا إنها على شاطئ صبراتة، وأخرى لقارب لحظة احتراقه، حيث ظهر الدخان وهو يتصاعد منه، كما نشروا صوراً أخرى لبقاياه بعد احتراقه، وللجثث وهي مرمية على الشاطئ ومحترقة بنسبة كبيرة، بحسب ما نشرته جريدة "الوسط" الليبية.

ونقلت الجريدة إحدى الروايات التي أشارت إلى أنّ الجثث لمهاجرين غير شرعيين، قتلوا بالرصاص بسبب خلاف بين تاجرين اثنين من مهربي البشر، ما أدى إلى قيام أحدهما بإطلاق النار عليهم، ثم أضرم النار في القارب الذي كانوا على متنه ليحترقوا جميعاً.

ومن جانبها نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر أمني في صبراتة، أنّ الجثث لمهاجرين حوصروا وسط نزاع بين مجموعتين متخاصمتين من مهربي البشر في المدينة.

لم تُطرح الحكومة خطة لتفكيك ودمج الميليشيات، لأنّ همّ الدبيبة كان البقاء في السلطة على حساب الشعب الليبي، ما أدى إلى نمو الجريمة المنظمة

ووصف بيان لأهالي المدينة، نشرته بلدية صبراتة عبر "فيسبوك" ما تعرض له هؤلاء المهاجرون بأنه "ينم عن سلوك إجرامي محرم دينياً وقانونياً وأخلاقياً، يستحق الإدانة وملاحقة فاعليه، والتصدي له بكل قوة من قبل الجهات المختصة". وأكدوا أنّ المدينة ضحية هذه الأفعال والمجموعات والشبكات الدولية، معلنين استنكارهم لهذه الأفعال "غير الإنسانية التي تستهدف الإنسان وكرامته وحياته". ودعا بيان الأهالي سائر الجهات الأمنية والضبطية إلى تحمل مسؤولياتها وملاحقة الخارجين على القانون.

وكانت الأمم المتحدة وضعت على لائحة عقوباتها عدداً من قادة الميليشيات في مدن المنطقة الغربية في ليبيا، بتهمة الاتجار في البشر، وارتكاب انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان بحق هؤلاء المهاجرين، وتضم مراكز احتجاز سيئة السمعة الآلاف منهم.

ومن زاوية أخرى، نشطت قوات القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، في تتبع أوكار الجريمة المنظمة والاتجار في البشر التي تنشط في المنطقة الجنوبية (فزان)، وذلك بالتوازي مع حملاتها الدائمة ضد الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.

ويعاني المهاجرون غير الشرعيين والوافدون من مخاطر الاختطاف من أجل طلب الفدية، وكان للقيادة العامة دوراً كبيراً في تحرير آلاف المخطوفين من قبل الميليشيات والجريمة المنظمة التي تنشط على نطاق واسع في البلاد، التي تشهد انقساماً حاداً منذ العام 2014، عقب انقلاب ميليشيات فجر ليبيا الحليفة للإخوان المسلمين، على السلطة الشرعية الممثلة في مجلس النواب المنتخب والحكومة الشرعية المنبثقة عنه.

فوضى الميليشيات

وتقع مدينة صبراتة على بعد 65 كم غرب العاصمة طرابلس،  على ساحل البحر المتوسط، وتتبع إقليم طرابلس الكبرى، وتخضع لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ويقول الإعلامي الليبي، جبين المجد: "شبكات المتاجرة بالبشر هي شبه رسمية، تابعة لحكومة تصريف الأعمال برئاسة الدبيبة، ومن زعمائهم من يحمل رتباً لا يستحقها ومناصب حكومية، ويجنون مقابل ذلك الأموال، وأغلبهم غير مثقفين ولا يدركون معنى الوطنية إلا باللفظ".

ينشط الجيش الليبي في الشرق في مكافحة عمليات الاتجار بالبشر

وأضاف لـ"حفريات": "هم مجرمون يسيطرون على مناطق واسعة في البلاد منذ 2011، وأصبح قتل البشر عندهم أمراً يسيراً، كأنّه في صلب عملهم، وما حدث في صبراتة كان بسبب اختلاف تجار البشر على الأموال من ذلك القارب المنكوب، دون اعتبار لديهم بحياة البشر الذين فروا من بلادهم إلى أوروبا، بحثاً عن لقمة العيش وحياة أفضل، فكان الموت حرقاً مصيرهم".

وأفاد الإعلامي الليبي بأنّه "على خلاف ما يحدث من جرائم بحق الوافدين والمهاجرين في المنطقة الغربية، فإن المنطقة الشرقية التي يوجد بها الجيش الليبي الوطني، ذو النظام والتراتبية العسكرية المهنية، هو الضامن لأمن المنطقة، ولا نسمع بمثل هذه الجرائم الوحشية على يد العصابات، التي تنشط في ظل فوضى الميليشيات في غرب ليبيا".

الإعلامي الليبي جبين المجد لـ"حفريات": شبكات المتاجرة بالبشر شبه رسمية، تابعة لحكومة تصريف الأعمال برئاسة الدبيبة، ومن زعمائهم من يحمل رتباً لا يستحقها ومناصب حكومية

وتسيطر الميليشيات على العاصمة طرابلس والمدن في غرب ليبيا، بالتوازي مع وجود قوات الشرطة التي تتبع وزارة الداخلية، فضلاً عن رئاسة الأركان العامة التي تتبع وزارة الدفاع، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وعدد من المناطق العسكرية، التي ينضوي تحتها العديد من الميليشيات.

وكشفت التحقيقات المبدئية، التي أجراها مكتب النائب العام أنّ المركب وضحاياه تعرضوا للرماية عمداً، نتيجة خلاف بين عصابتي تهريب. كما أعلنت النيابة العامة عن ضبط أربعة من المشتبه بهم في الحادثة، من بينهم ليبيون.

إدانة دولية

وتعتبر ليبيا بحسب الأمم المتحدة من المناطق التي تشهد انتهاكات واسعة بحق المهاجرين، وكانت البلاد محط انطلاق موجات كبيرة من طالبي اللجوء إلى الدول الأوروبية، عبر السفر بالبحر عن طريق زوارق وقوارب تعرض كثير منها للغرق.

ونالت حادثة صبراتة اهتماماً دولياً واسعاً، حيث دعت البعثة الأممية في ليبيا السلطات الليبية لضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف، وتقديم جميع الجناة إلى العدالة، ووصفت الواقعة بأنها عملية "قتل شنيعة".

عبد الله الديباني: خلال عمر حكومة الدبيبة لم تُطرح خطة لتفكيك ودمج الميليشيات

كما شاركت السفارة الأمريكية في إدانة الحادث في بيان الأمم المتحدة، ودعت السلطات الليبية إلى "التحقيق بسرعة في هذا الهجوم المروع، ومحاكمة المجرمين المتورطين، كذلك تكثيف الجهود لمكافحة الاتجار بالبشر إلى أقصى حد".

ومن جانبها، أدانت بعثة الاتحاد الأوروبي والسفارة البريطانية الحادث، وطالبت سفارة بريطانيا السلطات بضرورة العمل على تفكيك "الشبكات الإجرامية" التي تستغل المهاجرين وطالبي اللجوء في البلاد، مشددة على ضرورة التحقيق في حادثة مقتل 15 مهاجراً في صبراتة وتقديم الجناة إلى العدالة.

ويقول الباحث في القانون والسياسة، عبد الله الديباني: "الميليشيات في عهد الدبيبة بسائر أنواعها وجدت الحماية مقابل تقديم العون لحكومة الدبيبة منتهية الولاية".

وأضاف لـ"حفريات": "خلال عمر حكومة الدبيبة لم تُطرح خطة لتفكيك ودمج الميليشيات، لأنّ همّ الدبيبة كان البقاء في السلطة على حساب الشعب الليبي، ما أدى إلى نمو الجريمة المنظمة، ومنها تلك التي ارتكبت جريمة صبراتة".

وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منذ بداية العام 2022، جرى اعتراض 14157 مهاجراً عبر البحر وإعادتهم إلى ليبيا، ولقي 216 شخصاً حتفهم أثناء محاولتهم العبور، فيما لا يزال 724 شخصاً في عداد المفقودين، مع ترجيح موتهم غرقاً.

مواضيع ذات صلة:

كيف يشكل ترشح الدبيبة خطراً على الانتخابات الليبية؟

الدبيبة يناقض التوجهات المحلية والدولية بما يتعلق بالمرتزقة.. ماذا طلب من أردوغان؟

الانقسامات تعصف بليبيا: ما مصير حكومة الدبيبة؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية