لهذه الأسباب اقتحمت الميليشيات الإرهابية مقر المجلس الرئاسي الليبي

لهذه الأسباب اقتحمت الميليشيات الإرهابية مقر المجلس الرئاسي الليبي


10/05/2021

اقتحمت مجموعة من قادة الميليشيات المسلحة الليبية مساء الجمعة الماضي فندق كورونثيا – أحد مقرات المجلس الرئاسي، لفرض قرارات بعينها على المجلس، غير أنّ عدم وجود أحد فيه في ذلك الوقت أفشل المهمة. جاء هذا التحرّك المسلّح عقب اجتماع ضمّ أغلب ميليشيات العاصمة طرابلس وما يعرف بقوات "بركان الغضب"، هدّدوا من خلاله بمحاصرة مقرّ المجلس الرئاسي واستخدام قوّة السلاح، إذا لم تلقَ مطالبهم استجابة.

اقرأ أيضاً: تركيا تغازل الاتحاد الأوروبي من جديد... ما علاقة ليبيا والمتوسط؟

في خطوة وصفها المراقبون أنها تمس السيادة الليبية، تمكن عدد من قادة الميليشيات المسلحة من اقتحام الفندق حيث كان مقرراً أن يعقد المجلس الرئاسي اجتماعاً فيه، قاد المسلحين محمد الحصان آمر ميليشيا 166 من مدينة مصراتة وعماد الطرابلسي آمر ميليشيا الأمن العام المكلف سابقاً برئاسة جهاز المخابرات، وعادل الترهوني الناطق الرسمي باسم "قوات درع" المصنفة إرهابية.

يقول الكاتب والباحث في الشأن الليبي، رضا شعبان: إنّ "ما قامت به ميليشيات طرابلس من اقتحام لمقر انعقاد المجلس الرئاسي في طرابلس ليس الأول ولن يكون الأخير، طالما استمرت هذه الحالة الرخوة في التعامل مع ملف الميليشيات وانتشار السلاح، وطالما استمر تنظيم الإخوان الإرهابي في طرح نفسه كطرف في المعادلة الليبية بعكس حقيقة دوره كأداة وظيفية أعضاؤها يعملون كطابور خامس لصالح قوى خارجية خلقتها وتستخدمها في تفكيك الدول الوطنية القائمة، والعمل على عدم قيام دولة وطنية جديدة في أي بلد وخاصة ليبيا".

 

تمكن عدد من قادة الميليشيات المسلحة من اقتحام فندق كان مقرراً أن يعقد المجلس الرئاسي اجتماعاً فيه

ويؤكد شعبان، في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "تحرك هذه الميليشيات جاء بإيعاز قوى خارجية من بينها تركيا وذلك كرد فعل متوقع بعد تعيين عسكري مخضرم على رأس جهاز الاستخبارات بديلاً عن الميليشياوي عماد الطرابلسي، إضافة إلى رغبة تنظيم الإخوان الإرهابي لحصار الحالة الوطنية التي خلقتها وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بدفاعها الواضح والصريح عن سيادة بلادها الوطنية وضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما يثير غضب الإخوان كونهم يعتمدون اعتماداً كلياً على القوات التركية وميليشيات أردوغان الموجودة على الأراضي الليبية لضمان فرض الإخوان في المعادلات السياسية القادمة". 

ويرى شعبان أنّ "الحكومة الليبية ستبقى قراراتها وتحركاتها مرتهنة ومحاصرة إلى أن يتم التنفيذ الكامل للقرارات الدولية القاضية بضرورة تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها وإخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية".

وحول ما يحمله الاقتحام من رسائل للمجتمع الليبي يرى المحلل السياسي والباحث في الجماعات الإرهابية باسل ترجمان أنّ "ثمة رسالة واحدة وقوية وواضحة من اقتحام الميليشيات لمقر المجلس الرئاسي هي أنّ الميليشيات فوق قرار الحل وفوق قرار التفكيك، وأنهم أقوى من مؤسسة الرئاسة والحكومة".

وأكد ترجمان في حديثه لـ"حفريات" أنّ "اقتحام المليشيات لأحد مقرات الرئاسي الليبي جاء بعد تحريض من صادق الغرياني مفتي الجماعات الإرهابية، وأنّ هذا الاقتحام خدش لسيادة المجلس الرئاسي، وفي نفس الوقت أحرج تركيا فقد كشف عدم جديتها في نقل الميليشيات".

 

رضا شعبان: تحرك هذه الميليشيات جاء بإيعاز قوى خارجية من بينها تركيا

ويستعرض ترجمان أسباب الاقتحام بأنّ "الميليشيات الأيديولوجية التابعة للإخوان المسلمين والمرتزقة الأتراك هم من استجابوا لدعوة الغرياني لاقتحام الاجتماع وفرض إقالة الوزيرة نجلاء المنقوش؛ فتصريحاتها واضحة وقوية لا لبس فيها طالبت فيها المجتمع الدولي والدولة التركية على وجه التحديد بضرورة الالتزام بواجباتهم تجاه ليبيا، وتنفيذ ما اتفق عليه الجميع في برلين وجينيف بضرورة تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها وتوحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة".

وحول تداعيات هذه الحادثة على مستقبل عملية السلام في ليبيا، أوضح ترجمان أنّ "ثمة صمتاً مريباً من جانب الحكومة الليبية، وكذلك رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، وكذلك دول الجوار؛ فهؤلاء جميعاً اتفقوا على تفكيك الميليشيات، وها هي الميلشيات تهدد المجلس الرئاسي وتثبت أنها قادرة على فض أي اجتماع وفرض إقالة أي شخصية لا توافق عليها الميليشيات، وواجب عليهم التدخل لصالح استقرار ليبيا، فهم المعنيون بتطبيق مخرجات برلين التي منها تفكيك الميليشيات وإعادة تأهيلهم وضم من يصلح منهم للقوات المسلحة أو لجهاز الشرطة".

ويحذر ترجمان، من ترك المجلس الرئاسي والحكومة الليبية يواجهان الميليشيات وحدهم "وإلا سنعيد تجربة السراج مع الميليشيات، فقد بدأ عهده بمحاولة تفكيك الجماعات الإرهابية ونزع سلاحها؛ ثم ترك وحيداً فسيطرت عليه الجماعات، وتحول لمجرد ماكينة صرف لهم، وتحكموا في كل شيء في ليبيا"، مشدداً على أنّ "عدم وجود رد سياسي حازم وقوي سيدفع الميليشيات للتمادي في تحدي المجتمع الدولي والسلطات الشرعية الليبية، مما يهدد عملية السلام والعودة لأيام الفوضى المسلحة".

 

باسل ترجمان: الميليشيات تريد أنّ توجه رسالة أنّها فوق قرار الحلّ والتفكيك وأقوى من مؤسسة الرئاسة والحكومة

من جهته، يرى الكاتب والباحث في الشأن الليبي، عبدالهادي ربيع، أنّ "هذا الاقتحام محاولة لإرهاب المجلس الرئاسي والرد على ظهور محمد المنيفي عندما زار قبر جده "عمر المختار" حاملاً بندقيته في إشارة على عزمه تطهير ليبيا من أي احتلال سواء أوروبي أو تركي، وأيضاً للرد على قراره رقم 17 لعام 2021، بشأن تكليف حسين محمد خليفة العائب بمهام رئيس جهاز المخابرات الليبية، خلفاً لعماد الطرابلسي المحسوب على المليشيات، والذي صدر قرار بتعيينه من قبل فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة".

ويستطرد ربيع، في تصريحه لـ"حفريات": "أدركت الميليشيات أنّ ثمة متغيراً موضوعياً في الساحة الليبية سوف يقوض تواجدهم، وربما يقدمهم للمحاكمات بتهم متعددة، فبعد فترة صمت وجسّ نبض الحكومة الليبية جاءت تصريحات وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش لتضع النقاط على الحروف، وأنّه لا سبيل لقبول الميليشيات المسلحة في ليبيا".

يستكمل ربيع: "أدرك قادة الميليشيات أنّ ساعتهم قد حانت فعقدوا اجتماعاً مساء يوم الجمعة في المقر الإداري وسط مصنع التبغ بالعاصمة طرابلس الذي يسيطر عليه عماد الطرابلسي رئيس المخابرات السابق، لبحث خطة "التمرد المسلح"، مؤكداً أنّ "الطرابلسي رفض تسليم مقر المخابرات للواء العايب، مدعياً أنّ العايب من الموالين للمشير خليفة حفتر".

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا.. والهويّة المزيّفة

وحول الهدف من اقتحام مقر المجلس الرئاسي أوضح ربيع أنّ الميليشيات أرادت تحقيق هدفين: الأول إظهار قوتهم وأنّهم لن يسمحوا بتفكيك الميليشيات، ولا تسليم السلاح بسهولة، الثاني هو خطف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وتكرار سيناريو 2013 عندما أقدمت جماعة إرهابية كانت باسم "غرفة عمليات ثوار ليبيا"، فاختطفت رئيس الحكومة الليبية الأسبق علي زيدان من الفندق الذي يقيم به في طرابلس، صحيح أنّه تم تحريره بعد ساعات، لكنها كانت عملية لإرهاب الحكومة وقد نجحوا وقتها، أما اليوم فما أقدموا عليه سيكون له آثاره على الواقع الليبي بشكل كبير، فإما أن تدرك القوى الإقليمية أهمية نزع سلاح الميليشيات وتفكيكها بالفعل، أو يستمر التهاون معها فتفشل علمية السلام في ليبيا، وهذه المرة سيكون من الصعب الحصول على نفس المكاسب السياسية التي حصل عليها الليبيون".

 

إدريس العصليبي: الحل لضمان استقلال المجلس الرئاسي وعدم إرهابه يكمن في الانتقال إلى مدينة سرت

من جانبه يصف الخبير الأمني الليبي، إدريس العصليبي، ما جرى بأنّه "أمر متوقع طالما أنّ المجلس والحكومة في طرابلس الخاضعة تماماً للميليشيات"، موضحاً لـ"حفريات" أنّ "الحل لضمان استقلال المجلس الرئاسي وعدم إرهابه، أو خضوعه يكمن في الانتقال إلى مدينة سرت؛ مقراتهم موجودة ومؤمنة وصالحة ليقوموا بمهمتهم على أكمل وجه"، مضيفاً أنّ "انتقال الرئاسي والحكومة إلى سرت هو أصلاً أحد البنود التي تم الاتفاق عليها في مخرجات برلين وجنيف والمبادرة المصرية، وهذا الاتفاق تم حتى لا يتكرر سيناريو السراج مع الجماعات الإرهابية.

وأشار العصليبي إلى أنّ تعيين حسين العايب رئيساً لجهاز المخابرات بدلاً من عماد الطرابلسي؛ هو السبب الحقيقي لغضب الميليشيات، "فالعايب رجل تكنقراط وليس أيديولوجياً، له خبرات كثيرة في مجال عمله ونجاحات تحسب له، وتعيينه يعني جدية الحكومة الليبية في تفكيك الميليشيات  وتسليم السلاح ، وهو ما لن تقبله الجماعات الإرهابية ولا تركيا".

وحول مستقبل علمية السلام في ليبيا أكد العصليبي "لا سلام في ليبيا ولا حل حقيقياً ما دامت الميليشيات المسلحة والمرتزقة السوريون موجودين؛ القوة الوحيدة القادرة على فرض السلام هي الجيش الليبي الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وأي التفاف حول توحيد القوات المسلحة الليبية تحت قيادة واحدة وتسليم السلاح لها، يعني إعطاء الفرصة للإرهابيين بتوطين أنفسهم أكثر بالمجتمع الليبي، مما يصعب مهمة اجتثاثهم في المستقبل".

يذكر أنّ الساحة الليبية شهدت صراعاً كبيراً بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر والميليشيات المسلحة، مما دعا القوى الإقليمية والمجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر لبحث سبل السلام في ليبيا ببرلين وفي جينيف، واستكمل بالمبادرة المصرية، وتعهد الجميع بفرض الحل السلمي والسياسي بدلاً من العسكري، مع ضرورة إخراج جميع المرتزقة من ليبيا، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وتسليم السلاح إلى القوات الليبية الموحدة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية