
في العقود الأخيرة، شهدت المنطقة العربية والإسلامية صعود جماعة الإخوان إلى السلطة، مستغلة الأزمات السياسية والاجتماعية لتحقيق نفوذ سياسي. إلا أن هذه الجماعات غالبًا ما واجهت إخفاقات في إدارة الحكم أدت إلى سقوطها، وفقا لتقرير نشره موقع "البوابة" المصري، حاول من خلاله استطلاع أسباب فشل الإخوان في مختلف الدول.
ففي عام 1989، شهد السودان تحولًا سياسيًا حاسمًا، حينما تحالفت جماعة الإخوان المسلمين بقيادة حسن الترابي مع الجيش، بقيادة عمر البشير، لتنفيذ انقلاب عسكري أطاح بالحكومة المدنية. استند هذا الصعود إلى عدة عوامل، أبرزها استغلال الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية، إضافة إلى قوة التنظيم الداخلي للجماعة، والذي مكنها من حشد التأييد الشعبي وتقديم خطاب ديني واجتماعي جاذب.
إلا أن هذا التحالف الذي استمر لثلاثة عقود بدأ بالتآكل مع تزايد قضايا الفساد داخل النظام، وتنامي القمع السياسي ضد المعارضة، مما زاد من حالة الاحتقان الشعبي التي أسقطت 30 عاما من حكم الجماعة.
ومع سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، برز الإخوان المسلمون كأحد الفاعلين الرئيسيين في المشهد السياسي الليبي، مستفيدين من الفراغ السياسي والفوضى التي أعقبت الثورة.
ساعدهم في ذلك دعم خارجي من دول مثل قطر وتركيا، بالإضافة إلى خبرتهم التنظيمية، التي مكنتهم من تقديم أنفسهم كبديل سياسي قادر على إدارة البلاد.
مع تصاعد العزلة الإقليمية خاصة مع معارضة دول مثل مصر والإمارات لدورهموجد الإخوان أنفسهم في موقف متراجع داخل المشهد الليبي
لكن سرعان ما اصطدم مشروعهم السياسي بواقع الصراعات المسلحة، حيث دخلوا في نزاعات مع فصائل أخرى، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى في البلاد.
كما أن عدم قدرتهم على تحقيق الاستقرار أو تحسين الوضع الاقتصادي أفقدهم جزءًا كبيرًا من الدعم الشعبي. ومع تصاعد العزلة الإقليمية، خاصة مع معارضة دول مثل مصر والإمارات لدورهم، وجد الإخوان أنفسهم في موقف متراجع داخل المشهد الليبي.
ةفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بدا أن الإخوان المسلمين في مصر يعيشون لحظتهم التاريخية، حيث تمكنوا من الفوز بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية في البلاد عام 2012. جاء هذا الصعود مدفوعًا بفراغ السلطة بعد سقوط نظام مبارك، واستغلالهم شعارات الثورة مثل الحرية والعدالة، إلى جانب شبكتهم التنظيمية القوية التي ساعدتهم في حشد الناخبين.
لكن سرعان ما بدأت التحديات تلاحقهم، إذ اتسمت إدارتهم للبلاد بالقرارات الانفرادية، ما أدى إلى عزلة سياسية متزايدة. كما تفاقمت الأزمات الاقتصادية، وزادت حدة الاستياء الشعبي، مما دفع ملايين المصريين إلى الخروج في مظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو 2013، اعتراضًا على سياساتهم. في النهاية، تدخل الجيش، ليتم عزل الرئيس محمد مرسي، وتنتهي تجربة حكم الإخوان في مصر سريعًا.
وخلص التقرير إلى أنه ورغم اختلاف السياقات السياسية في السودان، ليبيا، ومصر، إلا أن تجارب الإخوان المسلمين في هذه الدول اتسمت بعوامل صعود وهبوط متشابهة.
فقد اعتمدت الجماعة في البداية على استغلال الأزمات السياسية والاجتماعية، مستفيدة من قوة تنظيمها الداخلي والدعم الخارجي. لكنها في المقابل، واجهت صعوبات في بناء تحالفات سياسية حقيقية، كما أدى ميلها إلى الانفراد بالسلطة إلى عزلتها السياسية. إضافة إلى فشلها في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية ما جعلها تفقد ثقة الشارع، مما مهّد الطريق أمام سقوطها.