لماذا يرفضُ إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟

لماذا يرفض إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟

لماذا يرفضُ إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟


21/06/2023

تسير جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا عكس التيار الذي يدفع نحو عقد الانتخابات العامة؛ الرئاسية والنيابية، بكثيرٍ من الذرائع لا تريد الجماعة عقد الانتخابات. تتمثّل الجماعة في عددٍ من الأحزاب السياسية، التي تتركز في العاصمة طرابلس، دون وجود لها في المنطقة الشرقية والجنوبية.

ويعتبر حزب العدالة والبناء أكبر هذه الأحزاب الإخوانية، والذي كان له مواقف رافضة للذهاب نحو الانتخابات. رفض الحزب التفاهمات التي توصل إليها الجسمان المنوط بهما إنجاز القاعدة الدستورية؛ مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على الرغم من الوجود الكبير للإخوان داخل المجلس الأعلى للدولة، وانتماء رئيسه خالد المشري إلى فكر الإخوان المسلمين.

رفض مخرجات 6+6

في بيان حزب العدالة والبناء رقم (3) لعام 2023، بشأن مخرجات لجنة (6+6) المشكلة بالتوافق بين مجلس النواب والأعلى للدولة، للخروج بقاعدة دستورية لإجراء الانتخابات بشأنها، رفض الحزب مخرجات اجتماع اللجنة في مدينة بوزنيقة المغربية.

بدأ رفض الحزب الإخواني للعملية السياسية الثنائية بين المجلسين منذ اتفاقهما على التعديل الدستوري رقم (13)، الذي نصّ على؛ تحديد النظام السياسي للبلاد، وتحديد صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية. وتتكون التشريعية من مجلسين؛ النواب، والشيوخ، ويعرفان باسم (مجلس الأمة)، وتتكون التنفيذية من رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء، فضلاً عن بنود أخرى تضمنها التعديل. وبحسب التعديل شكل مجلسا النواب والدولة لجنة (6+6) المشتركة لوضع خريطة طريق للانتخابات، والتوافق على قوانين الاستفتاء والانتخابات (الوثيقة الدستورية)، على أنّ تُجرى الانتخابات بالتزامن، وإلا اعتبرت كأنها لم تكن.

خالد المشري وعقيلة صالح

وجاء في بيان حزب الإخوان حول رفض التعديل الدستوري الثالث عشر، بأنّ صدوره معبراً عن طرف سياسي واحد، وما تضمنه من مواد نعتقد أنها حُشرت لتعطيل أي عملية انتخابية قادمة، ووصفه الحزب بـ"عدم الدستورية".

ويكمن اعتراض الإخوان في أنّهم يرفضون الانتخابات الرئاسية بشكلٍ قاطع، ويهددون بعدم الاعتراف بنتائجها. جاء في بيان الحزب رقم (3) حول مخرجات لجنة (6+6) بأنّ الحزب يرفض مخرجاتها، نتيجة فقدانها للتوافق الوطني، المنبثق عن التعديل الدستوري الثالث عشر، المطعون فيه دستورياً أمام القضاء، ونتيجة رفضه من قبل عددٍ كبير من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة.

الإخوان لا يريدون انتخابات من الأساس؛ لأنهم جماعة إقصائية لا تعترف بالغير، لكن في حال زاد الضغط عليهم سيرفعون سقف مطالبهم، للوصول لانتخابات برلمانية فقط

واتًهم الحزب رئيسا المجلسين "بالانفراد بالقرار وتوجيه مجلسيهما في القرارات المصيرية المتعلقة بإقرار التشريعات والقوانين". ومن الطبيعي رفض الحزب للتعديل الدستوري الثالث عشر، الذي نصّ على أنّ كل الإجراءات الانتخابية تعتبر باطلة ما لم تُعقد الانتخابات الرئاسية.

وكانت لجنة (6+6) توافقت على مسودة أولية للقوانين الانتخابية، في اجتماعها في مدينة بوزنيقة في المغرب، مطلع شهر حزيران (يونيو) الجاري. ورغم وجود العديد من الملاحظات الفنية على المسودة من جميع الجهات، حتى من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلا أنّ اختلاف الملاحظات بين معظم الليبيين عن الإخوان، أنّ الفريق الأول حريص على إجراء الانتخابات، ويطالب بتلافي أية مكامن خلل تطعن في صحتها، بينما يرفض الإخوان القوانين الانتخابية، ويتمسكون فقط بإجراء انتخابات برلمانية.

الانتخابات الرئاسية

جاء في بيان حزب العدالة والبناء، بأنّ الحزب يؤكد على موقفه من ضرورة عقد انتخابات برلمانية أولاً، لتوحيد السلطة التشريعية، وتجديد الشرعية وإعادة الثقة في العملية الديمقراطية، ويشدد على تأجيل عقد انتخابات رئاسية باعتبار أنها محل خلاف وطني إلى حين توفير أجواء عقدها بنجاح.

ويعلق المحلل السياسي الليبي، حمد عز الدين آل خراز، بأنّ الإخوان في الحقيقة لا يريدون انتخابات من الأساس؛ لأنهم جماعة إقصائية لا تعترف بالغير، لكن في حال زاد الضغط عليهم سوف يرفعون سقف مطالبهم، حتى الوصول إلى انتخابات برلمانية فقط.

وأضاف لـ"حفريات"، بأنّ مطالبتهم بانتخابات نيابية فقط لأنّهم قادرون علي تحقيق اختراق في مجلس الأمة، المكون من غرفتين (مجلس النواب، ومجلس الشيوخ)، بعد أنّ عززوا نفوذهم على المستويات المحلية في عدد من الدوائر، مستفيدين من نفوذهم الكبير في السلطة في طرابلس منذ العام 2011.

آل خراز: الإخوان تيار منحرف لا يؤيد الدولة والاستقرار

أما عن رفضهم القاطع للانتخابات الرئاسية، فأوضح آل خراز، بأنّ الإخوان يريدون كسب الوقت، ويعتقدون أنّ الوقت مهم لتجاوز حقبة المشير خليفة حفتر، المرشح الرئاسي الأبرز، بحكم أنّه تجاوز السبعين من العمر، ويتمنون أنّ يحدث له مكروه يقصيه من الحياة السياسية، وبهذا يضمنون ألا خطر عليهم حال تقرر إقامة انتخابات رئاسية.

وكانت لجنة (6+6) تمكنت من تخطي أهم عقبتين بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وهما مسألة ترشح العسكريين للانتخابات ومزدوجي الجنسية. وتجاوزت اللجنة العقبتين بوضع نصّ ملزم للمرشح المتأهل للجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية بتقديم ما يفيد عدم حمل جنسية دولة أجنبية، وتقديم الوثائق التي تثبت ذلك. وفيما يتعلق بالمترشحين للرئاسة من الموظفين العموميين العسكريين والمدنيين، اعتبر القانون أنّ المترشح يُعدّ مستقيلاً بقوة القانون.

أهداف الإخوان

بدورها أشادت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، بنتائج لقاءات لجنة (6+6)، معتبرة أنّها أولى الخطوات لإجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية.

وأكدت القيادة دعم كل الحلول السياسية الصادقة في إنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا دون مغالبة أو إقصاء أي طرف. كما حثت مجلسي النواب والدولة بالإسراع في إنهاء حالة الانقسام وتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة موحدة تشرف على تنظيم الانتخابات في كامل البلاد.

المحلل السياسي حمد عز الدين آل خراز لـ"حفريات": الإخوان يرون في ليبيا بيت المال لجماعتهم، الذي يودون استخدامه في استرجاع نفوذهم في المنطقة العربية

ويعتبر موضوع تشكيل حكومة تكنوقراط التي توافق عليها مجلسا النواب والدولة، وأقرتها لجنة (6+6) في اتفاقها خطوة أولى نحو تحييد أي توظيف سياسي للسلطة التنفيذية في الانتخابات المقبلة، وهي العقبة التي كانت أحد أسباب الإطاحة بالموعد السابق للانتخابات العامة في 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021.

يقول المحلل السياسي آل خراز، بأنّ رؤية الإخوان المسلمين في ليبيا، قائمة على أنّ "البلد هي حق لهم فقط". وأضاف بأنّهم يعتبرون أنفسهم الجماعة أو الفرقة التي لها الحق في الحكم. وأفاد بأنّ الإخوان الليبيين يرون في ليبيا بيت المال لجماعة الإخوان المسلمين، الذي يودون استخدامه في استرجاع نفوذهم في المنطقة العربية، بعد خسارتهم في مصر وتونس. وأكد آل خراز، أنّ الإخوان "تيار منحرف، لا يؤيد الدولة والاستقرار".

رئيس حزب العدالة والبناء السابق محمد صوان

وبحسب اتفاق لجنة (6+6) تجرى الانتخابات الرئاسية في البلاد من جولتين، بغض النظر عن حصول أحد المرشحين على نسبة تفوق 51%، ويتأهل متصدرا الجولة الأولى إلى الجولة الثانية، والفائز منهما يعتبر رئيس البلاد. ويلزم الاتفاق المفوضية العليا للانتخابات بإعلان نتائج انتخابات مجلس الأمة والرئاسة في موعد واحد.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية