لماذا يتشكل إجماع بأنّ الرهان على الحوثي وهمٌ محض؟

لماذا يتشكل إجماع بأنّ الرهان على الحوثي وهمٌ محض؟

لماذا يتشكل إجماع بأنّ الرهان على الحوثي وهمٌ محض؟


01/05/2023

رغم الجهود الحثيثة لإيجاد مقاربة سياسية تصل بنتيجة للأزمة الإنسانية في اليمن، إلا أنّ الوقائع تؤشر إلى صورة قاتمة تقبض عليها التعبئة المستمرة من قبل الميليشيات الحوثية، وكذا السيولة الأمنية، بفعل النشاط الميداني المحموم لهذه العناصر المسلحة وخروقاتها للهدنة. هذه الخروقات والانتهاكات، التي لا تعد مباغتة أو عرضية، تصطدم بعمليات التهدئة الإقليمية، تحديداً بعد الاتفاق الثلاثي بين إيران والسعودية برعاية الصين. وفي ما يبدو أنّ التسوية الأخيرة بين الخصمين الإقليميين لا تعني بالضرورة انعكاسات مباشرة وحتمية على الوكلاء المحليين في مناطق الصراع.

اليمن في دوامات الصراع

أجواء عيد الفطر تلاشت منها عناصر البهجة باليمن، حيث تعرض اليمنيون في مناطق نفوذ الحوثي إلى معاناة قصوى على خلفية القصف والاعتداءات المسلحة في عدة جبهات قتالية، فضلاً عن الأزمات الاقتصاية الحادة، وتدني المستوى المعيشي، في ظل شكاوى متكررة من استمرار فرض "الإتاوات"، وعدم حصول الموظفين على مستحقاتهم المالية.

ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإنّ ملايين اليمنيين ليس بمقدورهم الحصول على ما يكفي من الطعام خلال شهر رمضان. فيما يقع حوالي 25.5 مليون نسمة (إجمالي عدد السكان 30 مليون)، في اليمن، تحت خط الفقر، مشددة على أنّ الحرب تسببت في شتات ما يتجاوز 4 ملايين شخص.

ثابت الأحمدي: واهم، ثم واهم، ثم واهم!

وتواصلت الاعتداءات الحوثية خلال أيام عيد الفطر، في ظل القصف المستمر الذي استهدف مناطق سكنية في جنوب غرب اليمن، تحديداً بمنطقة موزع الواقعة غرب محافظة تعز. وتسبب القصف في تلك المنطقة في مقتل ثلاثة مدنيين، منهم طفلة وإمرأة ومواطن، حسبما أوضح بيان صادر عن الإعلام العسكري للقوات المشتركة بالساحل الغربي اليمني.

ووفق مصادر طبية وأخرى محلية تحدثت للإعلام العسكري، فإنّ "الطفلة نجوى حسان مقبل بجاش (12 عاماً) والمواطن محمد عبدالباسط الحبيشي، وشقيقته مريم عبدالباسط الحبيشي، قتلوا في القصف الحوثي الذي استهدف منزلاً في قرية "المجش الأعلى" بعزلة العواشقة في مديرية موزع". وقال المصدران إنّ "الجرحى تعرضوا لإصابات متفاوتة بعضها خطيرة". فيما رجح المصدر الطبي "تضاعف أعداد القتلى نتيجة الإصابات البليغة التي يتم التعامل معها في غرفة العناية المركزة بالمخا".

التاريخ يحفل بوقائع عديدة تثبت أنّ الميليشيات التي تستخدمها الدول لعسكرة بعض الملفات الإقليمية لتحقيق حساباتها الاستراتيجية في لحظة محددة تتحول إلى عبء سياسي وأمني لاحقاً

ولم تختلف بيانات القوات الجنوبية عن سابقتها، حيث رصدت شن الميليشيات الحوثية ثلاث ضربات عسكرية في ثلاث جبهات جنوب اليمن. نجحت القوات الجنوبية في التصدي لهجومين في جبهتي لحج وأبين، لكنّ طائرة مسيّرة استهدف أحد المرافق الطبية في الجبهة الثالثة التي استهدفها الحوثيون بمنطقة الضالع.

إرهاب الحوثي

وذكر بيان القوات الجنوبية أنّها "تمكنت من صد هجوم لميليشيات الحوثي الإرهابية في جبهة طور الباحة (حيفان شمال محافظة لحج)، موضحاً أنّ "الوحدات القتالية للقوات الجنوبية تصدت لهجوم العدو الذي شن قصفاً بالسلاح الثقيل على المواقع المحررة عقب هزيمته العسكرية. والقصف أسفر عن سقوط مدني كان في منزله إثر القصف العشوائي".

إذاً، هذه الانتهاكات التي تتزامن مع التقارب السعودي الإيراني، تؤكد أن الحوثي "ليس جماعة سلام، ولن يكون"، حسبما يوضح عضو مشاورات الرياض ومستشار وزير الثقافة والسياحة اليمني، الدكتور ثابت الأحمدي الذي أبلغ "حفريات": "لم نسمع يوماً ما في التاريخ أنّ عصابة ما قد تعاملت مع الناس باحترام، العصابة عصابة، مهمتها فرض الجبايات والإتاوات وشن الاعتداءات بشتى الطرق. وميليشيات الحوثي عصابة سلالية بغيضة مهمتها الأذى والابتزاز، ولن تكون إلا كذلك، ونؤكد هنا للمرة المليون: واهم، ثم واهم، ثم واهم، من ظن أنّ عناصر الحوثي رجال سلام، أو فيهم من يهتم بالحوار. وهذا باختصار.

عضو مشاورات الرياض ومستشار وزير الثقافة والسياحة اليمني، الدكتور ثابت الأحمدي لـ"حفريات": الانتهاكات التي تتزامن مع التقارب السعودي الإيراني، تؤكد أنّ الحوثيين ليسوا جماعة سلام، ولن يكونوا

وحول الرسائل التي يبعث بها الحوثي من خلال هذه الهجمات العنيفة، يقول الأحمدي: "الهجمات هي مواصلة مشروع الحرب والتدمير الذي تتبناه الجماعة أساساً منذ انقلبت على الدولة منتصف العام 2004، وهي تمارس نوعاً من الابتزاز السياسي تجاه المملكة العربية السعودية، لفرض مزيد من الطلبات والشروط فقط؛ لأنّ المملكة بالنهاية دولة، تسعى للاستقرار والأمن والتنمية بأيّ ثمن، خاصة وهي تقود مشروعاً تحديثياً عالمياً في المرحلة الحالية، وذلك بخلاف جماعة الحوثي التي هي عصابة ميليشياوية لا يهمها الأمن ولا الاستقرار أو التنمية، بينما لا تفكر أساساً بعقلية الرجل العاقل ناهيك عن عقلية رجل الدولة. أيضاً الحوثي يسعى من خلال هذه السلوكيات الهمجية والممارسات العدوانية إلى إثبات المزيد من الولاء والطاعة لإيران الخمينية التي ترى فيهم مجرد "شيعة شوارع" لا أكثر".

هامش مناورة برعاية طهران

كما أنّ إيران نفسها تعطي هامشاً من الحرية في التحرك، وفق عضو مشاورات الرياض ومستشار وزير الثقافة والسياحة اليمني، وقد تغض الطرف عن بعض الممارسات التي ينفذها الحوثي "من تلقاء نفسه"، لقياس مدى فاعليتهم بمفردهم من دون طهران.

 سامح مهدي: ممارسات الحوثي لا تعكس سوى طبيعة الميليشيات التي "تتمرد" في لحظة التسوية على القوى التابعة لها

ويضيف: "ولا شك أنّ التداعيات سلبية للغاية، وتجعل الأمور أكثر تعقيداً. وبالنهاية من يدفع الثمن هم المواطنون اليمنيون، وليس الحوثي الذي لا يهتم بأيّ معاناة تتفاقم وتجعل الصورة بهذه القتامة".

ويختتم الأحمدي حديثه قائلاً إنّ العقبات في طريق الحل السياسي تتزايد على خلفية "الألغام الحوثية" و"الرسائل المفخخة"، فضلاً عن الإدارة الأمنية للأزمة. من ثم "لا أرى أيّ حل ممكن ومحتمل إلا من خلال كسر شوكة الحوثي عسكرياً والقضاء عليه. أما ما يسمى بالسلام مع الحوثي فهو مجرد بيع للأوهام مع أنفسنا لا أكثر. سبق للرئيس السابق علي عبدالله صالح، أن قام بمفاوضات شاقة وطويلة مع الحوثي، وفي نهاية المشوار قطعوا رأسه في أبشع عملية قتل لا مثيل لها. باختصار؛ الحوثي جماعة عنف وإرهاب ولن تردعه إلا القوة القاهرة. غير هذا أوهام".

إلى ذلك، سبق لوسيط الأمم المتحدة بشأن اليمن، هانس غروندبرغ، التأكيد على أنّ "الفرصة الأهم منذ 8 سنوات سانحة، الآن، لإحراز تقدم نحو إنهاء الصراع، بيد أنّه حذر من أنّ دفة الأمور قد تتبدل في حال لم يتخذ الطرفان خطوات أكثر جرأة نحو السلام".

وقال أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إنّ أيّ اتفاق جديد في اليمن ينبغي أن يكون خطوة واضحة نحو عملية سياسية يقودها اليمنيون، وأنّ هناك حاجة لوقف إطلاق النار على يد يمنيين. وتابع: "عمليات الإفراج عن نحو 900 من المحتجزين جددت آمال العديد من اليمنيين في إمكانية إطلاق سراح أقاربهم قريباً".

الصراع على استحقاقات الحرب

وذكر المبعوث الأممي أنّه "واصل العمل مع الأطراف لتحديد الخطوات التالية نحو وقف دائم لإطلاق النار وإعادة تنشيط العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، بشأن التدابير التي يمكن أن تخفف من الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد".

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور سامح مهدي، إنّ ممارسات الحوثي لا تعكس سوى طبيعة الميليشيات التي "تتمرد" في لحظة التسوية على القوى التابعة لها، مع الأخذ في الحسبان أنّه "سواء كانت الأجسام السياسية المسلحة لها طبيعة عقائدية أو مجرد أداة وظيفية، ففي الحالين لا تقبل بأيّ تسوية سريعة وبراغماتية، بل تنقلب بسلاحها ضد مصالح الطرف الذي كانت ترتهن لحسابه. والتاريخ يحفل بوقائع عديدة وحوداث مماثلة تثبت أنّ الميليشيات التي تستخدمها الدول لعسكرة بعض الملفات الإقليمية لتحقيق حساباتها الاستراتيجية في لحظة محددة تتحول إلى عبء سياسي وأمني لاحقاً. حدث ذلك مع تنظيم القاعدة والتي نفذت عمليات ضد الولايات المتحدة وبعض دول الخليج منها السعودية بعدما اضطلعت بدور مهم في تحقيق الاستراتيجية الأمريكية في صراع واشنطن مع الاتحاد السوفييتي".

ووفق مهدي، فإنّ الحوثي سيظل على درجة الولائية باعتباره تنظيماً عقائدياً ينتمي للإسلام السياسي في نسخته الشيعية، وربما، (الخمينية)، لكن على طريقته، وبما يسمح له بالاستثمار السياسي داخل اليمن والبحث عن حواضن جديدة للمراحل المستقبلية، لافتاً إلى أنّ "العناصر الميلشياوية في اليمن المتمركزة في عدة مناطق استراتيجية تخضع لنفوذها، بخاصة في الساحل الجنوبي، والسيطرة على الملاحة الدولية، والموانئ البحرية، وكذا المناطق غنية بالنفط، لن تتنازل بسهولة عن استحقاقاتها في الحرب لحساب أهداف إيران السياسية والإقليمية سواء كانت تكتيكية أو استراتيجية".

مواضيع ذات صلة:

اليمن: تخادم الحوثي والقاعدة برعاية إيرانية

هل تستمر ميليشيا الحوثي في خنق الممرات الملاحية باليمن؟

حرب الحوثيين الاقتصادية... أشكالها وأهدافها



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية