لماذا صارت طقوس السياسيين الشيعة مبعثاً لكوميديا عراقية ساخرة؟

العراق

لماذا صارت طقوس السياسيين الشيعة مبعثاً لكوميديا عراقية ساخرة؟


07/10/2018

مع حلول كل موسم طقوسي خاص بشهري محرم وصفر الهجرييّن، تعج مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بالكوميديا الساخرة إزاء الممارسات الطقوسية لقادة الإسلام السياسي الشيعي في البلاد، لجهة المقارنة المجتمعية بين سلوكيات الإسلاميين في السلطة وادعاء انتسابهم الديني لمبادئ الإمامية الشيعية.

وتصدر نائب رئيس الجمهورية السابق نوري المالكي، لائحة الساسة الشيعة الذين تعرضوا لهجوم نقديٍّ لاذع، لدى افتتاحه في اليوم الأول من السنة الهجرية الحالية، وسط العاصمة بغداد، مجمع الأبرار الإسلامي، الذي أقام فيه مراسم العزاء الحسيني الخاص بكيانهِ السياسي.

اعتاد الساسة الشيعة في العشرة الأوائل من شهر محرم على إقامة المجالس الحسينية التي تلاقي سخطاً شعبياً

وطالب المالكي في كلمةٍ له، أثناء افتتاح مجمعه الخيري "العراقيين التأسي بالإمام الحسين والثورة ضد من يريد فرض حكومة تنهب خيرات العراق وإرجاع عقارب الساعة للوراء". وأضاف أنّ "استمرار حكم حزب الدعوة الإسلامية مطلبٌ لكل العراقيين الشرفاء، ولن نتخلى عن تحقيق طموحات الشعب".

وعن تكلفة بناء المجمع الذي أشرف عليه، أوضح المالكي أن "كلفة بناء هذا المجمع تجاوزت الـ 20 مليار دينار عراقي، تبرع بها مجموعة من الدعاة، لدعم مسيرة النهوض والإعمار في البلاد".

وختم رئيس ائتلاف دولة القانون حديثه بالهجوم على منافسه الشيعي عمار الحكيم، والذي يقطن ضمن رقعتهِ السكنية في منطقة الجادرية وسط بغداد، بالقول "هناك من بنى قاعاتٍ فخمةٍ لحزبهِ من أموال العراقيين، أما نحن في حزب الدعوة فنبني من أجل الشعب".

خطيب حسيني يعتلي المنبر بحضرة المالكي وسياسيين آخرين

هجوم على الحكيم

ويتعرض زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم (21 مقعداً نيابياً)، إلى نقدٍ متواصل عبر مواقع الفضاء المحلي العراقي، على خلفية سيطرتهِ وقياداتٍ من حزبهِ على قاطع منطقة الجادرية الرئاسي ببغداد، فضلاً عن بنائهِ قاعة رئاسية، لطالما تساءل العراقيون عن تكاليفِ ثمنِ بنائها الباهظ.

اقرأ أيضاً: هل يختلف الشيعة على مفهوم ولاية الفقيه؟

وتعليقاً على كلام المالكي وظهورهِ في مجمعه الرئاسي الجديد، إلى جانب قيادات سياسية أخرى، قال علي حسين، وهو صحفي عراقي عبر مدونتهِ بالفيسبوك إن "هذا الاجتماع هو لمجموعةِ سراقٍ نهبوا العراق على مدى 15 عاماً.. ويصرون اليوم على خداع الناس بتقواهم الزائفة".

ويضيف نائب رئيس تحرير صحيفة "المدى البغدادية": "لقد أدرك الحسين بن علي، منذ أول سهم أطلق من معسكر يزيد بن معاوية، أنّ هذه الأرض إنما أعدت للباحثين عن المحبة واليقين، ولم تعد للمزورين وناهبي قوت الفقراء، والمرائين وذئاب الطائفية"، في إشارة منه الى الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق.

أما عادل أبو محسن، وهو موظف بدائرة الوقف الشيعي، فقد اتهم الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية ورئيس الوزراء السابق، باستغلال مناصبه للسيطرة على أراضي الدولة، وأشار إلى أنّ "ما يسمى بمجمع الأبرار الإسلامي، قد أنشئ على قطعة وقفٍ تابعةٍ لديوان الوقف الشيعي، وقد جعل (نوري المالكي) نفسه متولياً عليها، علماً أن التوليّة يجب أن يصادق عليها القضاء، ومن ثم تحال إلى المجلس العلمي في الديوان، للمصادقة عليها أيضاً".

اقرأ أيضاً: من هم الأشراف؟ ولماذا يتصارع الصوفية والشيعة والإخوان على اللقب؟

ويتابع أبو محسن قوله عبر مقالٍ نشره على صفحته في الفيسبوك: "كل هذه الأمور، لم تمر بها تولية السيد المالكي، وقد فتحَ الديوان تحقيقٍ في بداية عام ٢٠١٦، وتشكلت لجان بهذا الخصوص، وكنت عضواً في تلك اللجان"، مبيناً أنهم لم يصلوا إلى "كيفية حصول (نوري المالكي) على التولية بشأن هذه الأرض ومن أعطاه هذه التولية، والأنكى من ذلك، أننا وجدنا مخططات هندسية كاملة مصادقاً عليها من الدائرة الهندسية في الوقف الشيعي بدون علم الدائرة نفسها".

المالكي في مجلسه السنوي الحسيني لهذا العام

مشهد الزعامات الشيعية في المواسم الدينية

بدورهم، وصف مدونون آخرون، مشهد الزعامات الشيعية في المواسم الدينية بـ "محاولةٍ لخداع الناس"، وتساءل هاشم القاضي غاضباً "لماذا لا يتقون الله في حرمة هذا الشعب المسكين الفاقد لأبسط مقومات الحياة؟"، فيما قالت لينا الموسوي إن "ممارسات قادة التشيع السياسي ما هي إلا ضحكٌ على الذقون، وهم لا يمثلون خط أهل البيت، عليهم السلام، الذين كانوا دوماً إلى جانب الطبقات المسحوقة من المجتمع".

ويعتاد الساسة الشيعة على إقامة المجالس الحسينية في العشرة الأوائل من شهر محرم الحرام؛ إذ تنقل قنواتهم الفضائية تلك المجالس، التي تلاقي سخطاً شعبياً، نتيجة مظاهر الترف الواضحة على قصورهم الرئاسية، في وقت تعاني البلاد من أزماتٍ اقتصاديةٍ وخدميةٍ حادة.

محلل نفسي: سيكولوجيا الضحية دفعت السياسيين الشيعة حين صاروا في السلطة إلى اعتبار العراق غنيمة لهم

ويعلل عالم النفس العراقي قاسم حسين صالح، تلك الظاهرة، قائلاً "في العراق لدينا (حسينان) يظهران بتناقض حاد في كل عاشوراء، أحدهما يظهر في المنطقة الرئاسية الخضراء، حيث يتباكى عليه السلطويون، والآخر الإمام المظلوم الذي يقيم له فقراء الشيعة، مجالس العزاء في الطرقات والأزقةِ الرثة"، مبيناً أن "ذلك هو المشهد الذي عشناه منذ خمسة عشر عاماً؛ أي منذ العام ٢٠٠٣".

ويحلل صالح، أزمة السياسيين الشيعة نفسياً، ويؤكد لـ "حفريات" أنّ "الخطيئة التاريخية أنهم حين استلموا السلطة (أو سلّمت لهم )، دفعتهم سيكولوجيا الضحية إلى أن يعتبروا العراق غنيمة لهم .. فتقاسموه، ولم يخطر على بالهم شعباً اضطهده النظام السابق، وأدخله في حروبٍ كارثيةٍ وحصارٍ لثلاثةِ عشرَ عاماً.. فأهملوه تماماً؛ لأنّ من قوانين الضحية أنها تفكر في نفسها فقط وتبالغ في تعويضِ حرمانها".

اقرأ أيضاً: 10 مرويات في الموروث الشيعي..هل تتناقض مع العلم؟

وكانت المرجعية الشيعية في العراق، قد انتقدت في خطبة صلاة الجمعة، من الأسبوع الماضي، انشغال المسؤولين الحكوميين، بالممارسات الشعائرية على حساب واجباتهم المطلوبة، وألمح ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي إلى أنّ "هناك من يمتلك إعلاماً وسلطةً لإظهارِ انتمائه الديني، وهناك من ينخدع به بغية نصرتهِ والدفاع عنه"، داعياً العراقيين إلى "الإدراك الحقيقي لتلك الممارسات لتمييز من يمثل الحق من دعمه".

وتشهد المحافظات الشيعية في وسط وجنوب العراق، مع بداية كلِّ موسمٍ هجريٍّ جديد، حداداً يمتدُ قرابة الشهرين، حزناً لحلول ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، عام٦١هـ، حيث تُنصب في الشوارع العامة سرادق العزاء، مع تعطيل الدوام الرسمي في اليوم الأول والعاشر من المحرم، واليوم العشرين من شهرِ صفر (ذكرى أربعينية الإمام الحسين بحسب الاصطلاح الشيعي).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية