لماذا تغزو شركات الاتصالات الإسرائيليّة السوق الفلسطينيّة؟

لماذا تغزو شركات الاتصالات الإسرائيليّة السوق الفلسطينيّة؟


02/11/2020

تكثّف شركات الاتصالات الإسرائيليّة مؤخراً من انتشارها في المستوطنات والمناطق المصنّفة "ج" في الضفة الغربية، مستفيدة من تردّدات الجيلَين الرابع والخامس، التي لا يسمح لشركات الاتصالات الخلوية الفلسطينية بامتلاكها، رغم المعركة التي يخوضها الفلسطينيون في أروقة الاتحاد الدولي للاتصالات، لتشغيل الجيلَين، ولمعاقبة الاحتلال الإسرائيليّ على غزو عدّة شركات إسرائيلية لمناطق واسعة من الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: قرية فلسطينية تستعين بكاميرات مراقبة لردع المستوطنين الإسرائيليين

وتحرم السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من حقَّهم في إنشاء بوابة دولية في فلسطين، بما في ذلك مدّ الكابلات البحريّة، وإنشاء المحطات الأرضية الساتلية، وأنظمة الموجات الدقيقة، والألياف البصرية، في مخالفة لقرارات الاتحاد الدولي للاتصالات 12 و18 و125.

 إسرائيل شرعت مؤخراً في بناء نحو ستّين محطة خلوية ضخمة ل

وأشار تقرير للموقع الإلكتروني "والا" الإسرائيلي؛ إلى أنّ الشركات الإسرائيلية تنصب هوائيات بثّ فوق المنازل بإيجار شهري، يتراوح بين 1000 و1500 دولار، وقدّر التقرير وجود نحو 225 هوائية بثّ صغيرة في المستوطنات.

وذكرت صحيفة "دماركر" الاقتصادية؛ أنّ إسرائيل شرعت مؤخراً في بناء نحو ستّين محطة خلوية ضخمة لمختلف شركات الهواتف الخلوية الإسرائيلية في الضفة الغربية، فضلاً عن تأسيس بنى تحتية لشبكة اتصالات أرضية؛ حيث رصدت الحكومة ميزانية أولية بقيمة 15 مليون دولار.

الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يدفع المزيد من السكان في الضفة لاستخدام شبكاتها عبر تركيب العشرات من المحطات الأرضية، بغرض التشويش على شبكات الاتصالات المحلية

وكبّلت المادة (36) من اتفاقية أوسلو قطاع الاتصالات بشكل كبير، ومنحت الجانب الإسرائيلي حقّ الفيتو على نمو القطاع وتطويره ودمجه في قطاعات الإنتاج الأخرى.

وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إسحاق سدر؛ إنّ حجم خسائر الشركات الفلسطينية، خلال الأعوام الأربعة الماضية، بلغت ملياراً و100 مليون دولار، جراء الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ قطاع الاتصالات، فيما بلغت خسائر خزينة الدولة 400 مليون دولار.

اقرأ أيضاً: المستعربون: فرق موت إسرائيلية خفيّة تطارد الفلسطينيين

وأضاف سدر، خلال مؤتمر صحفي للحديث حول تلك الانتهاكات، بمدينة رام الله، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري؛ أنّ ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاك متواصل لقطاع الاتصالات الفلسطينية، وآخرها منح ترخيص لشركة "بيزك" لتقديم خدماتها في الضفة، مخالف للقوانين والشرائع الدولية، وسرقة وقرصنة للمصادر الفلسطينية.

منح ترخيص لشركة "بيزك" لتقديم خدماتها في الضفة، مخالف للقوانين والشرائع الدولية، وسرقة وقرصنة للمصادر الفلسطينية

وتعمل في السوق المحلية شركتا اتصالات خلوية، هما "جوال" و"أوريدو فلسطين"، تقدّمان خدمات الاتصال اللاسلكي والجيل الثالث، وتلتزمان بقوانين العمل والاستثمار والشركات المعمول بها.

اقرأ أيضاً: كيف تستغل إسرائيل "الكانتينا" لعقاب الأسرى الفلسطينيين؟

وتفيد معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ بأنّ 4.3 ملايين فلسطيني اشتركوا في الاتصالات الخلوية، حتى نهاية 2018، في حين بلغ معدل انتشار الهاتف النقّال 90 هاتفاً لكلّ 100 من السكان، وهناك 96% من الأسر في فلسطين لديها خطّ هاتف نقّال واحد على الأقل.

الضمّ عبر قطاع الاتصالات

بدوره، يقول وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني الأسبق، مشهور أبو دقة، في حديثه لـ "حفريات": "الاحتلال الإسرائيلي يهدف من وراء إغراق الضفة الغربية بشبكات الاتصالات الإسرائيلية تنفيذ خطة الضمّ، ليس للسيطرة على الأرض فقط، بل ليمتدّ إلى قطاع الاتصالات"، مشيراً إلى أنّ شركات الاتصالات الفلسطينية تُجبر للحصول على تراخيص من قبل الإدارة العسكرية في مستوطنة "بيت ايل" للعمل في الضفة الغربية، وكذلك لنقل المعدات في المناطق المصنفة ((C، وحتى المناطق (A)، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية".

تعمل في السوق المحلية شركتا اتصالات خلوية، هما "جوال" و"أوريدو فلسطين"

وتابع أبو دقة: "الإجراءات الإسرائيلية تقوم على تقديم كافة التسهيلات لشركات الاتصالات الصهيونية النقالة للعمل في مختلف مناطق الضفة الغربية، دون الحصول على أية تراخيص؛ حيث يتمّ التعامل معها كبقية الشركات العاملة في الأراضي المحتلة عام 1948،  في حين تعيق عمل شركات الاتصالات الفلسطينية، وتمنع حصولها على تقنيات الجيلَين الرابع والخامس، التي تتمتع بها شركات الاتصالات الإسرائيلية".

إقبال على اقتناء الشرائح الإسرائيلية

ولفت إلى أنّ "أبرز شركات الاتصالات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية، هي: "بيزك" للهواتف الثابتة، و"سيليكوم"، و"أورانج" و"جولان" للهواتف النقالة، وتغطّي تلك الشبكات كافة المناطق الفلسطينية، تحديداً المناطق التي يتواجد بها الجيش الإسرائيلي"، موضحاً أنّ "الاحتلال يستغل التلال الجبلية لنصب أبراج الاتصالات التي تحتوي تردّدات وموجات كبيرة لتغطية مساحات واسعة، في حين تمنح الشركات الفلسطينية تردّدات قصيرة، وهو ما يترتب عليه تكاليف مالية كبيرة، لحاجتها لأعداد كبيرة من أبراج البثّ، كي تستطيع تغطية المناطق الفلسطينية".

الإقبال على اقتناء شرائح الاتصالات الإسرائيلية من قبل السكان الفلسطينيين في تزايد مستمر

ولفت إلى أنّ "الإقبال على اقتناء شرائح الاتصالات الإسرائيلية من قبل السكان الفلسطينيين في تزايد مستمر؛ وذلك لتدني أسعار الخدمة الإسرائيلية وجودتها، كما أنّ هذه الشركات لا تتكبّد أيّة خسائر مالية، لعدم حاجتها للحصول على تراخيص فلسطينية للعمل، أو استئجار أراضٍ لتركيب هوائيات البثّ، مستغلة عمليات المصادرة المستمرة للأراضي الفلسطينية لتسهيل خدمات الاتصالات"، مبيناً أنّ "هذه الإجراءات تمكّن الاحتلال من السيطرة على 7% من إجمالي إيرادات الاتصالات الثابتة والنقالة الفلسطينية".

وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني الأسبق، مشهور أبو دقة، لـ "حفريات": إسرائيل تقدم التسهيلات لشركاتها النقالة للعمل في مختلف مناطق الضفة الغربية، دون الحصول على تراخيص

وعن نسبة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني في الناتج المحلي الإجمالي، بيّن أبو دقة؛ أنّ "النسبة تتراوح بين 6% إلى 12%"، مؤكداً أنّ "شركات الاتصالات الفلسطينية اضطرت لبناء مقاسمها الرئيسة خارج فلسطين، بناء على طلب من الاحتلال، وهو ما يعرّضها لعمليات المراقبة الصهيونية المستمرة؛ حيث تدخل الاتصالات الفلسطينية عبر الشبكة الإسرائيلية ليجري تتبّعها بسهولة".

نموّ بطيء

من جهته، يرى الخبير في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عدي دراغمة؛ أنّ "السيطرة الإسرائيلية على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني هي قضية قديمة حديثة، بدأت فصولها منذ عام 1967، ومنذ ذلك الوقت يمنع الاحتلال أيّة محاولات فلسطينية لفرض كامل سيطرتها على هذا القطاع المهم"، مشيراً إلى أنّ "النموّ والتطور في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يسير بشكل بطيء جداً، ومتأخر تقنياً عن معظم الدول المجاورة، وباتت البنية التحتية لهذا القطاع تحت المراقبة الإسرائيلية المستمرة".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستولي على آثار فلسطينية لخلق تاريخ مزيف لأكاذيب الاحتلال

 ويضيف دراغمة، خلال حديثه لـ "حفريات": "منذ تسعينيات القرن الماضي، كانت خطوط الهواتف الفلسطينية تشكّل ما نسبته 3% بين الفلسطينيين فقط، في حين كانت لدى الاحتلال 35% بين الإسرائيليين، ومن أبرز أسباب هذا التفوق القيود الإسرائيلية المتكررة على استيراد المعدات التقنية اللازمة لتطور شبكات وعمل الشركات الفلسطينية، وهي أحد أهمّ العقبات التي ما تزال تعاني منها شركات الاتصال خلال القرن 21، وتتطلب موافقة مباشرة من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية على دخولها المناطق الفلسطينية".

إسرائيل تحاول أن تدفع المزيد من السكان في الضفة لاستخدام شبكاتها

وأكّد دراغمة أنّ "شركات الاتصالات الإسرائيلية ما تزال توسّع عملها في الضفة الغربية بإعلان وزير الاتصالات الإسرائيلي، يوعاز هندل، مؤخراً، منح شركة "بيزك" الصهيونية، وهي من كبرى شركات الاتصالات الصهيونية، ترخيصاً للعمل في الضفة الغربية، ويهدّد هذا الإعلان بخسائر مالية إضافية ستتكبّدها شركات الاتصالات المحلية والخزينة الفلسطينية، التي تعمل بها الشركات الإسرائيلية دون الحصول على أيّة تراخيص منها"، موضحاً: "الشرائح الصهيونية الفعّالة بالضفة الغربية تتجاوز 900 ألف بطاقة هاتف، ومن المتوقع أن تزداد تلك الأرقام بشكل مضاعف خلال الأعوام المقبلة".

خسائر مالية باهظة

ولفت إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يستغلّ الطيف التردّدي الفلسطيني، في مخالفة واضحة لقرارات الاتحاد الدولي للاتصالات، عبر إنشاء المئات من هوائيات البثّ، لتغطية مساحات واسعة من مدن الضفة الغربية، وهو ما يدفع فئة كبيرة من السكان للجوء لشبكات الاتصال الصهيونية، للتجول عبرها، نظراً للتطور الهائل في شبكاتها بعد استخدامها للجيلَين الرابع والخامس، وهو ما يسمح بالحصول على خدمة إنترنت في غاية السرعة، بالتالي؛ إعطاء الشركات الإسرائيلية ميزة مالية إضافية، وإلحاق مزيدٍ من الضرر والخسائر بشبكات الاتصالات الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: أساليب شيطانية تلجأ إليها إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين

وتابع الخبير الفلسطيني: "إسرائيل تحاول أن تدفع المزيد من السكان في الضفة لاستخدام شبكاتها عبر تركيب العشرات من المحطات الأرضية، بغرض التشويش على شبكات الاتصالات المحلية، ليتسبّب ذلك بخسارة بلغت أكثر من 300 مليون دولار لشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، خلال العام الماضي (2019)، بالتالي؛ خسارة الخزينة الفلسطينية أكثر من 33 مليون دولار أمريكي، لعدم حصولها على ضريبتَي الدخل والقيمة المضافة من الشركات المحلية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية