لماذا تتجنب إسرائيل المواجهة المفتوحة مع حزب الله؟

لماذا تتجنب إسرائيل المواجهة المفتوحة مع حزب الله؟

لماذا تتجنب إسرائيل المواجهة المفتوحة مع حزب الله؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
25/07/2023

ترجمة: إسماعيل حسن
يواصل حزب الله خرق التفاهمات الدوليّة مرة تلو أخرى، بل بات ينغص حياة السكان الإسرائيليين على الحدود بضجيج التفجيرات وتزويغ العيون بأشعة الليزر، والأخطر من ذلك الجرأة المتزايدة في النشاطات المحليّة التي تدل على تآكل في الردع الإسرائيلي.
 ومؤخراً صعّد نصرالله من موجة التهديد والتبجح ضد إسرائيل، على خلفية إقرار الجيش إزالة الخيمتين التي تم نصبهما مؤخراً في أراضِ سيادية لدولة إسرائيل في منطقة هار دوف، في خرق واضح وخطير لسيادة إسرائيل، فسلسلة الأحداث في الأشهر الأخيرة تثبت أنّ نصر الله يفحص من جديد حدود اللعب مع دولة إسرائيل، بدأ ذلك بالعملية في عمق الأراضي الإسرائيلية التي انتهت بلا قتلى، والآن نشهد وقاحة غير عادية من العدو، نصب خيام يسكنها مخربون مسلحون من حزب الله في الأراضي الإسرائيلية، والغضب داخل إسرائيل يتصاعد من أداء الحكومة الحاليّة التي تستسلم لمنظمة الإرهاب في لبنان، فهي سبق أن هاجمت الحكومة السابقة على خلفية توقيع اتفاق الغاز مع دولة لبنان، والتي لم تتنازل فيه دولة إسرائيل سنتمتراً واحداً من أراضيها السّيادية.

لا يوجد شخص أكثر سعادة أكثر من الأمين العام لحزب الله ، الذي أصبح الرجل الثاني  في سلم درجات محور الشر بعد علي خامنئي


 الحكومة التي تسمي نفسها يمين بالكامل تنكشف بعريّها، فهي غير قادرة على إخلاء خيمتين، وتستجدي محافل دولية لممارسة الضغط على حزب الله، ليتفضل بطيبته لإخلاء خيمة واحدة من الخيمتين، لا شك أنّ الاستسلام للإرهاب لا يغيب عن عيون العدو، ويسحق الردع ويعزز مكانة حزب الله في لبنان، كما أنّ انعدام الرد من الحكومة على الأرض يطرح سؤالاً جدياً حول قدرتها في الدفاع عن مصالح الدولة وحماية سيادتها، انعدام رد حكومة إسرائيل على استفزازات حزب الله ليس مسألة أمن قومي فحسب بل أيضاً مسألة عزة قومية، نتنياهو الذي وعد في أثناء الانتخابات بأن يرفع علم إسرائيل عالياً الآن ينكسه، فحكومة تخاف من مستوطنة عدو في أراضيها تعترف بعدم قدرتها على الدفاع عن حدود الدولة، ليس هذا هو الواقع الذي وعدت به حكومة يمين بالكامل مواطني إسرائيل، لكن الوعود في جانب والواقع في جانب آخر.

الخيام التي نصبها حزب الله على "الأراضي الإسرائيلية"
تجنب إسرائيل المواجهة
في الواقع تل أبيب تتجنب المواجهة المفتوحة مع حزب الله وغير معنية بمواجهة عسكرية بشأن الخيام، الأمم المتحدة تعمل بنشاط كبير في هذا الشأن، وقائد قوة اليونيفيل في لبنان يواصل إجراء لقاءات لإيجاد حل سلمى دون اللجوء لأيّ خيار عسكريّ، حزب الله ليس عبثاً أنّه اختار العمل مجدداً بمنطقة الحدود، لأنّه كلما دخل في مأزق ما يذهب هناك، والمأزق الحاليّ هو العقبة التي تبنيها إسرائيل على طول الخط الأزرق، وقد تم استبدال حاجز خرساني مرتفع مدمج بأنظمة إنذار ومراقبة متقدمة بسياج الأسلاك الشائكة تماماً، مثل جدار غزة الذي استهدف أنفاق حركة حماس، إضافة إلى ذلك اتجه حزب الله لهذه الخطوة انطلاقاً من بعض الأسباب، الأول هو الضعف الأمريكي في المنطقة والأزمة بين واشنطن والقدس، مع التشديد على العلاقات المهزوزة بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أما السبب الثاني هو الشرخ الداخلي الخطير في المجتمع الإسرائيلي، الذي أدخل الجيش الإسرائيلي أيضاً إلى الدوامة، فالاحتجاجات التي بدأت بشكل متصاعد الأسبوع الماضي، يتوقع تصاعدها بشكل أوسع في الأيام القادمة، وقد نسمع إلى جانبها الآن نداءات متجددة لعدم الامتثال لخدمة الاحتياط، صحيح أنّه لا توجد في الجيش الإسرائيلي حتى هذه اللحظة تقارير عن عدم امتثال حقيقي، بل عن نداءات في وسائل الإعلام فقط.
حزب الله يستفز إسرائيل
 في المؤسسة الأمنيّة يقدرون بأنّه من الصواب إبراز أقوال حول التوتر الأمنيّ ونداءات الرفض، وخاصة في هذه الأيام التي تلزمنا بأن نركز على مهمة الأمن ورص الصفوف، بحيث نكون مستعدين لكل تحد وفي كل ساحة، ليس لنا الحق في الواقع الحاليّ ألا نمتثل لكل تحد ومهمة، مشكوك وجود شخص في الشرق الأوسط أكثر سعادة جراء هذه التطورات أكثر من الأمين العام لحزب الله ، الذي أصبح الرجل الثاني  في سلم درجات محور الشر بعد الزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي، في الخطاب الذي ألقاه نصر الله بمناسبة ذكرى حرب لبنان الثانية، تحدى إسرائيل وتبجح ضدها حول الإقدام على إزالة الخيام، حزب الله يطالب إسرائيل بإلغاء الضم لقرية الغجر، بما في ذلك إلغاء إمكانيّة إدخال إسرائيليين بجموعهم إلى القرية التي أصبحت موقع جذب سياحي، تهديد حزب الله مفاده أنّه إذا خرقت إسرائيل التفاهمات في الغجر، فيحق لحزب الله أيضاً أن يفعل هذا في هار دوف وجبهات أخرى، إطلاق الصاروخ المضاد للدروع قبل وقت قصير هو إشارة من منظمة الإرهاب بأنّ عليكم أن تعيدوا الحاجز في الغجر ونحن نسحب الخيام، بشكل طبيعي أن تعارض إسرائيل ذلك، لأنّ هذا سيكون خضوعاً فاخراً إذا تغيّر هذا الموقف، وعليه فالمداولات تعنى بمسألة متى وكيف تخلى الخيام، هل نواصل الاتصالات الدبلوماسية أم نستخدم القوة ونخاطر بالمواجهة، تنطلق في قيادة الجيش المزيد من الأصوات وليس كتلك التي هي مستعدة لاحتواء استفزازات، وتقول إنّه لا مفر من مواجهة محدودة في ضوء عموم التطورات على الحدود، وإذا لم تتطور المواجهة إياها حول الخيمة فستكون فرصة أخيرة لحزب الله كي ينفذ عملاً استفزازياً وسينجح فيه.

تراجع الحكومة عن الرد على استفزازات حزب الله يطلق رسالة بأنّ إسرائيل هدف سهل وأنّ حكومتها ضعيفة وعديمة القدرة
ضرورة تحرك إسرائيل
إنّ تراجع الحكومة عن الرد على استفزازات حزب الله يطلق رسالة خطيرة لأعدائنا الآخرين، بأنّ إسرائيل هدف سهل وأنّ حكومتها ضعيفة وعديمة القدرة على أخذ القرار، وأنّ سيادتها قابلة للخرق بسهولة من حفنة مخربين مسلحين على مدى الزمن، هذا واقع لا يمكن لإسرائيل أن تسمح به لنفسها، كما أنّ دوافع الحزب لزيادة احتكاكه بإسرائيل مرتبطة بسوء فهمه، بأنّ الأزمات الداخلية في إسرائيل أسفرت عن ضعف الحكومة الحاليّة، وأنّه لا توجد لديها مصلحة في هذا الوقت للشروع في حملة عسكرية ضده، في حين لا يحوز الحزب من جهته على المصلحة ذاتها، لكنّه يفسر التطورات الجارية كفرصة له لتحسين توازن الردع تجاه إسرائيل، وتوسيع وجوده في جنوب لبنان على طول الحدود، وعليه يجب مواجهة كافة استفزازات نصر الله، كما يرى سياسيون بأنّ الخطوة المقبلة يجب أن تكون في الجانب الإسرائيلي، ويكون هدفها إعادة الخط إلى أيام 2006 على الأقل، وتنظيفه قدر الإمكان من قوات حزب الله، وخطوة كهذه ستتحدى وتدافع عن البلدات الملاصقة للجدار من نار الرشقات الثقيلة. 
مصدر الترجمة عن العبرية:
https://www.ynet.co.il/yedioth/article/yokra13499256




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية