لماذا تتجاهل إدارة بايدن تصنيف ميليشا الحوثي "جماعة إرهابية"؟

لماذا تتجاهل إدارة بايدن تصنيف ميليشا الحوثي "جماعة إرهابية"؟


29/03/2022

بالرغم من الإدنات المتكررة من جانب البيت الأبيض للسلوك الإرهابي الذي تمارسه ميليشيا الحوثي، في اليمن أو التهديدات المستمرة لدول المنطقة العربية، إلا أنّ إدارة الريس جو بايدن تواجه انتقادات متصاعدة بسبب موقفها من إعادة وضع التنظيم على قوائم الإرهاب الأمريكية، خاصة في ضوء تصاعد الهجمات ضد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وآخرها استهداف مؤسسة أرامكو النفطية السعودية خلال الأسبوع الماضي.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات "جزئية" على ميليشيا الحوثي الإرهابية، لكن الإدارة الحالية ترفض إعادة الجماعة على قوائم الإرهاب، بعد أن تراجعت عن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فيما تتزايد الضغوط في الوقت الراهن داخل الكونغرس الأمريكي لدفع إدارة بايدن للتعامل وفق آليات أكثر حسماً مع الميليشا التي باتت تشكل خطراً على أمن المنطقة العربية.

وفي 23 شباط (فبراير) الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على شبكة تمويل دولية تتبع ميليشا الحوثي الإرهابية، وقالت إنها تعمل تحت إشراف مباشر من فيلق القدس الذي يتبع الحرس الثوري الإيراني، في خطوة قرأها مراقبون بأنها بداية لقرار مرتقب بحظر الميليشا بشكل كامل والتعامل مع كافة أنشطتها باعتبارها "تهديداً محتملاً".

تحدٍّ للمجتمع الدولي

بحسب الكاتب اليمني المختص بالشأن السياسي، وضاح الجليل، يبدو التصعيد الحوثي للأعمال العدائية والهجمات على المنشآت الحيوية والأعيان المدنية، والتركيز على منشآت الطاقة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ وكأنه "تحدٍّ للمجتمع الدولي في أزمة الطاقة العالمية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، وكما لو أنّ الحوثيين يوجهون رسائل ابتزاز إلى الجميع؛ مطالبين كافة الأطراف داخلياً ومحلياً وإقليمياً بتقديم التنازلات لهم، والاعتراف بهم، وتمكينهم من مشروعهم؛ إلا أنّ الغريب والمستغرب دائماً أنّ المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يغضون الطرف بشكل شبه تام عن هذه الممارسات".

 الإدارة الأمريكية تواجه انتقادات متصاعدة بسبب موقفها من إعادة وضع التنظيم على قوائمها للإرهاب

و يضيف الجليل، في حديثه لـ"حفريات": إنّه برغم ضلوع إيران بهذه الأعمال العدائية من خلال ذراعها العسكري في اليمن، وتحاول من خلالها تأكيد سطوتها وحضورها وقدرتها على إيذاء مصالح الجميع، ولامبالاتها بما يعانيه العالم من أزمات، وخصوصاً أزمة الطاقة التي امتنعت عن المساهمة في حلّها برغم محاولة استرضائها من الولايات المتحدة.

ورقة ابتزاز للولايات المتحدة

ويضيف: "يبدو أنّ لدى ميليشيا الحوثي مصالح متنوعة من الهجمات على المنشآت النفطية في المملكة والخليج، حيث تشير من خلالها إلى أنها لن تسمح بحل هذه الأزمة طالما كان ذلك بإمكانها وفي متناولها، فلديها القدرة والإمكانية لكل الأعمال العدائية الممكنة في المنطقة؛ فإنّ المجتمع الدولي وبقيادة البيت الأبيض أيضاً يتجاهلون هذا الدور، ويركزون ضغوطهم على دول المنطقة، وهي ضغوط تحمل الكثير من الابتزاز والانتهازية وعدم الحياد، ولا توافق مع الغرض منها، وتتجنب التصرف الحاسم والحازم تجاه تصرفات إيران وميليشياتها في المنطقة؛ بل إنها تتخذ من هذه الميليشيات ورقة ابتزاز أمني لدول المنطقة، كي تفرض عليها أجندتها وشروطها في إدارة مختلف الملفات".

ويشر الباحث اليمني إلى أنّه "بافتراض استجابة دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية والإمارات لهذه الابتزازات؛ فإنّ دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة، لا تفعل شيئاً للمساعدة في إنهاء التهديدات الحوثية؛ بل على العكس من ذلك؛ تسعى لمزيد من الابتزازات".

اقرأ أيضاً: متى تدرك واشنطن مغزى هجمات الحوثيين على السعودية؟

ويرى الجليل أنّ "الهجمات الحوثية الأخيرة على منشآت الطاقة تبدو وكأنها تحدث برضا ومباركة عدد من الأطراف الدولية لإجبار المملكة والإمارات على زيادة إنتاجهما من النفط للتخفيف من حدة أزمة الطاقة العالمية، دون تقديم مساعدة لهما في إنهاء الحرب في اليمن، وإعادة الدولة اليمنية وتمكينها من بسط نفوذها على أراضيها ومؤسساتها، وإنهاء التهديد الأمني الإيراني، وهو ما يبدو تناقضاً صارخاً من هذه القوى التي تستغل أصدقاءها وحلفاءها في المنطقة، لصالح إرضاء نظام الملالي في إيران، وهو النظام الذي لا يمكن أن يكون صديقاً لأحد".

 العزباوي: التعاطي السلبي الناعم للمجتمع الدولي مع الممارسات الإرهابية للحوثيين دفعهم إلى الاستمرار بتعنتهم

وكان وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن، قال، تعليقاً على الهجوم الإرهابي الذي استهدف مؤسسة أرامكو السعودية قبل أيام، إنّ "أمريكا تندد بشدة بهجمات الحوثي على السعودية ومنها الهجوم على منشأة أرامكو في جدة"، وأضاف: "في الوقت الذي يتعين فيه على كل الأطراف أن تركز على خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للشعب اليمني قبل شهر رمضان المبارك، يواصل الحوثيون سلوكهم المدمر وهجماتهم الإرهابية المتهورة بضرب بنية تحتية مدنية".

مجرمو حرب

وفي دراسته المنشورة بموقع "تريندز" للاستشارات والبحوث، تحت عنوان "جرائم الحوثي الإرهابية: استهداف للمدنيين وتهديد للاستقرار الإقليمي"، يرى الدكتور يسري أحمد العزباوي، أنّ التعاطي السلبي والتعامل الناعم للمجتمع الدولي خلال الفترة الماضية مع الممارسات الإرهابية للحوثيين، دفعهم إلى الاستمرار في تعنتهم وضرب عرض الحائط بالتحذيرات التي تطلقها المنظمات الإقليمية والدولية لوقف هذه الممارسات التي تدخل في خانة الجرائم ضد الإنسانية.

ويؤكد أنّه "لا شك أنّ هذه الممارسات تتطابق مع تعريف القانون الدولي لمفهوم الجرائم ضد الإنسانية، وهي وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تلك الأفعال الجسيمة التي ترتكب ضد السكان المدنيين ويكون ارتكابها مُمنهجاً وفي نطاق هجوم واسع، سواء تم اقترافها في إطار النزاع المسلح أو في وقت السلم، وقد حددت المحكمة في المادة (7) من هذا النظام 11 نوعاً من الممارسات التي تعتبر أفعالاً ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانية".

الجليل: الهجمات الحوثية الأخيرة على منشآت الطاقة تبدو وكأنها برضا ومباركة عدد من الأطراف الدولية

ويتابع العزباوي: "وفي هذا السياق، تحظر اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين الاستهداف المتعمّد للمدنيين في الصراعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وأكدت على أنّ انتهاكات هذا الحظر تخضع للمساءلة وللمقاضاة حسب القانون الدولي، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية".

 

اقرأ أيضاً: قائد القوات المشتركة: الحوثيون قابلوا مبادرات السلام بانتهاكات... هذا ما ارتكبوه خلال 16 شهراً 

ويشدد: "تستوجب الأزمة اليمنية التي تتفاقم أوضاعها وتتصاعد وتيرتها وترتفع أعداد ضحاياها بسبب الإرهاب الذي تمارسه جماعة الحوثي، ليس فقط في الداخل اليمني وإنما في اعتداءاتها المتكررة على أراضي دول الجوار أيضاً – تستوجب أن يكون هناك موقف دولي حاسم وقادر على فرض الشرعية الدولية والمشروعية السياسية في الداخل اليمني؛ ففي ظل تمادي ميليشيات الحوثي باستهداف منشآت البنية التحتية والمدنيين في الداخل والخارج اليمني، فإنّ الأسرة الدولية مطالبة الآن بتحرك أكثر صرامة إزاء التهديدات الاستراتيجية للسلم والأمن الدوليين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية