لفيف إخواني يقود حراكاً جزائرياً لـ "نصرة غزة" ... ما القصة؟

لفيف إخواني يقود حراكاً جزائرياً لـ "نصرة غزة" ... ما القصة؟

لفيف إخواني يقود حراكاً جزائرياً لـ "نصرة غزة" ... ما القصة؟


25/10/2023

أطلقت أربع تشكيلات إخوانية جزائرية مبادرة لدعم القضية الفلسطينية، ضمّنتها فتح جسر جوي، وغرفة عمليات مشتركة مع 10 قوى سياسية محلية أخرى، فما القصة؟

بشكل متسارع، أعلنت حركات (السلم) و(النهضة) و(العدالة والتنمية) و(تجمع أمل الجزائر)، تشكيل ما سمتها (الهيئة الجزائرية للأحزاب الداعمة لفلسطين)، هذه الأخيرة ضمّت أيضاً أحزاب: جبهة الجزائر الجديدة وصوت الشعب وطلائع الحريات وجيل جديد والفجر الجديد وجبهة الحكم الراشد وجبهة النضال الوطني واتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية والحرية والعدالة.

وإلى جانب مطالبتها بإقرار الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لـ "حداد وطني"، شنّت الهيئة المستحدثة هجوماً قوياً على ما سمّته "التحالف الخماسي المكوّن من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا"، معتبرةً أنّها "انحازت بشكل سافر لإسرائيل وفتحت بموقفها المعلن، الباب أمام المجازر الجماعية التي تُصنّف كجريمة حرب مكتملة الأركان والدعوة إلى الاحتجاج الرسمي لدى سفرائها بالجزائر".

وجاء في بيانها رقم (2)، "الدعوة إلى سحب المبادرة العربية التي أعلنت ميّتة منذ عقدين من الزمن"، على حدّ وصفها، كما رافعت لـ "تجريم التطبيع مع إسرائيل"، كما أهابت بـ "دول الطوق المحيط بفلسطين إلى مواقف عملية رافضة لكل أشكال التهجير القسري".

واعتبرت (السلم) وحليفاتها أنّ "موقف الأحزاب السياسية الجزائرية في دعم القضية الفلسطينية، أتى دفاعاً عن الأمن القومي الاستراتيجي الجزائري المستهدف بشكل معلن".

جمال بن عبد السلام رئيس حزب الجزائر الجديدة

وكشفت الهيئة الجزائرية للأحزاب الداعمة لفلسطين عن اعتماد غرفة عمليات مشتركة بين الأحزاب السياسية لدعم القضية الفلسطينية بكل الأشكال المتاحة.

واللافت أنّ (الهيئة) شهدت غياب حركة البناء الوطني (ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار) التي يقودها وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، ورفض أتباع بن قرينة أي خوض في الموضوع رغم محاولاتنا المتكررة.

كشفت الهيئة الجزائرية للأحزاب الداعمة لفلسطين عن اعتماد غرفة عمليات مشتركة بين الأحزاب السياسية لدعم القضية الفلسطينية بكل الأشكال المتاحة

واللافت أنّ ميلاد (الهيئة) أتى بعد ساعات من توجيه 16 حزباً ومنظّمة، نداء إلى الشعب الجزائري بجميع فئاته إلى الخروج في مسيرات شعبية، وتصدّر ذاك النداء، القوى التقليدية مثل حزبي الغالبية "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" إلى جانب تشكيلات إسلامية وقومية وممثلي الأسرة الثورية والمجتمع المدني.

"لم يبق هناك شيء نخسره"

قال الوجه الإخواني عبد الرزاق مقري: "توصلت إلى نتيجة عنوانها: ما بقي هناك شيء نخسره"، ومفاد هذه النتيجة أنه لو بقينا على ما نحن عليه سيستمرّ تخلفنا وسيزداد الأمر سوءًا، وربما ستغرق بلداننا كلها في الفوضى وتتعرض لمزيد من الانقسام والتبعية للاستعمار الحديث، وقد يدوم ذلك عقودًا طويلة حتى تنقرض الأجيال الحالية ويستبدلها الله بجيل يكرمه بالاستقامة والفهم والقدرة على التضحية فيتحقق التغيير والنصر وتحرير فلسطين على أيديها".

جانب من مشاركة اللفيف الإخواني الجزائري في مسيرات النصرة

وفي منشور على صفحته في شبكة (فيسبوك)، أوعز القائد السابق لـ (السلم): "يجب أن تقع هبّة عظيمة في الأمة تكون الحركات الإسلامية في قلبها، تتغيّر فيها الموازين والأوضاع وتمنح فرصاً حقيقية للتغيير، وشرط ذلك بالنسبة للحركة الإسلامية أن ترفع سقف طموحاتها في الإصلاح والتغيير، وأن تتخلى عن الحرص عن المحافظة على مكتسبات سياسية واجتماعية (وربما حزبية وشخصية) لم تصبح مفيدة ولا مجدية بالنظر للرؤية والغايات النبيلة العظيمة التي تأسّست من أجلها، وهي تطور الأوطان ونهضة الأمة العربية والإسلامية، وبالنظر كذلك لحالة فقدان الفاعلية التي صارت إليها".

وانتهى مقري إلى أنّ بداية مسار "ما بقي شيء نخسره يكون في فلسطين بتصعيد غير مسبوق للمقاومة، والدخول في مجالات جديدة مؤذية للمحتل وعملائه، ما سيغير الموازين في كل العالمين العربي والإسلامي".

مقري: دخلنا فعلياً مرحلة جديدة بحول الله، وستؤدي هذه المعركة بكثير من رواد الإصلاح والتغيير التقليديين لتجديد أفكارهم وتغيير أدائهم ومقارباتهم لتبني مقاربة المقاومة السياسية والاجتماعية، لصالح بلدانهم وشعوبهم ولجعل دولهم داعمة للمقاومة

وفي تثمين لما حصل على محور الجزائر – فلسطين، قال مقري: "دخلنا فعلياً مرحلة جديدة بحول الله، وستؤدي هذه المعركة بكثير من رواد الإصلاح والتغيير التقليديين لتجديد أفكارهم وتغيير أدائهم ومقارباتهم لتبني مقاربة المقاومة السياسية والاجتماعية، لصالح بلدانهم وشعوبهم ولجعل دولهم داعمة للمقاومة، وقد تبرز تيارات جديدة تعمل بأساليب عصرية متنوعة تؤدي إلى رفع مستوى الوعي الشعبي وإشراكه في حمل أعباء التغيير وبروز نخب متجرّدة وذات رؤية، وفاعلة، وغير مكبّلة بالمكتسبات التنظيمية والحزبية، وتنتهج طرائق سياسية مرهقة للأنظمة الفاسدة والظالمة والفاشلة، لا هي عنفية يسهل استغلالها ولا هي اندماجية تفقد المصداقية، وتعتمد في الحسم على القوة والإرادة الشعبية".

في المقابل، علّق الناشط شرف بلحروس: "إنكم تتاجرون بقضية فلسطين .. هذه التجارة فيها الفائدة".

معركة جزائرية بامتياز

لاحظ رئيس حزب الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، أنّ الأحزاب المنضوية تحت لواء (الهيئة)، تدرك أنّ "الحرب في فلسطين المحتلة ليست جولة صراع مع العدو الصهيوني، وإنما هي حرب مفتوحة على كل الاحتمالات والساحات والجبهات، وهذا يتطلب تشكيل غرفة عمليات من هذه الأحزاب للرصد والمواكبة والمتابعة المستمرة ساعة بساعة مما يسمح لها باتخاذ الإجراءات اللازمة والقرارات المناسبة في اللحظة اللازمة".

وقال بن عبد السلام: "هذه الأحزاب ترى معركة فلسطين بمثابة معركة جزائرية بامتياز، ومرتبطة بالأمن القومي للدولة الجزائرية، ولسنا مجرد متضامنين مع شعب مظلوم، وإنّما هذا الشعب من دمنا ومنا ومن عرضنا، فلا يمكن لنا إلاّ أن نكون جزءً من المعركة وطرفاً فيها".

الأكاديمية سهيلة برحو

وتابع: "ستلتقي هذه الأحزاب في موعد محدد لتفعيل آليات العمل المشترك لحشد الشعب الجزائري ومؤازرة الشعب الفلسطيني لإلحاق الهزيمة بالعدو التي أصبحت تُرى رُؤيا العين".

من جهته، يرى البرلماني السابق والناشط السياسي محمد حديبي، أنّ "هناك حراك على مستوى المؤسسات الرسمية للدولة، كل في مجال اختصاصها، سواء الدبلوماسية أو تلك المعنية بالتحرك الميداني وتقديم المساعدات والاحتجاجات الإنسانية عبر إقرار الرئيس تبون جسراً جوياً للمساعدات".

الناشط شرف بلحروس للإخوان: إنكم تتاجرون بقضية فلسطين .. هذه التجارة فيها الفائدة

حديبي أحال على "حراك وتنسيق في تحرير وسائل الإعلام المحلية العمومية والخاصة للخروج بموقف ووجه واحد وإخراج واحد، وهناك مبادرة الأحزاب السياسية والمنظمات والمجتمع المدني بالتنسيق فيما بينهم".

وصنّف حديبي ما يحدث بالجزائر، في خانة "تأطير العمل ودعم غزة والتعبئة للتطورات الجارية للأحداث وتنظيم الحملات الإعلامية والتظاهرات وتبليغ الرسائل".

الشعور بضرورة التكيّف

ذهبت الأكاديمية الجزائرية د. سهيلة برحو إلى أنّ "الحالة التي بلغتها القضية الفلسطينية والتي جعلت منها عملية طوفان الأقصى المنصة المحورية ليس للمنطقة بل للعالم برمته، وضع النخب السياسية في مواجهة الكثير من التحديات التي أفرزتها التصرفات الإسرائيلية غير المتوقعة من طرف الكثير من الشعوب، ومما زاد من الأمر الموقف المتناقض لصنّاع القرار في الدول الغربية وبالذات التناقض بين القضيتين الأوكرانية والفلسطينية".

وتتصوّر الأستاذة في المدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر، أنّ "هذه التداعيات وما هو قادم من التحولات التي ستفرضها نتائج طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية فرض على المشهد ذلك الشعور بضرورة التكيّف مع هذه المستجدات وخاصة في الصف الفلسطيني الذي أصبح مجبراً ولو (ظرفياً) على توحيد الصفوف وتقديم التنازلات الضرورية والعمل المشترك، لأنّ الحرب الإسرائيلية لم تفرّق بين الاتجاهات السياسية والانتماءات الحزبية الفلسطينية.

الناشط السياسي المستقل محمد حديبي

وأشارت د. برحو إلى "الجهود الجزائرية في نوفمبر 2022 التي تستند عليها التيارات السياسية الفلسطينية، خصوصاً أرضية الاتفاق التي رعتها الجزائر، وكانت الداعم والمساند لتجنّب تكاليف ومراحل التواصل، والانتقال سريعاً إلى التعاطي مع المستجدات القادمة باستعداد أفضل وأكثر حيوية، طالما أنّ المرحلة القادمة (ما بعد الحرب الإسرائيلية) هي الأخطر والأكثر تعقيداً من الحرب ذاتها".

وبخصوص انتقال هيئة الأحزاب الداعمة لفلسطين، نحو تشكيل غرفة عمليات موحّدة، رأت د. برحو أنّ "مهمّتها ستكون الحفاظ على مستوى إدارة الصراع وفق الآفاق التي بلغها في المرحلة الحالية، وهي تبدو ميسّرة وقليلة العراقيل خاصة وأنّ الانجازات التي تحققت والتكاليف التي دفعها الشعب الفلسطيني في هذه الجولة من الصراع، بإمكانها أن تجعل الجميع يتحمّل المسؤولية التاريخية ويشارك في رسم ملامح المرحلة القادمة، خاصة وأنّ المشهد الإسرائيلي يتجه نحو إعادة التكتل السياسي، وإنتاج استراتيجيات جديدة تكون قادرة على إدارة المرحلة القادمة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية